إيرين تسو:
.. ولدت في مقاطعة شنغهاي بالصين…. وأمضت معظم حياتها في حي شعبي فقير وكانت امرأة لعوب وكثيرا ما كانت تظهر عارية على مسارح هونغ كونغ وهي ليست يهودية.. لكنها تعلمت أسرار الجاسوسية من أصدقاء لها كانوا يعملون في المخابرات السرية دربوها على استخدام الأدوات السرية واستعمال السلاح كما دربوها على استخدام جسدها لانتزاع الأسرار من السفراء والعسكريين ورجال السياسة والأعمال .. وقد جاءت تسو إلى المغرب وعملت في ملهى (الدون كيشوت) وهناك تعرفت بجاسوس إسرائيلي وتعلقت به إلا أن المخابرات المغربية اكتشفت أمرها وألقت القبض عليها مع رفيقها الإسرائيلي وصادرت منها وثائق عسكرية هامة تخص المغرب والجزائر وليبيا.. وفي التحقيق معها تم إدانتها وأعدمت بعد أن دخلت معظم قصور العالم(37)..
هبـة سليـم
(صيد الموساد الثمين)
اسمها الكامل هبة عبد الرحمن سليم عامر.. فتاة مصرية مدللة.. ولدت في أسرة ثرية وسافرت إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي في باريس مثلما يفعل أبناء الأثرياء.. وهناك اعتادت على حياة الحرية والتحرر من كل قيد.. جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لجرأتها وتحررها.. .. كانت هبة سليم لا تعير اهتماما للتقاليد الشرقية المحافظة وتجاهر بالفم الملآن بكرهها الشديد للعرب الذين يقولون أكثر مما يفعلون –حسب رأيها- وكثيرا ما كانت تبدي إعجابها بالحياة الاجتماعية المتحررة في إسرائيل وأوربا.. ولذلك وجد فيها الموساد صيدا ثمينا خصوصا وأنها أبدت استعدادها الكامل للتعامل مع الموساد ودون أي مقابل مادي وهو ما أثار إعجاب الإسرائيليين ودهشتهم في نفس الوقت!! وسرعان ما انخرطت الفتاة في سلك الجاسوسية وأتقنت فنونه بتفوق..
.. استطاعت هبة سليم تجنيد خطيبها المقدم في الجيش المصري فاروق عبد الحميد الفقي مدة تسع سنوات لحساب الموساد.. وعن طريقه استطاعت جمع الكثير من المعلومات والخرائط والأسرار العسكرية الهامة.. إلا أن المخابرات المصرية اكتشفت أمرهما في نهاية الأمر وقامت بإعدامهما في أحد سجون القاهرة رغم توسط وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر لدى السادات لتخفيف الحكم على الجاسوسة بطلب شخصي من غولدا مائير..!
.. كانت هبة سليم تعتقد أنها بطلة.. وعندما سألها رجال الموساد عن أمنيتها الخاصة لدى زيارتها تل أبيب قالت بأنها تود مقابلة رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير!!
وعلى الفور قام الموساد بالترتيبات الأمنية اللازمة لهذا اللقاء الذي كتبت عنه الجاسوسة في مذكراتها ما يلي: (طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي. وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبدا إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين، حيث تقوم الطائرات المقاتلة بمرافقة طائرة الضيف حتى مطار الوصول وفي مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة، وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو.. واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد، وأقام لي حفل استقبال ضخم ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة، وعندما عرضوا تلبية كل أوامري طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب ومرغت كرامتهم، ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية.. وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني اليهم قائلة: »إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين«. وبعد عدة أيام عدت إلى باريس.. وكنت لا أصدق أن هذه الجنة (إسرائيل) يتربص بها العرب ليدمروها) (38)
أمينــة المفتي
(آني موشيه بيراد)
ولدت أمينة داود المفتي عام 1939 لأسرة ثرية في إحدى ضواحي عمان الراقية، وكانت عائلتها الشركسية المسلمة قد هاجرت إلى الأردن منذ سنوات طويلة، وتبوأت مراكز سياسية واجتماعية مرموقة.. عرفت أمينة المفتي بين أقرانها بالجمال والدلال والذكاء والطموح لكنها وبرغم نشأتها في أسرة محافظة كانت تكره التقاليد وتسخر منها..
