المدارس الأمريكية في مصر
تعليم الاغتراب
ادفع 50 ألف جنيه سنويا لتغرس في طفلك.. الرغبة في الهجرة !
أسئلة كثيرة فجرها الإقبال الشديد علي ما يعرف بالتعليم الأمريكي في مصر..
علي الرغم من أن مصروفات هذا التعليم تصل إلي 50 ألف جنيه في العام
الدراسي الواحد بالاضافة إلي المخاوف حول أفكار مستوردة ودخيلة علي
المجتمع المصري، فهل سيؤثر ذلك علي الفكر والقيم المصرية التي لا تتوافر
بشكل كبير في هذه المدارس.. هذا هو الموضوع الذي تتناوله إحدي الدراسات
التي أوضحت مختلف الجوانب التعليمية لهذا النوع المستحدث بالتعليم في مصر
والذي وجد انتشارا كبيرا خلال السنوات العشر الأخيرة.
لقد ظهرت المدارس الأمريكية في مصر بعد قيام حرب الخليج في ظروف استثنائية
ووافقت وسمحت وزارة التربية والتعليم بافتتاح هذه المدارس لكي تتيح تقديم
الخدمة التعليمية للطلاب الكويتيين وعلي الرغم من انتهاء الحرب وعودة أهل
الكويت إلي وطنهم إلا أن هذه المدارس ظلت تفتح أبوابها لأبناء المصريين
تحت مسمي المدارس الدولية.. ورغم ارتفاع أسعار مصروفاتها إلا أنها لقيت
اقبالا إلي حد ما من بعض طبقات المجتمع الثرية وفي عام 1996 انتشرت ظاهرة
الدبلوم الأمريكي في عدد كبير من مدارس اللغات حيث تم تخصيص فصل في بعض
المدارس لمنهج الدبلوم الأمريكي مما أدي إلي قيام المستثمرين بفتح فصول
بالمدارس الخاصة بمنح شهادة الدبلومة الأمريكية التي أقبل عليها أولياء
الأمور وذلك لسهولة المناهج والحصول علي درجات مرتفعة بالثانوية العامة،
وحتي عام 2000 لم يكن هناك قانون منظم لهذه المدارس ولكن خلال هذا العام
صدر قرار وزاري رقم 255 بتاريخ 19/10/2000 حيث وضع مجموعة من الالتزامات
علي هذه المدارس المانحة للدبلومة الأمريكية وليس للمدارس التي تدرس
المناهج الأمريكية للمرحلة الابتدائية والاعدادية..
مع تحليل لبعض القصص التي تم تدريسها في المناهج الأمريكية وجدنا القيم
التي يتعلمها أولادنا ومن بين هذه القيم قيم الولاء والانتماء وتتضمن هذه
القصص بشكل مباشر أو غير مباشر خلوها من أي قيم دينية وأخلاقية فمثلا في
إحدي القصص هناك تدعيم لبعض القيم السلبية ففي قصة تسمي (الصين العميل)
يبرر الاستيلاء علي ممتلكات الغير تحت دعوي تغييرها إلي الأحسن وهذه من
القيم المرفوضة دينيا كما أن قصة الاضطهاد التي تعرض لها اليهود فهي دعوة
صريحة إلي التعاطف مع القومية اليهودية وحقهم في إقامة وطن لهم!
ق والذي لابد أن يهدف إلي تنمية قدرات التلاميذ واشباع موهبتهم وتزويدهم
بالقدر الضروري من القيم والسلوكيات والمعارف والمهارات المهنية التي تتفق
وظروف البيئة المحلية التي يعيش بها التلاميذ والمجتمع الذي ينتمون إليه،
جاءت جميع الموضوعات التي يتم تناولها انعكاسا واضحا لفلسفة وأهداف
التعليم الأمريكي كما أن القيم المتضمنة جاءت أيضا معبرة عن أهم القيم
التقليدية التي تميز بها الشعب الأمريكي والتي لخصها جون دبليو أستاذ علم
الأخلاق في الولايات المتحدة وتتمثل في الشعور بالمسئولية تجاه الذات
والمجتمع المحلي واحترام الذات الذي يستمد جذوره من رغبة المرء في تحقيق
امكانية واحترام جميع الناس واحترام أملاكهم بغض النظر عن عرفهم
وفلسفتهم.. الشجاعة في التعبير عما نؤمن به والاعتراف بحق الآخرين والقدرة
علي إصدار الرأي المتميز من بين مجموعة من الآراء المتضاربة والاعتزاز
بالعمل واحترام انجازات الآخرين والتحضر بما في ذلك العلاقات المتجانسة
بين الرجال والنساء!..
تنمية المهارات العقلية
من العرض السابق يمكن القول إن هناك بعض القيم الايجابية والتي تسهم في
تكوين شخصية تمتلك قدرات ومهارات عقلية مما يسمح للتلاميذ بالإبداع والقدرة
علي التفكير الناقد والاعتماد علي النفس وسرعة التطور واحترام الآخرين..
ولكن هذه الموضوعات تدعم الكثير من القيم السلبية التي تتعارض وأهداف
التعليم المصري التي تركز علي توفير أساسيات الثقافة والهوية القومية
بمكوناتها في المستويات الشخصية والوطنية والعربية والتي تمكن التلاميذ من
معلومات المواطنة والقيم الدينية والاخلاقية..
ثم القيم السلبية التي تتواجد في التعليم الأمريكي، إذ يؤثر المنهج
الأمريكي القيم علي المصرية والعربية والإسلامية والمتمثلة بالايمان بالله
ورسله وكتبه والتمسك بالأخلاق الإسلامية والقيم العائلية (الأبوة،
الأمومة، الأخوة ، احترام الأهل) وأيضا القيم الاجتماعية (نصرة القريب،
التعاون، الكرم، الجيرة) والقيم الفردية مثل (الصبر، الثبات، التضحية،
الشهامة)..
