منذ أواسط السبعينات, اضطلعت ال A-10 بدور محوري في أداء مهام الدعم الجوي القريب Close Air Support. فقد صممت خصيصا لهذا الغرض و زودت بما يلزم لإعطائها الفعالية اللازمة في هذا المجال.
أحد أهم أسباب السمعة المشرفة لل A-10 في ساحة القتال هو مدفع الغاتلينغ Gatling عيار 30 مم GAU-8/A Avenger . يستخدم هذا المدفع رصاصا من اليورانيوم المنضب الخارق للدروع Depleted uranium armor-piercing shells , و يطلق بمعدل 3900 رصاصة في الدقيقة الواحدة. يمكن لهذا المدفع تصويب 80% من قذائفه داخل دائرة قطرها 12,4 مم من بعد 1220 مترخلال الطيران. يبلغ مداه الأقصى 1220 متر بدرجة ميلان تبلغ 30 درجة, و يمكنه حمل 1150 طلقة.
إضافة إلى مدفع الغاتلينغ تملك الA-10 عدد 11 نقطة تعليق (4 تحت كل جناح و 3 تحت البدن) يمكنها حمل 7260 كغ من الأسلحة المختلفة:
قذائف الهيدرا Hydra عيار 70 مم, صواريخ AIM-9, صواريخ المافريك AGM-65 Maverick, إضافة إلى قنابل MK80 و MK82 وتشكيلة متنوعة من القنابل العنقودية و عائلة البايفواي Pave way series الموجهة بالليزر و قنابل JDAM...
أيضا تم تجهيز الA-10 ببود اطلاق الفلايرز SUU-42 A/A Flares/IR decoys و ببود الإجراءات الإلكترونية المضادة AN/ALQ-131 أو 184 و كذلك بود التهديف Sniper XR أو LITENING .
و لتعزيز بقائية الA-10 تم تزويدها بنظام طيران هيدروليكي إضافي كما تم تزويدها بنظام طيران ميكانيكي يمكن استخدامه في حالة فقدان النظام الهيدروليكي الأول و الثاني. و بهذه الطريقة تكون الA-10 قادرة على الصمود و العودة إلى قواعدها حتى بعد تلقي ضربات مؤثرة و خطيرة.
إضافة إلى ذلك تمت حماية المقصورة و أجزاء من نظام التحكم في الطيران ب450 كغ (أي 6% من وزن الطائرة فارغة) من دروع التيتانيوم Titanium aircraft armor, يبلغ سمك هذا الدرع من 13 إلى 38 مم و يمكنه الصمود أمام المدافع عيار 23 مم و حتى 57 مم. كذلك تم تزويد المساحة الداخلية التي هي في اتصال مباشر مع الطيار بطبقات متعددة من النيلون Nylon المقاوم للشضايا لحماية الطيار من الشضايا التي قد تسببها القذائف.
تستخدم الA-10 محركي TF34-GE-100 من انتاج General Electric يعطي كل منهما قوة دفع ب9065 باوند, و إجمالا يبلغ معدل الفع بالنسبة للوزن 0,36 . يمكن هذين المحركين الطائرة من بلوغ سرعة قصوى تصل إلى 706 كم/س .
شاركت الA-10 في العديد من الحروب (حرب الخليج, العمليات في كوسفو, أفغانستان, العراق سنة 2003, ليبيا...) و تشارك حاليا في العمليات ضد تنظيم الدولة. إلا أن فترة خدمتها قد شارفت على النهاية, إذ سيعمل سلاح الجو الأمريكي على اخراجها من الخدمة و تعويضها بالأف 35.
أثارت هذه النقطة كثيرا من الانتقادات من قبل محللين أمريكيين و أعضاء في الكنغرس و اعتبرت خطوة غير مجدية. قد يفسر البعض كل ما قيل من انتقادات حول تعويض الA-10 بالجي أس أف بأسباب مالية بحتة و بسعي القيادات الأمريكية و الرأي العام الأمريكي إلى الضغط على النفقات العسكرية. فمقاتلة الأف 35 يبلغ سعرها تقريبا تسع مرات سعر الA-10,كما أن تكلفة ساعة طيران الأف 35 إضافة إلى تكاليف الصيانة و قطع الغيار لا يمكن مقارنتها إطلاقا بتكاليف تشغيل الA-10.
