على قدم وساق تسير القوى الكبرى في العالم لامتلاك السلاح الأقوى الذي يمكنها من الدفاع عن أراضيها، أو مصالحها في بلدان أخرى، أو الوقوف بوجه توسع بلدان على حساب أخرى.
آخر ما أعلن حول سلاح يرقب الروس وحلفاؤهم دخوله الخدمة، هو منظومات الدفاع الجوي الصاروخية "إس-500"، التي أكدت وزارة الدفاع الروسية، مؤخراً، أنها ستدخل الخدمة اعتباراً من عام 2020.
خبراء يقولون إن هذه المنظومات، التي لا مثيل لها في العالم، تتميز عن سابقاتها بمدى قتالي كبير، وتضمن الحماية من أي نوع من الأسلحة الهجومية الجوية والفضائية.
وتؤكد المصادر العسكرية الروسية أنه سيتم في هذا العام تخريج أول دفعة من الضباط الذين سيعملون في هذه المنظومات.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدلى برأيه حول هذه المنظومة، في وقت سابق، مشيراً إلى أنها تستطيع إصابة الهدف على ارتفاعات شاهقة جداً، بما في ذلك في الفضاء الخارجي القريب من الأرض.
بوتين قال خلال لقائه وزيري الدفاع والخارجية، سيرغي شويغو وسيرغي لافروف، مطلع فبراير الماضي، إن موسكو تعلم بوجود خطط لدى بعض الدول تتعلق بنشر الأسلحة في الفضاء الكوني.
وبحسب الموقع الإلكتروني لتلفزيون "روسيا اليوم" فإن خبراء عسكريين روساً أكدوا أن المنظومة العسكرية الجديدة سيكون لها بالغ الأثر في تلبية طموح الدول التي تحاول الدفاع عن أراضيها.
في هذا الشأن قال الخبير العسكري، ألكسندر جولين، إن منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية يمكنها حماية الدول التي "ترغب واشنطن بنشر الديمقراطية فيها على أجنحة مقاتلاتها وصواريخها".
وشدد على أن دولاً كثيرة تبدي الاهتمام بهذه المنظومات، على الرغم من الضغوط الأمريكية عليها.
من جانبه أكد الخبير السياسي المعروف أليكسي بودبيريوزكين، أن منظومات "إس-500" تستطيع اعتراض وتدمير أي هدف جوي.
وقال بحسب وسائل إعلام روسية: "هذه المنظومات تعتبر فعلاً قفزة نوعية في مجال الدفاع الجوي؛ لأنها جديدة من حيث المبدأ"، مشيراً إلى أن الطلب على "إس-500" من جانب الدول الأجنبية سيفوق الطلب الحالي الكبير على منظومات "إس-400".
ويؤكد خبراء أن منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية من طراز "إس-400" لا مثيل لها في العالم حتى الآن، وهي قادرة على حماية المجال الجوي من الارتفاع المنخفض حتى حدود الفضاء المحيط بالأرض، مشيرين إلى أن وجود هذه المنظومات في سوريا لم يعد يسمح للجيش الأمريكي بممارسة الضغوط على دول المنطقة كما كان يفعل في السابق.
وتم التوقيع على عقود لتوريد منظومات "إس-400" إلى تركيا والصين والهند، وتبدي الاهتمام بها عدة دول.
تعد صواريخ "إس - 500" الروسية أخطر نظام دفاع صاروخي في العالم، وستكون أول منظومة صاروخية قادرة على إسقاط الصواريخ الأسرع من الصوت، ويمكنها أيضاً إسقاط الطائرات الشبحية على ارتفاعات كبيرة جداً.
ولأهميتها البالغة وصفت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، في تقرير لها نشرته في مايو الماضي، صواريخ "إس — 500" بأنها تمثل الجيل الجديد من الصواريخ الروسية.
المجلة الأمريكية أكدت أن هذه الصواريخ ستكون قادرة على إسقاط أقوى وأحدث الطائرات في الجيش الأمريكي، مثل طائرة الهيمنة الجوية "إف — 22"، والمقاتلة الحديثة "إف — 35" والقاذفة الاستراتيجية "بي — 1 بي".
