أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: حارس عند جدران الكرملين: لا أملك إلا الصمود إلى النهاية السبت 23 أغسطس 2014 - 15:51
حارس عند جدران الكرملين: لا أملك إلا الصمود إلى النهاية جنديان يقفان بحذر إلى جانب أسوار كرملين موسكو، ليحرسا قبر الجندي المجهول. ويعتقد الأطفال أنهما جنديان من القصدير خرجا من الحكايات:" ماما، ماما، هل هما على قيد الحياة؟ إنه يرمش! إنه على قيد الحياة" أو " ماما، هل هما رجلان آليّان؟". حارسان يُطلعان موقع "روسيا ما وراء العناوين" كيف يستطيعان عدم السعال عندما يأخذان مكانهما، وكيف يتصرف الزوار الصينيون بالقرب من الشعلة الخالدة؟
إنهم شباب يافعون من جميع أنحاء البلاد، تم تعيينهم للخدمة في الفوج الرئاسي. وشروط الانتقاء في الفوج هي: شهادة التعليم الثانوي كحدّ أدنى، شهادة غير محكوم وسيرة ذاتية تخلو كذلك من أي اعتقال سابق من قبل الشرطة، وحالة أخلاقية ونفسية سليمة، وبالطبع، صفات خارجية مميزة: صفات وجهه صحيحة، وطول يتراوح بين 175 و190 سنتيمتراً ومن دون أي وشم أو ندبة. من بين هؤلاء الرجال يتم اختيار الحرس الخاص الذين نراهم يقفون بلا حراك بجوار جدران الكرملين.
أسبوع كامل من الوقوف باستعداد
خلال تسعة أشهر من الخدمة، صعد ألكسندر ماكارتسيف، الذي يخدم في الفوج الأول من حرس الشرف، إلى موقعه في 150 مناسبة، رافعاً رجليه بزاوية 180 درجة. وهذا يعني أنه قضى أسبوعاً كاملاً من حياته يقف باستعداد. ووفقاً لألكسندر، فإن المخالفة الرئيسة التي يرتكبها جنود الحرس هي التحديق إلى الشابات أو إلى محبوباتهم.
وخلال خدمته، استطاع ألكسندر تمييز الروس عن السياح الأجانب: "وجوه الروس مستديرة، بينما تتميز وجوه الأوربيين بسمات متناظرة وشفاه مستقيمة. الروس أكثر ابتساماً".
ماذا يفكر الحارس عندما يؤدي خدمته؟ يقول يفغيني رايندين، من الفوج الأول لحرس الشرف:" تفكر بالذين وقفوا هنا قبلك، وماذا يعني ذلك كله: قبر الجندي المجهول. رجال ضحوا بحياتهم من أجلنا جميعاً هنا. فكيف لا تفكر بالوقوف هنا إلى النهاية، أو بالانتظار حتى النهاية؟" صور سيلفي إلى جانب الشعلة الخالدة يقول ألكسندر:" رؤية العائلة بأكملها مع الأطفال تبعث فيّ السرور. ينحني بعض الناس، وبعضهم يبكي. الرجال والنساء المسنون يرسمون علامة الصليب بوقار؛ وأناس يضعون الأزهار. ومن الجميل جدّاً رؤية الصينيين، الذين ينحنون ثلاث مرات أمام قبر الجندي المجهول.
كما تجد الشباب الصغار الذين يأتون ويلتقطون صور سيلفي. يحاولون ممازحتنا، ويصرخون: تعالوا معنا". ولدى ألكسندر وسيلة للتعامل مع وضع كهذا:" عندما تحدث أشياء كهذه، أحاول فك ارتباطي بالحشد. ألاحظ ما يحدث وأسمع ما يقولونه، لكنني لا أستسلم".
استراتيجيات سرية
ويعرض ألكسندر يديه اللتين لوحتهما الشمس ورفع كمّ قميصه إلى الكوع فبدا الجلد الأبيض. ويقول: "البارحة، كان الطقس حاراً جداً في موسكو: فقد وصلت الحرارة إلى 38 درجة مئوية في الظل، وهنا يسخن الغرانيت بسرعة، إضافة إلى حرارة الشعلة- لذلك أصبحت درجة حرارة الطقس هنا حوالي 50 درجة مئوية. لكنك لا تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك. عليك أن تتحمل".
