شبابنا يعزف عن مشاريع الخدمات على العمل الإنتاجي
...العمالة الأجنبية تستحوذ على مشاريعنا التنموية
بقلم: فاطمة الزهراء طوبال
zhoralgerie@hotmail.fr
واجهت الجزائر بشكل عام مشكلة البطالة عند الشباب و بالأخص خريجي الجامعات، الذين اجتازوا مشوارا طويلا جسّدوه في الأخير بشهادة تحمل تتوج سنوات الكد و التحصيل الدراسي الجاد لخول عالم الشغل من بابه الواسع، ورغم ان بعض المتخرجين ظفروا بمناصب شغل في إطار عقود ماقبل التشغيل لتحقق قلة قليلة منهم حلم الإندماج في مؤسسات المجتمع المدني إلا أن البقية لاتزال تصارع هاجس البطالة في ظل عجز الإدارات العمومية عن توفير مناصب شغل لهؤلاء الشباب حيث أشارت الصحافة المحلية أن مناصب السنة الفارطة مخيبة لآمال خريجي الجامعات مع العلم أنها لا تغطي حتى 25 بالمائة من مجموع الطلبات بوهران.
مما اضطرت الجماعات المعنية إلى مطالبة الوزارة الوصية بحصة إضافية من المناصب الإدارية أمام584 طلب أودع بين شهري يناير و فبراير من السنة الماضية و هذا لامتصاص عدد البطالين في إطار برنامج عقود ماقبل التشغيل.
وتشير المصادر التي أوردت الخبر إلى أن عدد الطلبات وصل إلى 9100 طلب من طرف حاملي الشهادات الجامعية خلال الفترة الممتدة بين2006 و2007 وللإشارة فإن هذه الأرقام مرشحة للتصاعد السنوات المقبلة، ذلك أن ظاهرة البطالة صارت معضلة الشباب تخلق فيهم خمولا ذاتيا لافرار منه،وبالمقابل فإن برنامج تشغيل الشباب في إطار عقود ماقبل التشغيل لمدة أقصاها سنتين للشاب الواحد هو غير كاف للحد من هذا الهاجس ذلك أنه بمجرد انقضاء مدة العقد، يعود الشاب إلى كابوس هذه الظاهرة المريب، ومن خلال ذلك سعى كل من رشيد و سمية و فاطمة و المستفيدون من هذا البرنامج لإيجاد حل جذري لوضعهم المتردي بعدما انتهت مدة عقودهم فأبت المصالح المعنية بهذا البرنامج أن تمدد لهم العقد للسنة الثالثة لأن القانون لايسمح بذلك حسب تصريح مصادر من مديرية التشغيل.
هاجس البطالة
فعادوا إلى هاجس البطالة وتحول الأمر بالنسبة إليهم إلى كابوس اغتال طموحهم، معتبرون أنهم بددوا وقتهم في السعي خلف سراب.
وللإشارة فقد كشف المعهد الوطني للإحصاء أن نسبة الشباب البطال تراجعت إلى 12.3 في عام 2006 مقارنة ب15.3 % سنة 2005، إلا أن بعض الآراء تعتبر أن العاطلين عن العمل في تزايد سنويا،مضيفين أن العمل في إطار عقود ماقبل التشغيل هو عمل مؤقت وليس توظيفا،حيث لايمكن اعتبار أولئك الذين يعملون لأشهر قليلة كموظفين، ويلزم أن يزضع الشباب الذين يعملون في إطار هذا البرنامج على قائمة العاطلين عن العمل.
هذا،وتنبأ تقارير منظمة العمل الدولية إلى ارتفاع معدل البطالة بالمغرب العربي إلى 25 مليون عاطل سنة 2015
رأي علماء الاجتماع
يرى الدكتور نجاح مبارك أخصائي في علم الاجتماع و أستاذ محاضر بجامعة وهران ان اعتماد الجزائر على هذه السياسة في تشغيل الشباب مباشرة بعد خروجها من الأزمة التي عرفتها السنوات السابقة لم تكن مبنية على دراسات علمية إذ خسرنا الملايير في إنشاء المصانع التي كانت تشغل اللآلاف من الشباب بدون أي نشاط إنتاجي وقد دعا ذات المتحدث المصالح المعنية بتشجيع الاستثمار في الجنوب الجزائري التي تتوفر فيه على كل الشروط فمثلا هناك ولايات في الجنوب الجزائري تفتقر إلى أطباء اخصائيين.
