على الرغم من اتفاق وقف النار الحالى الذى تم التوصل إليه لدواعى إنسانية، فإن العملية العسكرية التى تقوم بها السعودية فى اليمن تدخل الآن شهرها الثانى دون أن تلوح نهاية لها فى الأفق أو أية علامة على أن أى من الأطراف على استعداد للتفاوض.
وأضافت الكاتبة أن التدخل قد تسبب فى دمار بالغ فى اليمن وعمق من الانقسامات بين الفصائل المنقسمة بالفعل على نفسها فى اليمن وأسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا البشرية ونزوح عدد آخر ناهيك عن أنه لم يفعل أى شىء لتحقيق الاستقرار فى البلاد.
وترى الكاتبة أنه من الناحية العسكرية فإن السعودية لم تحقق أهدافها. ومع ذلك، ولفهم السبب وراء التدخل، فإنه يجب النظر إلى أفعال السعودية من منظور أوسع يشمل كل من أهدافها الداخلية والإقليمية. ومن هذا المنظور فإن التدخل العسكرى السعودى يحقق المصالح الحالية للسعودية من عدد من الجوانب بغض النظر عن النتيجة العسكرية.
وذكرت الكاتبة أن عملية التدخل السعودية التى بدأت فى 25 مارس تحت اسم “عاصفة الحزم” كان لها هدفان واضحان: استعادة “الحكومة الشرعية لليمن برئاسة عبد ربه منصور هادى وصد ما تعتبره المملكة تجاوزات إيرانية فى اليمن من خلال هزيمة الحوثيين الذين تنظر إليهم الرياض على أنهم مجرد دمية تحركها أيادى إيرانية.
وترى الكاتبة أنه على الرغم من أن هذين الهدفين هما المعلن عنهما فى اليمن فإن هناك هدفين آخرين يعتبران المحركين الحقيقيين للسياسة الداخلية والخارجية السعودية منذ الانتفاضات العربية وهما: ضمان استقرار النظام وسحق أية حركات مناهضة للنظام فى المنطقة وتستطيع تعريض مثل هذا الاستقرار للخطر.
وتعتقد الكاتبة أنه فى ضوء هذه الأهداف الأربعة جميعا يتعين علينا تقييم التدخل العسكرى السعودى فى اليمن. وأضافت الكاتبة أنه بسبب الأحداث التى وقعت مؤخرا فى المنطقة لاسيما الدعم الإيرانى للاعبين المتنوعين فى سوريا والعراق، فإن السعودية على استعداد للمبالغة فى رد الفعل على مثل هذا التهديد واستغلاله فى تعزيز شرعيتها فى الداخل وتبرير تطلعاتها الإقليمية.
وتابعت الكاتبة تقول إنه من المنظور السعودى فإن إيران هى الفائز الأكبر منذ عام 2011، فلا يزال حليفها فى سوريا يتشبث بالسلطة ولا يزال حزب الله يتمتع بالقوة ناهيك عن انخراط طهران بالفعل فى قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتكاد أن تتوصل إلى اتفاق نووى مع الولايات المتحدة الأمريكية، أى أن مركز الجاذبية السياسية يميل صوب إيران.
وأضافت الكاتبة بأنه فى الوقت نفسه اهتزت السعودية جراء الربيع العربى والانتفاضة فى المنطقة الشرقية منها وهو ما يجعلها أكثر حساسية حيال التهديدات المحتملة.
وترى الكاتبة أن السعودية لا ترغب فى أن يشكل الحوثيون جزءًا من السلطة فى اليمن لأن ذلك من شأنه أن يهدر الفرصة السانحة أمام السعودية لكى تصبح لاعبا عسكريا على الصعيد الإقليمى. فعلى الرغم من أن السعودية كانت على الدوام قوة مالية فضلا عن إنفاقها العسكرى الضخم فإن الحوثيين نجحوا فى إلحاق الهزيمة بها خلال العقد الماضى.
وأفادت الكاتبة أنه بغض النظر عن أن الحوثيين هم دمية بين أيدى الإيرانييم من عدمه فإن القصف السعودى لهم هو رسالة تبعث بها السعودية لإيران مفادها أنها على استعداد لقتال عملاء طهران فى المنطقة.
وترى الكاتبة أن السعودية تريد أن تصبح وجها لهذه الحرب لكن هذا لا يعنى أنها تستطيع الاستغناء عن الشركاء فى التحالف. وعلى الصعيد الداخلى فإن التدخل السعودى فى اليمن يؤتى ثماره لآنه جعل السعوديين يلتفون حول زعامتهم وأذكى المشاعر الوطنية السعودية.
وترى الكاتبة أنه من جوانب عديدة فإن السعودية حققت بالفعل أهدافها خاصة الرسالة التى تبعث بها لإيران.
المصدر