~*¤ô§ô¤*~العسكرية الإسلامية~*¤ô§ô¤*~
قصص لها دلالتها:
في معركة القادسية فوجىء المسلمون في اليوم الأول للمعركة بظهور الفيلة في مقدمة جيش الفرس ،وكانت الفيلة بحجمها وصراخها المرتفع تخيف خيول المسلمين فتتراجع الخيل أمامها، وبسرعة خاطفة تشاور قادة المسلمين، وأعدوا خطة للتغلب على الفيلة، فجاءوا في مقدمة جيشهم بجمال ضخمة وربطوا كل جملين معا وكسوهما بثوب واحد حتى بدت الجمال كأنها وحوش هائلة، وأخذ الرماة على الجمال يصوبون سهامهم الى عيون الفيلة، فأصيبت الفيلة بالذعر فألقت بالجنود من فوقها وعادت وهي تدهس كل من في طريقها من جنود الفرس، وبهذا انقلبت الهزيمة الى نصر.
ومن أشهـر الخطط العسكرية في التاريخ والتي مازالت تدرس حتى اليوم في كليات أركان الحرب، ما فعله محمد الفاتح في فتح القسطنطينية، فقد وصل بسفنه المحملة بالمدافع الضخمة إلى مضيق الدردنيل، فوجد أن البيزنطيين قد سدوا المضيق بمجموعة من السلاسل الضخمة التي تمتد بين الشاطئين تمنع السفن من العبور ولكن هذا لم يفت في عضد هذا القائد العبقري ولم يوقف تقدمه، فقد قرر أن يقوم بأكبر عملية نقل أسطول بحري في التاريخ وقام الجيش كله بسحب السفن على أعمدة خشبية وضعها على البر، والتف من خلف السلاسل ونزل الأسطول في البحر مرة أخرى وفوجىء البيزنطيون بحركة الالتفاف التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ كله، فلأول مره في التاريخ العسكري يجرؤ قائد على نقل سفنه البحرية بما تحمله من مدافع ثقيلة ومؤن وعتاد، ويصعد بها قمة الجبل، ثم يهبط بها الي البحر ليواجه عدوه، وكانت نتيجة المفاجأة ان سقطت المدينة في قبضته بأقل الخسائر..
فهذه القصص تدلنا بوضوح على أن تفوق المسلمين الحربي وانتصاراتهم التاريخية لم تكن نتيجة الحماس والشجاعة وحدهما، ولكن كان هناك تنظيم وترتيب، وكان هناك تخطيط ومكيدة، وكانت هناك خبرة بفنون الحرب
العسكرية الإسلامية عقيدة وعلم
العسكرية الإسلامية.. تلك الظاهرة التي ولدت عملاقة، فلم تمر بمراحل التطور الطبيعية، والتي حيرت المحللين العسكريين، وكتاب التاريخ في كشف اسرارها.
لقد كانت شعوب العرب جماعات غير منتظمة ولا مدربة من بدو الصحراء ومع ذلك فقد تفوقوا فجأة على أعتى جيوش العالم في عصرهم،وأكثرها تدريبا وأحسنها سلاحا وعددا.
