حاوره يوسف أيوب - تصوير عصام الشامى
- سنعبر المرحلة الانتقالية حينما تدار الحملة الانتخابية على أساس المواطنة وليس على حساب الدين أو المذهب
- نرحب بالمستشارين العرب.. وحريصون على أن تكون علاقاتنا جيدة مع الجميع.. ونحتاج لاحتواء المشاكل
- تركيا فقط من تعتبر أكراد سوريا "إرهابيين".. وليس لدينا اعتراض على التحالف الروسى الإيرانى السورى
- الجيش العراقى المسئول عن تحرير الموصل.. وسمعته جيدة بين المواطنين بعد إنجازاته الأخيرة
- حق تقرير المصير لكردستان مجرد فكرة .. والأحزاب الكردية لم تتفق على مشروع استقلال حتى الأن
"أنا مصرى الهوى، بقيت فترة كبيرة بالقاهرة درست فى جامعاتها، كما عملت مذيع باللغة الكردية فى إذاعة البرامج الموجهه"، هكذا أراد الرئيس العراقى "فؤاد معصوم" أن يبدأ حديثه، فمصر لها مكانة خاصة فى قلبه الذى يحمل الكثير من الذكريات الخاصة عن مصر من أن أتى أليها عام 1958 ليكمل تعليمه العالى فى جامعة الازهر، وحتى حصوله منها على درجة الدكتوراة فى الفلسفة الإسلامية من عام 1975 فى موضوع " اخوان الصفا فلسفتهم وغايتهم".
الدكتور فؤاد معصوم، الذى التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى صباح الاثنين أكد على رغبة العراق فى بناء علاقات متميزة ومتطورة مع مصر، باعتبارها علاقات تتطلبها ارادة الشعبين الشقيقين على مرّ الأزمنة، فهو مؤمن بإن علاقات قوية بين العراق ومصر تصب فى صالح المنطقة وليس البلدان فقط.
اليوم السابع التقت رئيس العراق وتحدثت معه فى علاقات بلاده بمصر، والقضايا التى تشغل بال العرب تجاه العراق خاصة مكافحة الإرهاب وغيرها من الأمور التى حاول الدكتور فؤاد معصوم الرد عليها بدبلوماسية شديدة، خاصة فى المسائل الشائكة والمرتبطة بعلاقات بغداد الملتهبة مع جيرانها، فرئيس العراق الذى يوصف بأنه الساعى دوماً للسلام، لا يريد أن يوتر الأوضاع، فالرد الدبلوماسى سيجنبه وسيجنب العراق مزيداً من الخلافات مع "الأشقاء".. فهو من مؤمنى سياسة "تصفير المشكلات" خاصة مع الجيران والأشقاء .
البداية كانت بسؤال عن مباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسى والملفات التى تم بحثها فقال :
نحن نقدر الجهود التى تبذلها مصر من أجل دعم استقرار العراق وتعزيز الجهود الرامية لاحتواء الأزمات الراهنة بالمنطقة، ولا ننسى هنا الدور الوطنى للقوات المسلحة المصرية التى جنبت مصر ويلات الانزلاق إلى الفوضى والعنف، كما أن للقوات المسلحة المصرية دور فاعل فى مكافحة الإرهاب ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
كيف تصف علاقة العراق ومصر فى الوقت الراهن ؟
جيدة .
ولماذا تأخر تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه من اتفاقيات تعاون بين القاهرة وبغداد ؟
أن شاء الله سترى ذلك قريباً، ونحن من جانبنا نتطلع لتفعيل الاتفاقيات الموقعة مع مصر، بما يعزز التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، ويتيح مزيداً من الفرص للاستفادة من الخبرات المصرية، ولا سيما فى مجالى الصناعة والزراعة.
هل النقاش بين القاهرة وبغداد أمتد لفكرة عودة العمالة المصرية مرة أخرى للعراق ومشاركة مصر فى المشروعات الاقتصادية العراقية ؟
قبل فترة كان هناك مجموعة من الوزراء والمسئولين زاروا القاهرة، وأثناء زيارتى للقاهرة جاء معى وزيرا الخارجية والزراعة وكذلك وزير الأمن الوطنى، والتقوا بزملائهم فى مصر، وهناك تعاون مستمر فى هذه الأمور لنصل إلى أتفاق .
