في ساحة المعركة ليس لزامًا على الطرفين المتصارعين القتال وجهًا لوجه، وليس لزامًا أن تكون الساحة واحدة، بل يمكن إدارة الصراع بوسائل عنكبوتية التعقيد في ساحات بعيدة كل البعد عن الساحة الأصلية للقتال.
يوم الإثنين الماضي أعلنت وحدة الصحافة الاستقصائية في شبكة الجزيرة الفضائية عن امتلاكها لمئات الوثائق الاستخباراتية عالية السرية من العديد من أجهزة المخابرات وشبكات التجسس في العالم، الوثائق – التي تسربت للجزيرة وتنشرها بالتعاون مع الجارديان البريطانية- هي عبارة عن تحليلات تفصيلية وتقارير معلوماتية كتبها عملاء تابعين لجهاز أمن الدولة (SSI) في جنوب أفريقيا، التحليلات والبرقيات عبارة عن مراسلات سرية ثنائية وواسعة النطاق بين جنوب أفريقيا وبين المخابرات المركزية الأمريكية CIA والمخابرات البريطانية MI6 ومخابرات رئاسة الوزراء الإسرائيلية (الموساد) والمخابرات الروسية FSI والإيرانية وأجهزة أخرى على امتداد العالم وصولًا إلى كوريا الشمالية وملفات رصد كاملة لبعض أنشطة عدد كبير من دول العالم فيما يخص ثلاثية (الهيمنة الاقتصادية/ المعلوماتية/ صناعة السلاح).
إحدى أول التسريبات التي أعلنتها الجزيرة – في فيديو قصير لم يتعد الأربع دقائق- كانت عن مراقبة عملاء الـ SSI الجنوب أفريقيين للسفارة الإيرانية والعاملين فيها، وإعدادهم لملف سري عن إيران وقدراتها الاستخباراتية من مائة وثمانٍ وعشرين صفحة كاملة، الملف ركز بشكل كامل على رصد أنشطة إيران الأفريقية، وكيفية استخدامها لأنشطة اقتصادية وتجارية كغطاء فعال لنشاطها المخابراتي في جنوب أفريقيا تحديدًا!
كان هذا مثيرًا للاهتمام؛ مما دفعنا لتقصي الطريق للوصول لتصور فعال عن دور إيران في أفريقيا، واستراتيجيتها، وما الذي تحاول فعله بالضبط في القارة التي يتصارع على مواردها العالم بأكمله.
[size=38] حاصر حصارك[/size]
لنرجع مرة أخرى إلى عقيدة الأطراف لتوضيح أصل اتجاه إيران لأفريقيا، فطهران التي تعزلها الولايات المتحدة منذ عام 2005 بسبب برنامجها النووي غير السلمي “على حد المزاعم الأمريكية” لا يمكنها أن تقف لتشاهد أعداءها الإقليمين والتاريخيين والعقديين يتمددون في ساحات الصراع بدون أن تحاول التمدد بدورها لتحافظ على سلطتها، لذلك، وفي عزلتها يبدو الخيار الأمثل هنا هو “عقيدة الأطراف”، الخيار الاستراتيجي الأفضل لأقطاب العالم حاليًا.
المصطلح، الذي صاغه وأطلقه ديفيد بن جوريون مهندس الدولة الصهيونية، يقدم لك السبيل الأمثل كـ(دولة) للخروج من فخ حصار قوة مهيمنة أو قوى لك، باستعمال العقيدة فإن الدولة المحاصَرة تستطيع تجاوز الحصار بأن تمد أذرعتها إلى مساحات محيطة بالدولة المحاصِرة أو بعيدة عن سيطرتها الكلية، باختصار (حاصر حصارك).
