يثير موضوع "الأسلحة الذكية" ديناميكية نشطة في أوساط الصناعات الدفاعية في الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي والعالم. ويطرح هذا الموضوع تساؤلات عدة عن الحقبة الجديدة التي يتحضر لها مجال الدفاع مستقبلاً.
و تتنوع الاسلحة الذكية لتشمل الوحدات المختلفة، ابتداء من السلاح الناري الذكي الى الأسلحة الثقيلة، وهي تستخدم تقنيات متنوعة تتضمن ادوات استشعار، ادوات قياس، قدرات تقصي ذاتية، تقنيات مجهرية وغيرها من الإمكانات التي تعمل على تحسين مستوى الأمان أثناء الاستعمال.وهناك أنماط مختلفة من السلاح الناري الذكي، حيث أنها تقوم على فكرة ليست بالجديدة، بل ترجع إلى السبعينات من القرن العشرين.ومن المؤكد ان الأسلحة الذكية باتت تمثل قوة تدميرية ذات اهمية كبرى، تتسابق على اقتنائها معظم الجيوش بالرغم من تكلفتها العالية. فبالإضافة الى قدراتها وحسن أداءها وتميزها، فهي أيضاً تتمتع بخصائص توجيه لناحية أهدافها بدقة بالغة، فضلا عن سرعتها الكبيرة التى زادت عن سرعة الصوت، مما جعل الأهداف أمامها عاجزة تماماً عن المراوغة أو الهرب.تطورت قوة الصواريخ الذكية وتفوقت على قوة ّالصواريخ أو القذائف التقليدية. فعلى سبيل المثال، في الحرب العالمية الثانية
(1939 - 1945م) كان تدمير هدف حيوي مثل أحد الجسور يتطلب أكثر من مائة طائرة، تقوم بأسقاط ما يزيد عن الف قنبلة من العيار الثقيل، وكان لزاماً على المهاجمين ضرب المنطقة كلها لا الهدف فقط. أما فى مرحلة حرب فيتنام، فقد كان يتطلب قصف أحد الأهداف المماثلة نحو
50 طائرة.
والجدير بالذكر أن الأسلحة الذكية، أو الأسلحة دقيقة التوجيه سواء أكانت صواريخ، قنابل او غيرها، باتت تعتمد على العديد من التقنيات المتطورة، مثل البرامج الإلكترونية - مروراً بالذكاء الاصطناعي وأشعة الليزر والالياف الضوئية - وانتهاءاً بأنظمة الملاحة الدقيقة.فما يخص اجهزة الكمبيوتر التي تعتمدها الاسلحة الذكية، فتتم برمجتها مع نظام الذاكرة لحفظ المعطيات، كما وتطوير برامج خاصة بالصواريخ الدقيقة - والتي هي أحد أساسيات الأسلحة الذكية بإستخدام تقنيات الذكاء الصناعي - على أن يجري اختبار أدائها جوا من حيث التنوع والتعقيد. هذه الصواريخ قادرة على التقاط صور سريعة للمشاهد الأرضية عند مرورها فوقها لحظياً، ومن ثم يقوم الباحث بمعالجة الصور الرادارية التي تختلف عن بعضها، مقارنة بالصور السابق تخزينها رقمياً.اما تعريف نظام التحكم فى الاسلحة الذكية، فهو القدرة على توجيه السلاح من نقطة الإطلاق، وحتى الهدف المطلوب فى نهاية المسار. وبغض النظر عن نوعية السلاح، فإن عملية التحكم يمكن تحقيقها بواسطة مجموعة من النظم الفرعية التي تشمل أهم الخصائص، مثل نظامي التوجيه والتحكم والاستشعار عن بعد، وذلك لتعقد الظروف التى قد تحيط بالهدف من نظم الاتصالات التي توفر قدرات متنوعة يمكن استغلالها فى المجالات الدفاعية.
وقد يتطلب الأمر تغيير البرمجة فى الميدان القتالي نتيجة تغير الظروف والأوضاع فى مسرح العمليات، فالأسلحة الذكية تعمل تلقائياً - وقادرة على اتخاذ قراراتها الذكية - الأمر الذى يؤكد صعوبة ودقة تطوير مثل تلك البرامج.الأسلحة الذكية لا تستخدم الا من خلال الجيوش الذكيةان فكرة إنشاء الجيش الذكي صغير الحجم عظيم القدرات، مع أهمية القيمة النوعية للقادة وللقوات معاً، يعتبر أحد أهم الأسس التى يبُنى عليها الجيش الذكي أينما كان، لما هو معروف من أن النجاح فى المعارك لا يتحقق إلا من خلال المقاتلين الأشداء نفسياً وبدنياً، ومن خلال الاسلحة الذكية التى لا تستخدم الا من قبل الجيوش الذكية.ولا تشكل هذه الاسلحة إلا جزءاً من مقومات نجاح الجيش الذكي فى ميدان القتال، مع العلم ان الاتجاهات الحديثة تتطلب السعي لزيادة التطور الذي يحدث في مجال تحديث الأسلحة، وأن تتوافر العناصر من المستويات البشرية المستخدمة لها والقائمة دوماً على صيانتها. ومن جهة اخرى تقوم العديد من الدول بوضع برامج وخطط بشرية - على اساس انه يجب توفير درجات عالية من حيث التدريب المستمر للفرد - مما يجعله على الدوام قادراً على التعامل مع التطور التقني الذى بات معمماً على مستوى العديد من انظمة الاسلحة التي تقع بين يديه، وتمكنه من التعامل معها والتحكم فيها والسيطرة عليها.
وهنا تبرز أهمية القيمة النوعية باتساع مسرح العمليات من الناحية الجغرافية، والذي يجب على الجيش الذكي الاستعداد له، فى حين تقل اعداد القوات والآليات تدريجياً.فبالمقارنة بين حجم القوات التى تستخدم فى مناطق المعارك، نجد أنها تقل مع مرور الوقت. ففي الحرب العالمية الأولى، كانت إحدى الفرق العسكرية التى يقارب عددها خمسة عشر الف جندي قادرة على التمركز فى مساحة تقارب خمسة وعشرين ميلاً مربعاً، وأما في الوقت الحالي، فإن احتياج تلك الفرقة العسكرية للاراضي لا يقل عن مائة ميل، وذلك لأن عملية تحرك القوات باتت تتسم بالسرعة على الأرض، ويتم ذلك من خلال وحدات قتالية صغيرة، ولن يكون هناك حاجة إلى ما كان يعرف عسكرياً بخط المواجهة.