وهنا شاركنا الحارس أسراره: إذا طار أحد الدبابير حولك، فلا تشعر بالذعر، لأنه سيطير بعيداً من تلقاء نفسه. إذا أردت أن تسعل، المس بلسانك سقف حلقك، وستذهب الرغبة في السعال. اعطس داخلك. التثاؤب والحك ممنوعان بشكل نهائي.
في حال الطوارئ، يمكن للحارس الاعتماد على مساعدة شريك: حيث يقف حارس آخر على بعد مسافة غير بعيدة عن قبر الجندي المجهول. وهو يصفر بإشارة متفق عليها بشكل مسبق إذا ما قرر أحد ما الاعتداء على النصب فجأة. وإذا ما احتاج الحراس إلى مساعدة، فيكون لديهم إشارات خاصة، فهم لا يصرخون "تعالوا إلى هنا".
بدلاً من ذلك، يطرق الحارس بالإبهام والسبابة على مدكّ البندقية، ويقترب الحارس المناوب، على سبيل المثال، ليتمكن الحارس الأساسي من إصلاح هندامه العسكري أو مسح وجهه. يحمل كل عسكري بندقية سيمونوف نصف آلية، والتي يصل مداها إلى 1.5 كيلومتر. ويقول ألكسندر حتى لو أن الحراس استخدموا سلاحهم فإنهم سيكونون حريصين على سلامة الناس من حولهم، لن يقوموا بسفك الدماء.
فنان، حلّاق، تسعة عشر عاماً
يوجد تصوّر أن الخدمة في فوج الكرملين أسهل من الخدمة في الأقسام الأخرى. إن ثكنة فوج الحرس الخاص لديها قاعة للأفلام السينمائية خاصة بها، حيث لا يستطيع الجنود مشاهدة سوى الأفلام الوطنية المعاصرة.
ويشارك الشباب في عروض الهواة: حيث يمتلك الفوج أوركسترا كاملة تُدعى "المتفائلون"، وهنا يتم تنظيم الرحلات إلى المسرح. لكن ألكسندر يقول:" تسير الأمور هنا مثلما تسير في الجيش النظامي. يتحول الصبيان إلى رجال. عندما ننفصل عن وسائل الراحة في المنزل، من متعة الحياة السهلة التي كنا نتمتع بها في السابق، وتصبح كمية المال التي تمتلكها غير مهمة".
ويقول ألكسندر إن الجميع في البداية يحاولون إخفاء الجوانب السلبية، لكن سرعان ما يتضح جوهر الإنسان. الجميع مختلفون. أحدهم، على سبيل المثال، يمارس رياضة الووشو. أما ألكسندر فيستمتع بالفن. وموضوع لوحته السابقة هو تبديل دورية حرس الشرف. ويخطط لتقديم اللوحة لأمه أو لرفيق سلاح. كما يعمل ألكسندر حلاقاً. وتختبئ قصة شعره تحت قبعة الحرس. هنا في الثكنات، يجلس "زبائنه" على كرسي جلد ضخم ذي ذراعين، والتي كان الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن يستخدمها عندما يحلق شعر، لكنها قُدّمت هدية للفوج.
توفر الخدمة في الفوج الرئاسي بضع امتيازات للجنود. فبعد الخدمة، يتلقى كل جندي سيرة ذاتية تساعده في إيجاد وظيفة. كما أن الخدمة في هذه الأفواج تعطي الجنود بعض الامتيازات المتعلقة بالتعليم العالي. حيث يستطيع الجنود السابقون دخول جامعة موسكو الحكومية (أقدم جامعة روسية وأعلاها تصنيفاً) من دون أي امتحانات تقريباً.
وسيحاول ألكسندر ماكارتسيف الاستفادة من هذا الخيار: إنه يخطط لتقديم أوراقه إلى جامعة موسكو الحكومية في العام الدراسي المقبل. لا يزال أمام ألكسندر ثلاثة أشهر من الخدمة، ويقول:" اليوم، في هذا المكان استطعت أن أدرك أن الشخص ليس لديه فكرة عمّا هو قادر عليه". http://arab.rbth.com/arts/2014/08/21/27769.html