غوبيرت
اهتمت صحيفة التايمز البريطانية في عددها الصادر اليوم بسرد سلسلة من
التفاصيل المثيرة لقصة هروب العميل السابق بجهاز الاستخبارات الفرنسية
ورئيس شركة "إكسموس" هارف غوبيرت من إمارة دبي بدولة الإمارات العربية
المتحدة بعد اتهامه بالاحتيال بملايين الجنيهات الإسترلينية ، حيث تنكر في
زى امرأة ترتدي عباءة ونقاب، وعلى طريقة "جيمس بوند" - كما زعمت الصحيفة -
لاذ بالفرار عبر المياة الدولية على متن مركب مطاطي، خشية التعرض للتعذيب
بعد تلقيه تهديدات بذلك. من جانبه، قال غوبيرت الذي عَمِل بالمخابرات
الفرنسية حتى مارس / آذار من العام 1993، أنه استند إلى خبراته
"الجاسوسية" كي يتمكن من الهروب بعد أن تدهورت إحدى المشروعات التجارية
المشتركة بين شركته التي أسسها في الولايات المتحدة وبين شركة دبي
العالمية، الذراع الاستثمارية الدولية لحكومة دبي، لتصنيع غواصات، حيث
انتقل إلى دبي عام 2004 للبدء في هذا المشروع. ونقلت عنه الصحيفة هنا قوله
:" كنت مثل الأحمق عندما اعتقدت أن دبي ستكون موطني الجديد وأني سأفضل
البقاء هناك للأبد".
لكن الصحيفة عاودت لتشير إلى أن الحلم العريض الذي رسمه غوبيرت في
مخيلته قد انتهى عام 2007، عندما قال إن شركة دبي العالمية بدأت تدعي
فقدان معدات باهظة الثمن. كما زعم أن الاتهامات كانت مجرد ذريعة اتخذتها
الشركة للتخلص منه، وأنه تقدم بإيصالات تثبت أن شيئا ً لم يُفقد. وأضاف أن
الشركة اتهمته زوراً بتهريب أسلحة وقامت حينها باستدعاء الشرطة. كما كشف
غوبيرت في سياق حديثه الذي نقلته الصحيفة أن الضباط حققوا معه ثلاث مرات،
وهددوه بأن يقوموا بتعذيبه. وأضاف :" عرفت حينها أن عليَّ أن أهرب. وقد
قمت بإرسال زوجتي وطفليَّ إلى الولايات المتحدة. وبمجرد أن أصبحت بمفردي
في دبي، لجأت لما كنت أعتاد على فعله من قبل كضابط استخباراتي". وواصل
حديثه بالقول :" عندما كنت عميلا ً سريا ً، كنت مثل الشبح. لكن الأمر
مختلف هنا. فلم أستطع أن أكون كذلك منذ أن قدمت إلى دبي؛ فالمسؤولون هناك
بحوزتهم صورتي الشخصية. ومع هذا، فقد قررت أن إخفاء نفسي في صورة امرأة
ومن ثم تحولت لشبح. فعندما تغطي نفسك من الرأس إلى أخمص القدمين بعباءة
ونقاب، لا ينظر إليك أحد. فعندما قمت بارتداء العباءة، لم يضايقني أحد،
وأصبحت وكأني لست موجودا ً. وهذا هو أفضل تنكر يمكنك أن تعثر عليه لأن
ضباط الشرطة لا يمكنهم حتى أن يتحدثوا إليك".
كما كشف غوبيرت عن أنه استعان باسم مستعار كي يتمكن من شراء قارب حتى لا
يُشتبه في أنه يخطط لمغادرة البلاد. وقال :" قمت بتفقد مناطق على الساحل
تفصل بينها مسافة لا تزيد عن العشرة أمتار، وزوارق الشرطة كانت تتواجد
هناك في كل مكان بشكل مكثف. ولم أعثر على مكان لا توجد به زوارق تابعة
للشرطة، لذا وقع اختياري على مكان لا يوجد به إلا قارب واحد فقط. وفي
الليلة التي سبقت هروبي، ذهبت إلى مركز خفر السواحل وقمت بتخريب هذا
القارب حتى لا يتمكنوا من مطاردتي إذا شاهدوني في الليلة التالية وأنا
أقوم بتنفيذ عملية الهروب. وبرغم درايتي بأن ذلك يعد جنحة جنائية يحاسب
عليها القانون، لكني أقدمت علي ذلك دفاعا ً عن النفس. فقد كنت أحاول توفير
الحماية لنفسي من الأشخاص الذين كانوا يلوحون بتعذيبي".
وبعد قضائه ست ساعات في القارب، التقطه صديق له على متن مركب شراعي وقام
باصطحابه إلى مدينة مومباي الهندية. وفي يونيو / حزيران الماضي، أدين
غوبيرت باختلاس أموال من شركة دبي العالمية من خلال شركته إكسموس عن طريق
المبالغة في أسعار المعدات. ووقتها، قال المحققون إن اثنين من الغواصات
التي تعاقد على تطويرهما غوبيرت كانا معيبين ويفتقران لقطع ومكونات
أساسية. وهنا، نقلت الصحيفة عن غوبيرت قوله :" عندما رأيت أني أدنت غيابيا
ً، انتابت حالة شديدة من الغضب. فحتى بن لادن لم تتم محاكمته غيابيا ً.
ومع هذا، فأنا لست قلقاً من وضعي تحت مرصد المراقبة. والآن أنا في
الولايات المتحدة، لكي يتم ترحيلي، عليهم أن يلجؤوا إلى القضاء، ويستعينوا
بمحامين، ويقدمون أسباباً تعزز موقفهم في الموضوع. لكنهم لن يستطيعوا فعل
ذلك. وبالرغم من ذلك، فلازالت محتاطاً وحذراً.
وفي النهاية، ختم غوبيرت حديثه بالإشارة إلى أنه حوَّل قصته إلى
كتاب، عنونه بـ "الهروب من دبي" ، وقال إنه سيُنشر في شهر أكتوبر المقبل.
وأضاف :" أعتقد أن ذلك لم يكن بالأمر الذي يمكن تصديقه: ( أن أقوم بتأليف
كتاب عن ما حدث لي ) فإذا قمتم بربط الأحداث ببعضها، بدايةً من أن هناك
جاسوسا ً حقيقيا ً، يعمل في مجال تصنيع الغواصات، ويتعرض للخيانة بعد ذلك
من قبل هؤلاء الأشخاص، سوف تجدون أن ما أخبركم به هو قصة واقعية". هذا وقد
حرصت الصحيفة من جانبها على الإشارة في النهاية إلى أنها حاولت الحصول
ليلة أمس على تعليق رسمي من جانب شركة دبي العالمية حول هذه التفاصيل
المثيرة التي كشفها غوبيرت، لكن تعذر عليها ذلك.
متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير
مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم
تقم بتفعيله.