16.01.2015
نواكشوط – «القدس العربي»: ينتظر أن تزداد في عموم جوامع العاصمة والمدن الكبرى في موريتانيا، التظاهرات المناوئة لفرنسا ولصحيفة شارلي إيبدو وهي التظاهرات التي تواصلت منذ أن صدر العدد الأخير من الصحيفة وعلى واجهته رسم ساخر من النبي عليه السلام.
وقد أدى نشر هذا الرسم على الصفحة الأولى للجريدة مع سحب هذا العدد بالملايين مضافا للحملة الإعلامية الفرنسية المتواصلة والمصاحبة لهذا النشر لتراجع الكثيرين عن مواقفهم المنددة باغتيال صحافيي شارلي والمتضامنة معهم، حسب ما اتضح من مداخلات البرامج الإذاعية المباشرة التي خصصت لرصد المواقف حول هذه الحادثة التي شغلت وتشغل العالم.
وشهدت شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط، الاربعاء مسيرة حاشدة تنديدا بالرسوم الساخرة التي نشرتها جريدة «شارلي إيبدو» الفرنسية وبموقف حكومة فرنسا المؤيد لنشر هذه الرسوم.
وقد رفع المشاركون في هذه المسيرات شعارات عدة بينها «إلا رسول الله»، «لسنا شارلي»، «أنا غزة».وعززت السلطات الأمنية الموريتانية إجراءات الأمن في محيط السفارة الفرنسية بنواكشوط تحسبا لأي طارئ.
وينشغل الموريتانيون كثيرا بقضية الاعتداء على صحافيي جريدة شارلي أيبدو وباستمرار هذه الجريدة في إثارة مشاعر المسلمين، وذلك في أسواقهم وفي سهراتهم وصالوناتهم السياسية وفي وسائل إعلامهم وعلى صفحات التواصل.
وضمن تفاعلات هذه القضية ذكرت وكالة الأخبار الموريتانية «أن الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم أثارت الاربعاء زوبعة في المدرسة الفرنسية في انواكشوط، وذلك إثر شجار بين تلميذ موريتاني وتلميذة فرنسية سببه أن الفرنسية كتبت على محفظة التلميذ الموريتاني عبارة «أنا شارلي».
وقد أبدى التلميذ الموريتاني غضبه من تصرف التلميذة الفرنسية، وتلفظ بألفاظ غاضبة، مستغربا تصرفها، لكن التلميذة أجابت بكلمات نابية، وهو ما أدى لتدخل عدد من التلاميذ الموريتانيين لمؤازرة زميلهم. وحسب مصادر في المدرسة فقد تدخلت إحدى المدرسات الفرنسيات لمساندة موقف التلميذة الفرنسية في دعمها للصحيفة الفرنسية المسيئة «شارلي إيبدو».
وقد احتج عدد من التلاميذ الموريتانيين على موقف المدرسة الفرنسية، قبل أن تتدخل إدارة المدرسة لتهدئة الموقف حيث قامت بإنهاء الدراسة قبل إبانها.
وجاءت هذه الحادثة لتنضاف لرفض التلاميذ الموريتانيين بالمدرسة الفرنسية، المشاركة في وقفة صامتة حدادا على أرواح القتلى في حادثة استهداف مقر الصحيفة الفرنسية في باريس.
وعرف محيط السفارة الفرنسية بانواكشوط أمس احتجاجات منددة بإعادة الصحيفة الفرنسية «شارلي إيبدو» نشر صور ساخرة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يستسغ الدكتور الصوفي ولد الشيباني رئيس مجلس الشورى في حزب «تواصل» الإسلامي (الإخوان المسلمون)، إعادة نشر صحيفة شارلي أبدو للرسوم المسيئة، مؤكدا «أن ذلك أثار الكثير من الحقد والكراهية ضد فرنسا لأن المسلم الحقيقي يفضل الاعتداء على حياته بدل التطاول على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وهي مسألة للأسف لا يفهمها الغرب أو لا يريد الاعتراف بوجودها.، حسب قوله. وأكد في مقال كتبه الاربعاء حول الموضوع «أن إعادة نشر الرسوم حولت مسيرة باريس تعتبر في نظر معظم المسلمين بمثابة دعوة للنيل من مقدساتهم وهو ما سيؤجج غضب الكثير منهم وقد يدفع ببعض المتهورين منهم إلى المزيد من التطرف ومعاداة الغرب». وتحت عنوان «لسنا شارلي» كتب الصحافي حنفي دهاه افتتاحية بدأها بالتأكيد على أن «ما قامت به «شارلي أيبدو» ليس حرية الرأي.. و إنما هو مجرد شتائم واستفزازات للمسلمين».