كان تعدادهم لا يزيد عن واحد إلى عشرة من تعداد عدوهم في أكثر المعارك ، وكان سلاحهم بدائيا في صنعه ومعدنه،وكانت ملابسهم مهلهلة ، فهي أقرب إلى ملابس البادية منها إلي عدة الحرب، ومع ذلك فقد هزموا جنود الفرس والرومان الذين كانوا مدججين بأحدث الأسلحة من قمة رأسهم إلى أخمص قدميهم، وكانوا متخمين بأطيب الطعام، ويغدق عليهم ملوكهم الأموال بغير حساب، حاربوا جيوش الإمبراطوريتين في وقت واحد وهو أمر يخالف أبسط القواعد العسكرية، ولم يكتفوا بمواجهتهم في المعارك البرية التي عرفوها بل طاردوهم في البحر الذي لم يعرفوه أبدا، وانتصروا عليهم في (ذات الصواري) وأسروا أسطولهم البحري الذي لم يذق طعم الهزيمة قبل ذلك أبدا فتعال ننظر بالتحليل العلمي ما هو سر هذه العسكرية الإسلامية، وكيف انتصر الحفاة العراة الجياع رعاة الشاة علي أعظم إمبراطوريتين في عصرهم في معارك خاطفة وحاسمة، وما هي عوامل النصر.؟
تقوم العسكرية الإسلامية على عنصرين هامين لا يستغنى عن أحدهما على حساب الآخر.. العقيدة والعلم ، فلا ريب أن للعقيدة الإسلامية الفضل الأول في التفوق العسكري لدى المسلمين الأولين.. فأهم سلاح للجندي المقاتل هو معنوياته، وكثيرا ما يرى الإنسان رجلا صغير الجسم ضعيف البنية. ولكنه قوي العزم والإرادة، فيهزم رجلا أعظم منه بدنا وأكثر وزنا ، وقوة ولكنه فاقد العزم والإرادة، وقد لعبت العقيدة الإسلامية دوراً كبيراً في الفتوحات الإسلامية الكبرى لم تلعبه أي عقيدة قبلها أو بعدها، وذلك لأنها العقيدة الوحيدة التي تربط بين الدين والدنيا، وتجعل للمجاهد في سبيل الله إحدى الحسنيين.. إما النصر والعزة في الدنيا، وإما الشهادة والجنة في الآخرة، وقد حرص الإسلام على تربية أبنائه على روح الثقة بالنفس، والثقة بالنصر، فكان يقول لهم "وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " وحذر جنود المسلمين من روح الهزيمة والتقهقر، إلا أن يكون منحازا إلى فئة، و متحفزا لقتال ،وهو يجعل الموت أمرا هينا ما دام في سبيل الله وفي طاعة أوامره، فإن من ورائه حياة أخرى أعظم وأفضل من حياة الدنيا.
مفهوم الحرب في الإسلام
أو العقيدة العسكرية الإسلامية:
ملحوظة هامة ... الجانب الشرعي الذي ضمنه كاتب المقال و هو الدكتور محمد خضر من جامعة عمان بالأردن لم يذكر مصدره و لذلك فهو رأيه الذي يؤمن به و أنا شخصيا لا أدين لله به و إنما أنشره امانة و ليس هو الهدف الأصلي من نشر البحث ... و هذا أيضا لا يعني اعتراضي عليه لكن بعض كلامه في الجانب الشرعي لا أعتقد صحته ... راشد
من المهم هنا قبل أن نتكلم عن العلوم العسكرية في الإسلام أن نشرح نظرة الإسلام إلى الحرب، ونلخص هذا المفهوم في عدد من النقاط الرئيسية: ــ
أولا
أن السلام هو الغاية والهدف.. والحرب إحدى وسائل تحقيق السلام وفي ذلك يقول القرآن الكريم.
- "ادخلوا في السلم كافة" البقرة 208
- "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" الأنفال 61.
- "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا" النساء90.
ثانيا
أن الحرب في الإسلام نوعان:
1- دفاعية: لحماية أرض المسلمين وعقيدتهم، وفي ذلك يقول القرآن:
ـ "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " البقرة 194
- "ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة "واحدة "النساء 102 ) .
ـ وخذوا حذركم ".
- "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا" الحج 39"
2 - هجومية: وليس الهدف منها الغزو والاستعمار وقهر الشعوب أو إكراه الأمم على اعتناق الدين، ولكن الهدف تحرير إرادتها وحريتها لكي تختار الدين الحق.. دون قهر من الحكام أو الغزاة وفي ذلك يقول تعالى:
- "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ".
- "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " البقرة 25 .
- ثالثا: أن الشدة في القتال لا تعني القسوة ولا الوحشية ولا الظلم، فقد أمر المسلمون بالشدة في القتال بمعنى العزم والحزم وعدم التراجع فقال: "ولا تولوهم الأدبار".
"حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " محمد 47
" جاهد الكفار و المنافقين واغلظ عليهم ".
وفي نفس الوقت أمروا بالرحمة والعدل والرفق بعد الانتصار فقال تعالي:
"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا".
"فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها".
"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ".
"ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ".
كان هذا هو الجانب العقائدي تحدثنا عنه بإيجاز شديد وبقي الجانب الآخر الذي هو موضوعنا الرئيسي من هذا البحث وهو الجانب العلمي من العسكرية الإسلامية.
