[rtl]بركة خان هو زعيم القبيلة الذهبية، أو مغول الشمال، وابن عم هولاكو، تحالف مع الملك الظاهر بيبرس سلطان مصر والشام، أحد سلاطين دولة المماليك البحرية.[/rtl]
[rtl]وهو بركة خان بن جوجي بن جنكيز خان، وأحد سبعة أبناء لجوجي، وهم: "باتو، أوردا، شوبان، بركة، جمتاي، بركجار، توقاتيمر، وكان الابن الأكبر باتو قد ورث منصب أبيه، وأصبح زعيمًا للقبيلة الذهبية، والتي تعد أولى قبائل التتار إسلامًا، وأكثرها تعاطفًا وتأدبًا مع المسلمين. [/rtl]
[rtl]وبسبب تعاطف باتو مع المسلمين في بلاده، أخذ النصارى، خاصة الرهبان والقساوسة في بلاد المغول- وكان لهم دور وتأثير كبير على الحرب المروعة على بلاد الإسلام- في تحريض الزعيم الكبير للمغول كيوك بن أوغطاي؛ على محاربة باتو قبل أن ينتشر الإسلام في كل ربوع الشمال. [/rtl]
[rtl]وتوفي باتو سنة 650 هجرية، وخلفه من بعده في رئاسة القبيلة الذهبية ابنه حرتق، الذي لم يعش طويلاً حتى توفي، وانتقلت الرئاسة لعمه بركة خان، وذلك سنة 653 هجرية.[/rtl]
[rtl]دخول بركة خان الإسلام:[/rtl]
[rtl]دخل بركة خان الإسلام سنة 650 هجرية، وكان من قبل مُحبًّا ومتأثرًا بالإسلام بسبب امرأة أبيه "رسالة بنت خوارزم شاه"، وقد التقى "بركة خان" في مدينة "بخارى" مع أحد علماء المسلمين، واسمه "نجم الدين مختار الزاهدي"، وكان بركة عائدًا لتوه من زيارة عاصمة المغول قرة قورم، وأخذ بركة في الاستفسار عن الإسلام من هذا العالم المسلم، وهو يجيبه بكل وضوح، فطلب بركة منه أن يؤلف له رسالة تؤيد بالبراهين رسالة الإسلام، وتوضح بطلان عقائد التتار، وترد على المخالفين والمنكرين للإسلام، فألف الزاهدي الرسالة، ودخل بركة خان الإسلام إثر قراءتها عن حب واقتناع وإخلاص، ورغبة عارمة في نصرة هذا الدين. [/rtl]
[rtl]لم يكن دخول بركة خان الإسلام كدخول آحاد الناس، بل دخل الإسلام بطلاً ملكًا سلطانًا لقبيلة مغولية، والمغول وقتها هم الكابوس المفزع للبشرية جمعاء، وللمسلمين خاصة، لذلك جاءت أعمال هذا البطل العظيم على نفس المستوى الفائق من المسؤولية والقيادة، وتحول هذا السلطان الوثني إلى جندي من أخلص جنود الإسلام، شديد الحب والتفاني في نصرة الدين وأهله، حيث ضرب أروع الأمثلة في الولاء. [/rtl]
[rtl]أهم أعمال بركة خان في نصرة الإسلام:[/rtl]
[rtl]أولاً: مبايعة خليفة المسلمين:[/rtl]
[rtl]أعلن بركة خان إسلامه، وكان أول ما فعله أن أرسل ببيعته للخليفة العباسي المستعصم ببغداد، وهذا الإجراء رغم أنه بسيط، وبه كثير من الشكلية؛ لأن خليفة المسلمين وقتها لم يكن له أي نفوذ حقيقي إلا على مساحة ضيقة من الأرض، إلا أنه يعطي صورة واضحة نحو ولاء بركة خان لسلطان المسلمين، وانضوائه تحت جماعة المسلمين. [/rtl]
[rtl]ثانيًا: إظهار شعائر الإسلام:[/rtl]
[rtl]تولى بركة خان رئاسة القبيلة الذهبية، وأخذ في إظهار شعائر الإسلام, وقام بإكمال بناء مدينة سراي، وهي مدينة سراتوف الآن في روسيا على نهر الفولجا، وجعلها عاصمة القبيلة الذهبية، وبنى بها المساجد، ووسعها حتى صارت أكبر مدن العالم وقتها، وجعلها على النمط الإسلامي الخالص. [/rtl]
[rtl]ثالثًا: غيرته على الإسلام والمسلمين:[/rtl]
