صناعة الإرهاب... "دولة الخلافة" ورواج صناعة السلاح الأمريكي
30.04.2015
يتفق خبراء متخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية، أن صناعة الإرهاب بدأت من فكر متطرف يسعى للتوسع والانتشار، يريد أن يقيم، ما يسميه "بدولة الإسلام"، ومن ثم تنتعش صناعة السلاح في الولايات المتحدة، التي تقدّر أجهزتها الاستخبارية استمرار الحرب في المنطقة لسنوات، وأنها تنتظر طلبات بالملايين من الدول التي تحارب الإرهاب وتواجه المتطرف.
ـ إرهاب يتخفى في ثياب الدين، ويخلطه بالسياسة
ـ الفكر التكفيري انتقل إلى العالمية لإقامة "دولة الخلافة"
ـ ضعف الدولة الوطنية، وغياب العدالة الاجتماعية والعدل السياسي، يساهم في تصاعد الإرهاب
ـ ثورات الربيع العربي تحولت من رغبة في الحرية إلى فوضى
ـ تقديرات الاستخبارات الأمريكية تفيد بأن الحروب في الشرق الأوسط مستمرة لسنوات
ـ واشنطن تنتظر الحصول على طلبات من العرب لشراء السلاح، لمواجهة التنظيمات الإرهابية
القاهرة ـ سبوتنيك ـ أشرف كمال
بلا شك، أن الأوضاع الداخلية في الدول العربية شكلت تربة خصبة للتطرف والإرهاب، بذريعة مواجهة الديكتاتوريات، وتخفت التنظيمات المتطرفة خلف ستار من الدين، ورفعت شعارات لها تأثيرها الملموس في أوساط شعوب المنطقة، التي اختلط على شريحة من مواطنيها، خاصة الشباب، مفهوم الفقه الديني بالسياسة، وأصل ومعنى "الجهاد"، الذي يتفق وصحيح الشريعة السمحة.
إرهاب يتخفى في ثياب الدين
وأوضح الباحث في الإسلام السياسي، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، في حديث لـ"سبوتنيك"، أن الإرهاب لا وطن له ولا دين، والمشكلة الأساسية للإرهاب أنه يأتي مغلفاً بالدين السمح، وهنا يختلط الدين بالسياسية، ودائماً ما تختلف أحكام الدين مع السياسة، ومن الصعب أن يتم الربط بين ما هو ديني وما هو سياسي، وبالتالي فإن إقامة حياة سياسية على أساس ديني غير سليم، ستؤدي حتماً لظهور أخطاء كثيرة.
وبين أن الكيانات الإرهابية، التي تغلف عملها بثوب الدين، تضع الجميع أمام تحديات كبيرة، تتمثل في الخطاب الديني، والمفهوم الشرعي السليم للنصوص الدينية، فضلاً عن التحدي الفكري، وأن الفكر المتطرف، عندما تتبناه جماعات، يخلق خرائط تمركز لهذه الجماعات، وكذلك ينشئ أجيالا جديدة مختلفة في الفكر والمنهج، وهذا يشكل تحدياً أمنياً في حد ذاته.
واعتبر فرغلي، بأن "الفكر التكفيري" انتقل إلى العالمية لإقامة "دولة الخلافة"، وأنه، ولأول مرة، يتم تنفيذ ذلك "الفكر" على الأرض، حيث باتت له "دولة حقيقية" على أراض في العراق وسوريا، ولها مؤسساتها هناك، بالإضافة لوجود "إمارات إسلامية"، في إدلب، حيث يسيطر تنظيم "جبهة النصرة"، فضلاً عن تنظيم "بوكو حرام" في نيجيريا، و"الشباب" في الصومال، وأن "الفكر الإرهابي يتجاوز اليوم الاستراتيجيات القديمة".
وأكد أن التنظيمات الإرهابية تنجح في المناطق التي تسيطر عليها الفوضى، وفي البيئات الفاشلة، وأن تنظيم "داعش" يستهدف الأقليات، سواء بالقتل أوالتهجير، وبالتالي استدراج القوى الخارجية للتدخل، أو اندلاع حروب أهلية في الداخل، وتعم الفوضى، التي تسمح للتنظيم بالتوسع وتحقيق أهدافه.
انهيار الدولة وغياب العدالة الاجتماعية
ويرى المفكر الإسلامي المصري، الخبير في الجماعات الإسلامية ناجح إبراهيم، أن من أسباب بروز التنظيمات المتشدة، ضعف الدولة الوطنية، وغياب العدالة الاجتماعية والعدل السياسي، وعدم التطور وانعدام الرعاية الإنسانية، التي خلقت تميزا طبقيا وتخلفا تعليميا وثقافيا وصناعيا، وتراجع معدلات التنمية، مؤكداً بأنه "مع ضعف الدولة نشأت الجماعات والمليشيات".
