يمثل العمل في المستوطنات الإسرائيلية إحراجا للعامل من نوع خاص! فالعمل فيها يتعدى كونه عملا ونشاطا اقتصاديا يقوم به العامل من أجل لقمة العيش وكسب الرزق. انه يمثل تناقضا بين المشروع الوطني الذي يسعى لازالة المستوطنات ودحر الاحتلال، وبين عملية تشييد البيوت في المستوطنات واعمارها من قبل أبناء الشعب الفلسطيني على الأراضي التي سلبت منهم. وعلى هذه الارضية فان السلطة الوطنية الفلسطينية، اذا تعتبر المستوطنات غير شرعية، فانها لا تقوم بمتابعة قضايا عمال المستوطنات وأوضاع وظروف عملهم.
وإذا ما تجاوزنا هذا التناقض والعذاب النفسي الذي يلحق بالعاملين في المستوطنات، فإن هؤلاء العمال يتعرضون ايضا لاستغلال أكبر بكثير من نظرائهم العاملين داخل إسرائيل! فهم لا يحصلون على الحقوق التي يمنحها قانون العمل الاسرائيلي من مثل( الحد الأدنى للاجور، الإجازات السنوية والمرضية، بدل ساعات العمل الإضافية، توفر معايير الصحة والسلامة في أماكن العمل...الخ) خاصة وان المحكمة العليا الاسرائيلية اقرت مؤخرا تطبيق قانون العمل الاسرائيلي على العاملين في المستوطنات المقامة على اراض الضفة الغربية.
وتزداد أوضاع العاملين في المستوطنات سوءا عند استعراض أوضاع العاملين في المستوطنات الزراعية وخصوصا تلك المقامة في الأغوار. حيث يوجد ما يقارب الـ 25 مسوطنة زراعية في الأغوار تشغل ما يقارب من 3000 عامل، حوالي 30% منهم إناث. وهؤلاء يعملون من خلال حوالي 30 سمسار عمل!
لمقاول العمل او السمسار تأثير سلبي على العلاقات بين العامل ومشغّله في المستوطنات. ذلك انه يشوش العلاقة بين العمال الفلسطينيين والمشغّلين الاسرائيليين كما ذكر انفا. ان وظيفة المقاول- السمسار هي تجنيد عمال ودمجهم في العمل والاشراف على عملهم، ودفع اجورهم نقدا. وهكذا يستطيع المشغّل الاسرائيلي في هذه الحالة الامتناع عن الالتقاء بعماله وعقد اتفاقيات عمل خطية واضحة معهم والالتزام بجملة حقوقهم التي ضمنها القانون.
ومن الجدير بالذكر، أن العمال ينظرون الى المقاولين "الكبار" بالريبة، وخاصة تجاه من هم معروفون بانهم متعاونون في الوقت الحالي او في الماضي مع محافل الامن الاسرائيلية، مما يعني عدم جرأة العمال في حالات كثيرة على المطالبة بجملة حقوقهم.
أشارت البيانات الإحصائية الناتجة عن الدراسة الميدانية، أن 24.2% من عمال المستوطنات يعملون من خلال متعهد عربي يحمل الهوية الفلسطينية، وأن 33.9% منهم يعملون من خلال متعهد يحمل الهوية الإسرائيلية، وما تبقى منهم يعملون مباشرة مع صاحب العمل.
ان العمل في المستوطنات من جانب آخر، يعني اوجه معاناة صعبة وعديدة منها:
تعرض العمال للمبيدات الحشرية والمواد الكيماوية التي ادت في حالات كثيرة الى اصابة بعض العمال بحالات الإغماء.
بعض المصانع في المستوطنات (الاصباغ والزجاج والمواد الكيماوية) تقوم بعمل فحوصات لامراض المهنة بشكل دوري للعمال اليهود فقط دون العرب.
ذهاب العاملات فجرا لقطف المحاصيل الزراعية، حيث الأرض مغطاة بالجليد، انتشار اغبرة المواد الكيماوية المرشوشة على المحاصيل الزراعية في وجوههم، التحرشات الجنسية بالنساء العاملات واصابات العمل وغيرها.