الجمهورية الإسلامية، إحدى أكبر دول العالم مساحة وصاحبة الموقع الجيوسياسي الفريد، وإحدى مراكز القوى الخمسة العالمية في النفط والغاز الطبيعي، هذه الجمهورية عندما قررت أن تفك حصارها لم يكن هناك أنسب لها من أفريقيا، ساحة الصراع الثانية عالميًّا والمورد الطبيعي الأكبر للكوكب، ويبدو هذا جليًا في ما مضي من سنوات، حيث تمتلك طهران الآن سفارات في أكثر من ثلاثين دولة أفريقية سيكون آخرها المغرب التي ستعيد علاقتها الدبلوماسية قريبًا مع طهران في تطور مفاجئ، وتفتح سفارتها في الرباط بعد القطيعة الشهيرة بينهما في 2009، فضلًا عن أنها عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي أكبر منظومة إقليمية؛ حيث يضم 54 دولة.
يوضح الأمر أكثر الرئيس الأوغندي يوفه كاكوته في تصريحه أوائل الشهر الحالي عندما قال: (الجمهورية الإسلامية الإيرانية اعتمدت دومًا سياسة قائمة على حسن النية تجاه أفريقيا، وأنها من أهم أصدقائنا وشركائنا التجاريين).
الأهم، أن إيران تجبر المنافسين على التشتت، وتوسيع دائرة نشاطهم وإنفاق موارد أكبر بكثير لمواجهة طهران في ساحات معركة غير الساحة الأصلية، مما يعني ذلك بالنسبة للدول المعادية أو المنافسة من حياد عن الهدف وتخفيف مدهش لحدة الضغط على طهران.
[size=32]السؤال الأهم الآن هو: ما الذي تريده إيران تحديدًا في أفريقيا؟ وما الذي تعطيه في المقابل؟[/size]
[size=38]أ – اليورانيوم[/size]
مشكلة إيران الكبرى التي تتعارض مع طموحها لتكون دولة عظمى أنها دولة فقيرة باليورانيوم، ومخزونها – القديم- منه بمعدل تسارعها النووي الحالي على وشك النفاذ في الأعوام القادمة (مخزونها حصلت عليه من كيب تاون في 1970)، والولايات المتحدة تضيق الخناق على مصدري اليورانيوم الأساسيين لطهران (أوزباكستان/ كازخستان/ البرازيل)، ومع برنامج طموح يستهدف بناء ستة عشر مفاعلًا نوويًّا في السنوات التالية، ولذلك، تمثل أفريقيا لها كنزًا حقيقيًّا كقارة ترقد على جزء ضخم من الاحتياطي العالمي له، المعدن الأساسي في هذا المجال سواء باستخدامات سلمية أو بتخصيبه لصناعة القنابل النووية، حيث احتياطاته عالية جدًا في جنوب أفريقيا والنيجر ومالاوي وناميبيا وزيمبابوي وأوغندا، وهي الدول التي تتجه إليها إيران وتضعها على أولوية سياساتها الخارجية.
في 2006، كشفت إحدى وثائق (ويكي ليكس) المسربة أن الولايات المتحدة تلقت تقريرًا استخباراتيًّا من سفارتها في دار السلام (عاصمة تنزانيا السابقة) أن يورانيوم الكونغو ربما يمر من تنزانيا عن طريق شركتين سويسريتين للشحن ثم يصل إلى إيران، يفسر هذا بعدها الاهتمام الأمريكي الشديد بتوقيع اتفاقية مع الكونغو الديموقراطية تهدف لمنع الاتجار في المواد النووية بهدف قطع الطريق على طهران، وحينها كان تحاول مجموعة (Areva) عملاق الطاقة الفرنسي أخذ نصيب من الكعكة النووية أيضًا بحسب تسريبات ويكي!
في 2007، تم اكتشاف اليورانيوم في غينيا علي يد الشركة الأسترالية (مورتشيسن يونايتد) وبطبقات سمكها من سبعة أمتار إلى أربعة عشر مترًا وهو سمكٌ ضخم، مما أدى إلى تحولها من دولة هامشية لمحط أنظار الدول النووية، حينها بدأت إيران مباشرة في برنامج للتعاون الاقتصادي مع غينيا ليرتفع هذا التعاون في عام 2010 بنسبة 140%!
