حادثة جزيرة هاينان || اصطدام طائرة تجسس امريكية بمقاتلتين من الصين
في 1 أبريل 2001، وقعت حادثة تصادم في الجو بين طائرة لوكهيد إي پي-3 وهي طائرة استطلاع تابعة للبحرية الأمريكية وطائراتين اعتراضيتان مقاتلان صينيتان من طراز نفاثةج-8 ، أدى الحادث إلى وقوع نزاع دبلوماسي بين الولايات المتحدة والصين سمي حادث جزيرة هاينان.
نتج عن التصادم تحطم الطائرة الصينية وغرقها وفقدان طيارها نتج عنه تحطم الطائرة الصينية وغرقها وفقدان طيارها وهبوط الطائرة الأمريكية اضطراريا في مطار جزيرة هاينان الصينية وسلامة طاقمها المكون من 24 فرداً.
الطائرة إي پ-3 بعد تحطمها وسقوط على جزيرة هاينان.
مقدمة ||
تقع جزيرة هاينان في جنوب الصين وقد تحولت منذ عام 1999 إلى قاعدة عسكرية للصواريخ، كما شهدت تطوراً هائلاً في قدرات الصين الإستراتيجية لمواجهة الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وأظهرت الصين فيها تعاظماً ملحوظاً في قدراتها الفضائية والعسكرية والاستخباراتية. خاصةً وأن هذه الجزيرة تقع جغرافياً قريباً من خط الاستواء وهو ما يسهل عملية وضع الأقمار الاصطناعية الصينية في الفضاء، ومن الناحية البحرية تم تزويد هذه الجزيرة بالغواصات وقوات بحرية عملاقة لتحري التحركات الأمريكية على البحار نظراً لموقع هذه الجزيرة الهام.
لفتت هذه الأعمال التي تجري على الجزيرة الصينية أنظار الإدارة الأمريكية الأمر الذي جعلها تخطو خطوات سريعة وجادة في تقنياتها وبرامجها الفضائية استعدادا لمواجهة هذا التنين (العملاق الأصفر) الذي يتضخم عاماً بعد عام.
Shenyang J-8
من هنا ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تبحث جدياً في إنشاء برامج لبناء جيل جديد من أقمار التجسس لتحوي أربعة وعشرون قمراً فضائياً تجسسياً. وبدأ بالفعل المكتب الأمريكي للاستطلاع بتطبيق ذلك البرنامج الذي وصلت تكلفته حوالي 25 مليار دولار أمريكي نظراً لدقة تطور الأجهزة الملحقة به من رادارات وتلسكوبات وآلات تصوير، والتي لها القدرة على التقاط الصور أكثر بعشرين مرة من الشبكة التي كانت مستخدمة في حينه، وقد شاركت بريطانيا في هذا المشروع الحيوي.
طائرة لوكهيد إي پي-3 تابعة للبحرية الأمريكية، مماثلة للطائرة التي اشتركت في التصادم.
حادثة التصادم ||
في 1 أبريل 2001 حلقت طائرة استطلاع أمريكية من لوكهيد إي پي-3، وهي طائرة ضمن قوة الأسطول البحري الأمريكي المرابط في سواحل تايوان. وبينما كانت طائرة التجسس الأمريكية تمارس عملها، قام قائد طائرة الاستطلاع بالدخول إلى الحدود الاقليمية الصينية، فحاصرتها طائرتان صينيتان من الجانبين الأيمن والأيسر. وأثناء عملية الحصار المحكم على الطائرة الأمريكية وبعد محاولات يائسة من قبل طاقم الطائرة لمحاولة الإفلات من هذا الحصار بإجراء مناورات وحركات جوية يحاول من خلالها تخويف الطائرتين الصينيتين. في الوقت الذي اقترت احدى الطائرات الصينية من الطائرة الأمريكية لاجباره على الهبوط.
