تحليل: مشروع إنشاء ميناء ضخم في الجزائر من قبل الصين يساهم في تعزيز التعاون أكثر بين البلدين
يؤشر فوز شركتين صينيتين بعقد إنجاز أكبر ميناء جزائري بتكلفة تقدر بـ 3.3 مليار دولار أمريكي إلى أن البلدين يسيران نحو المزيد من التعاون وتشابك المصالح بالنظر إلى العلاقات السياسية الممتازة بينهما، حسب خبيرين جزائريين.
وقال أستاذ الإقتصاد في جامعة تيزي وزو بالجزائر محمد عاشير لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن المشروع الجديد للميناء التجاري في منطقة الحمدانية (112 كم شمال غرب العاصمة الجزائر) يعتبر مشروعا طموحا وهو يشكل توجها آخر لنمط تمويل المشروع الذي هو تمويل صيني 100 بالمائة".
وسيتم تمويل هذا المشروع الذي تقدر تكلفته 3.3 مليار دولار في إطار قرض صيني على المدى الطويل، حسب مدير الموانئ بوزارة النقل محمد بن بوسحاقي.
وأكد عاشير أن "هذا النوع من التمويل في الجزائر جديد (التمويل الأجنبي) وطويل المدى ومبني على قاعدة 51/49 (النسبة الأكبر للجانب الجزائري) وهو فرصة للجزائر التي تواجه وضعية مالية صعبة جدا" بسبب تراجع عائداتها النفطية بسبب انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وقال "إن هذه الشراكة إيجابية للطرف الجزائري من حيث كسب المهارة بالنظر إلى التجربة الصينية في تسيير المشاريع الكبيرة".
وأوضح أن هذا المشروع "هو قاعدة لوجستية دولية تتربع على منطقة صناعية من ألفي هكتار، وهو ما سيسمح بجلب الإستثمارات وتوطين المشاريع الصناعية التي ستوجه حتما نحو الصادرات".
وتوقع عاشير أن الميناء الكبير "سيشكل محطة لا يمكن الإستغناء عنها في الملاحة الإقليمية والدولية التي تتعامل مع جنوب آسيا وإفريقيا".
وكان المجمع العمومي الوطني لمصالح الموانئ الجزائرية وقع الأحد الماضي مع شركة الدولة الصينية للبناء والشركة الصينية لهندسة الموانئ بالعاصمة الجزائر على مذكرة تفاهم لإنجاز مشروع الميناء التجاري الجديد.
وتنص المذكرة على إنشاء شركة تخضع للقانون الجزائري تتألف من المجمع الوطني لمصالح الموانئ وشركة الدولة الصينية للبناء والشركة الصينية لهندسة الموانئ.
وصرح وزير النقل الجزائري بوجمعة طلعي أن الشركة المختلطة ستكلف بإنجاز أعمال الدراسات والبناء والاستغلال وتسيير هذا الهيكل المينائي، على أن تدخل الشركة حيز النشاط بنهاية مارس 2016 بعد الموافقة على القانون التأسيسي من طرف مجلس مساهمات الدولة (الحكومة) والتوقيع على عقد المساهمين.
وينتظر أن ينجز ميناء الحمدانية في غضون 7 سنوات ولكن سيدخل حيز الخدمة تدريجيا في غضون 4 سنوات مع دخول شركة صينية "موانئ شنغهاي" التي ستضمن استغلال الميناء، حسب الوزير.
وحسب الوزير فإن الميناء سيسمح بربط الجزائر مع جنوب وشرق آسيا وكذا الأمريكيتين وإفريقيا وذلك بفضل ارتفاع حجم حركة النقل البحري المنتظر مع دخول ملاك سفن جدد ذوي مستوى عالمي.
وسيوجه الميناء المستقبلي أيضا إلى التجارة الوطنية عن طريق البحر كما سيكون "محورا" للمبادلات على المستوى الإقليمي حيث سيحوي 23 رصيفا تسمح بمعالجة 6.5 مليون حاوية و25.7 مليون طن من البضائع سنويا.
كما سيكون قطبا للتنمية الصناعية حيث سيربط بشبكات السكة الحديدية والطرق الكبيرة وسيستفيد في جواره المباشر من موقعين بمساحة ألفي هكتار لاستقبال مشاريع صناعية.
وسيمكن الميناء الجديد من رفع الطاقة الاستيعابية المينائية الحالية لمنطقة وسط البلاد والتي لا تلبي حاجيات تطور ونمو حركة التجارة في أفاق 2050.
من جهته، قال أستاذ الإقتصاد في جامعة بجاية بالجزائر محمد أمقران زوريلي لـ (شينخوا) "إن الظرف الحالي للعولمة حيث اشتداد المنافسة وارتفاع المبادلات تشير إلى أن هذا المشروع التجاري الكبير ستكون له تداعيات إيجابية على الجزائر".
وقال "إن الجزائر حاليا أمام تحدي تنويع اقتصادها للخروج تدريجيا من التبعية للنفط وهو ما يشكل عاملا هاما في خيارات الجزائر المستقبلية".
وأضاف "هذا الميناء سيكون حتما من بين الموانئ الأكثر تنافسية في حوض المتوسط وسيساهم في تجسيد مكانة الجزائر الجيوسياسية والاستراتيجية".
وصرح سفير الصين في الجزائر يانغ غوانغيو في مؤتمر صحفي (الإثنين) "نحن نعي أن الجزائر تمر بوقت حرج وشرعت في مسار التنويع الاقتصادي، الصين حققت بنجاح انتقالها إلى التصنيع، تعلمنا عدة دروس ونحن على استعداد لتقاسمها مع أصدقائنا الجزائريين".
واكتملت دائرة التعاون بين الجزائر والصين مع تتويجها بإعلان البلدين في فبراير 2014 الإرتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في 20 ديسمبر 1958.
وتستحوذ الشركات الصينية العاملة في الجزائر على استثمارات فاقت 20 مليار دولار تشمل البنية التحتية والمنشآت الكبيرة.وتصنف الصين منذ 2013 كأول شريك تجاري أجنبي بواقع 8 مليارات دولار سنويا مزيحة بذلك فرنسا الشريك التجاري لعقود.ويمتد التعاون بين البلدين ليشمل كل المجالات تقريبا منذ إنشاء اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بينهما العام 1982.ويشمل التعاون مجالات الطاقة والزراعة والبناء والبحث العلمي والثقافة والإنتاج الحيواني ومحاربة التصحر والري وتعبئة الموارد المائية والصناعة والتعاون العسكري والمجال النووي والصحة والبرلمان، وأخيرا التعاون الفضائي الذي تم في عام 2013.http://arabic.news.cn/2016-01/22/c_135033432.htm