بسم الله الرحمان الرحيم
عيدكم مبارك وكل عام و الامة الاسلامية بخير
...
المقدمة
قبل الحديث عن الحرس الجمهوري وبداية نشأته وتطوره، يجدر بنا تقديم ومضة تاريخية عن الخيل والطبل في التاريخ العسكري الجزائري، لتلازمهما في كثير من الأحيان عبر المراحل التاريخية للأمم والشعوب، خاصة في الاحتفالات والأعياد الوطنية، وصولا إلى تقديم التشريفات للرؤساء والملوك.
الخيل والطبل في التاريخ العسكري الجزائري
فللخيل في التاريخ العسكري الجزائري منذ العهد النوميدي دور هام في الحروب والمعارك ضد الغزاة الأجانب، حيث يذكر المؤرخون أن الجيوش في عهد الممالك النوميدية كانت تقوم على أساس الخيالة والرماية. وهكذا كان الحال في مختلف العصور التاريخية للجزائر إلى أن أتت المقاومات والثورات الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، فلعبت فيها الخيل دورا هاما، حيث كانت تمثل القوات المحمولة الضاربة في جيش الأمير عبد القادر، الذي كان يتشكل من ثلاث أسلحة: المشاة، المدفعية والخيالة أي " الفرسان
صورة لفرسان نوميديون
صورة فارس من فرسان المقاومة الشعبية
وقد كان تنظيم سلاح الفرسان في جيش الأمير تنظيما أوليا بسيطا يرتكز على تشكيل وحدة قتالية أساسية قائمة بذاتها مكونة من خمسين فارسا (سرية) تحت قيادة ضابط يسمى " سياف الخيالة " والرتبة الأعلى لهذا السلاح هي رتبة " قائد الاستعداد " أي رئيس الخيالة ويلحق به مدرب الخيالة، وقد تم نشر هذا التشكيل على مستوى المقاطعات الإدارية التابعة للأمير على أساس وحدة مكونة من خمسين فارسا لكل مقاطعة، ولم يغفل الأمير عبد القادر في تشكيلة الجيش دور الموسيقى العسكرية، ومن تم اعتبر الطبل والموسيقى أداة من أدوات الحرب التي تستخدم للاتصال ورفع الروح المعنوية للجنود وتحميسهم أثناء القتال
لقد أوجد الأمير لبنة لهذه المصلحة على المستوى المركزي، كما وزع أفرادها على المعسكرات حسب الاحتياج والضرورة ودرب أفراد الجيش على فهم وإدراك معاني نقرات الطبل والامتثال لها
صورة فارس من فرسان الأمير عبد القادر
صورة من التراث في الفروسية
وخلال الثورة التحريرية المسلحة استعمل الخيل للتنقل في الجبال والمناطق الوعرة والتضاريس الصعبة وقطع المسافات الطويلة بين مناطق البلاد المتباعدة، وبذلك شكلت وسيلة النقل المفضلة في تلك الفترة، خاصة للقادة والمسؤولين في تفقد وحدات جيش التحرير
ولقد ارتبط تاريخ الخيل بالتراث الثقافي والفلكلوري للأمة، يتباهى أبناؤها بامتطاء صهوات الجياد التي تنم عن علو الهمة والاعتزاز بالنفس والكبرياء وصارت لها نوادي تسمى " نوادي الفروسية " فاستعملت في الاحتفالات الرسمية والأعياد الوطنية والتشريفات متلازمة في ذلك مع الطبل والموسيقى، إلى أن صارت إلى ما هي عليه اليوم من أهمية في مختلف هذه المجالات
إنشاء الحرس الجمهوري وتطوره
يعود إنشاء النواة الأولى للحرس الجمهوري إلى الأيام الأولى للاستقلال مع الإعلان الرسمي عن انتقال جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي
وقد تطور هيكليا وتنظيميا وفق المهام المسندة إليه منذ إنشائه إلى يومنا هذا، وتمتد جذوره التاريخية إلى ثورة التحرير المجيدة، وخاصة النواة الأولى للموسيقى، ثم تلتها الخيالة إبان الاستقلال مباشرة باعتبارهما متلازمتين، ثم إحداث وحدات الحرس الجمهوري، التي ما فتئت تعرف التطور والتحديث إلى أن صارت إلى ما هي عليه اليوم من المستوى الرفيع في الأداء المشرف