هذا الإجراء الانتحاري أدى إلى اصطدام الطائرة المقاتلة الصينية بمروحة أحد أجنحة الطائرة الأمريكية عند محاولة الطيار الأمريكي الميلان بزاوية معينة وهو ما أدى إلى تحطم الطائرة الصينية وانشطارها إلى نصفين وغرقها وموت وفقدان الطيار الصيني، وحدوث أضرار وخلل في توازن الطائرة الأمريكية اضطرها للهبوط في مطار جزيرة هاينان الصينية ترافقها الطائرة الصينية الأخرى والتي كان طيارها على أهبة الاستعداد لتنفيذ أي أوامر هجومية في حق الطائرة الأمريكية التي تسببت في مقتل زميله إذا ما حاول طاقم الطائرة الأمريكية الفرار.
موقع التصادم فوق بحر الصين الجنوبي
على الارض ||
بمجرد هبوط الطائرة الأمريكية على أرض مطار جزيرة هاينان العسكري حتى حاصرتها القوات الصينية والتي كانت في جاهزية عالية من الاستعداد طالبةً من طاقمها ال24 أن يخرجوا من الطائرة ويسلموا أنفسهم والذي لم يستمر طويلاً حتى سلم الطاقم نفسه.
هذا الاستعداد الصيني السريع لم يمهل الطاقم ليقوم بتنفيذ مهمته في مثل هذه الحالات وهي عملية تحطيم أجهزة الطائرة وحذف جميع بياناتها المسجلة حسب التوجيهات التي تعلمها حتى لا تقع هذه الأسرار بيد العدو.
طائرة نقل روسية عملاقة من طراز أنتونوف أن-124 تابعة لخطوط پولتس الجوية قامت في يوليو 2001 بنقل طائرة الاستطلاع الأمريكية من طراز لوكهيد-مارتن إيپي-3 اوريون مفككة إلى الولايات المتحدة. وقد أصرت الصين على نقل معدات الطائرة في صناديق لا يزيد بعد أي منها على متر واحد.
بعض من أجزاء وأجهزة الطائرة الأمريكية لوهيد بعد تفكيكها وشحنها لمقر الأسطول الأمريكي.
ما بعد الحادث ||
ضجت وسائل الإعلام بهذا الخبر وظهرت بوادر أزمة سياسية قوية بين الجانبين من خلال تصريحات كل طرف، وتبادل الطرفان التهديدات المختلفة وازداد الغليان في الشارع الصيني على هذا التحدي الأمريكي الذي سار ضحيته طيار صيني مع طائرته وانتهاك للأراضي الصينية وهو ما دفع بالحكومة الصينية إلى أن تتشدد في موقفها ومنذ الوهلة الأولى للحادثة.
يقابل ذلك قلق كبير لدى الإدارة الأمريكية بمصير طاقم طائرتها وأسرارها العسكرية التي وقعت في قبضة الصين وخوف لدى الطاقم المحتجز جعل من التصريحات الأمريكية أكثر تشنجاً وفزعاً.
وقد حاولت الإدارة الأمريكية التقليل من أهمية وحجم المعلومات التي وقعت في أيدي الصين مؤكدين بأن طاقم الطائرة قد نفذ مهمته في تحطيم الأجهزة وحذف البيانات والمعلومات كاملة على أكمل وجه، وأن الصينيين لم يتمكنوا من الحصول على شيء بل أنهم لم يجرؤا على الدخول إلى الطائرة لأنها تعتبر جزء من السيادة الأمريكية ودخولها يعتبر تعدي على هذه السيادة، وظلت أقمارهم الاصطناعية وعلى مدار الساعة ترصد موقع الطائرة أولاً بأول خشية أن يقوم الصينيون بأي نزع أو نقل لأجهزة الطائرة.
مراقبة الطائرة الامريكية وهي في الاراض الصينية
ولكن الدلائل تؤكد بأن الصينيين كانوا على أهبة الاستعداد لاستقبال هذا الضيف الذي طالما تمنوا لقائه، وما أن حطت الطائرة على مطار الجزيرة واستسلم طاقمها وتم نقلهم ونقل الأجهزة الموجودة على الطائرة وما تحتويه من معلومات.