القائمون على الاستثمار المحلي يدعون الشباب للعمل الإنتاجي
هذا، ويسعى المشرفون على الإستثمارات المحلية بوهران، إلى إقناع الشباب للإلتحاق بالعمل الإنتاجي خاصة بعدما توفرت الظروف التي تساهم في توفير مناصب شغل لهم، مامن شانه الدفع بعجلة التنمية بولاية وهران ، حيث اتخذ رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية وهران على عاتقه مسؤولية اعتماد استراتيجية تعمل على توفير مناصب شغل للشباب في قطاع البناء بهدف التقليص من حدة المشاكل الإجتماعية كظاهرة الهجرة غير الشرعية، و التي بلغت حصيلتها الإجمالية1571 حراقا سنة 2007 على المستوى الوطني.
وهران استفادت من مشاريع استثمارية لفائدة الشباب
مع العلم أن وهران استفادت من غلاف مالي قيمته 110 مليار سنتيم في ثلاث قطاعات: البناء،الفلاحة،و الأشغال العمومية، وللإشارة فإنها انطلقت جميعها بشرق وهران السنة الفارطة،إذ تدعم قطاع البناء لوحده بغلاف مالي قدره 115 مليون سنتيم.
كما استفادت وهران كذلك من 30 مشروع سياحي حددت قيمته المالية ب361 مليون دينار جزائري سيسمح بتوفير 123 منصب شغل للشباب البطال.
العمالة الأجنبية تشرف على العمل الإنتاجي بوهران
هذا، وقد ذهبت بعض تقارير الصحافة المحلية إلى اعتبار أن اليد العاملة الأجنبية احتكرت 55 بالمائة من المشاريع التنموية، مضيفة أنه تم إسناد مهمة إنجاز إحدى عشر مشروع تنموي إلى الأجانب ماتعداده 1118 عامل بين سنة 2007 و مطلع سنة 2008 وعلى رأسها مشروع تطهير المياه القذرة، ناهيك عن مجال المحروقات و كذا التوسع العمراني تحت إشراف مؤسسة صينية ينشط بها 2048 عاملا، منه 930 عامل جزائري فقط حيث اعتبرت تلك التقارير أن العمالة الاجنبية أحالت شبابنا على البطالة.
رأي الأخصائيين:
فيما يوضح الاخصائي الإجتماعي مبارك نجاح بأنّ قضية العمالة الأجنبية بالجزائر ليست بقضية جديدة لان الاجانب برايه يشتغلون في قطاعات إنتاجية في حين لايتوجه إليها الشباب وهنا يطرح السؤال لماذا ينفر الشباب من العمل المنتج؟
إن الأمر يتعلق بتوجيه الشباب و مجالات توظيفهم لكن العمالة الأجنبية كانت متواجدة منذ سنين و الدليل على ذلك مزارع المعمرين التي اكتسب فيها عمال مغاربة خبرة كبيرة في المجال الزراعي.
هذا، و يستطرد ذات المتحدث مضيفا بأنّ العمالة الأجنبية خرجت من نشاط الخدمات إلى التجارة فقد تحولت من وسيطة إلى ربة عمل حاليا فالأمر يذكرنا تاريخيا بعمال وسطاء دخلوا الجزائر كالهولنديين و الإسبان فأصبحوا فيما بعد يتحكمون بثروات الجزائر، هذا درس يذكرنا بمشكلة خطيرة تعرضت لها الجزائر فلا تزال الأمور عشوائية ينبغي تقويمها و يضيف الدكتور نجاح مبارك بأنّ الدولة تنفق الملايير و تخلق بذلك تذمرا للشباب فعلا و انا اسميهم الغاضبون وهذا الغضب هو مهد العصيان ورد فعل لهذه السياسة في التشغيل و ماقبل التشغيل فالقضية هي قضية سياسة كبرى بين الإتحاد الاوربي و المغرب العربي وهي محكومة بهذه الميكانيزمات لهذه العلاقات.
حقيقة مرة يتجرع منها شبابنا طعم التذمر الذي صار هاجسا ماراطونيا يقمع الذات،فمتى يصير الشاب الجزائري مخدوما لا خادما و مشرفا على مشاريعنا المستقبلية؟