عددهم بالآلاف وربما أكثر..جرائمهم أودية من الدماء وربما أغزر..ذكرهم يُزكم الأنوف قبل الآذان وربما أحقر، وصفهم وملامحهم تعجز الشعراء والرسامين، وربما أقذر.مارسيل بيجار.. كلما تلقى ضربة ازداد بطشه
في عام 2010 عندما كان الجزائريون ينتظرون انطلاق منافسة كأس العالم في جنوب إفريقيا، انطفأت نار حياة السفاح مارسيل بيجار، عن عمر فاق الرابعة والثمانين، تاركا وراءه تاريخا من الدم، وكتبا لا شيء فيها سوى الحبر الجاف الذي نسي فيه أن يقول فيه شيئا من الحقيقة.
ولد هذا الذي سمته فرنسا في حياته، ومازالت بالجنرال، في بلدة تول، وتوفي فيها في قلب فرمسا، حوّلوه إلى بطل عندما اقتحمت ألمانيا أسوار باريس، ففر كل سكانها، وبقي القليل ومنهم بيجار، وحوّلوه إلى مثال للوطنية في فرنسا، عندما سمى ابنه الوحيد الذي رزق به في 13 فيفري 1946 باسم فرنسا، أو "لا فرونس"، وعندما مات شيّعوه برغم إرهابه كما يشيّع كبار العالم إلى مثواهم.
كانت قسنطينة المدينة الأولى التي زارها هذا السفاح، في 15 أكتوبر 1955، وفي أزقتها بدأ التفكير في إجهاض الثورة في سنتها الأولى، فباشر عمليات التقتيل في منطقة قسنطينة، إلى أن تلقى رصاصة في الصدر، ونجا بأعجوبة من الموت مرتين، في منتصف عام 1956، كان رجال الثورة يراهنون على تصفيته، وكانت فرنسا تراهن على الاستعانة به لتصفية الثورة الجزائربة، فمنحته بسبب الرصاصات التي أصابته في الصدر، وفي الكبد الأوسمة، خاصة أنه ابتكر خططا ماكرة لإجهاض الثورة في منطقة القبائل، بحرق الغابات، وشراء ذمم الغلابى، وفي عام 1957 زادته شهرة وبطولات العربي بن مهيدي شهرة، ولكن في الجانب الآخر، فعذبه وقتله، وبدلا من معاقبته، تحوّل إلى كولونيل، لينال رتبة جنرال بعد الاستقلال، عندما تنقل للعمل كعسكري في الهند، ثم في مدغشقر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وبرغم النار التي أحرق بها كل جميل في الجزائر، لمدة فاقت سبع سنوات، إلا أن هناك من يطالب في فرنسا بتحويل مسكنه الخاص في باريس إلى متحف يضم سيرة الرجل، الذي اكتوى بنار الحرب، في ألمانيا والهند الصينية، وكوى بنارها الجزائريين، في مشاهد حمراء، للأسف لم تصوّر، ولكنها نقشت في قلوب الجزائريين وبعض نبلاء العالم.
جاك ماسو..رجل لا يؤمن إلا بالقتل
إلى غاية السابع من جوان 1957، كان للجزائريين أمل في أن تواجه ثورتهم بالاعتراف، ولكن دخول رجل يدعى جاك ماسو، قلب المعادلة رأسا على عقب، وأحرق كل سفن الجزائريين الحربية وصار شعارهم هو الاستشهاد من أمامكم وماسو من خلفكم، لأن الرجل بمجرد أو وطأت قدماه الجزائر، حتى تلقى بطاقة بيضاء من الرئيس روبير لاكوست، ليفعل ما بدا له، المهم بالنسبة إليه هو أن يخمد نار الحرب الجزائرية، بكل الوسائل غير المشروعة دوليا، فكانت الفاتورة أثقل حتى أن هناك من يتحدث عن عشرات الآلاف من القتلى، بأمر من هذا السفاح الذي كان يقول عنه الفرنسيون بأنه لا يتقن شيئا في الحياة سوى القتل.
