يشرح اللواء بن بيشة محمد الصالح مدير الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع الوطني في حوار حصري لـ "الشروق" وهو أول حوار للصحافة المكتوبة تفاصيل معالجة ملف الخدمة الوطنية في ظل القانون الجديد الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا والذي تضمن عدة امتيازات أهمها تقليص المدة إلى سنة واحدة مع مطابقة هذا القانون بالدور الدستوري للجيش الوطني الشعبي من جهة، وفي ظل الامتيازات الأخرى التي أقرتها وزارة الدفاع الوطني كرفع منحة التجنيد وإلغاء عبارة "معفى لأسباب صحية"، من بطاقات الإعفاء من الخدمة الوطنية، من جهة أخرى.
القانون الجديد للخدمة الوطنية تضمن واجبات الشباب المجند، فما هي الحقوق التي سيستفيد منها هؤلاء...؟
قانون الخدمة الوطنية الجديد خصص فصلا كاملا، تضمن أزيد من 10 مواد تتعلق بحقوق الشباب قبل تجنيدهم، وأثناء تواجدهم بالصفوف، وحتى بعد إنهاء خدمتهم بصفة نهائية، ويتعلق الأمر بتعويضهم في حال إصابتهم جراء تنقلهم إلى مركز أو مكتب الخدمة الوطنية لأداء الفحص الطبي للانتقاء، أو إلى وحدة تجنيدهم تلبية لأمر الاستدعاء، أو خلال عودتهم إلى المسكن العائلي بعد نهاية الخدمة الوطنية، وهذا ضمن الشروط المحددة بموجب قانون المعاشات العسكرية، أيضا حق الاستفادة من منحة شهرية تسمح لهم بتلبية مختلف حاجياتهم خلال فترة أداءهم لواجب الخدمة الوطنية.
كما يضمن ذات القانون للشخص الذي أدى واجب الخدمة الوطنية والذي يرغب في الالتحاق بصفوف الجيش الوطني الشعبي كمتعاقد أو عامل بأحد الفروع التابعة لوزارة الدفاع الوطني الاستفادة من الأولوية في الترشيح، مع مراعاة استيفائه للشروط المحددة بموجب التشريع والتنظيم المعمول به داخل الجهاز، كما سيستفيد عسكري الخدمة الوطنية من الحقوق التي يكفلها له القانون الأساسي العام الخاص بالمستخدمين العسكريين".
لماذا تم تقليص مدة الخدمة الوطنية من 18 إلى 12 شهر خاصة وأن الدولة والمؤسسة العسكرية دخلت منذ فترة في مرحلة تطوير واحترافية الجيش؟
200 ألف عاص.. وعلى العصاة التّقرب بكلّ اطمئنان لتسوية وضعيتهم
تقليص الخدمة الوطنية من 18 شهرا إلى عام فقط، جاء بعد استجابة فخامة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة لرغبة الشباب، من خلال دراسة ميدانية وسبر أراء قامت به مختلف هياكل المؤسسة العسكرية على مستوى الجامعات والثانويات وحتى خارجها، اين توصلنا إلى أن فترة 18 شهرا تشكل عائقا أمام العديد من الشباب خاصة الراغبين في الاستقرار في حياتهم المهنية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن تقليص مدة الخدمة الوطنية آخر فإن هناك تكوينا حديثا يتطلب إمكانات ووسائل تقنية، وهو الشيء الذي نركز عليه في البداية، حيث يكون التكوين مثاليا وحديثا ويكون العمل في الميدان حسب المتطلبات، وعليه تمت مراجعة وتكييف مدة التكوين لكل فئة، لكي يتمكن عند إدماجه في الوحدات من أن يمارس مهامه على أحسن وجه.
على أي أساس تم تخفيض سن الإحصاء من 18 إلى 17 سنة وتمديده إلى 9 أشهر بدلا من شهرين..؟
إن الهدف من تمديد مدة الإحصاء هو إعطاء المواطنين الوقت الكافي ليسجلوا أنفسهم في قوائم الإحصاء، حيث يعتبر الواجب الأول الذي يقومون به، ويتم إعلامهم دوريا بآجال الإحصاء، عبر مختلف وسائل الإعلام، ببيان من وزارة الدفاع الوطني، تجدر الإشارة إلي أنه حتى وإن لم يحصوا أنفسهم، فإن العملية تتم تلقائيا من طرف البلدية أو ممثلي الدبلوماسية أو القنصلية التي يتبعونها.
