التقارير الواردة عن الاشتباكات مع قوات التحالف في اقصى الغرب نبهت قيادة الاركان العراقية الى ما يحصل. و ان هناك تهديد حقيقي ان يتم حصار كامل الجيش العراقي في الكويت. و تم التصرف كالتالي:
1- اصدار الاوامر لخمس فرق من الحرس الجمهوري و الفرقة 17 مدرعة و باقي الفرقة 12 مدرعة بصد هجوم الفيلق السابع الامريكي.
2- تم اعادة توزيع 3 فرق اخرى بين المدن العراقية الرئيسية حيث تم مثلا سحب فرقة بغداد و فرقة القوات الخاصة من شمال الكويت الى العاصمة. و تم تحريك فرقة الفاو للبصرة للبدء بتحضير الدفاعات.
3- تم اصدار الاوامر للفرقة السادسة مدرعة، الاولى ميكانيك، و الثالثة مدرعة بتغطية انسحاب الجيش العراقي امام تقدم المارينز من جهة الجهراء.
بدأت رائحة الانسحاب العراقي تصل انوف قوات التحالف. فقد بدأت تقارير الناشطين الكويتيين بايصال تفاصيل تحركات كبيرة للقوات العراقية للشمال. و كانت التقارير تذكر ان القوافل تشمل مركبات عسكرية و مدنية. وجه قائد العمليات الجوية طائرات JSTARS (طائرة تشبه الاواكس و لكنها مخصصة لرصد المركبات الارضية). ان تستطلع الموقف.
و اظهرت تقارير الطائرة تحركات كثيفة على الطريق بين مدينة الكويت و البصرة. و تم رصد حوالي 150 الية عند مدينة الجهراء شمال الكويت. و طالب قائد العمليات الجوية اطقم السرب الرابع F-15 الذي عاد للتو من مهمته ان يعود للسماء ليدمر هذا الموكب. و قام السرب بالقاء القنابل العنقودية امام الموكب و من ثم خلفه لحصره في منطقة المطلاع و خلال ال 48 ساعة التالية تم ضرب الموكب مرارا و تكرارا من قبل سلاح الجو عند منطقه المطلاع في عمليه حققت شهرة اعلامية واسعة بسبب حجم الدمار الهائل و سمي الطريق بطريق الموت.
و كان هذا هو سر غضب شوارتزكوف من تأخر الفيلق السابع المدرع. فالعراقيون ينسحبون و لا توجد قوات على الارض لتوقفهم. و سلاح الطيران لا يستطيع ان يقوم بمهمة تدمير طرق الانسحاب و منع العدو من الهرب بشكل كامل. و لكن في يوم الثلاثاء كانت القوات المتقدمة للشرق نحو الكويت تبعد 50 كم عن الحدود و 60 كم اخرى عن الطريق السريع.
عموما صارت قوات فرانكس جاهزة للهجوم. و كانت المشكلة الوحيدة هي مدينة البصية. فبينما وعد قائد الفوج المدرع الامريكي باحتلالها قبل الساعة 9 صباحا. لم ينجح القصف المكثف طوال الليل باكثر من 1300 صاروخ و 1400 قذيفة مدفعية من عيار 155 مم في دفع كتيبة العراقيين في المدينة للاستسلام. فتم محاصرتهم داخل المدينة بكتيبة معها مدفع 165 مم القادر على هدم منزل بقذيفة واحدة ليقوم بتدمير كل المباني (استسلمت الكتيبة العراقية عند الظهر) و استمر التقدم الامريكي شرقا.
اول مشكلة: الجو السيء الذي لم يسمح لمروحيات الفيلق السابع الامريكي ان يستكشف امام القوات. و بالتالي لم يكن يعرف فرانكس اين قوات الحرس الجمهوري. و كانت المشكلة لدرجة ان السرية الرابعة المدرعة (عربات برادلي) و التي تعمل امام القوات كقوات كشف اتصلت بفرانكس ليرسلوا تقرير ان الرؤيا صارت اقل من 300 متر. و بعد تردد قرر فرانكس ابقاء تلك القوات امامه بدل سحبهم.
عند وصول السرية الى حدود الكويت الغربية مع العراق بدأ اطلاق نار متفرق من الاسلحة الفردية. استطلعت السرية بالمناظير الحرارية لتجد دبابات و مدرعات و مشاة. تم ارسال التقرير بالقوات التي امامهم بدون معرفة اي فرقة امامهم. تبين لاحقا ان ما كان امامهم هو الخط الاول - مكون من 6 دبابات T-72 و 18 مدرعة - من فرقة توكلنا على الله. المدهش ان الامريكان - وقد اعماهم الغبار - دخلوا منطقة القتل العراقية و كانوا على بعد 200 متر من مدافع التشكيل العراقي الاول.
