قالت صحيفة سلات الفرنسية أنه بعد الأحداث الدامية التي تشهدها سوريا، أصبح من السهل إدراك كيف استطاعت النخب السياسية في عام 1914 أن تساهم في اندلاع الحرب العالمية الأولى مع كامل اقتناعها بأنها فعلت ذلك دفاعاً عن مصالحها الوطنية.
وأشارت الصحيفة في عددها الصادر اليوم إلى إن هذه المقارنة ليست دقيقة تماما، إذ أن التحالفات التي تربط الأطراف الأساسية للشرق الأوسط الحالي ليست متداخلة ومتشابكة مثل تلك التي كانت قائمة بداية القرن الماضي، كما أن نظام التعبئة والحشد ليس بالقوة التي كان عليها في بدايات الحرب العالمية الأولى.
ويضع القادة الحاليون نصب أعينهم دائماً مثال الحرب العالمية الأولى، فهم يدركون الأّثار الكارثية لأى نوع من أنواع التصعيد والتداعيات الخطيرة لأى حرب بدون حدود يمكن أن تندلع لكنهم لا يستخلصون على الدوام الدروس الجيدة المستفادة من الماضي.
وأضافت الصحيفة أن منطقة الشرق الأوسط على شفا حرب مثلما كانت أوروبا منذ ما يقرب من 101 عام، إذ أن بها خليطاً من الأنظمة الضعيفة وميليشيات يُقدر عددها بالآلاف وكذلك مجموعات متنوعة من الثوار وكل فصيل يتلقى الدعم من قبل القوى الكبرى التي يقدم البعض منها السلاح في حروب غير مباشرة والبعض الأخر يقدم الدعم لمجرد تحقيق مصالح مشتركة متجنباً التورط بصورة لافتة ومتزايدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي أوباما قام بتوجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة منذ عام مع تصميمه على تركيز جهوده في العراق ووضع سوريا في المرتبة الثانية، وكانت النتيجة أن تغلل التنظيم في سوريا ،الأمر الذي دفع أوباما إلى تدريب وإعداد الثوار المعتدلين لكي يظهر على الأقل للقادة السنة في المنطقة أنه يفعل شيئاً في سوريا، لكن هذه الاستراتيجية قد انقلبت عليه مع سحق الثوار المدربين في أرض المعركة بفعل الطائرات والصواريخ الروسية، مما وضع أوباما في موقف حرج للغاية يتطلب منه إما اتخاذ قرار بالعدول عن سياسته الحالية وانتهاج سياسة أكثر اعتدالا تجاه هذا الملف لتجنب تصعيد الصراع أو قبول التحدي والانغماس بصورة متزايدة في الأزمة السورية عن طريق تقديم مزيد من الأسلحة للثوار. ويُخشى من أن يؤدي الخيار الأول إلي تخلي أوباما عن الحلفاء الذين يطالبون الولايات المتحدة بمزيد من التدخل في سوريا أما الخيار الثاني قد يؤدي إلى اندلاع صراع مع روسيا.
وأضافت الصحيفة أنه خلال الأسابيع الماضية، أرسل الرئيس الروسي بوتين طائرات حربية ودبابات، وربما قوات متطوعة فى سوريا لدعم نظام بشار الأسد حليفه السياسي العسكري الوحيد خارج حدود دول الاتحاد السوفيتي السابق. وخلال الأيام الأخيرة، ذهب بوتين بعيداً وقام بإطلاق صواريخ عابرة للقارات مداها 1500 كم من سفن راسية في بحر قزوين ضد أهداف للثوار من بينهم مجموعات معتدلة تقوم الولايات المتحدة و بعض الدولة بدعمها.
وأكدت الصحيفة على أن بوتين لن يستمر طويلاً في هذه الحرب منفرداً ذلك بسبب قلة خبرته في الحملات العسكرية الحاسمة وعدم قدرته على نشر المزيد من القوات البرية بسبب وجود الكثير من جنوده في أوكرانيا.
ومن جانبهم توقع بعض المتخصصين في شئون المنطقة أن ضربات بوتين هذه ستجذب المزيد من الإسلاميين إلى القتال في سوريا أو على الأقل قد تدفع الثوار المعتدلين الذى تم قصف قواعدهم إلى التطرف.
و من جانب آخر فإن خطط أوباما التي تهدف إلى هزيمة تنظيم الدولة عن طريق ممارسة الضغوط العسكرية والدبلوماسية بهدف إقصاء بشار من السلطة والبدء في مرحلة انتقالية نحو حكومة سورية لا ترتكب مجازر ضد شعبها، سوف تواجه صعوبات، إذ أن هزيمة تنظيم الدولة سوف تحتاج إلى عملية مشتركة من العديد من القوات في المنطقة من بينها إيران وجيش النظام السوري، وهذا ما ترفضه إدارة أوباما لأسباب سياسية واضحة تتعلق بتجنب الخلاف مع حلفائها العرب من السنة، كما لا ترغب سوريا أو إيران في التعاون معها أو الاشتراك في حملتها العسكرية ضد تنظيم الدولة.
و اختتمت الصحيفة تقريرها بأن كلا من القوتين العظمتين ستواصل حشدهما لحلفائهما مما سيؤدى إلى اندلاع الشرارة الأولى للحرب العالمية الثالثة دون أن تضعا في الاعتبار أن الصراع السوري هو بداية طريق دموي سوف تنخرط فيه المنطقة برمتها ولا يعلم احد ما هي نهايته.
http://www.islamtoday.net/albasheer/artshow-15-215855.htm