للأسبوع الثاني على التوالي، ترتفع أسعار النفط لتحقق مكاسب قياسية بالنسبة لسرعة الارتفاع، فأسعار النفط سواء برنت أو غرب تكساس يتم تداولها الآن فوق مستوى خمسين دولارا، خام برنت يتداول حول مستوى 58 دولارا للبرميل، وأما غرب تكساس فيتم تداوله حول مستوى 51 دولارا للبرميل، وهذه الأسعار تبتعد كثيراً عن القيعان التي سجلتها أسعار النفط عند مستويات دون 45 دولارا.
وفي استجابة لهذه الارتفاعات فقد ارتدت البورصات لتحقق مكاسب طيبة، في إشارة إلى أن العالم اطمأن أن هبوط النفط لن ينخفض أكثر من قاع مستويات أربعين دولارا، وأن الأسوأ قد حصل ولن يأتي ما هو أسوأ مما حصل!
هذه النظرة الواقعية هي التي تحرك البورصات اليوم، ولكن هل صحيح أن مسلسل هبوط النفط انتهى بعد أن استقر فوق مستوى خمسين دولارا أم إن هذا الارتفاع مجرد ارتداد صاعد في موجة هبوط كبرى؟
كالعادة في أي حركة سعرية قوية سواء كانت صاعدة أم هابطة فإن المحللين ينقسمون بين متفائل ومتشائم والكل يدعي الواقعية، فالمتفائلون يرون أن هبوط أسعار النفط إلى مستوى الأربعين دولارا كان مبالغاً فيه، وأن هذا الارتداد طبيعي وتصحيح لأسعار النفط التي تتجه الآن إلى مستوى يتوازن السعر مع معادلة العرض والطلب، ويزيدون في تفاؤلهم أن أسعار النفط ستتجه قريباً إلى مستويات ما فوق الستين دولارا، وهنالك من يراهن على مستوى ثمانين دولارا مع نهاية السنة.
أما فريق المتشائمين فإنه لا يرى في هذه الارتفاعات سوى ارتداد فني، وأن هذه القمم التي سجلها النفط هي ما يطلق عليه القطة الميتة أي إنها قمة ما قبل انهيار الأسعار أكثر، وأن الأسعار ستعاود الهبوط لأن العوامل التي أدت إلى هبوط أسعار النفط ما زالت قائمة ولم يطرأ جديد ليغير أساسيات السوق، والبعض منهم ما زال متمسكا بمستوى ثلاثين دولارا كقاع لأسعار النفط.
وأنا أعتقد أننا الآن في وضع من الصعب فيه تحديد الأسعار المستقبلية للنفط بسبب التذبذب العالي في الأسعار، وبسبب حروب العملات القائمة بين البنوك المركزية للدول الصناعية ولا ندري من سيخرج منتصراً، ولكن بكل الأحوال فإن كلا الطرفين سيضطر مستقبلاً للتعامل مع أسعار نفط مرتفعة سواء عاجلاً أم آجلاً.