السلام عليكم
الخلاف بين تركيا ومصر ليس خلاف تاريخي لو صح التعبير بل خلاف على النفوذ وهو خلاف مستجد
انحسار العثمانيين عن مصر ابتدأ منذ ايام محمد علي
بنظره بسيطه للتاريخ المعاصر والحديث يمكن ان نضع بعض النقاط :
- في الفتره الممتده منذ نهاية الحرب العالميه الاولى وتاسس تركيا الاتاتوركيه الى نهاية الحرب العالميه الثانيه كانت العلاقه بين تركيا ومصر علاقه عاديه
تركيا لم تكن لديها تطلعات خارجيه وكان اتاتورك يبذل كل وقته وجهده لاعطاء تركيا وجها غربيا
اتاتورك كره الدول العربيه والاسلاميه وادار ظهر تركيا الحديثه لها والتفت الى اوروبا سعيا للحصول على موقع وحظوه
لذلك اتى انضمام تركيا الى مبدا ايزنهاور والناتو
- بعد الثوره المصريه في 1952 وتاميم قناة السويس وانتعاش القوميه العربيه بصبغه اشتراكيه اتخذت تركيا موقفا معاديا من مصر
تركيا عضو في الناتو وحليف للولايات المتحده امام مصر الناصريه حليفة السوفييت
الحلف الوحيد الاقليمي الذي دخلت فيه تركيا كان موجها بشكل اساس لقطع الصله بين السوفييت والدول " الناصريه " وفي مقدمتها مصر " اقصد حلف بغداد "
والصراحه فان العلاقه المتدهوره انذاك بين البلدين كان سببه انهما ينتميان الى معسكرين متضادين اكثر منه خلاف تاريخي
- في فترة حكم الرئيس السادات لمصر وخاصه بعد حرب 1973 وتقرب مصر من الولايات المتحده تحسنت علاقه تركيا بمصر تدريجيا
واستمر هذا التحسن في فتره الرئيس مبارك
واتخذ البلدان موقفا موحدا من الازمات الاقليميه مثل غزو العراق للكويت وحرب عاصفة الصحراء ومؤتمر مدريد للسلام عام 1991
- بدا التغير في الوقف التركي في بداية الالفيه الثانيه بمجئ حزب اردوغان الاسلامي وتحول تركيا بعيدا عن اوروبا بعد ان ياست من الانضمام الى الاتحاد الاوروبي والتفتت الى العالم العربي لمحاوله اعاده نفوذ تركيا اليها
واجهت تركيا دولتين عربيتين اساسيتين امامها وهي السعوديه ومصر والى حد ما سوريا
ارادت تركيا في البدايه الاعتماد على النفوذ الناعم والسياسه وماسمي ب " تصفير المشاكل "
فاستمرت العلاقه الطيبه بين تركيا ومصر " مصر حسني مبارك " والسعوديه وسوريا
- اتخذت تركيا الاردوغانيه مواقف متقاربه مع سوريا ومصر مبارك تجاه الازمات الاقليميه مثل " حرب العراق "
- اول محاوله تركيه لمزاحمه النفوذ المصري في الشرق الاوسط كان يتمثل بقيام تركيا بدور الوسيط بين سوريا واسرائيل
هذا الدور الذي كانت مصر تقوم به لوحدها منذ مؤتمر مدريد للسلام
المحاوله الثانيه تتمثل بمزاحمه مصر على الورقه الفلسطينيه ومحاوله ايجاد محور تركي بين الفلسطينيين ضد المحور المصري
- جاءت ثوره يناير 2011 لتوجد فرصه ذهبيه لتركيا الاردوغانيه من اجل ملئ الفراغ الذي تركه سقوط نظام حسني مبارك المدوى
حيث انكفأت مصر على نفسها " للاسف " في الاعوام 2011-2012-2013 لتعيد ترتيب داخلها
وللعلم محاوله تركيا الاردوغانيه لملئ فراغ الذي تخلف من تراجع مصر الاقليمي بعد ثوره يناير 2011 كان موازيا لتحرك ايراني ايضا
- حاولت تركيا ان تستغل وجود الرئيس المخلوع محمد مرسي من اجل تعزيز نفوذها في مصر وتحويل مصر الى بلد تابع بالاستعانه بالتقارب الفكري بين التيار الاردوغاني وتيار محمد مرسي باعتبارهما يعودان الى منبع فكري واحد
طبعا فشل الامر بعد ان تحرك الجيش المصري لاسناد المصريين المعارضين لسياسه مرسي واعاد لمصر استقلالها بعد ان حاولت تركيا السطو عليه
- عطفا على النقاط السابقه اتخذت تركيا الاردوغانيه موقفا صارما جدا من الجيش المصري ومن الرئيس تامصري الجديد عبد الفتاح السيسي
ببساطه فان الجيش المصري اطاح باعظم فرصه سنحت للتحكم باكبر دوله عربيه
لذلك نرى ان الخلاف الحالي يعود بشكل اساس لفشل المحاوله التركيه في اسناد نظام موال لها في القاهره واستعاده مصر " التدريجي " لدورها
واستعاده مصر لدورها سيعني حتما تراجع النفوذ التركي في المنطقه
فهي اذن ياسادتي حرب نفوذ , وهنالك اوراق كثير تخاض بها حرب النفوذ هذه بين البلدين من " فلسطين , سوريا , ليبيا , القرن الافريقي .....الخ "
تحياتي