دخل ماسو العاصمة، وكان أول امتحان يتعرض له هو مظاهرات 13 ماي 1958، حيث طبق عمليات ترهيب جديدة، أسكت بها الشارع العاصمي لبعض الوقت، ونال بها وسام جنرال أمام دهشة العالم، بل إنه اتهم الحكومة الفرنسية بالتقاعس عن إخماد الثورة، إلى درجة تأنيبه واستدعائه إلى باريس لسماع أقواله، وعاد إلى الجزائر حاملا مزيدا من بطاقات إفعل ما شئت، ولسوء حظه فإن الكثير من ضحاياه من الجزائريين، مازالوا على قيد الحياة، ومنهم المناضلة الشهيرة آحريز إيغيل، والكثيرات من جميلات الجزائر بين قتل واغتصاب وتنكيل بهن.
توفي جاك ماسو في عام 2002 عن عمر جاوز 96 عاما، وهز العالم ثم أقعده بسرعة، عندما بعث كتابه حقيقة حرب الجزائر، إذ بمجرد قراءة سطوره الأولى نتأكد بأن الرجل نصب نفسه محاميا على نفسه، فظل يحاول تبرئة ساحة نفسه من جرائم، دليلها الأكبر أن أربعة آلاف شخص في زمنه بقوا ومازالوا لحد الآن في عداد المفقودين، فقد صال وجال جاك ماسو في كتابه دون الإجابة عن مصير هؤلاء فكان كتاب الحقيقة لا حق فيه.
بول أوساريس..عقدته شهر نوفمبر الذي ولد فيه
في السابع من نوفمبر من عام 1918، ولد السفاح بول أوساريس، وعندما دخل الجزائر ظنا منه بأنه سيجهض ثورتها، صارت عقدته هي الشهر الذي ولد فيه، وهو شهر الثورة نوفمبر، كانت أولى المهمات القذرة التي أوكلت لهذا الرجل السفاح، الذي لم شهد التاريخ مثيلا له، في سكيكدة عام 1955 إجهاض المظاهرات التي صنعت يوميات الشمال القسنطيني، تلقى الرجل رسالة واضحة من رئيسه ريني كوتي بضرورة تصفية الأفلان بأي وسيلة يراها ولو بالمجازر، وهو ما جعل الرجل يتحوّل إلى سفاح، لم يقتل الجزائريين فقط، وإنما أيضا الفرنسيين النزهاء الذين رفضوا المجازر ومنهم صديق الجزائر أودين، حيث اعترف السفاح في أواخر حياته، أي قبل موته منذ سنتين بأن جماعته وبأمر منه هي التي قتلت المناضل الشيوعي أودين بطعنات خنجر، لأجل إلصاق التهمة بالعرب، على حد تعبير السفاح ولأجل إرهاب كل الثوار.
[rtl]ما قيل عن هذا السفاح أكده هو نفسه، فحتى الكتب التي روى فيها حياته كانت تحكي ألم الجزائريين وجنون الرجل، ومن أشهر كتبه التي ظهرت في الألفية الجديدة، كتاب مهمات خاصة الجزائر، روى فيها جنونه بقلمه من دون خجل ولا تزييف، مابين سنتي 1955 و1957، والذي نشر أولى مقاطعه في جريدة لوموند الفرنسية في عام 2001 فأثار ضجة من غضب الفرنسيين، إلى درجة أن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك ثار غاضبا، وأمر بسحب مقالات أوساريس لأنها تسيء لفرنسا وتشوّه صورتها، التي تزعم الحرية والمساواة، وتنسى جرائمها التي بصم عليها بول أوساريس أحد صانعي الدم، في مذكراته، وورط كل الرؤساء الفرنسيين، الذين حكموا فرنسا في عهد استعمارها للجزائر، وجعل من هروب فرنسا من الاعتذار لا معنى له، مادام سفاحوها يعترفون بذلك..بل يفتخرون أيضا. [/rtl][rtl]
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/260305.html[/rtl]