وعليه فإن الحرس الجمهوري يرتكز على ثلاث مكونات أساسية
تشكيلات الموسيقى
تكونت نواتها الأولى إبان ثورة التحرير سنة 1960 على الحدود الشرقية والغربية، بغرض عزف الأناشيد الوطنية
فالتشكيلة الموسيقية التي تكونت على الحدود الشرقية بمدينة ملاق التونسية لم تعمر طويلا، حيث تشكلت من حوالي فصيلة من أبناء الشهداء، أطلق عليهم اسم " أشبال الثورة "، بدؤوا بالعزف على آلات بسيطة مثل: الزرنة، الطبل، البوق والناي
التشكيلة الموسيقية العسكرية لجيش التحرير الوطني
بالحدود المغريبة الجزائرية
التشكيلة الموسيقية العسكرية لجيش التحرير الوطني
بالحدود المغريبة الجزائرية جوان 1962
بعد وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 دخلت االتشكيلة إلى مدينة قسنطينة، ثم تحول أفرادها إلى "مدرسة أشبال الثورة بالقليعة" سنة 1963 لمزاولة بعضهم الدراسة والبعض الآخر التحق بالإذاعة الوطنية وآخرون انضموا إلى التشكيلة الموسيقية القادمة من الحدود المغربية (مدينة وجدة المغربية) وبذلك توقفت تشكيلة الحدود الشرقية عن النشاط تماما
أما بالنسبة للتشكيلة الموسيقية النحاسية العسكرية التي تكونت بالحدود المغربية (مدينة وجدة) والتي تعتبر اللبنة الأساسية للموسيقى العسكرية الجزائرية، فقد تشكلت من المجاهدين المعطوبين، الذين كان لهم تكوين سابق في الموسيقى، ثم تكونوا تكوينا نظريا وفق القواعد الموسيقية (صولفاج)، وبذلك بدأت هذه التشكيلة تؤدي العزف على الأناشيد الوطنية والمسيرات العسكرية. أدت أول تشريفات لها بعد توقيف القتال خلال استعراض عسكري كبير لجيش التحرير بمعسكر بن مهيدي (وجدة) بمناسبة استقبال الزعماء الخمسة بعد إطلاق سراحهم من السجن بحضور أعضاء الحكومة المؤقتة الجزائرية
في شهر جويلية 1962 دخلت التشكيلة الموسيقية النحاسية العسكرية إلى مدينة "المنصورة" (تلمسان)، حيث قامت باستعراض في وسط المدينة بمناسبة عيد الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، ثم انتقلت إلى مدينة وهران ومنها إلى مدينة تيارت وبعدها إلى الجزائر العاصمة لتستقر بثكنة "علي خوجة" (باب جديد)
في أول نوفمبر 1962 قدمت التشكيلة الموسيقية استعراضا كبيرا أمام أعضاء الحكومة وكبار ضباط الجيش الوطني الشعبي، وهذا بساحة أول ماي مرورا بشارع حسيبـة بن بوعلي وشارع العقيد عميروش وصولا إلى ساحة الشهداء
الفرقة النحاسية الأيقاعية بشارع التحرير
في إستعراضات 01 نوفمبر 1962
فرقة المزاو د للحرس الجمهوري
غداة الإستقلال
في شهر جانفي 1963 تحولت هذه التشكيلة إلى المقر العام لوزارة الدفاع الوطني الكائن آنذاك بساحة أول ماي (الجزائر) وشرعت في تكوين الموسيقيين من جنود الجيش الوطني الشعبي، كانت أول دفعة مكونة من 160 فردا تم تكوينها في وقت قياسي في الموسيقى العسكرية، تعزف على جميع الآلات النحاسية بمختلف أنواعها، إلى غايــــة تحضيـر الأناشيـــــد الوطنية الدوليــــة والمسيــرات العسكريــــــة، استعدادا وتحسبا لاستقبال رؤساء الدول والملوك ومختلف الشخصيات الأجنبية والوفود الرسمية التي تزور الجزائر. وكان أول رئيس أجنبي تقدم له التشريفات في أول زيارة له للجزائر بعد الاستقلال الرئيس المصري " جمال عبد الناصر " في شهر ماي 1963 والثاني ملك المغرب " الحسن الثاني " في شهر جوان من نفس السنة.