وقال «حرية الرأي والتعبير والمعتقد سلوك حضاري، هدفه تمكين الإنسان من المساهمة في الحركة الكونية للقيم والمثل، وللرفاه المادي أيضا، وفي أن يعبر عن كل ما يتناول موضوعا إنسانيا، ماديا أو عقائديا، بما يمحصه أو يجلي عنه أدران القداسة الوهمية أو المحظور».
«وما قامت به شارلي أيبدو، يضيف الكاتب، ليس ممارسة لحق تعبير أو رأي.. فهو كما قالت فايننشال تايمز «غباء واستفزاز».
وفي مقال آخر أكد الصحافي محمد نعمة عمر المدير الناشر لصحيفة الحرية «أن فرنسا اعتبرت استهداف «شارلي أيبدو» عملا بربريا معاديا للحرية، ولاحقا وصفت احتجاز الرهائن في متجر يهودي، بالمعادي للسامية.. ماذا عن الأعمال التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر مثلا، ولا زالت ترتكبها في العراق وسوريا إلخ….؟ ماذا عن التطاول على مشاعر مليار مسلم؟، والاستهزاء بنبيهم عليه الصلاة والسلام؟، أليس ذلك عملا معاديا للسامية وللبشرية جمعاء..؟».
وأضاف «إن الشوفينية الأوروبية ونظرتها المتعالية اتجاه العرب والمسلمين هي التي جعلت الفرنسيين يلصقون التهمة بالعرب والمسلمين، ويروجون عبر وسائل إعلامهم أن فرنسا بعد الهجوم على الصحيفة البغيضة لن تكون فرنسا قبل هذا التاريخ، باختصار شديد أقول إن فرنسا ستظل كما هي، ولن يتغير سوى أنها حصلت على المبرر الكافي لتمارس في العلن عهرها السياسي الذي كانت تمارسه في الخفاء».
وختم قائلا «أنا لست شارلي أيبدو»، أنا «ناجي العلي» الذي قتل بكاتم الصوت الإسرائيلي بدم بارد في شارع بمدينة لندن، ولم يتحرك الضمير الإنساني ولم يتهم «الموساد» بالإرهاب، فلماذا دمنا أرخص من دمهم؟!».
وفي مقال آخر أكد الكاتب دداه محمد الأمين الهادي «أنه يمكن اعتبار تجدد الرسوم المسيئة وجودا لأسباب غير مانعة من الارتداد الإرهابي، بل إن الرسوم التي نشرت في ثلاثة ملايين نسخة من شارلي إيبدو ما بعد الأحداث، ستكون دليلا على أن مفهوم الحقوق والحريات ممسوس في فرنسا، فلم تعد حريتك في فرنسا تنتهي عند حدود حرية الآخرين، ولم تعد حقوقك في أن تحترم ديانتك وعقيدتك مصانة في فرنسا، ففرنسا بهذا المفهوم تعيد تشكيل قوانين واتفاقيات حقوق الإنسان بشكل سيئ ورديء، وتعطي للإرهاب والغلو أسبابا إضافية لمعاداة فرنسا-شارلي إيبدو، والدول التي ستنشر فيها شارلي إيبدو، والدول التي ستفتح فيها صفحات تلك المشؤومة على النت».
«ويبقى على فرنسا، يضيف الكاتب، أن تعي جيدا أنها لن تنهي الإسلام بالكاريكاتير، ما دامت أمم أخرى من أجداد فرنسا لم تنهه بالسيف والمال والنفوذ، كما لم تنهه طائرات أمريكا وحلفائها، ولم تنقص منه قبضات حكامنا العرب المخذولين، ومن على شاكلتهم».
مصدر