إلا أن هذه الفرضية يمكن نسفها بسهولة, فقد علق أحد طياري الأف 35 على هذه المسألة قائلا: الA-10 ستبقى دائما أفضل من الجي أس أف في الدعم الجوي القريب لأنها صممت لمثل هذا النوع من المهام, بالضبط مثلما أن الأف22 ستبقى دائما أفضل من الجي أس أف في القتال جو جو لأنها صممت خصيصا لهذا الدور.
بداية, رغم أن الحمولة الخارجية القصوى Maximum external payload للأف 35 مساوية تقريبا لحمولة الA-10, فإن الجي أس أف تعاني من نقطة ضعف لا يمكن اخفاؤها مقارنة بالA-10.
إن الأف 35 A هي الوحيدة, من بين نسخ الأف 35, التي تملك ضمن تسليحها مدفعا داخليا Internal cannon. لكن هذا المدفع لا يقارن بقاتل الدبابات الذي تحمله الA-10, إذ لا يمكنه حمل سوى 180 رصاصة من عيار 25 مم فقط غير مؤثرة إلا على العربات خفيفة التدريع (مقارنة ب1150 رصاصة عيار 30 مم بالنسبة للA-10).
أما بالنسبة للأف 35 B و C فقد تم التخلي عن المدفع لتخفيف الوزن مقابل استعمال مدفع "نصف شبحي" Semi-stealthy وهو عبارة عن بود يتم تعليقه تحت بدن المقاتلة. و لئن تميز هذا المدفع عن المدفع الداخلي المركب على الأف 35 A بقدرته على تخزين عدد أكبر من الطلقات, فإن التاريخ يثبت لنا عدم فعالية الGun pods . فقد تمت تجربة هذا النوع من المدافع سابقا على مقاتلات الأف 4 و الأف 16 و في النهاية تم التخلي عن هذه الفكرة نتيجة الإشكال الكبير فيما يخص الدقة.
إن قيام الجي أس أف بمهام الدعم الجوي القريب يتطلب تزويدها بالمستشعرات اللازمة لتوفير الرؤية الواضحة لساحة القتال و لتبادل البيانات اللازمة مع المشاة. و لهذا الغرض تستعمل الأف 35 نظام EOTS Electro-Optical Targeting System المركب على أنف الطائرة وفق تصميم يمكن من الحفاظ على الشبحية إذ يسمح هذا التصميم بالتقليل من الانبعاثات الغير مرغوب فيها, على عكس البودات التقليدية المعلقة على بدن المقاتلة.
إلا أن العديد من المحللين و النقاد يرون أن الأف 35 تتأخر 10 سنوات تقريبا في هذا المجال عن الطائرات العاملة حاليا في سلاح الجو الأمريكي.
يتكون نظام EOTS من كامرا عالية الدقة تعمل في مجال الأشعة تحت الحمراء Large high resolution infra red camera و جهاز تلفاز يعمل في الطيف البصري Optical spectrum يمكن المقاتلة من اكتشاف و تتبع الأهداف الأرضية بصريا. كما يمكنه أيضا تعيين الأهداف عبر التعيين الليزري و بالتالي توجيه القنابل الموجهة بالليزر.
إلا أن التكنولوجيا المستعملة في هذا النظام تعود لعشر سنوات مضت و لا تتفوق بأي حال من الأحوال على نظيرتها المستعملة حاليا من قبل مقاتلات سلاح الجو الأمريكي. إن آخر أجيال البودات المطورة سواء من قبل (Lockheed Martin (ATP-SE أو من قبل NorthropGrumman(LITENING-SE ) تستعمل صور فيديو بتقنية HD أوضح بكثير من الصورالمقدمة بواسطة نظام EOTS سواء في طيف الأشعة تحت الحمراء أو في الطيف البصري. كما أنها قادرة على ارسال المعلومات إلى القوات المقاتلة على الأرض و بالتالي تزويدها بمعطيات حيوية للغاية, و هو ما يفتقر إليه نظام EOTS مما يشكل نقطة ضعف كبيرة.
