الحبيب بورقيبة (
3 أغسطس 1903 -
6 أبريل 2000)، أول
رئيس للجمهورية التونسية. وهو زعيم وطني ومجاهد ضد الاستعمار
الفرنسي لتونس.
سيرة حياتهولد في
حي الطرابلسية بمدينة
المنستير الساحلية، من عائلة من الطبقة المتوسطة (أبوه ضابط متقاعد في حرس الباي)، وكان أصغر ثمانيه إخوة وأخوات، تلقـّى تعليمه الثـّانوي
بالمعهد الصادقي فمعهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى
باريس سنة
1924 بعد حصوله على
الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة
1927، وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
تزوج للمرة الأولى من
الفرنسية ماتيلد وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاما، وكانت أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في
الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بحوالي 12 سنة، و هي التي أنجبت له ابنه الوحيد
الحبيب بورقيبة الابن، وطلقا بعد 22 عاما من الزواج.
تزوج للمرة الثانية من
وسيلة بن عمار رسميا في
12 أفريل العام
1962 وهي تونسية، في احتفال كبير بقصر المرسى. وسيلة بن عمار الثائرة التونسية التي قادت عددا من عمليات النضال الوطني ضد الاستعمار، حتى ألقي القبض عليها عام
1948 وسجنت. وتعرف عليها في
القاهرة حيث عاش بورقيبة في إحدى الشقق في شارع نوال
بالدقي.
الكفاح الوطنيانضم إلى
الحزب الحر الدستوري سنة
1933 واستقال منه في نفس السنة ليؤسس في
2 مارس 1934 بقصر هلال الحزب الحر الدستوري الجديد رافقه
محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة.
تم اعتقاله في
3 سبتمبر 1934 لنشاطه النضالي وأبعد إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو
1936.
ثم سافر إلى فرنسا وبعد سقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها أعتقل في
10 أفريل من العام 1938 إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و
9 أفريل 1938، ونقل بورقيبة إلى
مرسيليا وبقي فيها حتى
10 ديسمبر 1942 عندما نقل إلى سجن في
ليون ثم إلى حصن "سان نيكولا" حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى
نيس ثم إلى
روما، ومن هناك أعيد إلى تونس حرا طليقا في
7 أفريل 1943قرر الهروب إلى المنفى الاختياري إلى
القاهرة في مارس 1945، وزار من هناك
الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى تونس في
8 سبتمبر 1948 وسافر من جديد إلى فرنسا سنة
1950 ليقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة
والهند واندونيسيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة
والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في
2 جانفي 1952 معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا ولما اندلعت الثورة المسلحةالتونسية في
18 جانفي 1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملاؤه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في
1 جوان 1955 ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في
3 جوان 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي. وهي الاتفاقية التي عارضها الزعيم
صالح بن يوسف واصفا إياها أنها خطوة إلى الوراء مما أدى إلى نشأة ما يعرف بالصراع "البورقيبي
في
20 مارس 1956، تم توقيع وثيقة الاستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الاستقلال. في
13 أوت 1956، صدرت
مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر من أهم أعمال الزعيم بورقيبة حيث أنها تضمنت أحكاما ثورية كمنع
تعدد الزوجات وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، ولا تزال هذه المجلة تحظى إلى اليوم بسمعة تكاد تكون أسطورية.
بورقيبة في التاريخألقاب كثيرة أطلقت على الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مثل "الزعيم" و "
المجاهد الأكبر" و "صانع الأمة" لكن الألقاب المثيرة هي تلك التي لاوجود لها في القاموس السياسي مثل "الرئيس الأبدي" و "الباي الجمهوري" أي الأمير الجمهوري حسب وصف الكاتب التونسي الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة .. سيرة شبه محرمة"، فقد كان الزعيم التونسي "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير، لقد جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي
والمقيم العام الفرنسي ما بأنفسهم" لم يكن دمويًّا على طريقة الأنظمة العسكرية والفاشية، لكنه قرر إعدام العديد من معارضيه ببرودة شديدة، حدث ذلك مع "اليوسفيين" في مطلع الاستقلال، وعندما تدخل عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية "قفصة" الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامره من الغد بتنفيذ حكم الإعدام على 16 منهم.
أظهر شراسة شديدة في مواجهة خصومة السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح، لقد استغَلَّ تأسيسه للدولة واحتكاره لها ليُجْهِزَ على المؤسسة الزيتونية الإسلامية رغم ضعفها، ويطارد من عُرِفُوا باليوسفيين الذين وقفوا مع الكاتب العام للحزب
صالح بن يوسف، فقتل العديد منهم، واعتقل الآلاف، ولم يُغْلِق هذا الملف إلا بعد
اغتيال زعيمهم اللاجئ
بألمانيا. كما استغل
محاولة الإنقلاب التي استهدفته عام
1962 ليجمد
الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، مستعينًا في ذلك بالإتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الحزب الدستوري إلى درجة قبول التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه وعلى قيادته. ومع تبني
الاشتراكية في الستينيات، غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم.
على صعيد السياسة الخارجية، تحالف مع الغرب وكان من أوائل السياسيين العرب الذين رحبوا بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ففي خطاب ألقاه في شهر مايو 1968م قال "إننا نعتبر أن نفوذ
الولايات المتحدة الأمريكية يشكل عنصر استقرار يحمي العالم من نوع من الأنظمة الاستبدادية. دون أن يدخل في نزاع مع
الاتحاد السوفييتي، رفضا قاطعا إقامة علاقات اقتصادية وعسكرية معه، معتبرا أن دخول خرطوشه واحدة من هذا المعسكر قادرة على أن تفتح الباب واسعا أمام الخبراء والأفكار "الهدامة" حسب تعبيره، بل أنه صرح أكثر من مرة في خطبه الرسمية بأن "المعسكر الإشتراكي لن يستمر طويلا في الحياة، وأن سقوطه أمر محتم." وبنى علاقات جيدة مع الأنظمة الملكية والخليجية. شهدت علاقاته مع
عبدالناصر توترات مستمرة، حيث اختلف معه في الخطاب والأيديولوجيا ومواقف من قضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين، ذات مرة قال "لو خيرت بين
الجامعة العربية و
الحلف الأطلسي لاخترت هذا الأخير". كما كان حذرًا من
حزب البعث، وحال دون امتداداته التنظيمية داخل تونس، ثم تجدد صراعه مع
القذافي، ورأى فيه شابًّا "مُتَهوِّرًا" في السياسة، وكان يخشى أن تُطَوَّق تونس بتحالف ليبي - جزائري، لهذا وثق علاقاته مع فرنسا والولايات المتحدة، وعندما
تسربت مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من
الجزائر، وسيطرت على مدينة
قفصة في يناير 1980، استنجد بباريس وواشنطن الذين قدما له مساعدات عسكرية ولوجستية، مكَّنَت النظام التونسي من إنهاء التمرد بأقل
التكاليف