[rtl]وقد ظهرت هذه العقيدة بوضوح عندما فكر القائد المغولي هولاكو بن تولوي بن جنكيزخان في الهجوم على بغداد، وكان مونكو خان بن تولوي، أخو هولاكو، هو خان المغول، وقد نال هذا المنصب بمساعدة قوية من باتو الأخ الأكبر لبركة خان. [/rtl]
[rtl]وحاول هولاكو إقناع أخيه الأكبر مونكو خان بهذه الفكرة، وبالفعل وافق على الفكرة، ورحب بالهجوم على باقي بلاد المسلمين، وبدأ هولاكو في الإعداد لذلك، وما أن وصلت الأخبار إلى بركة خان حتى التهبت مشاعره، وأسرع إلى أخيه باتو، وألح عليه في منع الهجوم على المسلمين وقال له: "إننا نحن الذين أقمنا "مونكو" خانًا أعظم، وما جازانا على ذلك إلا أنه أراد أن يكافئنا بالسوء في أصحابنا، ويخفر ذمتنا، ويتعرض إلى ممالك الخليفة، وهو صاحبي، وبيني وبينه مكاتبات وعقود ومودة، وفي هذا ما لا يخفى من القبح". [/rtl]
[rtl]وبالفعل أقتنع باتو تمامًا بكلام أخيه، وبعث إلى هولاكو يكفه عما ينويه من قتال المسلمين؛ وبالفعل أجَّل هولاكو الهجوم على المسلمين حتى وفاة باتو.[/rtl]
[rtl]رابعًا: تفريقه لوحدة التتار الوثنيين:[/rtl]
[rtl]استغل بركة خان خروج الخان الأعظم مونكو لقتال بعض الخارجين عليه واصطحابه معه أخاه قوبلاي خان، وترك أخاه الآخر أرتق بوكا مكانه لتسيير الأمور لحين عودته، فاستغل بركة خان وفاة مانغو في الطريق لإثارة الفتنة بين أرتق بوكا وقوبلاي، واتفق الجند والأمراء على تولية قوبلاي، فأرسل بركة خان إلى أرتق بوكا قوة عسكرية لمنازعة أخيه قوبلاي على منصب الخان الأعظم، وحرض أيضًا أسرة أوقطاي خان على مساعدة أرتق بوكا، ووقعت الحرب بينهما سنة 658 هجرية، وذلك قبل معركة عين جالوت بقليل، مما جعل هولاكو يعود مسرعًا من الشام لفض النزاع. [/rtl]
[rtl]واستمرت الحروب عدة سنوات، وكان بركة خان في نفس الوقت يقنع ويحث كثيرًا من جنود هولاكو بالشام على الدخول في الإسلام، والانضمام إلى جيش بيبرس؛ وبالفعل أقنع الكثيرين منهم، وتحولوا إلى حرب هولاكو. [/rtl]
[rtl]خامسًا : محالفته للمماليك:[/rtl]
[rtl]دخل بركة خان في حلف مع المماليك الذين بهروا العالم عندما انتصروا على التتار في موقعة عين جالوت سنة 658 هجرية، وكثرت المراسلات والاتصالات بينه وبين السلطان بيبرس، وكان لها أثر كبير في توجيهه لحرب هولاكو. [/rtl]
[rtl]وبالفعل اتفق بركة خان وبيبرس على محاربة هولاكو، وكتب بركة خان برسالة إلى بيبرس يقول له فيها: "قد علمت محبتي للإسلام، وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين، فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من الناحية الأخرى؛ حتى نهزمه أو نخرجه من البلاد، وأعطيك جميع ما كان بيده من البلاد". [/rtl]
[rtl]سادسًا: محاربته لهولاكو والتتار:[/rtl]
[rtl]لم يكتف بركة خان بمناصرة المسلمين، فلقد انقلب حربًا ضروسًا على التتار الوثنيين عمومًا، وعلى هولاكو خصوصًا، إذ إنه لم ينس ما فعله هولاكو بالخلافة العباسية أبدًا عندما اكتسح بجحافله بغداد، وحاول بركة خان بشتى الوسائل أن يوقف هذا المد الجارف الذي ينذر بمحو الإسلام من الوجود، ولكن لأن معظم جنوده كانوا لا يزالون على الوثنية، فقد رفضوا الانصياع لأمره بمحاربة هولاكو؛ لأنهم بذلك سيخالفون الخان الأعظم للتتار، الذي قد وافق على الهجوم على بغداد. [/rtl]