وأعتبر الباحث في الإسلام السياسي ماهر فرغلي، أن تنامي هذه "الصناعة" له أسبابه، والتي تأتي في مقدمتها الدكتاتوريات، وعدم تداول السلطة، والتقسيم غير العادل للثروات، فضلاً عن فشل ثورات "الربيع العربي".
ويرى الخبير في الجماعات الإسلامية محمد محمود أبو المعالي، في حديث لـ "سبوتنيك"، أن صناعة الإرهاب، وتنامي ظهور الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية، يعود إلى تراكمات كبيرة، بدأت مع حالة الانحطاط الثقافي في العالم الإسلامي، والشروع في مسار الصدام بين الحضارات، خاصة الحضارتين الغربية والإسلامية.
وأضاف، "الديكتاتورية في المنطقة العربية، والتدخل الخارجي، والإرهاب، كل يخدم الآخر، فالجماعات المتطرفة تأتي بحجة محاربة الديكتاتورية، والتدخل الخارجي يأتي بذريعة محاربة التطرف والقضاء على الحركات الإرهابية، وفي بعض المناطق يأتي التدخل الأجنبي بحجة مواجهة الديكتاتورية، فيظهر الإرهاب والتطرف".
فشل ثورات الربيع العربي
ولفت المفكر الإسلامي ناجح إبراهيم إلى أن، ما يعرف بثورات الربيع العربي، تحولت من رغبة في الحرية إلى فوضى، وكان هناك من يريد هدم مؤسسات الدولة، حتى تلك المهترئة، والتي كانت تخضع لتحقيق مصالح الأنظمة الحاكمة، فانهارت المؤسسات والجيوش في اليمن وليبيا، وكان الخطأ الأكبر، الذي ارتكبه الحاكم المدني الأمريكي "بول بريمير" في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، بقيامه بحل الجيش وترك الدولة تنهار وتنقسم.
وأضاف أن "الجماعات المتطرفة، نشأت في غيبة الدولة، وأصبحت أقوى منها"، وأشار إلى واقع الأمور في العراق وليبيا، واليمن، ولبنان، وأن العرب وجدوا أنفسهم أمام وضع جديد، حيث تواجه الدول خطر التقسيم، وتقوم جماعات مسلحة باحتلال مناطق، وتسيطر عليها وتمارس فكرها على المواطنين.
السلاح الأمريكي والفوضى في الشرق الأوسط
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير نشرته في 18 أبريل/نيسان 2015 ، أنه "على خلفية انزلاق الشرق الأوسط إلى حروب بالوكالة (حروب تنشأ عندما تستخدم القوى المتحاربة أطرافا أخرى للقتال نيابة عنها)، ومواجهات طائفية، ومحاربة للإرهاب، وبدأت دول عدة في المنطقة، كانت قد كدست في مخازنها أسلحة أمريكية، في استخدامها وطلب غيرها".
ونتيجة لهذا، يُتوقع أن ينشط "مقاولو الصناعة العسكرية الأمريكية"، الذين يسعون إلى إبرام صفقات في المنطقة، في العصر الذي انخفضت فيه ميزانية البنتاغون، وبروز تهديد تطور سباق تسلح جديد وخطير في منطقة تغيرت فيها خارطة التحالفات من الأساس.
ونقلت عن مصادر في الصناعة العسكرية الأمريكية في الكونجرس، بأنهم "ينتظرون الحصول على طلب من الحلفاء العرب المحاربين لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كالسعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين، والأردن، ومصر، بشراء آلاف الصواريخ من الصناعة الأمريكية، وقنابل وأسلحة أخرى، بغرض تجديد إحتياطي السلاح"، الذي بدأ يستهلك في العمليات القائمة في المنطقة.
وأضاف التقرير أن "تقديرات وكالات الاستخبارات الأمريكية، أفادت بأن الحروب في الشرق الأوسط قد تستمر لعدة سنوات، الأمر الذي سيزيد من طلب تلك الدول على شراء الطائرات الأمريكية المقاتلة، وخاصة "أف 35"، التي تعتبر مشروع الأسلحة الأغلى في العالم، ولم تطرح بعد للبيع للحلفاء العرب، وذلك بغرض الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل".
"وعلى ضوء التغيرات في ميزان القوى في المنطقة، قد تتغير الأمور".
يتبع…
http://arabic.sputniknews.com/news/20150430/1014150309.html