طائرة تجسس من طراز بريداتور طورت في التسعينيات
لم تعد الطائرات المتحكم فيها عن بعد والتي تطير دون طيار فوق جبهة القتال لتعقب وقتل العدو دربا من الخيال.
فقد أصبحت حقيقة، وثبتت فوائدها لدرجة دفعت البنتاجون إلى إنفاق 13 مليار دولار على جيل جديد من الطائرات دون طيار.
ويبحث الجيشان الأمريكي والبريطاني في سبل جعل هذه الطائرات غير مرئية، للرادار أو للعين المجردة أو حتى للمجسات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء.
وتنفق حكومتا الدولتين كميات كبيرة من الأموال على الأفكار الراديكالية المتعلقة بالقتال في الحروب.
وتعتقدان أن المعلومات ستكون عاملا حاسما في ساحات المعارك في المستقبل. ومع المزيد من التحكم في المعلومات ستقل الحاجة لقوات مسلحة كبيرة ومسلحة تسليحا ثقيلا، حسبما تفترض النظرية.
سماوات مزدحمة
ويعتقد أن ما يصل إلى 800 طائرة دون طيار تحلق في سماء العراق وأفغانستان، لكن أغلبها في العراق.
وتزدحم السماء بهم لدرجة وقوع حوادث اصطدام بين تلك الطائرات وبين الطائرات العادية والمروحيات.
وظهرت نقاط القوى والضعف في استخدام الطائرات دون طيار في جمع المعلومات في الجبهات أثناء الهجوم على الفلوجة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.
ففي الوقت الذي احتشدت فيه الدبابات والسيارات المدرعة وقوات المشاة في الصحراء خارج الفلوجة، شاهدنا ضابطين من مخابرات البحرية الأمريكية يشغلان محركا لما بدت وكأنها نموذج لطائرة في محل للألعاب.
وحجم الطائرة صغير للغاية فطول جناحيها مترين فقط، لذا تمكن الضابطان من حملها وألقيا بها في الجو لتبدأ مهمتها.
وبعد ساعتين كان قادة مشاة البحرية ينظران إلى صور مفصلة للشوارع التي ستشن القوات هجوما عليها بعد قليل.
وتم رصد نحو 100 سيارة ملغومة بهذه الطريقة، كما شوهدت جماعات المسلحين وهي تحتشد استعدادا لنصب كمين.
وتم تحديد مخازن الذخيرة، حتى يمكن للمدفعية تدميرها.
حدود
لكن طائرات الاستطلاع لم تتمكن من نقل معلومات عن قادة المسلحين أو حتى ما إذا كانوا لا يزالون في الفلوجة.
كما لم تتمكن الطائرات من التصوير داخل البنايات السكنية والمساجد للتعرف على القناصة الذين كانوا يشكلون "قوة مضاعفة" فعالة للمسلحين.
لكن الخطر الذي يواجه الجيوش الحديثة هو أن التكنولوجيا حققت درجة من الرضا جعلها تهيمن على جمع المعلومات بصورة أثرت بالسلب على المخابرات البشرية.
وبالطبع لم يكن لدى الجيش الأمريكي الكثير من المصادر البشرية لجمع المعلومات في الفلوجة.
لكن الولايات المتحدة ستنفق 13 مليار دولار على الطائرات بدون طيار بنهاية العقد الحالي.
وتستأهل الطائرات الجديدة مثل هذه المبالغ الكبيرة ليس فقط لأنها تساهم في جمع المعلومات بل لأنها تتعقب العدو وتقتله أيضا.
وستنفق غالبية الأموال على الأسطول المشهور "بريداتور" المتحكم فيه عن بعد والمسلح بصواريخ أرض جو من طراز هيلفاير.
وتطير طائرات هذا الأسطول بسرعات منخفضة تصل لثمانين ميل في الساعة، ويمكن أن تحلق لمدة 24 ساعة على ارتفاع 15 ألف قدم فوق جبهة القتال.
والطائرات مزودة بعدسة مكبرة ورادار ومجسات تعمل بالأشعة تحت الحمراء ويمكنها إرسال صور حية إلى القوات المزودة بأجهزة كمبيوتر خاصة.
وفي العراق، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، يدفن المسلحون القنابل على جانب الطريق باستخدام بترول محروق لإذابة الأسفلت. ويمكن لطائرات بريداتور رصد الحرارة المنبعثة من هذه العملية وتحذير القوات القريبة.
وتستخدم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هذا السلاح أيضا.
فقد أطلقت طائرة دون طيار صاروخ هيلفاير قبل ثلاثة أعوام لتدمير سيارة في اليمن مما أسفر عن مقتل أحد قيادي القاعدة وخمسة آخرين من ركاب السيارة.
ويشعر الجيش البريطاني بالحماس الشديد لهذه التكنولوجيا الجديدة. ويعتقد أن طيار من سلاح الجو الملكي البريطاني أصبح أول عضو في القوات البريطانية يقوم بإطلاق صاروخ من طائرة دون طيار.
وكانت الطائرة تابعة لأسطول بريداتور الأمريكي وكانت تحلق فوق العراق. ويعتقد أن الطيار البريطاني كان يتحكم فيها عن بعد من شاحنة في غرب الولايات المتحدة.
وتتعاون الولايات المتحدة وبريطانيا لتصنيع "شبح بصري"، بتصنيع طائرة دون طيار لا يمكن رؤيتها من الأرض.
ويهدف برنامج بريطاني إلى استخدام الألياف البصرية والضوء لتقليل التناقض الضوئي بين الطائرة والسماء.
ويمكن رؤية الطائرات في السماء لأنها تبدو كأجسام داكنة اللون في السماء، لكن استخدام ألواح زاهية من الضوء يمكن للطائرة أن تختفي فعليا في السماء الزرقاء.