من علامات الساعة السياسية ذلك الاضطراب والتضارب وعدم الاتساق فى السياسة الخارجية
الأمريكية فى عهد الرئيس باراك أوباما!! آخر هذه العجائب تصريح وزير الخارجية الأمريكى
جون كيرى حول سوريا الذى قال فيه: «إن الدور الروسى فى سوريا هو دور رئيسى لا يمكن
الاستغناء عنه».
وأضاف «كيرى» قوله: «إن واشنطن وموسكو تنسقان مواقفهما معاً من أجل
الوصول إلى تسوية فى سوريا».
والذى يعود إلى مواقف واشنطن منذ 3 أشهر فقط حول التدخل العسكرى الروسى فى سوريا سوف
يسمع ويشاهد ويقرأ ساعات من التصريحات للرئيس أوباما وكيرى يرفضان فيها الوجود العسكرى فى سوريا ويعتبرانه تدخلاً سافراً فى الملف السورى.
والذى يقرأ تصريحات وزير الدفاع الأمريكى «أشتون كارتر» حول سوريا والتدخل الروسى فيها
سوف يجد «الرفض الشديد للبنتاجون الأمريكى للوجود الروسى فى سوريا والحديث عن المخاطر
العسكرية لهذا التدخل».
ومن تابع شهادة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية أمام لجنة الشئون
الخارجية فى الكونجرس سوف يكتشف أن رئيس الأركان يؤكد أن معظم الخمسة آلاف غارة جوية التى
قام بها الطيران الحربى الروسى فى سوريا كانت ضد أهداف للمعارضة الشرعية وأن القليل منها
-فقط- هو الذى تم توجيهه ضد أهداف لـ«داعش».
وبصرف النظر عن مدى دقة كلام أوباما وكيرى ووزير الدفاع ورئيس الأركان الأمريكى فإن الأمر
المؤكد أنهم جميعاً يتضاربون تماماً فى مواقفهم من الوجود العسكرى الروسى فى سوريا، وأنهم
جميعاً انتقلوا من حالة الرفض الكامل لهذا الوجود إلى القبول واقعياً به ثم بدء التنسيق
بهدف التعامل والتعاون معه.
إن براجماتية أو انتهازية أو واقعية المواقف الأمريكية «سمِّها ما شئت» تعكس سلوك دولة غير
عظمى، أو بالأصح سلوك دولة لم تعد الدولة الأعظم فى العالم.
يبدو أن العالم وأن العالم العربى لا يملكون سوى الصبر عاماً إضافياً لحين ظهور رئيس جديد فى
البيت الأبيض تتوافر لديه سياسات واضحة تجاه مناطق التوتر فى العالم وعلى رأسها عالمنا
العربى.