بعدها مباشرة، وفي نفس عام وصول برنامج التعاون الاقتصادي مع غينيا لهذا الحد زار أحمدي نجاد هراري (عاصمة زمبابوي) ليعقد اتفاقًا مع روبرت موجابي بموجبه توفر زمبابوي بطاقة خضراء لطهران لتصل إلى يورانيوم خام تقدر كميته بـ 455 ألف طن على مدار خمس سنوات، في صفقة كانت في حينها تحديًا سافرًا وضربة لجهود الأمم المتحدة في عرقلة البرنامج النووي الإيراني.
تستمر تحذيرات بعض الساسة الأمريكيين من أيدي إيران التي تنبسط بثقة وبتمدد ملحوظ على موارد اليورانيوم في بلاد وسط أفريقيا، وهم يرون أن إنفاق الوقت والمال والمجهود على منع الدول الأفريقية من إمداد طهران بالمعدن أفضل بكثير من محاربة البرنامج النووي بفيروسات كمبيوتر لم تدمر إلا 10% أو أكثر بقليل من أجهزة الطرد المركزي الأحد عشر ألفًا التي تزعم وكالات المخابرات الغربية أن إيران تمتلكها.
[size=38]بـ -اقتصاد موازٍ وقوة ناعمة[/size]
علاقات تجارية متبادلة وصلت لأكثر من مليار دولار، الرقم الذي قد لا يبدو ضخمًا هو بشكل ما باب مهم من أبواب الدخول الإيراني لتحقيق أهداف أخرى قد لا تتحقق إلا عن طريق الاستثمار والشراكة التجارية.
يمكن فهم الشبكة من خلال تتبع الدبلوماسية الإيرانية في السنوات الأخيرة، حيث اتجهت لتعاون مفتوح يضمن ترابطًا اقتصاديًّا في القارة بأكثر مما تفعل الولايات المتحدة أو إسرائيل التي تحاول جاهدة إحباط مخططات التوسع تلك، مثلًا منذ 2005 وحتى نهاية مدة أحمدي نجاد منذ أكثر من عام، فإن الرئيس الإيراني الأسبق قام بخمس جولات أفريقية موسعة آخرها كان في 2013؛ حيث قام بزيارة غانا وبنين والنيجر قبل أن تنتهي ولايته.
يبدو الاهتمام الإيراني بأوغندا أوضح، مثلًا، وبعد تاريخ لا بأس به من الدعم الدبلوماسي الأوغندي لبرنامج إيران النووي أمام مجلس الأمن في 2010، ومشاريع اقتصادية ممولة وفي أواخر العام الماضي زار العميد (إسماعيل أحمدي مقدم) قائد الشرطة الإيرانية أوغندا ليوقع بروتوكول تعاون بمقتضاه تقوم إيران بتدريب شامل للشرطة الأوغندية ورفع كفاءة مع بناء مركز طبي للضباط بتكلفة تصل إلى مليون ونصف دولار، بينما في مستهل هذا الشهر غادر (محمد جواد ظريف) وزير الخارجية الإيراني طهران لجولة أفريقية رباعية تشمل بروندي وتنزانيا وأوغندا بالطبع، وبدأها بنيروبي العاصمة الكينية.
أما جنوب أفريقيا فيكفي ذكر التعاون الوثيق بين إيران وبين عملاق الاتصالات هناك (MTN) حيث تسيطر المجموعة الجنوب أفريقية الآن على 45% من سوق الاتصالات في الجمهورية الإسلامية بعد أن أعطتها طهران ترخيص العمل، وهو التعاون الذي روجت Turkcell (عملاق الاتصالات التركي) أنه فقط لتسهيل وصول طهران لبعض من تكنولوجيا الأسلحة الجنوب أفريقية وقاضت (MTN) قبل أن تخسر المجموعة التركية القضية!