ومن الضروري للمعنيين بالأمر إثر ذلك القيام بواجب الفحص الطبي الذي يحدد تأهيلهم لأداء هذا الخدمة الوطنية، إذ يترتب عن عدم القيام به فقدان حقهم في طلب الإعفاء، لكن من تعذر عليه التقدم للفحص الطبي، بسبب عجز أو مرض عضال ونهائي، تبرير ذلك عنى طريق ممثله الشرعي سواء كان والده أو أخاه أو أحد أفراد عائلته بتقديم تقريرين طبيين يحرر أحدهما طبيب يمارس في هياكل الصحة العمومية وتتم معاينة مانع الحضور من طرف مصالح الدرك الوطني المختصة إقليميا وذلك طبقا لأحكام المادة 17 من القانون،
أما بالنسبة للمستشفين أو المسجونين فيتم تأجيلهم إلى غاية شفائهم أو تسريحهم، وذلك طبقا لأحكام المادة 18 من نفس القانون.
مبلغ منحة المجند للخدمة تم مراجعته مؤخرا هل يمكنكم سيدي اللواء أن تقدموا لنا توضيحات في هذا الشأن..؟
من الممكن تقريب المجنّدين من الثكنات القريبة لسكناتهم
مبلغ المنحة قد تمت مراجعته مؤخرا بزيادة معتبرة، وذلك من أجل تحفيز الشباب لأداء الخدمة الوطنية، وهو قابل للمراجعة كلما اقتضت الضرورة، وجاءت هذه الزيادة التي تبدأ من 9 ألاف دينار جزائري بالنسبة للجندي وترتفع المنحة حسب سلم الرتب.
بين ما صرح به الوزير الأول خلال الحملة الانتخابية بخصوص إلغاء بطاقة الخدمة الوطنية وما تنص عليه المادة 7 من قانون الخدمة الوطنية الجديد تناقض واضح، فأيهما يحتكم إليه في هذا الإطار..؟
هذا غير صحيح، فلا يوجد تناقض بين ما صرح به الوزير الأول عبد المالك سلال وما جاء في المادة 7 من القانون الجديد حيث لم تطرح تماما مسألة بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية بل تطرقت إلى المواطن الذي يجب أن يبرر وضعيته القانونية قبل التوظيف، وهذا لا يعني الحصول على بطاقة الإعفاء أو بطاقة أداء الخدمة الوطنية، بل قيام المواطن على سبيل المثال بتسجيل نفسه في قوائم الإحصاء، واستلامه لشهادة إحصاء، إلى غاية أداء واجب الانتقاء الطبي وبعد ذلك التقدم للحصول على تأجيل بسبب الدراسة، التكوين أو إرجاء للتجنيد في إطار المادة 27 من القانون، أو كل من تقدم بملف طلب الإعفاء، أومن يوجد في السجن أو يرقد في المستشفى. في هذا السياق اتخذت قيادة الجيش الوطني الشعبي جميع التدابير حتى لا يقف واجب الخدمة الوطنية عائقا أمام المواطن الذي يرغب في الالتحاق بعالم الشغل والعمل.
زيادة على ذلك يجب أن تكونوا على دراية تامة بأنه لا يمكن تقلد مناصب للمسؤوليات ومناصب عليا في الدولة دون أن تتم تسوية الوضعية القانونية إزاء الخدمة الوطنية للراغبين في ذلك.
هل يوجد تفكير بمشروع تقريب المجندين لأداء الخدمة الوطنية من الثكنات القريبة من ولايتهم..؟
ممكن جدا وحسب الاحتياجات والضرورة ولكن ليس إلزاما، بل بالعكس ففي العديد من المرات نتلقى طلبات من المجندين يرغبون في تحويلهم إلى ثكنات بعيدة عن مقر ولاياتهم لاسيما المنحدرين من ولايات عمق الصحراء إلى ولايات الوسط، كالجزائر العاصمة ووهران وعنابة وغيرها من الولايات، أو العكس صحيح، وهذا من باب الفضول لاكتشاف كل بقعة وشبر من بلدهم، وهي فرصة لا يمكن تحقيقها لمن لا يملك وسائل إلا عن طريق تنقلهم لأداء واجب الخدمة الوطنية.
