----------------------------------------------------------------------------------------------------------
يوم 8 فبراير، سافر كولن باول و ديك تشيني و بول ولفويتز الى الرياض لحضور اجتماع مع كبار القيادات العسكري في الجيش لعرض تفاصيل الخطة النهائية. احب ان اشارك بعض المقتطفات من هذه الاجتماعات لنعرف جزءا من طريقة تفكير القيادة في المعركة القادمة:
1- لم تتأثر احكام مستشارين الرئيس بموضوع اختلاف ارقام المخابرات المركزية عن تقديرات الجيش من حجم الدروع العراقية التي دمرت. و اعطي الامر لتقدير رئاسة الاركان.
2- اوضح كولن باول لتشيني ان المدفعية العراقية (و هو صنف السلاح الوحيد الذي كان للعراقيين فيه تفوقا واضحا على الامريكان حتى هذا اليوم) ستكون عديمة الفائدة. السبب الاول هو ان معظمها ليست ذاتية الحركة بل يجب قطرها. مما يقيد الحركة. ثانيا انها في مواضعها الثابتة لن يكون بمقدورها ملاحقة حركة القوات المشتركة. ثالثا، ابقى القصف الجوي على قطع المدفعية ضباط السلاح بعيدين عن اسلحتهم بما يمنعهم من تخطيط الرمايات و عمل المسوحات و القياسات اللازمة. و بالتالي فالمدفعي العراقية عمياء من الناحية العملية.
بدأ الاجتماع في اليوم التالي. و كانت تعليمات شوارتزكوف للاركان واضحة: اي معلومة يطلبها مستشار الرئيس تعطى له في الحال. و بدأ الجنرالات عرض موقف كل سلاح:
2- سلاح الطيران تعهد بأكثر من مئة غارة جوية على ساحة المعركة كل ساعة!
3- البحرية عرضت خطة الهجوم البرمائي على الشعيبية لو احتاج الامر. و بعد مناقشة طويلة من باول حول عدد الخسائر المحتمل استنتج - مثل شوارتزكوف- ان هذه العملية لن تتم الا في الضرورة القصوى.
4- شرح مشاة البحرية اندفاعهم جنوب مسرح العمليات نحو الشمال باتجاه مدينة الكويت. و مرة اخرى طلب منهم باول عدم الاندفاع نحو اقوى مناطق الدفاع العراقية خوفا من الخسائر. كل ما هو مطلوب منكم اشغال العراقيية عن الفيلقين المندفعين من الغرب.
5- الاستخبارات توقعت ان يقاتل العراقيون من مبدأ الدفاع الثابت. و لكن قد تقوم بعض الوحدات بالمناورة ومحاولة عمل الدفاع الايجابي و الهجوم المرتد. و امطر باول و تشيني ممثل الاستخبارات باكثر من 12 سؤال حول تقديراتهم لخسائر العراقيين - محور الخلاف مع المخابرات المركزية. كيف يتم الحساب، لماذا يتم الاستعانة بتقارير الطيارين، مدى دقة هذه التقارير، هل يستخدم العراقيون اهداف مزيفة كدبابات؟ الخ. بعد حوالي 45 دقيقة من الاجابة على هذه الاسئلة اوضح الجنرال انه لو ضاعفت القوات الجوية مجهودها سيصبح للعراق نصف القوة التي دخل بها الحرب يوم 21 فبراير. التفت شوارتزكوف على هورنر (عمليات جوية) و سأله هل هو قادر على هذا؟ رد عليه، انه يمكنه ان يحقق اكثر من هذا خلال اسبوعين.
الاجتماع المسائي كان مخصصا لعمليات الجيش البرية:
6- شرح الجيش قدرات الفرق ال 11 العراقية التي تواجه الفيلق السابع الامريكي. و شرح الجنرال فرانكس كيف ينوي تجاوز 5 فرق مشاة. ضرب الاحتياطي المدرع خلفها و من ثم قتال الحرس الجهوري خلفها. و قد طالب الجنرال ب 3 اسابيع من التمرين بالنار قبل البدء بالهجوم بمجرد تكامل العتاد. و تكلم الجنرال لساعة بينما الوقت المخصص كان حوال نصف ذلك. مما اثار سخط شوارتزكوف الذي لم يكن يظن الكثير بالجنرال فرانكس على اي حال و وصفه بالبطيء كثير التفكير والتردد بشكل مرضي.