بداية السقوط..
أحبت أمينة المفتي في بداية حياتها شابا فلسطينيا لكنه صدها وهجرها إلى أخرى بسبب غرورها وأنانيتها.. .. صدمها الموقف برمته وكان له آثاره السلبية على حياتها ودراستها، إذ حصلت على الثانوية العامة بدرجات متوسطة، دفعتها للتفكير في السفر إلى أوروبا للالتحاق بإحدى جامعاتها.. وفي عام 1957 التحقت بجامعة فيينا لدراسة علم النفس الطبي وهناك تعرفت على طالبة نمساوية (شاذة) تدعى جولي باتريك وتأثرت كثيرا بشخصيتها المتحررة إلى حد الانحلال..
وهكذا مرت سنوات الدراسة في فيينا وفي آب من عام 1961 عادت أمينة المفتي إلى عمان مكرهة تحمل بداخلها طبائع أخرى، بحثت عن حبيبها الفلسطيني وصدمت عندما علمت بنبأ زواجه من فتاته السمراء.. ففكرت بالعودة إلى النمسا.. واستطاعت الحصول على عمل بورشة صغيرة للعب الأطفال، وهناك تعرفت بالفتاة اليهودية (سارة بيراد) وانخرطت معها في حياة الانحلال والشذوذ.. وفي إحدى زيارات أمينة المفتي لأسرة سارة في وستندورف، تعرفت إلى (موشيه) شقيق سارة الأكبر الوسيم.. كان موشيه طيار عسكري برتبة نقيب،يكبرها بسبع سنوات، وهو إلى ذلك كله بهي الطلعة.. ساحر النظرات معسول الكلام.. فأحبته وارتبطت به بعلاقة محرمة لمدة خمس سنوات.. ساعدها موشيه خلالها في الحصول على شهادة دكتوراه مزورة في علم النفس المرضي وهو فرع من علم النفس الطبي، وفي أيلول من عام 1966 عادت إلى الأردن بشهادة مزورة وجسد منهك بالخطايا..
.. وحدث ذات يوم أنها قرأت إعلانا في صحيفة محلية عن تأجير مستشفى للمعاقين جسديا ونفسيا تابع لوزارة الصحة.. وفي اليوم التالي كانت في مكتب وزير الصحة وطلبت منه تأجير المستشفى فوافق على طلبها.. وسارت الأمور بشكل روتيني لبضعة شهور حتى فوجئت أستاذة علم النفس بوزير الصحة يستدعيها ويخبرها بأن عقد الإيجار الذي أبرمته الوزارة معها قد تم فسخه لأن موظفو الوزارة تمكنوا من ضبط مخالفات مالية واختلاسات واضحة في المواد الطبية والإيرادات وكشوف المصروفات في المستشفى الذي تديره.
الزواج من يهودي..
.. غادرت الدكتورة مكتب الوزير حانقة، غاضبة،وكارهة لكل ما يمت لهذا الوطن بصلة… خصوصا وأنها بعد الحادثةواجهتاتهامات تشكك في حصولها على شهادة الدكتوراه.. فقررت العودة إلى النمسا من جديد .. وبعد نكسة حزيران عام 1967 أسرعت أمينة المفتي إلى موشيه الذي عرض عليها الزواج فوافقت على طلبه دون تردد أو تفكير.. وفي معبد شيمودت.. اعتنقت أمينة المفتى اليهودية، وتزوجت من موشيه زواجا محرما شرعا، واستبدلت اسمها العربي بالاسم اليهودي الجديد (آني موشيه بيراد) وعاشت معه في شقته الجديدة حياة ملؤها الخوف والتوتر بسبب فعلتها.. إذ أن الخائنة كانت تعتقد أن عيون المخابرات العربية تترصدها في كل مكان ولذلك كانت تتمنى لو أنها كانت تعيش في أي مكان آخر بعيدا عن أعين الرقباء العرب..