هل فعلا سيتم إلغاء عبارة "معفى لأسباب صحية"، من بطاقات الإعفاء من الخدمة الوطنية وإن كان ذلك فما هي الأسباب التي كانت وراء هذا القرار..؟
الاحتياطيون لهم واجبات عسكرية لمدة 20 سنة ويُمكن استدعاؤهم في حالات الحرب والكوارث
نبشر جميع الشباب أنه تم منذ مدة إلغاء عبارة "معفى لأسباب صحية" التي تتضمنها بطاقات الإعفاء من الخدمة الوطنية التي تمنح للمواطنين المستفيدين منها، والسبب الرئيسي في ذلك هو أن هذه العبارة شكلت عائقا لدى المعفين بسبب صحي في الحصول على مناصب عمل، زد على هذا فإن المتطلبات البدنية في المؤسسة العسكرية ليست بالضرورة نفس المتطلبات البدنية للمؤسسات الأخرى.
ما هي الحالات التي يمكن أن يعتبر فيها المواطن عاصيا؟ وما هو عدد المسجلين لدى مصالحكم كعصاة..؟
العصيان يعتبر جريمة يعاقب عليها طبقا لقانون القضاء العسكري أمام المحاكم العسكرية وذلك عندما يتم تبليغ المعني بأمر الاستدعاء لأكثر من مرتين مرفوقا بأمر الالتحاق وعدم التحاقه بوحدة تجنيده، وكذلك أيضا في حالة بلوغه 25 سنة كاملة ولم يكن قد أدى واجب الإحصاء أو الانتقاء ولم يتقدم إلى مركز أو مكتب الخدمة الوطنية التابع له لتسوية وضعيته ما عدا في حالة القوى القاهرة، وعلى المواطنين الموجودين في وضعية العصيان التقدم إلى مركز أو مكتب الخدمة الوطنية من أجل استلام وثيقة توجيههم إلى المحاكم العسكرية لتسوية وضعيتهم، مع الإشارة أن عدد العصاة يقدر بحوالي 200 ألف عاص، وهو رقم تراجع مؤخرا بسبب معالجة العديد من الحالات.
عدد كبير من الشباب متخوفون من فقدان مناصب عملهم قبل تأدية واجب الخدمة الوطنية فما هو ردكم على ذلك..؟
لا خوف على هؤلاء لأن القانون يحفظ لهم الحق في إعادة الإدماج في مناصب عملهم الأصلية، أو في مناصب معادلة وجوبا، في ظرف 6 أشهر الموالية لتاريخ إنهاء خدمتهم، إضافة إلى ذلك فهم يستفيدون من كل الحقوق المكتسبة وقت تجنيدهم في الخدمة الوطنية، وتعتبر أيضا المدة التي قضوها في أداء الخدمة الوطنية، كمدة خدمة فعلية عند حساب الأقدمية المشترطة للترقية وحتى التقاعد، وتعتبر أيضا هذه المدة كفترة خبرة مهنية من أجل التوظيف وبالتالي فلا مجال للتخوف تماما لأنه وبقوة القانون تحفظ جميع حقوق العامل الذي يؤدي واجبه الوطني.
