جندي من الصحراء
رائـــد
الـبلد : العمر : 36 المهنة : مصرح لدى الجمارك المزاج : سريع الغضب التسجيل : 27/03/2014 عدد المساهمات : 920 معدل النشاط : 1224 التقييم : 28 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في جنوب شرق آسيا الثلاثاء 23 ديسمبر 2014 - 23:17 | | | الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في جنوب شرق آسيايتصاعد الاهتمام الأمريكي بمنطقة جنوب شرق آسيا بقوة، تجسيداً للاستراتيجية الأمريكية الجديدة، وجاء إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عزمه «زيادة الوجود العسكري الأمريكي في جنوب شرق آسيا»، خلال زيارته الأخيرة لليابان وكوريا الجنوبية في نيسان 2014، تطبيقاً لهذه الاستراتيجية، التي تصطدم واقعياً بمجموعة من العقبات، لاسيما ماتعلق منها بثقل الصين في المنطقة، ومركزية العلاقات التي تربط دول المنطقة بالصين التي تمثل للكثيرين في المنطقة والعالم المستقبل الآتي. ويمكن تلخيص الاستراتيجية الأمريكية تجاه جنوب شرق آسيا في التحوّل من سياسات “الاحتواء الاقتصادي” و”الدبلوماسية الناعمة” التي تقوم على التقارب مع الصين الصاعدة إلى الاحتواء العسكري للتحديات التي تواجه الإقليم، ويتخذ هذا التحول المظاهر التالية :1- تعزيز الوجود العسكريتعتمد الولايات المتحدة في استراتيجيتها الجديدة على تفعيل وجودها العسكري في الإقليم عبر القواعد العسكرية في اليابان، كوريا الجنوبية، جزيرة جوام، جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، فبالإضافة إلى وجود “30 ألف” جندي أمريكي في كوريا الجنوبية، و”50 ألف” جندي في اليابان، ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال المزيد من القوات إلى المحيط الهادي بحلول عام 2016. كما تجري الإدارة الأمريكية مفاوضات جادة لنشر سفن حربية تابعة لسلاح البحرية في كوريا الجنوبية، وتسيير دوريات بحرية، انطلاقاً من اليابان.2- توسيع التحالف العسكري الإقليمييتمثل المحور الثاني للاستراتيجية الأمريكية في تقوية الاختراق للمجال الحيوي الصيني بتوسيع نطاق التحالف الإقليمي ليشمل دولاً جديدة، بالإضافة للحلفاء التقليديين لواشنطن، مع زيادة تصدير الأسلحة لدول المنطقة، حيث شرعت واشنطن في توثيق التعاون العسكري مع فيتنام، التي كانت حتى الأمس القريب مناوئة للوجود الأمريكي في آسيا، لكن منذ عام 2011 بدأت فيتنام باستقبال بوارج البحرية الأمريكية بموانئها في بعثات تدريبية، والقيام بعمليات إصلاح السفن الحربية لدعم قدرتها على مواجهة الأنشطة الصينية في الجزر المتنازع عليها، وتصاعدت وتيرة التعاون عبر استضافة فيتنام لمناورات بحرية مشتركة في بحر الصين الجنوبي خلال عام 2013، وفي إطار الاستراتيجية ذاتها، كما حاولت واشنطن استعادة العلاقات تدريجياً مع ميانمار, الحليف التقليدي للصين في جنوب شرق آسيا. وفي السياق ذاته بدأت الولايات المتحدة بتكوين نواة لتحالف إقليمي جديد مناوئ للصين بتدشين حوار استراتيجي خماسي بين “الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايوان”، ومن غير المستبعد أن تبدأ واشنطن بتوسيع نطاق هذا التحالف مستقبلاً ليصبح نظيراً آسيوياً لحلف شمال الأطلسي، هدفه الأساسي احتواء المد الصيني إقليمياً بمظلة تمتد عبر المحيط الهادي وجنوب شرق آسيا، ويستدل على هذا التوجه المناوئ للصين إجراء مالايقل عن “300 مناورة” بحرية كبرى العام الماضي، كان من أهمها التدريبات العسكرية الأمريكية في “خان كويست” في منغوليا على الحدود الشمالية للصين، بمشاركة “ألمانيا، فرنسا، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، الهند، سنغافورة” والتي عُدّت تحدياً مباشراً للصين. أما التحدي الأبرز فتمثل بموافقة واشنطن على صفقات تسليح لتايوان بقيمة “12 مليار دولار” تقريباً مما أثار احتجاجات بكين ودفعها عام 2013 إلى تجميد العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة وإلى اتهام واشنطن بمناوأة وحدة أراضي الصين.3-الشراكات الاقتصاديةيمثل التعاون الاقتصادي إحدى أهم القضايا التي ركّزت عليها زيارة الرئيس الأمريكي أوباما الأخيرة نيسان 2014 إلى كل من اليابان وكوريا الجنوبية لما يمثلانه من أهمية استراتيجية للمصالح الاقتصادية