خلاف دراسات إسرائيلية سابقة، ترى دراسة فلسطينية جديدة أن انعدام الشعور بالأمن يشكّل القوة الدافعة للهجرات اليهودية المعاكسةوليس العوامل الاقتصادية.
ووفق الدراسة الجديدة "الهجرة اليهودية المعاكسة ومستقبل الوجود الكولونيالي في فلسطين" التي أعدها الباحث جورج كرزم والصادرة عن مركز مدى الكرمل للدراسات التطبيقية في حيفا، فإن التحدي الديموغرافي السياسي الكبير الذي سيواجه إسرائيليكمن بقدرتها على الاحتفاظ بأغلبية يهودية مهيمنة بالسنوات القادمة نتيجة تَعاظُم المخاوف لدى الإسرائيليين.
وتعتبر الدراسة أن تراجع عدد اليهود يعود إلى ارتفاع الخصوبة لدى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، ونضوب موارد الهجرة وازدياد الهجرة المعاكسة.
وطبقا للإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، بلغ صافي الهجرة اليهودية المعاكسة بالفترة (2000-2011) نحو 148 ألفا أي أكثر من 13 ألف مهاجر سنويًّا، لكن الدراسة الفلسطينية ترجح أن عدد اليهود الفارين من إسرائيل أكبر بكثير وأن سلطات الاحتلال تتعمد إخفاء العدد الحقيقي.
تراجع الأمن
وتلاحظ الدراسة أنه رغم الدعاية الإسرائيلية الواسعة، لم تستطع استحضار سوى ثلاثة ملايين ومئة ألف مستوطن خلال الفترة من (1948-2012) من أصل إجماليّ يهود العالم (14 مليونا اليوم).
وتؤكد أنه ابتداء من انتفاضة القدس والأقصى (عام 2000) مرورًا بحرب لبنان الثانية (عام 2006) تعاظمت عوامل الطرد الديموغرافي من إسرائيل، فأصبحت أعلى من عوامل الجذب إليها، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية، وتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال.
وأشارت الدراسة إلى أن توقعات الإحصائية الإسرائيلية تشير إلى أنه ابتداء من 2020 سيفوق عدد العرب في فلسطين التاريخية عددَ اليهود.
وتشدد على أن نحو مليون إسرائيلي يحملون جوازات سفر أجنبية أخرى وذلك وفق معطيات دائرة الإحصاء المركزية بإسرائيل للعام 2015، لافتة إلى أن الهجرة اليهودية المعاكسة الواسعة لا تعني خسارة أدمغة وكفاءات فحسب بل تُعتبر إشكالية وجودية.
وفيما يتعلق بتبعات الهجرة المعاكسة على تركيبة الإسرائيليين، يوضح الباحث كرزم للجزيرة نت أنها ستزيد باستمرار من نفوذ الجماعات اليهودية الأرثوذكسية المتزمتة، وستدفع اليهود للتمسك بالنزعة الفاشية والعسكرية أكثر فأكثر.
ظروف اقتصادية
كما يعتبر كرزم أن هجرة اليهود من فلسطين ستقلل احتمالات هجرة يهود من العالم إليها، خاصة أصحاب الكفاءات العلمية، مما يعني ازدياد تراجع قوة إسرائيل بالنواحي التكنولوجية والعلمية والاقتصادية.
وفي تصريح للجزيرة نت، يتفق رئيس الكنيست الأسبق أفرهام بورغ مع الدراسة حول توقعات تبعات الهجرة المعاكسة على جودة إسرائيل ومواطنيها.
لكن بورغ يشدد على أن هناك أسبابا أخرى للهجرة المعاكسة منها غلاء المعيشة وتفشي الفساد وضعف الولاءات الوطنية في ظل تحول العالم إلى قرية واحدة.
ويتابع "لا أقلل من دور التوترات الأمنية، لكن العالم بالسنوات الأخيرة لم يعد أكثر أمنا لليهود من إسرائيل، وفرنسا مجرد مثال".
http://m.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2016/1/12/دراسة-انعدام-الأمن-يدفع-يهود-إسرائيل-للهجرة