في سنة 1964، تم تكوين تشكيلة المزاود التي استمرت في استعراضها بالزي التقليدي الجزائري إلى يومنا هذا، تؤدي فلكلورا من تراثنا الشعبي.
في مارس 1965 انتقلت التشكيلة الموسيقية إلى ثكنة الحراش أين تأسست أول مدرسة للموسيقى العسكرية، وخلال مدة ثلاث (03) سنوات من التكوين تخرجت منها خمس (05) دفعات زوّدت بها النواحي العسكرية الخمسة: الأولى، الثانية، الثالثة، الرابعة والخامسة، حيث صار لكل واحدة منها تشكيلة موسيقية كاملة بالإضافة إلى تشكيلة كاملة للأمن الوطني (الشرطة).
تشكيلة المزاود في إستعراض بمناسبة الإحتفالات المخلدة
لعيد الإستقلال 05 جويلية 1966 بشارع التحرير
تشكيلة المزاود في احتفالات
01 نوفمبر 1966
في شهر جانفي 1969 تحولت هذه التشكيلة من ثكنة الحراش إلى ثكنة الليدو(الصنوبر البحري) حيث استقرت بها فيما بعد تحت قيادة " مجموعة الدرك الاحتياطي الوزاري" واستمرت في تكوين أفراد الجيش الوطني الشعبي في مادة الموسيقى العسكرية الخاصة بالتشريفات الرسمية.
في شهر سبتمبر 1973 وبمناسبة انعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز، حضرت التشكيلة الموسيقية التابعة للحرس الجمهوري كل الأناشيد الوطنية للدول المشاركة تم عزفها بتألق وجدارة في مراسم استقبال وتوديع كل رؤساء وملوك الدول التي حضرت المؤتمر، وقد شكلت منها فرقتين للاستقبال والتوديع، واحدة على مستوى مطار الدار البيضاء (هواري بومدين) حاليا وأخرى على مستوى القاعدة الجوية ببوفاريك.
إضافة إلى ذلك فإن التشكيلات الموسيقية للحرس الجمهوري تشارك سنويا في تخرج الدفعات لمختلف مدارس الجيش الوطني الشعبي وخاصة العليا منها وكذا مشاركتها في المهرجانات الوطنية الثقافيـة.
وفي إطار التعاون العسكري بين الجزائر والدول الشقيقة والصديقة، كون الحرس الجمهوري ما بين سنوات 1979 إلى 1982 تشكيلتين نحاسيتين كاملتين، واحدة لفائدة جمهورية موريطانيا وأخرى للجمهورية الصحراوية .
أما على الصعيد الدولي فقد كان تمثيل التشكيلة الموسيقية العسكرية الجزائرية وتشكيلة المزاود جد مشرف في المهرجانات العسكرية الدولية التي نظمت في عدة دول منها:
أكتوبر 1971 في طهران عاصمة إيران
05
أوت 1974 في دمشق بسوريا
جوان 1976 في يوغسلافيا سابقا
سبتمبر 1979 في مدينتي بنغازي وطرابلس بليبيا
سنة 2005 في مدينة مونس البلجيكية
سنة 2006 في مدينة هرلين الهولندية
جوان 2007 في مدينة صومير بفرنسا
سنة 2009 في مدينة باريس الفرنسية، و في نفس السنة بطرابلس بليبيا
جوان 2011 في مدينة سباستوبول بأكرانيا
سجل حافل بالإنجازات المشرفة، سجلته بأحرف من ذهب ورسخته التشكيلات الموسيقية للحرس الجمهوري الجزائري عبر مختلف مراحل تكوينها إلى يومنا هذا، ومازالت تواصل مهامها بنفس الروح والعزيمة لبلوغ الأهـداف الواعـدة، التي يتضمنها مشروع التطوير، الذي هو في طور الإنجاز، خاصة بعد اكتمال هياكـل التكوين المبرمجة.
التشكيلة النحاسية في حفل تخرج الدفعات
بالأكاديمية العسكرية - شرشال
المشاركة في المهرجان الدولي للموسيقى
العسكرية ببلجيكا سنة 2005
التشكيلة النحاسية الأيقاعية بالمعرض الدولي
الجزائر سنة 1970
...
يتبع