أيضا يتفوق هذين البودين (ATP-SE (Advanced Targeting Pod-Sensor Enhancement و LITENING-SE على نظام EOTS بقدرتهما على تعيين الأهداف الأرضية بواسطة شعاع ليزر في مجال الأشعة تحت الحمراء Infrared Laser Beam. إن غياب وسيلة لتعيين الأهداف تعمل في مجال الأشعة تحت الحمراء Infrared pointer يعتبر اشكالا كبيرا حسب ما أكده الكثير من الطيارين الذين يتمتعون بخبرة في عمليات دعم القوات الأرضية Support of ground forces .
و إجمالا تعتبر دقة الكامراالمستخدمة في نظام EOTS و مداها أقل بكثير من دقة و مدى أجهزة التصوير المستعملة في البودات الحالية.
و لتوضيح الصورة أكثر, يكفي أن نذكر أن النسخة المتقدمة التي أنتجتها Lockheed Martin و هي ATP-SE طورت انطلاقا من بود Sniper XR الذي يرتكز عليه نظام EOTS.
إضافة إلى هذا كله, تعتبر سرعة محرك الA-10 البطيئة مقارنة بسرعة الأف 35 نقطة تصب في مصلحة الA-10 .فعمليات الدعم الجوي القريب تتطلب طيرانا منخفضا بسرعات بطيئة نسبيا لتوفير دقة أكبر في استهداف القوات المعادية على الأرض و التي قد تكون في بعض الأحيان شديدة القرب من القوات الصديقة.
كما أن طبيعة العمليات في الدعم الجوي القريب تجعل الطائرة أكثر عرضة لخطر الدفاعات الأرضية المضادة للطائرات بما في ذلك الرصاص الخارق للدروع, و هو ما يؤثر على بقائية الطائرة. و في هذا الإطار, تعطي الدروع المركبة على الA-10 نقطة تفوق كبيرة لها, إذ تتفتقر الأف 35 لدروع توفر نفس الحماية التي تتلقاها الA-10 .
لعل نقطة التفوق الوحيدة التي تملكها الأف 35 مقارنة بالA-10 فيما يخص عمليات الدعم الجوي القريب هي الشبحية. إلا أن طبيعة العمليات المقبلة, و التي ستكون في أغلبها مزجهة ضد مجموعات ارهابية و ميليشيات غير نظامية أو في أقصى الحالات ضد جيوش ذات كفاءة أقل بكثير من كفاءة الجيش الأمريكي (يضع الأمريكان هذه التهديدات تحت مصطلح التهديدات اللاتماثلية Asymetric threats) تجعل من الشبحية أمرا كماليا غير ذي بال يمكن الاستغناء عنه أثناء أداء مهام الدعم الجوي القريب.
و بعد هذا التحليل, يمكننا اعتبار تعويض الA-10 كليا بالجي أس أف لأداء مهام الدعم الجوي القريب في سلاح الجو الأمريكي خطوة إلى الوراء... حيث أن الA-10 صممت خصيصا لأداء هذا الدور و لا يمكن لمقاتلة الجيل الخامس تعويضها بنفس النجاعة المطلوبة.
ختاما تجدر الإشارة إلى أن هذه الثغرات التي تم تبيينها أكثر وضوحا من أن تخفى على قيادات سلاح الجو الأمريكي. و في هذا الصدد تسعى Lockheed Martin إلى تطوير نظام EOTS إلى نظام Advanced EOTS
يحتوي هذا النظام الجديد قدرات متقدمة و لعل أهم التعديلات و التحديثات التي أدخلت على النظام هي استخدام جهاز تلفاز بتقنية HD إضافة إلى جهاز تعيين ليزري يعمل في الأشعة تحت الحمراء, و عموما يقدم النظام الجديد صورا ذات دقة أكبر مقارنة بالنظام الأصلي EOTS. يمكن تركيبه بكل سهولة مع تعديلات طفيفة لا تؤثر إطلاقا على شبحية المقاتلة نظرا لتطابق الحجم و مكان التركيببين النظامين الأصلي و المحدث.
لكن على الأمريكان الانتظار ثلاث سنوات أخرى, فنظام Advanced EOTS سيتم تركيبه تدريجيا على الأف 35 بلوك 4 بين سنتي 2019 و 2025.
و هكذا يبقى السؤال مطروحا, هل تلجؤ أمريكا في النهاية إلى الإبقاء على عدد من الA-10 مع إحداث بعض التطويرات عليها, حتى تواصل أداء مهام الدعم الجوي القريب جنبا إلى جنب مع الأف 35؟؟؟
المصادر
1
2
3
4
5
6