وتلت ذلك أيام ذات حمى سياسية شديدة تبادل فيها الطرفان التصريحات، ففي مقابل الموقف الصيني الثابت والقوي والمتمثل في عدم الإفراج عن الطاقم الطائرة الأمريكية وإصرارها على أن تقدم الولايات المتحدة الأمريكية اعتذاراً رسمياً للشعب الصيني على هذا التعدي الذي نتج عنه مقتل طيار صيني وتحطم طائرته والذي نعته الجماهير الصينية بالشهيد في مقابل ذلك كان موقف الإدارة الأمريكية متصلب ومتشدد، بل أنهم حملوا الطيار الصيني الخطأ بأنه هو الذي اقترب من طائرتهم حتى فقد السيطرة على طائرته واصطدم ومن ثم فقد تسبب في هلاك نفسه وطائرته وألحق أضرار كبيرة بطائرتهم التي كانت تمارس مهامها خارج الحدود الصينية حسب قولهم. وصرح المتحدث باسم البيت الأبيض هايلر فليشر أن الادارة الأمريكية لا ترى مبرر للاعتذار وأن الطائرة الأمريكية كانت تحلق في مجال جوي دولي ولم يقم طاقمها بأي خطأ.
وقد لوح الكونگرس الأمريكي بعدد من أوراق الضغط التي يمكن أن يستخدمها ضد الصين ومن ذلك الورقة التايوانية وورقة الاقتصاد والتجارة العالمية وورقة الحقوق والحريات في الصين.
ولكن موقف الصين ظل متماسكاً وقوياً في المطالبة في أن تقدم أمريكيا اعتذاراً رسمياً للصين في مقابل أن تقوم الصين بإطلاق طاقم الطائرة الأربعة والعشرون ، وأن ذلك هو السبيل الوحيد لحل هذه المشكلة.
وقدمت بعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان الرئيس جورج دبليو بوش اعتذاراً رسمياً للصين وتكرر ذلك الاعتذار أكثر من مرة على لسان بعض المسئولين الأمريكيين والذي على ضوءه أطلقت الصين سراح الطاقم وأبقت على الطائرة، حيث رفض الصينيون الإفراج عنها إلا بشروط أخرى وذلك بعد المحاولات الأمريكية لإقناع الجانب الصيني بأن يتم إرسال فريق فنيين ومختصين ليتم إصلاح الأضرار التي لحقت بالطائرة وتجهيزها لتقلع من مطار الجزيرة وتعود إلى حيث ترابط ضمن الأسطول البحري الأمريكي.
الطاقم الامريكي بعد الافراج عنه
الرد الصيني في 2014 ||
قال يانغ يوجونغ، المتحدث باسم وزارة الدفاع، إن الولايات المتحدة يجب أن "تتخذ إجراءات ملموسة لتخفيض أنشطة المراقبة التي تمارسها ضد الصين، إلى أن توقفها". إن لم توقف الولايات المتحدة تلك الأنشطة، فإن الصين قد تنفذ أنشطة مماثلة قرب الحدود الأمريكية.
وتأتي تصريحات يانغ في وقت تشهد فيه علاقات بكين وواشنطن توترا بسبب حادثة وقعت الأسبوع الماضي في الجو على بعد 220 كيلومترا من جزيرة هاينان الصينية.
وقالت الولايات المتحدة إن طائرة مقاتلة صينية حلقت قرب طائرة عسكرية أمريكية بطريقة خطرة، بينما قالت الصين في بيان بثته وسائل الإعلام إن المزاعم الأمريكية "لا أساس لها".
وقال يانغ إن "مكان وقوع الحادثة هو 220 كيلومترا من هاينان الصينية، وليس بالتأكيد 220 كيلومترا من فلوريدا. ولذلك فالصواب والخطأ في الحادثة واضح جدا".
وكانت تلك المواجهة أعادت إلى الأذهان ما حدث في أبريل/نيسان 2001، عندما اصطدمت مقاتلة صينية بطائرة تجسس تابعة للبحرية الأمريكية على بعد نحو 110 كيلومترات من هاينان.
المصدر :
من هنا
من هنا
من هنا
تحياتي