وبما أن نجاد هو أول رئيس إيراني يتجه لأفريقيا بهذا الشكل قبل أن يترك منصبه، فإن أحد أهم ما ساعده على توثيق العلاقات وتطويرها واستقباله بحفاوة في كل دولة زارها هو رئاسة إيران لحركة عدم الانحياز، الحركة التي تأسست فعليًّا في عام 1955، وتضم الآن 118 دولة وثماني عشرة دولة كمراقب و10 منظمات، والتي كانت تضم جميع دول أفريقيا قبل انفصال جنوب السودان الذي لم ينضم للحركة حتى الآن.
وتُولي طهران اهتمامًا خاصًا للصومال، حيث من جهة تدعم بشكل غير مباشر حركة الشباب (فرع تنظيم القاعدة هناك)، وهو ما يبدو غريبًا لوهلة لكنه حاجز جيد لمواجهة النفوذ الأمريكي هناك، فضلًا عن أنها لم تنس الحكومة فتعهدت ببناء مرفق طبي إيراني يماثل تطور العيادة الإيرانية الشاملة في أكرا (غانا)، وهو أيضًا يعتبر تحديًا للنفوذ التركي المتنامي في مقديشو.
[size=38]جــ – قــوة بحريــة وأســلحــة[/size]
عندما تريد إيران أن تنقل أسلحة فإنها تفعلها ببساطة تناسب حرية الدولة البحرية، تغادر السفن جنوب الجمهورية الإسلامية نزولًا في بحر العرب وصولًا إلى المحيط الهندي، من هناك يمكنها أن تصل إلى أي شاطئ بطول سواحل أفريقيا الشرقية، يمكنها أن تبحر في البحر الأحمر وصولًا للسودان، ومع النقل البري تصل إلى البحر المتوسط لإكمال الرحلة، عن طريق المهربين بالطبع.
إحدى أقوى مميزات طهران هي حدودها البحرية، فمن الشمال يحدها بحر قزوين أهم منطقة نفطية مستقبلية على سطح الأرض لما يحتويه تحت قاعه من احتياطات نفطية وغاز طبيعي هائلة، ومن الجنوب الغربي نجد الخليج الفارسي ووصول سريع ومضمون لسواحل دول الخليج العربي بالكامل، من الجنوب الشرقي الخليج العماني ثم بحر العرب مما يعطي وصولًا لـ (عمان/ اليمن/ الصومال) وخليج عدن لنصل إلى البحر الأحمر، أو المحيط الهندي بطول ساحل أفريقيا الشرقي أو جزء من الجنوب الغربي الآسيوي!
إيران التي تتمتع بـ 12% من مساحة بحر قزوين تطالب بمد حدودها إلى 20% منه وتدافع عن حقها في ذلك. وفي 2012، أطلقت طهران المدمرة (جامران 2) فضلًا عن إعادة زرع ألغام في مساحة لم تعرف على وجه الدقة من البحر، بينما تشارك روسيا علاقات بحرية وثيقة ضمن علاقتهما التعاونية المعلومة ضد إطار تقوده الولايات المتحدة، فنجدها مثلًا أعطت الحق لسفن البحرية الروسية بالدخول والرسو في قاعدة بندر عباس المهمة استراتيجيًا للتحكم في مضيق هرمز في جنوب إيران، والأهم أن هذا يعطي حرية حركة واسعة النطاق للبحرية الروسية للانتشار السريع الآمن في المحيط الهندي أحد مفاتيح الطرق البحرية العالمية، بينما على الجانب الآخر يتصاعد التعاون بين الصين وطهران، فالصين تستهلك النفط الإيراني باستمرار مقابل تعاون وثيق في مجالات التكنولوجيا العسكرية، حيث تعطي شنغهاي البحرية الإيرانية (IRIN) المعدات العسكرية اللازمة لتقوية ترسانتها على عكس ما يشاع من انحسار دور الأيرين.