يتداول الحديث وسط الشباب بخصوص إجبار أصحاب الشهادات العليا على أداء واجب الخدمة الوطنية دون غيرهم.. فما ردكم عن ذلك؟
هذا حديث لا أساس له من الصحة لأن الكل سواسية والخدمة الوطنية واجب على جميع الشباب الذين بلغوا السن القانونية وطريقة الانتقاء لا تعتمد على أي مقاييس أو معايير بل الكل ملزم بالتقدم أمام مصالحنا إلا في حالات القوة قاهرة فقط، فالقانون يطبق على كل الجزائريين بدون استثناء بمن فيهم المغتربون، وهم مطالبون بنفس الالتزامات ولهم نفس الحقوق ونفس الامتيازات، بحيث يجب أن يتقربوا من القنصليات أو السفارات أو الأماكن التي يقيمون بها لأداء الواجبات الأولية مثل الإحصاء والفحص الطبي، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن وزارة الدفاع الوطني وبالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية وفي إطار استراتيجية محو الأمية عينت بعض المراكز والثكنات على مستوى جميع النواحي العسكرية من أجل تكفل أساتذة الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار بمهمة تعليم الشباب ذوي المستوى التعليمي المحدود، مما يبطل فرضية تجنيد أصحاب الشهادة دون غيرهم.
ماذا تقصدون بإدماج عسكريي الخدمة الوطنية في الاحتياط بعد أدائهم التزامهم القانوني؟ وهل يعني ذلك أنهم سيبقون ملزمين بواجبات أخرى بعد انقضاء مدتهم القانونية؟
على غرار العسكريين العاملين والمتعاقدين المتقاعدين، فإن عسكريي الخدمة الوطنية يبقون ملزمين بالواجبات العسكرية بعد وقت الخدمة الوطنية لمدة 25 سنة وهذا طبقا للأمر رقم "110/ 76" المؤرخ في 9 ديسمبر 1976، المتضمن الواجبات العسكرية للمواطنين الجزائريين حيث يتم احتياطهم لمدة 5 سنوات أو 20 سنة، إذ بالإمكان إعادة استدعائهم لتدعيم الجيش العامل وقت الحرب وفي حالة الاعتداء أو الكوارث، بقصد تنفيذ مهام الدفاع الوطني.
أين وصل مشروع الرقمنة على مستوى مكاتب ومراكز الخدمة الوطنية عبر جميع الولايات..؟
على مصالح البلديات الدّقة أثناء الإحصاء لضمان عدم استدعاء إناث
كل مكاتب الخدمة الوطنية بمجموع 48 مربوطة بشبكة رقمية "أنترانت"، بكل المراكز، وبالتالي فكل معلومة خاصة بالمواطن يستطيع أخذها من المكتب الذي ينتمي إليه وحتى عند تغيير مقر إقامته، لكن قد تقع في بعض الأحيان أخطاء نعالجها في حينها، وهذا راجع غالبا إلى تجاهل المواطن إحصاء نفسه.
وتقوم البلدية بالإحصاء التلقائي الذي تنجر عنه بعض الأخطاء، على غرار تلك التي تقع في "نوعية الجنس"، فهناك بعض الأسماء التي تطلق على الإناث والذكور معا مثل اسم "ريان" وعليه فعلى المصالح المعنية أثناء عملية الإحصاء أن تدون نوع الجنس، سواء كان ذكرا أم أنثى، أمام كل اسم، قبل تحويله إلى مصالحنا، وعليهم تحديد المعلومات بدقة خلال عملية الإحصاء، خاصة ما تعلق بتحديد العناوين والاسم واللقب.
هل من كلمة أخيرة؟
في الختام أوجه دعوتي إلى جميع الشباب للتقدم لتسوية وضعيتهم تجاه الخدمة الوطنية وأبوابنا تبقى مفتوحة حيث تم إسداء التعليمات اللازمة إلى جميع قادة مراكز ومكاتب الخدمة الوطنية من أجل الاستقبال والتكفل الجيدين بانشغالات المواطنين... لكن على المواطن أن يمتثل عندما توجه إليه الدعوة وأن يتصل بمصالحنا في الوقت المحدد أو المبرمج، كما نوجه دعوة إلى جميع العصاة بالتقرب إلى مصالحنا لتسوية وضعيتهم القانونية، وليتأكدوا أن أداء واجب الخدمة الوطنية مثله مثل أداء واجب الانتخاب هو تعبير عن حب الوطن، مع العلم أن هناك بعض الإطارات والمسؤولين، في القطاع العام والخاص، كانت لهم تجربة إيجابية من تأدية هذا الواجب الوطني سمحت لهم وبقسط كبير بممارسة مهامهم على أحسن وجه.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/218416.html