[rtl]فأخذ بركة خان في اختلاق الذرائع والحجج لإشعال الحرب ضد هولاكو، ووجد ضالته في مسألة الغنائم، حيث كان من عرف جنكيزخان القديم أن أسرة جوجي لها ثلث الغنائم التي يحصل عليها التتار جميعًا في أي معارك يخوضونها. [/rtl]
[rtl]وبالقطع لم تكن الغنائم دافعًا لـ بركة خان، فأرسل بركة رسلاً من طرفه، وأمرهم أن يشتدوا ويغلظوا على هولاكو في السؤال، وبالفعل نجحت الحيلة، واستشاط هولاكو غضبًا، وقتل رسل بركة خان، وسير جيشًا لمحاربة بركة خان، فانهزم جيش هولاكو شر هزيمة، وذلك سنة 660 هجرية، فعاود الهجوم مرة أخرى بجيش أكبر، فانهزم جيش بركة خان، وكان يقوده أحد قواده واسمه نوغاي، فأراد هولاكو أن يُجهز بالكلية على بركة خان، فأرسل جيشًا جرارًا فيه معظم جنوده يقودهم ابنه أباقا، فخرج لهم بركة خان بنفسه على رأس الجيش، ومزق جيش هولاكو شر تمزيق سنة 661 هجرية في منطقة القوقاز، ولم ينج منهم سوى القليل. [/rtl]
[rtl]أما هولاكو فوجد أن كل البلايا والهزائم التي حاقت به وبالتتار جميعًا كان سببها بركة خان، فاشتد غيظه وحقده على بركة خان، وحاول محاربته عدة مرات، ولكنه هزم شر هزيمة، مما أشعل الغيظ في قلبه حتى وصلت نيران غيظه إلى عقله وجسده، فأصيب بجلطة في المخ بعد وصول خبر هزيمة ولده أباقا أمام بركة خان سنة 661 هجرية، وظل يعاني من الصرع حتى هلك سنة 663 هجرية، فانتقم بركة خان للإسلام والمسلمين من هذا المجرم الطاغية، الذي دمر دولة الخلافة الإسلامية، وسفك دم الملايين من المسلمين. [/rtl]
[rtl]رحيل بركة خان:[/rtl]
[rtl]وبعدما هلك هولاكو على يد بركة خان، ورث مكانه ابنه أباقا، وورث عنه أيضًا حقده وحسده على بركة خان، خاصة أن بركة قد هزمه هزيمة كبيرة سنة 661 هجرية، لذلك كانت محاربة بركة هي أولى خطوات وقرارات أباقا بن هولاكو. [/rtl]
[rtl]وبالفعل أعد أباقا جيشًا جرارًا لمحاربة بركة، وأرسل بركة أولاً قائده نوغاي، ولكنه هزم، وأصيب بسهم في عينه، وكان بركة خان يحب نوغاي؛ لإسلامه وجهاده معه في كل موطن، فخرج بركة خان بنفسه للقاء أباقا، وفي نيته محاربة عدو الإسلام، وإزالة هذا الفرع الخبيث من شجرة التتار التي بدأت تتحول للإسلام شيئًا فشيئًا. [/rtl]
[rtl]وفى الطريق أتاه اليقين، وتوفي البطل العظيم مجاهدًا مناصرًا سنة 665 هجرية، بعدما قضى حياته الحقيقية، خمسة عشر سنة، في خدمة الإسلام، ومحبة المسلمين، ومحاربة أعداء الإسلام حتى مات، ولم يكن له أولاد، ولم يترك ذرية، ولكنه ترك سجلاً حافلاً في العمل للدين والفهم الصحيح لعقيدة الولاء والبراء، حتى إن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس قد سمى ولده الأكبر بركة خان حبًا في شخصية هذا البطل العظيم، والذي لا يعرفه معظم المسلمين الآن. [/rtl]
[rtl]دولة المغول في القوقاز:[/rtl]
[rtl]استمر بركة خان في خدمة الإسلام حتى وفاته في عام 665 هجريًّا, بعدما أطمأن على استقرار الإسلام بدولته، وامتد سلطان قبيلته "القبيلة الذهبية" من تركستان حتى روسيا وسيبريا, وقد حكموا موسكو نفسها, ولم يكن ينصب أميرها إلا بعد موافقتهم, ويؤدي الجزية لسلاطين المغول. [/rtl]