تتمدد البحرية الإيرانية في أفريقيا بانتظام، منذ أن بدأت IRIN تشارك في بعثات مكافحة القراصنة في خليج عدن وترسو على سواحل الصومال، فضلًا عن العلاقات الحميمة مع إريتريا التي تدعم تنظيم القاعدة في الصومال (حركة الشباب)، وهي بذلك تحاول التضييق على النفوذ الإسرائيلي المتنامي هناك.
في 2011، عبرت سفينتان حربيتان إيرانيتان قناة السويس وهو الحدث الذي أثار الداخل المصري بعد الثورة، حيث يعتقد أن السفينتين كانتا تحملان أسلحة موردة لنظام بشار الأسد ضمن دعم طهران له ضد الثورة، فضلًا عن علاقتها الحميمة بالسودان، ويذكر في هذا الصدد انفجار أكتوبر 2012 حيث انفجرت منشأة أسلحة كاملة في الخرطوم ليوجه النظام السوداني أصابع الاتهام مباشرة إلى إسرائيل، وبعدها بأيام قليلة جدًا وصلت سفن حربية إيرانية للخرطوم كتداعٍ للحادثة!
منذ أسبوعين قام معهد الدراسات التنموية والدولية العالي بجنيف السويسرية عن طريق المشروع الاستقصائي (مسح الأسلحة الصغيرة) SAS بتتبع أصول ومصادر توريد الأسلحة في أحد أكثر المناطق الملتهبة في العالم وهي حدود دولتي (السودان، وجنوب السودان) في عصر ما بعد التقسيم، حيث تنتشر الميليشيات هناك والاقتتال الأهلي برغبة في السيطرة على منطقة غنية بالنفط كتلك؛ مما تسبب في تهجير نصف مليون سوداني تقريبًا، ووجدت أن جزءًا لا يستهان به من هذه الأسلحة إيرانية الصنع!
تجني إيران ثمرة علاقتها الاستراتيجية المتينة بالخرطوم، من جهة فهي المسئولة – حسب مصادر في الأمم المتحدة أعطت المعلومات لـ SAS- بمفردها عن 13% من واردات الأسلحة للسودان بالكامل من 2001 وحتى 2012، في علاقة نادرة مع حكومة تصنف على أنها سُنية، على الجانب الآخر كما ذكر بالأعلى تسمح الخرطوم للبحرية الإيرانية باستخدام بعض موانيها البحرية، ويمكن كذلك في السياق ذكر دعم طهران للخرطوم بعدد من طائرات الأبابيل الإيرانية بدون طيار للمراقبة، وتم العثور على حطام بعضها على الحدود المشتركة في الدولة المقسمة.
وبعد، على المدى القريب لا يبدو أن إيران تكتفي بدور المشاهد، وإنما تحاول بقدر الإمكان مواجهة النفوذ الإسرائيلي الأمريكي المتنامي في القارة، وأن تفك الحصار، وتحاصر حصارها وتجد لنفسها موطئ قدم في القارة الأغنى طبيعيًّا في العالم.
موقع ساسة بوست
المصادر
برقيات التجسس.. تقارير تستعرض وثائق سرية حصلت عليها الجزيرة
برقيات التجسس: أنشطة إيران السرية في أفريقيا
برقيات التجسس: أنشطة إيران السرية في أفريقيا
الاختراق الإيراني الناعم لأفريقيا
Mahmoud Ahmadinejad’s African Safari
Iran's Bid for Africa's Uranium
Uranium being smuggled via EA to Iran WikiLeaks
IRANIAN NAVAL AND MARITIME STRATEGY
This map shows how Iranian weaponry is making Sudan one of