إذا انتقلنا للوضع داخل العراق التى شهدت خلال الفترة الماضية ما يمكن تسميته بأزمة سياسية بعدما طالب البعض بتعديل حكومى والإتيان بحكومة من التكنوقراط، كيف تنظرون لذلك ؟
الدعوة لحكومة تكنوقراط ليس معناها أن يكون الوزراء من خارج الاحزاب المشاركة فى العملية السياسية ولها أعضاء كثيرين فى البرلمان، لكن أن يكون المرشحين للوزارات تكنوقراط، فليس هناك ما يمنع أن يكون المرشح للوزارة منتمياً لتنظيم سياسى أو كتلة سياسية وفى نفس الوقت يكون تكنوقراط فى مجال من المجالات، لذلك لا نرى تناقض بين الفكرتين، بأن يكون حزبى أو سياسى وتكنوقراط فى نفس الوقت .
ونحن نرى أنه من الضرورى إن تشمل الاصلاحات مختلف الجهات، فنحن بحاجة لإصلاحات أمنية وسياسية، فلدينا أغلب الكتل السياسية تشكلت على أساس الإنتماء المذهبى القومى، ويجب أن تكون القضية أوسع من ذلك بإن يكون الإنتماء للعراق، والأن هناك حوارات مفتوحة بين مختلف الأطراف ويمكن خلال فترة أن يصلوا إلى أتفاق، سواء بتغيير بعض الوزراء أو أن بعض الأطراف السياسية يريدون تغيير الوزارة، وهذا الأمر لازال مطروح للنقاش .
وعلينا حينما ننظر للوضع السياسى فى العراق أن نتعامل مع الظروف الحالية، فالكتل السياسية جاءت بالانتخابات وعبر انتخابات قانونية ولا يمكن التفكير الان بإيجاد تغيير، لكن ضرورى أن يكون هناك أنسجام بين رئيس الحكومة وبين الوزراء، وكذلك أن يكون كل وزير مؤهل لقيادة وإدارة وزارته .
ربما يكون هذا الطرح مرتبط بالحديث عن أمكانية حدوث استقرار سياسى للعراق ونتخطى فكرة المرحلة الانتقالية ؟
شئ طبيعى أن تأخذ المرحلة الانتقالية وقت بعدما عانى الشعب العراقى خلال 40 سنة، فعندما تكون الحملة الانتخابية على أساس المواطنة وليس على حساب الدين أو القومية أو المذهب، آنذاك معناه أننا عبرنا تلك المرحلة، ومن يتابع الوضع فى العراق سيجد تصاعد الدعوات العراقية التى تطالب بالمواطنة .
هل لازال التجاذب قائم بين الرئاسات الثلاثة فى العراق ؟
العلاقة بينهم على قدر ممتاز، وعندنا أجتماعات دورية رئاسية بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء، وأحيانا كثيراً ينضم ألينا رئيس السلطة القضائية، وهذه الأجتماعات شبه دورية، كما أن الرئاسات الثلاث بدأت تلتقى قادة الكتل السياسية وهذة فكرة ناجحة وسنستمر فى عقد هذه اللقاءات.
هناك من يقول بأن القرار فى العراق إيرانى وليس عراقى ؟
ليس هناك أى ضغط إيرانى على العراق، لكن هناك وجود إيرانى من خلال المستشاريين الموجودين لمحاربة داعش وتنظيمات داعش، مثلما هناك مستشارين من دول التحالف الدولى ومن روسيا ومن دول أخرى، فكل هؤلاء لهم مستشارين فى العراق ونحن نرحب بهم .
لكن الأحاديث عن قوات عسكرية إيرانية وليس مستشارين ؟
ليس هناك قوة عسكرية من أى دولة لها تواجد فى العراق .
وماذا عن التواجد الإيرانى داخل الحشد الشعبى أو ما يعرف بالحشد الوطنى الذى تم تشكيله بعد فتوى الجهاد الكفائى التي اطلقتها المرجعية الدينية الشيعية فى النجف الأشرف ؟
ليس كل ما يقال يمكن أعتباره صحيحا، فبالنسبة لنا لا وجود لمستشاريين أو عسكريين إيرانيين داخل الحشد الشعبى أو الوطنى، إنما المستشارين الإيرانيين موجودين داخل جبهات القتال ضد داعش، ونحن نستفيد من خبرات الجميع فى قتالنا مع تنظيمات داعش الإرهابية، فحتى تركيا التى أخذت بعض المناطق فى العراق، لها بعض المستشاريين .
