الدفعة الأولى من "معدن المستقبل" في سيبيريا
26.02.2015
حصل العلماء الروس على أول عينة روسية من معدن البيريليوم ذي الأهمية الاستراتيجية. وبالرغم من السرية التي أحيطت بها تقنية إنتاج هذا المعدن، تمكنت "روسيا ما وراء العناوين"، من الإطلاع على بعض التفاصيل.
التكنولوجيا الجديدة لإنتاج البيريليوم ستساعد روسيا في التحرر من استيراد هذا المعدن النادر والثمين، كما يأمل العماء في جامعة تومسك البوليتكنيكية ومجمع سيبيريا للكيمياء. وفي أواخر كانون الثاني/ يناير تم إنتاج دفعة مخبرية بحجم 100غرام.
ويخطط العلماء في المرحلة التالية لإنتاج كمية تترواح بين كليوغرام وكيلوغرامين من البيريليوم المعدني. ومن المنتظر إطلاق عملية الانتاج الصناعي في العام 2020. وتقدر الاستثمارات في بناء المصنع بحوالي 30 مليون دولار. ومن المنتظر أن ينجز تنفيذ المشروع في غضون خمس سنوات.
في حديث لـ "روسيا ما وراء العناوين" يقول نائب عميد جامعة تومسك البوليتكنيكية، ألكسندر دياتشينكو، إن "التكنولوجيا المقترحة تتميز بدائرتها التقنية المغلقة، وإمكانية استخلاص البيريليوم المعدني من المادة المركزة، والحصول أيضا على منتجات تجارية مرافقة، أي على فلوريد الكالسيوم الاصطناعي وأوكسيد السيليكون".
وتتيح التكنولوجيا الجديدة كذلك، المحافظة على فلز ثمين، هو الفلوريت. يوضح كاتشينكو أن هذا الفلز يجري "تخصيبه كيميائيا، وفي سياق ذلك يتم تخليصه من السيليكون". والفلوريت هذا يستخدم في مجال البصريات، والتعدين، والكيمياء، وغيرها من الفروع الصناعية.
ويقترح العلماء أن تستخدم، كمادة خام لذلك، المواد المركزة التي تستخرج صناعيا من منجم يرماكوفسكي.
معدن عصر الفضاء
البيريليوم أحد أثمن المعادن، فوزارات الدفاع في العالم كله تصنفه في قائمة المواد "الاستراتيجية، والفائقة الأهمية"، إذ انه يستخدم في مجالي الذرة، والملاحة الفضائية. ويتعذر من دونه صنع السلاح النووي، والتحليق على الطائرات، والتصوير بالأشعة السينية، وغزو الفضاء. ولذلك يصفه العلماء بـ"معدن عصر الفضاء"، و" معدن المستقبل".
تفيد معطيات الهيئة الأمريكية الجيوسياسية أن ثمن البريليوم الصافي يبلغ 500 دولار للكيلوغرام، علما بأن قيمة هذا المعدن تضاعفت تقريبا في العقد الأخير، بسبب تزايد الطلب عليه في السوق العالمي أساسا، ومحدودية حجم انتاجه الأولي.
وبحسب معطيات "الهيئة الجيوسياسية الأمريكية" للعام 2012 ، بلغ حجم استخراج البيريليوم 230 طنا، منها 200 طن في الولايات المتحدة الأمريكية، و 25 طنا في الصين، وبضع مئات أخرى في كازخستان. وحتى الآونة الأخيرة كانت ثلاث جهات فقط تمتلك تقنية إنتاج البيريليوم، هي مصنع أولبينسكي للتعدين في كازخستان، و Brush Wellman في الولايات المتحدة الأمريكية، وشركة SKS الصينية.
نفاد الاحتياطات الاستراتيجية
من الصعب القول الآن إن كانت التكنولوجيا الجديدة التي ابتكرها العلماء، قادرة على تغيير تناسب القوى في السوق العالمية. إن البنية التحتية لمجال الاستخراج في منجم يرماكوفسكي تعاني وضعا محزنا للغاية. "ومن الضروي إعادة تقدير الاحتياطات"، كما يشير ميخائيل بوبوف، المرشح في علوم الجيولوجيا والمعادن والاستاذ في جامعة الأورال الحكومية للتعدين والمناجم.
يضيف بوبوف إن "من المهم مراقبة التحولات التي ستطرأ، في ظل التقنية الجديدة، على الخامات من منجم مارينسكي في منطقة الأورال، التي تحتوي على سليكات آخر للبيريليوم، هو البريل". وهذا المنجم كان في العهد السوفيتي المصدر الرئيس لخامات البيريليوم. ويحتوي حتى الآن على احتياطات هامة. كما أنه لا يزال في حالة تتيح له العمل، إذ تمت المحافظة على مجمع التخصيب والتعدين من أجل الحصول على الخامات المركزة.
والبيريليوم، من ناحية أخرى، معدن سام، ما يجعل انتاجه أكثر كلفة. يوضح بوبوف أن "إنتاج البيريليوم وفق التقنيات القديمة، المستخدمة في كازخستان، على سبيل المثال، تلوث البيئة وأحواض المياه الجوفية، ولذلك تتطلب منطقة محرمة لا تقل عن 200 – 250 كم". فهل بوسع التقنية الجديدة المبتكرة في تومسك أن تجعل هذه العملية أكثر أمانا للبيئة؟ عندما ينتج العلماء الدفعة المخبرية الثانية من البيريليوم، قد نحصل على الجواب.
http://arab.rbth.com/science-and-technology/2015/02/26/29439.html