فعندما نزل أمر الله للمسلمين بالجهاد.. لم يكلهم إلى عقيدتهم وحدها، ولم يكتف بمعنوياتهم العالية، بل قال لهم (وأعدوا) والأمر بالإعداد هنا لا يقتصر على السلاح وحده.. بل يشمل التنظيم الشامل المتواصل للحرب ماديا ومعنويا، وابتداء من تعليم الضبط والربط والنظام، إلى التدريب المتواصل على كل الأسلحة، إلى دراسة الخطط الحربية إلى معرفة جغرافية المناطق والمواقع.. ثم الحرص على الأسلحة الحديثة والمتطورة والتدريب عليها.. ومنذ اللحظة الأولى لنزول الأمر بالجهاد.. ابتدأ الرسول صلى الله عليه و سلم يعلم أتباعه ويعدهم للانطلاقة الكبرى لنشر الدين في أقصى بقاع الأرض بل كانت تعاليمه صلى الله عليه و سلم بمثابة مدرسة لتخريج القادة العظام لا من جيله فحسب بل على مر العصور والأجيال.
النظام و الانضباط في الجيوش الإسلامية
كان بدو الصحراء لا يعرفون النظام.. ومن الصعب عليهم أن يقفوا في صف احد.. أو صنع طابور.. فجاء الإسلام ليربيهم تربية جديدة فيها النظام وفيها دقة المواعيد.. وفيها الطاعة والضبط والربط فأمرهم بالوقوف في صف واحد للصلاة.. الكتف في الكتف والقدم بجوار القدم لا يتأخر أحدهم عن أخيه ولا يتقدم، وينذرهم بأن (الله لا ينظر إلى الصف الأعوج) أي أن الصف كله يتحمل وزر من يخالف النظام من أعضائه، وعلمهم المحافظة على المواعيد، إلى حد الدقيقة والثانية فإذا أذن المؤذن للصلاة لا يتغيب أحد ولا يتقاعس أحد، ولو كان تجارة أو طعام لانفضوا عنه لكي يستجيبوا إلى داعي الرحمن وإقامة الصلاة، ومن هنا فقد تعلم جنود المسلمين الضبط والربط ودقة المواعيد لأن هذه كلها من أصول العبادات ومن أوامر الدين التي يؤدونها كل يوم خمس مرات في حياتهم اليومية..
ولا يقتصر هذا الانضباط في الإسلام على فريضة الصلاة وحدها، بل إن كل فرائض الإسلام الأخرى من حج وصوم وزكاة.. تربي المسلم على معنى الانضباط والالتزام.
وبفضل هذه التربية لم يكن من الصعب على قادة المسلمين إعداد الجيوش في أيام معدودة، أو تجميع الإمدادات وإرسالها أو تحريك الكتائب لمباغتة العدو في فترات قياسية، ففي الجيوش العادية يجازى من يتخلف عن التجنيد بالغرامة أو السجن، أما في جيوش الإسلام، فإن الجزاء أشد من ذلك بكثير، إنه خسارة دينه ودنياه، وحرمانه من نعيم الجنة، وتحضرنا هنا قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن نداء الجندية في عهد الرسول.. بغير مرض ، ولا عذر قاهر، فلما اكتشفوا هول الخطأ الذي ارتكبوه في حق دينهم ودعوتهم وابتعد عنهم الناس وقاطعوهم حتى زوجاتهم وأولادهم، فضاقت بهم الدنيا بما رحبت ولم يجدوا ملجأ من الله إلا التوبة له.. وكادوا أن يهلكوا لولا أن نزل عليهم أمر الله بالعفو والغفران وإنذارهم ألا يعودوا لمثلها أبدا، فكانت تلك الحادثة قدوة وعبرة للأجيال من بعدهم ألا يتخلف احد عن داعي الجهاد، ولا يتأخر.
ومع مضي الزمن، وتطور الحروب الإسلامية والفتوحات كان النظام والطاعة من العوامل الرئيسية في انتصارات المسلمين، فكان الجندي المسلم لا يستطيع أن يخالف قائده أو يعصي أمره، أما القادة فكانوا فيما بينهم مثال، التواضع والزهد في المناصب، والبعد عن الغيرة الشخصية وجو الدسائس ،وعندما حاصر المسلمون مدينة القسطنطينية على عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك وهو الحصار الذي استمر شهورا متوالية.. كان في الجيش جميع أمراء بني أميه.. ومنهم المرشحون للخلافة، ومع ذلك فقد كان القائد يعاملهم كأي، جندي عادي.. ويوقع عليهم من المسئوليات والواجبات بل وأيضا العقوبات كأي جندي آخر.. وهذا مثال راق لما وصل إليه المسلمون من الضبط والربط.