ونظرة علي بعض المواد المثيرة الخاصة بما هو مقرر بالصف الأول الثانوي والثاني الثانوي (المرحلة الثانوية):
فيلاحظ أن معظم القصص في هذه المرحلة تدور حول الانتماء والولاء للولايات
المتحدة خاصة من قبل المجموعة التي مازالت تصر علي أن تعيش في أحياء
مستقلة تعتبر نموذجا للحياة الصينية بعاداتها وتقاليدها فمن أهداف التعليم
الأمريكي جمع الروافد المتعددة للشعب الأمريكي في بوتقة واحدة ولكن هناك
بعض القصص التي قد تترك أثرا سلبيا وقيما سلبية مثل القصص التي تدور حول
فتيات يعيشن منفصلات عن الأهل وكيف استطعن شق طريقهن في الحياة وتحقيق
النجاح وقصص أخري وعلي سبيل المثال هذه القصة..
علاقة محرمة
ق وتحمل هذه القصة عنوان Metony myor the husband revenge
تتناول القصة الشاب في مقتبل العمر ولكنه مريض بمرض ما يؤثر عليه ويبدو
كبيرا في السن وقليل الحركة ولذلك يصعب علي الشاب أن يجد فتاة تتزوجه بسبب
هذا المرض ولكنه تعرف علي فتاة فقيرة غير جميلة ولكنها بعد الزواج تغيرت..
ويثير الكاتب كيف أصبحت جميلة وكيف تغير جسمها وبدأت تظهر أماكن جميلة في
مناطق معينة مما أدي إلي ظهور جمالها الحقيقي الذي كان يختفي خلف الفقر
وكانت في البداية تساعد زوجها في أعماله وتعامله معاملة حسنة فوثق فيها
الزوج وكان يترك لها المحل خاصة في فترات الطعام وفي ذلك الوقت جاء إليها
أحد الجنود لشراء بعض الأشياء لكنه أعجب بها وبالفعل نشأت بينهم علاقة حب
محرمة، واستغلت الزوجة قلة حركة زوجها وبدأت في التقابل مع هذا الشاب
وصارت العلاقة هكذا حتي سافر الشاب وأرسل لها الخطابات وبشكل مستمر حتي
اكتشف زوجها من كثرة الخطابات التي ترسل لزوجته ويفاجئ الجميع بقيامه بقتل
ساعي البريد الذي يحمل الخطابات..
لم تستطع الدراسة تحديد قيم أو أفكار محددة تبرر دراسة هذه القصة لطلاب المرحلة الثانوية غير أنها تحمل مجموعة من القيم السلبية!!
ق أما كتاب علم الاجتماع في المنهج الأمريكي: فيتناول في بدايته مفهوم علم
الاجتماع وتعريفاته المختلفة، ثم يتناول فيما بعد نماذج للعلاقات
الاجتماعية في مجتمعات مختلفة، وفي هذا الجزء يظهر المجتمع الإسلامي من
خلال العلاقات غير المتكافئة بين المرأة والرجل وكيف أن المرأة المسلمة لا
تحصل علي أي حق من حقوق الانسان ويعرض الكتاب صورة لسيدة أفغانية مع زوجها
تتشح بالسواد..
ق وأما كتاب التاريخ الأمريكي وهي مادة اختيارية ولكنها اجبارية لمن يريد
الالتحاق بالجامعة الأمريكية أو أي جامعة أمريكية أخري، فيتناول الكتاب
تاريخ الولايات المتحدة منذ البدايات الأولي وأساطير الهنود الحمر،
والمستوطنين الجدد ودورهم في إقامة حضارة انسانية عظيمة والاجزاء الأخري
تتناول الحرب العالمية الأولي وأهم الأحداث والدور الذي لعبته الولايات
المتحدة في كل فترة وفي نفس الإطار يشير إلي حرب 1948 علي أنها نزاع بين
السكان اليهود والعرب حول الأرض بعد قيام دولة اسرائيل..
ق وفي الاشارة إلي فترة حكم بوش الأولي يشير الكتاب إلي العمليات
الأرهابية التي قام بها المسلمون العرب في الولايات المتحدة ويشير إلي أن
الأمريكان قد تعودوا علي هذه النوعية من العمليات في المنطقة العربية
والإسلامية حتي أنهم لم يصدقوا أن العمل الارهابي الذي قام به الأمريكان
في أوكلاهوما ليس عربيا أو إسلاميا!..
وتعالوا ندقق في صور الاختلاف بين الأهداف التعليمية المصرية والأهداف
الأمريكية حيث تمثل المرجعية الفلسفية في تمثيل الفلسفة الإسلامية الأساس
الذي بنيت عليه الأهداف التربوية في مصر بينما تمثل الفلسفة البرجماتية
أساس الأهداف التربوية الأمريكية، وأيضا يهتم التعليم المصري بالنواحي
الروحية والأخلاقية وعلاقة الفرد بمجتمعه ولكنها في التعليم الأمريكي
يتميز بالاهتمام بالنواحي المادية وإعلاء القيم الفردية وأيضا مظاهر عن
الاختلاف من حيث إعداد أفراد فتسعي مصر إلي إعداد شخصية مصرية عربية مؤمنة
بالكتب السماوية والتأكيدعلي الالتزام بالقيم الاجتماعية والعادات
والتقاليد المصرية والعربية الأصيلة بينما تسعي الولايات المتعددة إلي
إعداد مواطن منتم لوطنه وقيمه وبالواجبات تجاه مجتمعه المحلي والبيئة التي
يعيش فيها.