.. وفي صيف عام 1972اعتقدت أن الفرصة التي كانت تحلم بها قد أتتها على طبق من ذهب عندما قرأت إعلانا غريبا بإحدى الصحف النمساوية، تطلب فيه إسرائيل متطوعين من يهود أوروبا للالتحاق بجيش الدفاع، مقابل مرتبات مغرية، وحاولت إقناع زوجها بالفكرة والعيش في إسرائيل لتودع الخوف إلى الأبد.. وأمام إلحاحها المستمر وافق الزوج اليهودي وطارا معا إلى إسرائيل في تشرين الثاني من العام 1972 وأقاما في بيت مريح بمستوطنة ريشون لتسيون.. وهناك استقبلت أمينة المفتي بحفاوة إسرائيلية بالغة ووعدها الإسرائيليون بتوفير عمل مناسب لها أيضا في أقرب فرصة بعد أن أخذوها إلى جهة أمنية وسألوها مئات الأسئلة عن نشأتها في الأردن.. أسرتها.. زواجها.. آراؤها السياسية.. وغير ذلك.. إلا أن ما حلمت به الخائنة وتمنته لم يدم طويلا.. إذ أن مدفعية السوريين أسقطت طائرة الرائد الإسرائيلي موشيه بيراد (السكاي هوك) في أول طلعة استطلاع له على الجبهة السورية.. ولم تعلن سوريا عن أسر الطيار الإسرائيلي وقالت أن الطائرة انفجرت في الجو وقائدها بداخلها.. وحاولت إسرائيل استعادة جثة الطيار القتيل عن طريق الصليب الأحمر إلا أن الإجابة كانت انه مفقود ولا اثر لجثته!. رحلة الانتقام..
نزل الخبر على المرأة الخائنة كالصاعقة ولم تصدق الأمر.. وظلت تصرخ وتصرخ بهستيريا لأيام طويلة.. وبعد شهر ونصف من الحادث قالت بأنها تشكك في البيان السوري، وبأن موشيه ما يزال حيا لأنه طيار ماهر!! وصبت جام غضبها على العرب الذين ضيعوا حلمها بالاستقرار والعيش في إسرائيل.. وقررت الثأر لزوجها والانتقام له.. ولكن وقبل كل شيء سافرت إلى شقتها في فيينا التي عاشت فيها ذكريات جميلة مع زوجها الطيار اليهودي.. وفي صباح اليوم التالي أيقظها ثلاثة ضباط إسرائيليون زعموا أن مهمتهم تنحصر في إنهاء إجراءات الإرث الخاص بها، دون إثارة مشاكل مع أسرة زوجها.. وكان ميراثها مع التعويض يربو على النصف مليون دولار، مع الشقة الرائعة في ريشون لتسيون، وطلب الرجال الثلاثة منها أن تتعاون معهم لقاء ذلك، وتنفذ ما سيطلب منها بلا تردد.. ولم تكن المرأة التي باعت دينها وخانت وطنها بحاجة إلى كثير من العناء لجرها إلى فخ الجاسوسية.. فهي طبيبة.. تحمل ثلاث جنسيات مختلفة (الأردنية والنمساوية والإسرائيلية).. بالإضافة إلى أنها غارقة في بحر من الحزن والضغينة والحقد على العرب وكان من السهل على الموساد اصطيادها وتجنيدها لحسابها لكل هذه الأسباب..
.. بدأت أمينة المفتي بمساعدة ضباط الموساد التدرب على أصول التجسس ومبادئه في شقتها.. وتعلمت في 34 يوما أساليب التجسس المختلفة وكانت في كل هذا ماهرة.. بارعة..
غادرت أمينة المفتي فيينا إلى بيروت لتبدأ رحلة الانتقام، وكتبت في مذكراتها:
(.. لن أهدأ حتى أشهد بنفسي بحور الدم المراق تعلوها الأشلاء الممزقة.. وأرى ألف زوجة عربية تبكي زوجها، وألف أم فقدت ابنها، وألف شاب بلا أطراف..)