ولفتت المجلة الانتباه إلى أن الصواريخ الروسية يمكنها ضرب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وأيضاً يمكن استخدامها في إسقاط الأقمار الصناعية؛ بفضل امتلاكها القدرة على التحليق لمسافات كبيرة جداً تصل إلى ارتفاعات قريبة من الفضاء الخارجي.
وواصلت المجلة تقول إن الصواريخ الروسية تستطيع إسقاط الطائرات الشبحية الأمريكية بفضل التقنيات المتطورة، التي تسمح لها بالكشف عن "المقطع الراداري" لتلك الطائرات وتعقبها.
وبحسب التجارب السابقة، فإن الصواريخ الروسية استطاعت إسقاط أهداف على مسافة نحو 480كم، وهي مسافة لم تصل إليها الصواريخ الأمريكية التي يجري تطويرها.
وتستخدم منظومة "إس—500" الروسية صواريخ فائقة تصل سرعتها إلى أكثر من 7 أضعاف سرعة الصوت، ويمكنها أن تضرب أهدافاً على ارتفاعات تصل إلى نحو 200كم.
على نقيض غيرها من الابتكارات العسكرية، فإن العمل على تطوير "إس-500" سري للغاية. والمعروف عنها فقط أنها مدرجة ضمن برنامج التسلح الحكومي الروسي لعام 2027، ولكن السلطات الروسية سبق أن كشفت عن بعض خصائص المنظومة.
وستصبح منظومة "إس-500" قمة نظام الدفاع الجوي الروسي؛ إذ إنها مصممة للعمل على مدى بعيد لا يمكن لغيرها من المنظومات الوصول إليه، من 100 كم وأعلى، أي في الفضاء القريب، حيث توجد أغلبية الأقمار الصناعية العسكرية لمختلف البلدان، المسؤولة عن الاستطلاع والاتصالات والملاحة وتحديد الأهداف.
وتوجد هناك أيضاً أعلى نقاط في مسارات الصواريخ الباليستية. وكان الفضاء القريب حتى الآن ركناً هادئاً لا يمكن لمنظومات الدفاع الوصول إليه، وستصبح منظومة "إس-500" الصياد الأول في هذا المجال.
وأفادت المعلومات التي كشفت عنها موسكو في وقت سابق، أن المنظومة ستحصل على الصاروخ الموجه بعيد المدى "40إن-6"، القادر على إصابة الأهداف على ارتفاع 200-250 كم.
ولأن الرادارات الأرضية عاجزة عن توجيه الصاروخ في الفضاء، فإن "40إن-6" يملك نظام تحكم مختلفاً. ويسمح له الرأس الموجه الجديد بالتحول إلى البحث المستقل عن الهدف بعد الحصول على الأمر من الأرض، وبعد اكتشاف الهدف يعمل الصاروخ على توجيه نفسه آلياً.
ويبلغ طول الصاروخ 9 أمتار. وتصل سرعته إلى 9 ماخ. ويمكنه اعتراض أهداف تحلق بسرعة 15.6 ماخ.
ويملك صاروخ "40إن-6" رؤوساً حربية متشظية. ويبلغ مداها 500كم واحتمال تدمير الهدف 95%.
منظومة "إس-500" تتميز أيضاً ببنيتها؛ ففي منظومات الأجيال السابقة يعمل رادار واحد على الكشف عن الأهداف وتتبعها واعتراضها، في حين تملك منظومة "إس-500" عدة رادارات متخصصة لأنواع محددة من الأهداف الطائرة؛ إذ يختص رادار بالطائرات والمروحيات، وآخر بالصواريخ المجنحة، وثالث بالصواريخ الباليستية، ورابع بالأقمار الصناعية.
وكما هو الحال بالنسبة للرادارات فسوف يتم تسليح كل منظومة بصواريخ وفقاً للأهداف. ويستخدم هذا النظام في "إس-400"، لكن على نطاق أضيق.
م