تتحدثون عن مستشاريين عسكريين إيرانيين وروس ومن دول التحالف فلماذا اختفى العرب من العراق ؟
أذا الدول العربية قدمت مستشارين فنحن نرحب بهم .
هل الغياب العربى مرتبط بالتوترات التى شهدتها الفترة الماضية بين بغداد وعواصم عربية مثل الرياض والدوحة ؟
نحن نريد أن تكون علاقة العراق مع الدول العربية قوية وجيدة باعتبارنا دولة عضو فى جامعة الدول العربية، كما أننا نريد علاقات جيدة مع الدول المجاورة لنا، فنحن لا نقوم من طرفنا بقطع العلاقات مع أى دولة، بالعكس العلاقات كانت مقطوعة فقمنا نحن بالمبادرة، وقمنا بزيارة هذه الدول والتقينا المسئوليين لاعادة هذه العلاقات لتكون طبيعية، فنحن أشقاء .
فى حوار سابق مع الدكتور إبراهيم الجعفرى، وزير خارجية العراق، هاجم قطر لاستضافتها عناصر عراقية وصفها بالمشبوهة والطائفية، وقال إنها تحاول تكريس الطائفية فى العراق، هل لازالت هذه الصورة تحكم علاقتكم بقطر ؟
الوضع ليس متوترا إلى هذا الحد، فأنا سافرت لقطر بل عزمت نفسى لزيارتها .
وبالنسبة لعلاقاتكم مع السعودية ؟
كذلك السعودية ذهبت اليها مرة فى عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ومرة ثانية بمناسبة تقديم العزاء ومرة ثالثة اجتمعت مع جلالة الملك سلمان عندما كان هناك فى الرياض مؤتمر رؤساء الدول العربية وأمريكا اللاتينية، فنحن حريصين على أن تكون علاقاتنا جيدة مع الجميع .
الأسابيع الماضية شهدت توتراً بين العراق وتركيا على خلفية قرار الأخيرة بنشر عدد من قواتها شمال العراق بزعم حماية المدربين العسكريين الأتراك، كيف وصلت العلاقة حالياً بينكم وبين أنقرة ؟
نحن أبدينا موقفنا فى الأمر من البداية، ونحن فى ظروف تحتاج لاحتواء المشاكل حتى لا تزداد .
هل هذا معناه أنكم تريدون إنهاء الخلاف مع تركيا ؟
نحن لا نريد خلافات مع أحد، لذلك نحاول مع الجميع، وأثمرت بعض هذه المحاولات لكن بعضها الأخر لم يثمر .
كيف تنظرون للضربات التركية على الاكراد فى سوريا واعتبارهم جماعة إرهابية ؟
تركيا هى من تعتبرهم كذلك، لكن أعتقد أن الجهات الأخرى ليست متفقة مع ذلك.
هل الضربات التركية محاولة لإنهاء التواجد الكردى ؟
هناك محاولات متكررة من عندهم، لكن الغالب هو رأى الدول الأخرى التى تقوم بمهمات فى المنطقة وتقدم المساعدات لهذه الجوانب .
كيف نظرت العراق للغارات الروسية على داعش فى سوريا خاصة أن الولايات المتحدة وتركيا عارضاها؟
سوريا والعراق دولتان مستقلتان ولكن الأن خطر داعش على العراق أولاً وسوريا، ونحن ليس لدينا أى أعتراض على التحالف الموجود بين روسيا وإيران والدولة السورية.. ليس لدينا أعتراض على هذا التحالف، لكن هذا ليس معناه أننا نؤيد النظام الحاكم فى سوريا، ليس معناه ذلك، لكن مكافحة الإرهاب الداعشى قبل كل شئ وفوق كل شئ .
وحينما أقول أننا لا نؤيد النظام السورى فهذا معناه أننا لا ندافع عن النظام السورى، وأنما نحن مع ان يتولى الشعب السورى وحكومته وبرلمانه كل شئ .
هل أنتم طرف فى هذا التحالف الروسى الإيرانى السورى؟
لم ندخل هذا التحالف، ولكن ننسق عبر مركز تنسيق بين هذه البلدان الثلاثة موجود فى بغداد، وهذا أمر علنى .