[rtl]لكن تبدلت الأحوال سريعًا, وبدأ الروس يلتهمون أراضي المسلمين، وكان سر تفوق الروس يكمن في استغلالهم للفرقة بين المسلمين التتار, الذين استقروا في ثلاث جماعات متنافسة متنافرة, في سراي وقازان والقرم. [/rtl]
[rtl]وجاءت نهاية دولة المغول على يد قيصر روسيا إيفان الرهيب، ففي عام 1552م، قاد إيفان 150 ألف رجل إلى أبواب قازان، وحاصرها لمدة خمسين يومًا، ولكن المسلمين، وكان عددهم 30.000 ، قاوموا وصمدوا، تحدوهم الروح الدينية، وهاجموا أعداءهم في غارات متكررة، وعندما أُسِر نفر منهم وعُلِّقوا على أعواد المشانق أمام الأسوار سدد إخوانهم المدافعون إليهم السهام صائحين: "خير لهؤلاء الأسرى أن يموتوا بأيدي بني وطنهم النظيفة من أن يهلكوا بأيدي هؤلاء". [/rtl]
[rtl]ولما وهنت عزائم المحاصرين، وأصابهم القنوط بعد شهر من الإخفاق، أرسل إيفان إلى موسكو في طلب صليب عجيب، فما أن ظهرت هذه الأعجوبة أمام جنوده حتى ثارت حميتهم من جديد، وبث مهندس ألماني الألغام في الأسوار فانهارت، واندفع الروس إلى المدينة صائحين: "الله معنا"، وأعملوا الذبح في كل من لم يباعوا بوصفهم رقيقًا. [/rtl]
[rtl]وبدأ الروس على الفور يمارسون سياستهم المعتادة بتفريغ المدن من سكانها الأصليين، وتوطين المسيحيين، فأسكن إيفان فلول المسيحيين في إطلال المدينة. [/rtl]
[rtl]واحتفلت روسيا بالنصر، كما احتفلت فرنسا بصد المسلمين في معركة تور سنة 732 ميلاديًّا. [/rtl]
[rtl]بركة خان وبلاده تتارستان:[/rtl]
[rtl]بلاد بركة خان، والتي تحمل حاليًا اسم "تتارستان", يبلغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة, وعاصمتها قازان، وسكانها يدينون بالإسلام السني؛ إلى جانب عدد من الروس المسيحيين, فهي إلى الآن تعد من الدول التابعة لروسيا, لكن يسمح لسكانها بتداول اللغة التتارية, كما أنهم يعتزون باللغة العربية، وهم يمقتون التعصب في الدين، ويحبون المصريين.[/rtl]
[rtl]أما عن العلاقات بين التتار والمسلمين، فحي الحسينية في القاهرة هو حي تتري, فعندما قدم وفد من التتار المسلمين على السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، أسكنهم في حي الحسينية, وقال عنهم المقريزي: "إنهم اشتهروا بالحُسن والفتوة, وربما كان ذلك سبب اشتهار الحي بالفتوات". [/rtl]
[rtl]ولم نكن نعلم بوجود مكان اسمه قازان, ويرجع هذا إلى خضوع تلك البلاد لسيطرة روسيا القيصرية والاتحاد السوفيتي لفترة طويلة, إلى جانب الاستعمار الغربي الذي احتل البلاد العربية والإسلامية، ومزق العلاقات بين المسلمين وبعضهم البعض. [/rtl]
[rtl]وعانى سكان تتارستان من الحكم الروسي, فقد أغلقت المساجد بأوامر من الحكومة السوفيتية؛ والتي منعت أيضًا تداول الأسماء العربية والإسلامية، لكن بعد تخفيف القبضة عليهم تسموا بالأسماء العربية, وأكثر الأسماء تداولاً هو محمود, ومن بين كل 10 شباب يحمل 8 منهم اسم محمود, لاعتقادهم أن الظاهر بيبرس من مغول القوقاز, وأنه كان يحمل نفس الاسم. [/rtl]
[rtl]وقد تزوج بيبرس من ابنة بركة خان, كما أرسل إليهم فقهاء وعلماء لتعليمهم الدين الإسلامي, وعندما أنجب سمي ابنه باسم جده.[/rtl]
[rtl]http://www.asiaalwsta.com/charDetails.asp?CharId=12548&
[/rtl]