و بدأ الرمي بالدبابات العراقية. ذهبت سرية اخرى لاسناد السرية الرابعة الامريكية في مأزقها. و ضرب افراد السرية شعلة ضوئية حمراء لتحديد مكانهم. و لكن الرياح اطفأت الشعلة داخل الرمال. و توزعت خلف عربات البرادلي دبابات الابرامز. و التي بدأت تطلق النار بدون اذن. و كانت اول اصابة لعربة البرادلي من النيران الصديقة. و كان تبادل النار بين الاسلحة الرشاشة العراقية و مدافع البرادلي. و كانت القذائف العراقية بعيدة اول الامر. و لكن مع تصحيح الرماية بدأت تقترب ﻷمتار. تم انقاذ 3 من طاقم البرادلي و لكن مات احدهم من جراحه لاحقا. اصابات اخرى تحققت للعراقيين بالاسلحة الرشاشة و حاولت اطقم صيد الدبابات العراقية الاقتراب لتحقيق اصابات مباشرة. و تم ضرب برادلي اخرى من الخلف بنيران صديقة مع مقتل جندي و جرح اثنين. و اطلق الامريكيون الدخان و تراجعوا. تم تدمير 3 عربات برادلي من اصل 14. و تم اصابة كل عربة بنيران رشاشة او بمضاد الدروع. و في المقابل تم تدمير معظم القوة العراقية. في المحصلة قتل جنديان امريكيان و جرح 12. لاحظ عزيزي القارئ ان هذه المعركة كان فيها الظرف لمصلحة الجيش العراقي. فالقوة الوحيدة للعدو التي لا تمتلك الابرامز هي التي دخلت بدون اي انذار الى منطقة القتل العراقية. و كان المفروض ان يكون العراقيون اقدر على على اصابة عدوهم. و بدون طيران معادي.
سنستخدم نفس الخارطة من الحلقة السابقة لنذكر بسير العمليات في اقصى الغرب:
1- يجب على الفرنسيين ان يحتلوا مدينة السلمان و يكون هذا اخر هدف عسكري لهم
2- تقوم سرايا الهندسة الامريكية بتطهير المطار هناك لاستخدامه كقاعدة عسكرية لارسال الوقود و الذخيرة للقوات في الشرق.
3- تترك الفرقة المجوقلة 82 المنطقة و يتوجه شرقا للحاق بباقي الفيلق المجوقل.
مدينة السلمان كانت فارغة. قبل الحرب كانت التقديرات كان عدد سكانها 3 الى 7 الاف. و لم يجد الفرنسيون اكثر 12 شخصا هناك. عمد العراقيون لتفخيخ الكثير من الابواب و ممرات في المباني المهجورة. و قتل فرنسيان من حادث من هذا النوع.
و بدأت سرية هندسة في تنظيف المطار الكبير من الوف الذخائر التي القتها طائرات التحالف عليه طوال اسابيع القصف الخمسة. و كانت المهمة شاقة و مستعجلة و بنفس الوقت حساسة. و لكن تداخل المطالب و خوفا من عدم كفاية متفجرات C-4 المستخدمة في تفجير القذائف. بدأ افراد بعض السرايا بالتساهل في اجراءات الامن:
1- تم تجميع الكثير من الذخائر في اكوام للتفجير.
2- سرايا الهندسة صارت تعمل كمجموعة بدل ازواج.
و وقع خطأ ما و ادى لانفجار احدى اكوام الذخائر في فريق من 7 افراد. و قتلوا جميعا و بالكاد وجدت اجزاء اجسامهم. عموما. انتهت المهمة و بدأت الفرقة 82 تتقدم للشرق. و كانت الفكرة ان تمر فرقة 82 قبل فرقة المشاة 24. و لكن رفض قائد الفرقة ان يعطيهم الاولوية. سبب هذا زحاما و شجارا كبيرا بين القيادتين قبل حل الاشكال. و شهور خلت بعد الحرب اتهم كل طرف الطرف الثاني انه هو سبب تعطيل حركة الخطاف لثلاثة ايام.
المصادر:
R. Atkinson - Crusade
K. Pollack - Arabs at War