ننسق لأننا نرى أن أى مجهود يوجه لضرب داعش والإرهاب فى أى مكان فنحن مستفيدين من ذلك، لأن خطر داعش ليس فى هذه القوات الموجودة الان على الارض العراقية أو السورية، وانما خطر على مختلف دول العالم، ورأينا مؤخراً ما حدث فى فرنسا وغيرها .
هل قد تفكرون فى وقت ما الاستفادة من التحالف الثلاثى "روسيا وسوريا وإيران" لمواجهة داعش فى العراق ؟
نحن نطلب المساعدة من كل جهة، وهذا شئ مشروع، والمساعدة أحيانا تاتى مجاناً ونحن نشكرهم على ذلك، واحياناً أخرى تأتى مقابل نفط أو قرض ونحن أيضاً نرحب فى كل الأحوال .
هل وجود مركز للتنسيق مع روسيا وإيران وسوريا على الإراضى العراقية أثر على علاقتكم بواشنطن ؟
روسيا والولايات المتحدة وكل هذه الدول تعرف أسرار المنطقة، ونحن لا نخفى حقيقة موجودة، كما أن علاقاتنا مع الولايات المتحدة تحكمها أتفاقيات إستراتيجية بيننا وبينهم، كما أن لنا علاقات جيدة مع التحالف الدولى وروسيا وكذلك مع إيران .
لماذا لم يتم حتى الآن حسم الموصل وتحريرها من داعش ؟
عمليات تحرير الموصل ليست بهذه البساطة، لأن الموصل مدينة مكتظة بالسكان، كما أن سكانها ليسوا من البادية يمكن أن يخرجوا بسهولة، كما أن هناك خوف أن يستخدم داعش اهالى الموصل كدروع بشرية، كما أنه لابد من وجود استعداد كامل لحالات النزوح الهائلة المتوقع حدوثها، فهذا الأمر يحتاج إلى خطوات كبيرة من مختلف الجهات .
هل هذه الخطوات حددت من سيقود العملية، الجيش أم الحشد الشعبى ؟
الجيش العراقى، فهو الاساس، وبالنسبة للموصل أو الحشد الوطنى فهناك متطوعين، وبالتأكيد متطوعى الموصل هم أدرى بخبايا الموصل وكيفية التعامل، لذلك فأن الأمر يتم بين الجيش والشرطة الإتحادية والمتطوعين والبيشرمكة، فلابد من حدوث تعاون بينهم .
وهل الجيش العراقى قادر على مواجهة الإرهاب، خاصة فى ظل الحديث عن المحاصصة داخله ؟
الجيش العراقى الأن بدأ يثق فى نفسه، كما أن سمعته جيدة بين المواطنين بعد الإنجازات التى أستطاع تحقيقها مؤخراً .
وبالنسبة للمحاصصة او غيرها، فالأن صدر مشروع قرار صوت له البرلمان العراقى بالخدمة الإلزامية أو التجنيد الأجبارى مثلما كان موجود من قبل، وهذا يهدف إلى تهيئة الشعب للاعتماد على نفسه مستقبلاً ، وكذلك للقضاء على بعض الحساسيات والقول بأن هذا شيعى أو سنى أو كردى أو تركمانى، فالتجنيد الإجبارى له دور مهم فى إزالة هذه التفرقة والحساسيات .
استقلال إقليم كردستان أصبح الهاجس الذى يراود الجميع الأن، هل وصل الإقليم بالفعل إلى قناعة بضرورة تنفيذ استفتاء حق تقرير المصير ؟
حق تقرير المصير مجرد فكرة، لكن ليس هناك مشروع .
هل يعنى ذلك أنكم تستبعدون الوصول فى النهاية لهذا المشروع ؟
هناك فارق بين الفكرة والمشروع، فالمشروع شئ أخر.. لدى الأحزاب الكردية ليس هناك أتفاق إلى الان على مشروع استقلال كوردستان.. فالسؤال الأن أى كوردستان؟.. هل فى العراق فقط فى ثلاث محافظات وماذا عن غيرها، هذه مجرد أفكار تدور وتناقش، لكن ليس هناك مشروع، و قبلها كانت هناك أفكار من المحيط الهادى إلى الخليج ، هل تحقق شئ ؟!
المصدر: اليوم السابع