7- شرح الجنرال غريفيثس قائد الفرقة الاولى مدرعة خطط قواته و كانت الخطة هي الانعطاف عند البوسية و التوجه شرقا لضرب الحرب الجمهوري. و هنا اوقفه باول و سأل عن احتمال اعاقة قواته جنوبا قبل الوصول للبوسية. و هنا رد الجنرال انه لا يتوقع ان توقفه القوات العراقية عن هذا و لكن لو حصل فسوف تتدخل القوات المجوقلة - الفيلق 18. و قد اشار الجنرال لمشاكل محتملة في: الذخيرة، قطع الغيار، الوقود، و البسة و اقنعة للحماية من الكيماوي.
8- اخيرا و ليس اخرا، نصل للجنرال مكافري. نجم من نجوم القيادات العليا في الجيش (من ضمن 400 جنرال). حيث كان اصغر قائد فرقة في تاريخ الجيش، و له سجل مشرف من الشجاعة في فيتنام حيث كاد ان يفقد ذراعة في هجوم للسرية التي يقودها على تحصينات العدو. و منذ بداية الخريف كان مكافري يتوقع ان يتم هزيمة الجيش العراقي بفيلق واحد (من اصل 3 شارك بها الامريكيون) فقط خلال اسبوع! كان دور الفرقة 24 مدرعة ان تدخل المنطقة بين قاعدتي الطليل و بلد و التقدم نحو الحرس الجمهوري نواحي البصري. و قد قدّر ان يطلق 17000 طن من الذخيرة وان يصرف 2.5 مليون غالون وقود في الهجوم. و كان صريحا في تقدير خسائره: حيث قدر ان يخسر بين 500 و الفين مقاتل (من اصل 26 الف) اثناء الهجوم و هو يميل للجانب الاقل. سألة تشيني من اين اتى بالرقم.
10 كتائب، كل كتيبة فيها 4 سرايا = 40 سرية
كل سرية ستخوض معركتين = 80 معركة
كل سرية ستخسر 25 جندي في المعركة كمعدل لو قاوم العراقيون بقوة. و خسارة السرية 25 جندي في المعركة هو ثمن مقبول.
بعد عدة اسئلة قال تشيني للجنرال: انا اقدر هذا العرض جنرال، لكن ما اريد ان اعرف هو التالي: مالذي يقلقك انت في هذه الحرب؟
و رد الجنرال ببطئ: انا انسان حريص جدا. و قد جرحت في القتال 3 مرات. و ابني في الفرقة 82 المجوقلة. و اقول لك انه لا يوجد شيء يدعو للقلق في هذه الحرب:
اولا: الجيش حديث العتاد والعقيدة القتالية
ثانيا: اللوجستيات في ماكنها
ثالثا: معنويات القوات ممتازة
اتوقع ان نقضي على العراقيين خلال 10 -14 يوم. لا اشعر بالاطمئنان لذكر ذلك لك، لكني اظن ان العراقيين ليسو جيدين جدا. "
انتهى الاجتماع العام، و في الاجتماع الخاص تم منافشة ساعة الصفر. اقترح شوارتزكوف يوم 21 فبراير مع عدة ايام هامش احتياطا للجو. و قد حثه كولن باول على الاسراع ﻷن معدل صرف سلاح الجو للذخيرة مرتفع. و قد كان الثلاثي مرتاحا من عزم شوارتزكوف على الاسراع بالعمل بعد ان كانوا يتندرون على "حملة ال 365 يوم الجوية" قبل 3 اشهر. و قد المح شوارتزكوف من قبل للرئيس انه سيستقيل لو ضغط عليه سياسيا ليقوم بالهجوم قبل اتمام استعداد قواته البرية. و كان السؤال الفخ: "هل سنستفيد اي شيء لو مددنا الحملة الجوية بعض الوقت؟" الذي سأله ولفويتز ليمنح شوارتزكوف الفرصة ﻷن يطلب مزيدا من الوقت. و رد شواتزكوف، "كلا نحن جاهزون".
و قبل العودة توقف تشيني و باول في خميس مشيط في زيارة لسرب F-117 و قاموا بالتوقيع على احدى القنابل الليزرية الموتجهة للجبهة:
"الى صدام - مع محبتي. ديك تشيني، وزير الدفاع"
"الى صدام - لم تحركها و الان سوف تخسرها" رئيس الاركان.
و يظهر مما سبق حجم الثقة الكبيرة التي كان يملكها القادة بقدرة جيشهم. فحتى الان لم يبد العراقيون ما يوجب القلق منهم. فقد دمر سلاحهم الجوي بدون اي خسائر تذكر و انتظر العراقيون حشد قوات العدو بدون اي ضربه استباق او استراتيجية دفاعية منطقية. و لكن اشد المتفائلين لم يتوقع انهيار الجيش العراقي بالسرعة التي تمت!
المصدر: R. Atkinson - Crusade