الأمريكية، حيث توافقت واشنطن مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية على اتفاقيات جديدة لتحرير التجارة، وتسعى الإدارة الأمريكية لمضاعفة صادراتها للإقليم إجمالاً بحلول عام 2016 لترفع من مستواها الحالي الذي يصل إلى “350 مليار دولار”. التحديات أمام الاستراتيجية الأمريكية - العجز المالي للموازنة العسكرية الأمريكية: يرتبط توسيع نطاق الالتزامات العسكرية للولايات المتحدة بزيادة مماثلة في الموازنة العسكرية الأمريكية التي تواجه دعوات من جانب الكونغرس لتقليصها وخفض الدين العام للولايات المتحدة الذي وصل إلى نحو “15 تريليون دولار”، بما يفرض تكلفة متصاعدة للتمدد الاستراتيجي والعسكري الأمريكي وتوسيع نطاق الانتشار العسكري على مستوى العالم، لاسيما مع تجاوز الموازنة العسكرية حاجز “700 مليار دولار”، ويفرض ذلك على الإدارة الأمريكية تحقيق التوازن بين الوفاء بالتزاماتها العسكرية في الإقليم وخفض تكلفة الانتشار العسكري الأمريكي. -غياب الثقة بالالتزامات الأمريكية تجاه الإقليم: ترفض دول الإقليم حدوث صدام بين الولايات المتحدة والصين على أراضيها، و تؤكد عدم ثقتها في ديمومة الالتزامات الأمريكية تجاه الأمن الإقليمي، حيث أكد رئيس وزراء أندونيسيا أن «الدول الآسيوية تدرك تماماً أن الإقليم لايمثل للولايات المتحدة سوى ممر ترتاده بوارجها وحاملات طائراتها ثم ترحل، بينما الصين دولة مقيمة في الإقليم ولن تتحول لمجرد دولة عابرة»، وهو مايتطابق مع أطروحات آسيوية تدعم تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة والصين، بحيث تتقاسمان مسؤولية الأمن الإقليمي بمشاركة الدول الآسيوية، في إطار متعدد الأطراف لتجنب تداعيات احتمال اختلال توازن القوى الإقليمي أو تصاعد الخلافات بين الصين والولايات المتحدة . - مركزية العلاقات الصينية مع دول الإقليم: لاتتأثر العلاقات بين الصين ودول الإقليم بسبب الخلافات الحدودية، فهذه العلاقات وثيقة وقائمة على سياسة حسن الجوار، وقد وصل حجم التبادل التجاري بين الطرفين إلى مستويات قياسية مع دخول اتفاقية التجارية الحرة بين دول آسيان حيّز التنفيذ، بما يصعب مهمة الولايات المتحدة في تأسيس تحالف مناوئ للنفوذ الصيني في الإقليم. وتتضاعف تلك الصعوبات بالنظر إلى أن عدداً من دول الإقليم تعتمد بصفة أساسية في نموها الاقتصادي ووارداتها على التحالف مع الصين – مثل ميانمار – في حين تعتبر اليابان وكوريا الجنوبية الدور الصيني محورياً في الحد من الطموحات النووية لكوريا الشمالية، فضلاً عن أن غالبية دول الإقليم تضم أقليات صينية تقدّر بنحو “40 مليون نسمة” تمثل قاعدة قوية لتوثيق علاقات دولهم مع الصين . - المواقف الشعبية المناوئة: قد تعرقل أيضاً المواقف الشعبية الوجود العسكري الأمريكي في الإقليم، لاسيما في دول مثل فيتنام التي ترفض أي وجود عسكري أمريكي على أراضيها نتيجة للإرث التاريخي العدائي بين الدولتين، كذلك الفلبين التي يحرّم دستورها أي وجود لقوات عسكرية أجنبية على أراضيها، وسبق أن طالبت القوات الأمريكية بالرحيل عن قاعدة “خليج سوبيك” إثر رفض البرلمان التصديق على معاهدة تقنن الوجود العسكري الأمريكي في الفلبين، كما تواجه الولايات المتحدة رفض قطاعات واسعة من الرأي العام في بعض الدول الآسيوية أي وجود للقوات الأمريكية على أراضيها. خلاصة القول: لايعكس التوجه الأمريكي الجديد نحو القارة الآسيوية تغييراً هيكلياً في الاستراتيجية الأمريكية بقدر مايجسد إعادة ترتيب للأولويات مع تسارع وتيرة “الصعود الصيني السلمي” بما ينطوي عليه من تغيرات محتملة في هيكل النظام الدولي، كما تعبر تلك التحولات عن عودة أمريكية لسياسات الاحتواء، وإن كان من خلال نهج متعدد الأطراف قوامه الشراكة مع الدول الآسيوية، وإعادة تعريف منظومة الأمن الإقليمي، إلا أن الإدارة الأمريكية تغفل أن افتقادها للمصداقية، ومخاوف دول الإقليم من تداعيات صدامات بين الولايات المتحدة والصين، قد يؤثران سلباً في فاعلية التوجهات الاستراتيجية الجديدة، لاسيما إذا ترتب على تلك الدول مع الولايات المتحدة تراجع علاقاتها الاقتصادية مع الصين التي يعدّ اقتصادها قاطرة النمو في القارة الآسيوية بأسرهاhttp://ncro.sy/baathonline/?p=4173
|
|