تامر ابراهيم
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 84 المهنة : مدير المنتدى ساحات ااطيران العربى الجديد المزاج : http://4flying.realmsn.com/index.htm التسجيل : 22/03/2009 عدد المساهمات : 309 معدل النشاط : 604 التقييم : -2 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: فـــــــــزع د. تامر إبراهيم يدك الثلاثاء 8 سبتمبر 2009 - 13:07 | | | فـــــــــزع
د. تامر إبراهيم
رسوم : نبيلة الطنطاوى
اليوم ستذهب "ليلى" إلى المعسكر...
يا إلهي.. ستترك "ليلى" المنزل يومين كاملين...
هكذا فكر الدكتور "شريف" بقنوط وأسى.. يومين كاملين يقضيهما مع زوجته.. وحدهما... في المنزل...
إن الفكرة تبدو مفزعة حقا..!
الساعة الآن التاسعة مساء للأسف.. سيضطر لإغلاق العيادة والعودة إلى الجحيم.. منزله..
وتحت سيل من الأمطار الهادرة، التي أخذت تدك سيارته دكًا، أخذ الدكتور "شريف" يقود سيارته، وفي رأسه عاصفة من الافكار أشد هولاً من تلك التي خارج السيارة..
حسنًا.. سيعود إلى المنزل لتستقبله زوجته، بنظراتها الكئيبة المتحفزة للشجار لأي سبب وبدون سبب..
حقًا ستستغل اليومين التي ستقيمهما ابنتها "ليلى" خارج المنزل خير استغلال..
ستعيد له الشريط الكئيب، عن كيف تحملته أيام فقره، وهي سليلة الأسر الراقية، وكيف رضيت به وبالحياة معه.. هو الهمجي الغبي الذي يظن نفسه ملكًا لمجرد أنه رجل..
اللعنة..!!
إن حوادث السيارات تحدث كل يوم.. فهل ينقذه حادث ما من الساعات الرهيبة التي في انتظاره؟!
لكن.. ها هو المنزل يلوح له، وسط الظلام والأمطار، ككابوس مجسم.. النافذة المضاءة في الطابق العلوي تقول إنها هناك.. في انتظاره..
اجتاز الدكتور "شريف" بوابة المنزل.. فالحديقة التي أحالتها الأمطار إلى مستنقع طيني لزج.. فالمرآب، حيث ترك سيارته، وخرج منها متجهًا إلى باب المنزل، وكأنما سيسلم نفسه في معتقل سيبريا...
ألا يمرض أحدهم في هذا الطقس فيرسل في استدعائه؟
بيد مرتجفة من البرد -أو لعله الانفعال- مدّ يده بالمفتاح.. وفتح على نفسه بوابة جهنم...!
الردهة المظلمة أمامه.. ودرجات السلم التى لوّثها بصيص من الضوء القادم من الطابق العلوي..
الطابق العلوي.. حيث تنتظره هي...
وقد تساقطت كتفاه.. وبخطوات متثاقلة مهمومة، أخذ يصعد الدرج و..
"أخيرا جئت..."
الصيحة الشرسة تستقبله، كطبول الحرب إيذانًا ببدء ليلة جديدة من الشجار.. حسنًا, فليحتمل قدر المستطاع.. ثم فليندس في فراشه حتى الغد...
قد يستيقظ غدًا، فيجدها جثة هامدة.. من يدري؟؟
أما هي فبدت أمامه تقف على باب الغرفة المظلمة، وقد صنعت الظلال في وجهها لوحة مرعبة للغضب والوحشية..
واصلت الصراخ:
- أين كنت طيلة الوقت؟؟ فأجابها بلا اكتراث محاولاً التماسك: - في العيادة... - إلى هذا الوقت...؟ - العاصفة أخرتني.. إن كنت تشكين في هذا انظري من النافذة.. التمعت الكراهية في عينيها وهي تتابعه إذ يدخل الغرفة ويبدأ في نزع سترته, لتقول: - العاصفة.. أم أنك تعمدت التأخر.. تعمدت عدم المجيء؟؟ كاد يصارحها بأن هذه هي الحقيقة، ولكنه آثر السلامة, وابتلع رده مع ريقه وهو يواصل نزع سترته.. لكنها لم تتوقف.. انفجرت تعيد عليه النغمة الخانقة.. للمرة المليون ربما.. وردد هزيم الرعد صراخها بدوي هزّ كيانه هزًا.. "كفي.. كفي.."
خرجت الكلمة من بين شفتيه هادرة.. باترة.. تحمل كرهه.. وغضبه.. وثورته... ومقته.. لكنها لم تتوقف... بل ازدادت هياجًا.. وارتفع صوتها حتى غطى على صوت هزيم الرعد ذاته و.. و.. ولا يمكن تفسير ما حدث بالضبط.. ولكنه كان حتميًا.. ربما العاصفة.. ربما الصراخ.. ربما الغضب والكراهية.. ربما لأن أعصابه لم تتحمل المزيد.. ربما هو مزيج من هذا كله.. المهم أنه وجد نفسه يقفز ليقبض على عنقها ليعتصره بقوة عاتية محاولاً إسكات صراخها.. صراخها الذى استمر لحظة.. ثم استحال إلى حشرجة.. ثم القرقعة المخيفة التي بدت كهزيم ألف رعد.. ثم صمتت تمامًا.. وحين أفاق كانت أصابعه لا تزال تعتصر عنقها.. وكان رأسها قد مال إلى الخلف بزاوية غير طبيعية والرغاوي تسيل من فمها.. وكانت عيناها الجاحظتان مسددتين تجاهه، ترمقانه بكراهية.. حدق هو لحظة في هذا كله.. ذاهلاً.. خائفا.. ثم ترك أصابعه تنسل من حول عنقها.. وللحظة ظلّت واقفة.. ثم سقطت.. أخيرًا سقطت.. وصمتت...! وبانفعال هائل أخذ يلهث غير مصدقً أنه فعلها.. ثم جلس على الفراش وأشعل سيجارة نفث دخانها في سماء الغرفة.. مسرح الجريمة.. لقد ماتت.. لكم تبدو الفكرة مفزعة.. مخيفة... ومريحة..! لقد ماتت.. لقد تخلص منها.. ثم انقطع التيار الكهربائي بغتة.. فساد الظلام المكان.. ورغمًا عنه احتبس دخان السيجارة في صدره، فأخذ يسعل بشدة حتى دمعت عيناه.. ثم بدأ شعور عجيب بالفزع يكتنفه.. هو... وهي –سابقًا- في الغرفة والظلام يغلف كل شيء.. والأمطار تضرب زجاج النافذة بدوي مخيف, امتزج بهزيم الرعد ليصنع مزيجًا مخيفًا كموسيقى تصويرية لفيلم رعب.. رعب؟ إن الشعور الذي يشعر به حقًا هو الرعب.. يجب أن يغادر الحجرة فورًا.. هكذا ودون تفكير أطفأ الدكتور "شريف" سيجارته, واندفع خارجًا من الغرفة حتى إنه تعثر بجثة زوجته, مما أورثه فزعًا على فزعه دفعه للعدو إلى الأسفل.. إلى الردهة حيث أخذ يلهث، عاجزًا عن التفكير.. لقد قتلها.. أنهى حياته الزوجية الفاشلة بجريمة قتل.. لابد أن السجن هو مصيره.. لا.. ليس السجن.. بل المشنقة.. الإعدام شنقًا... "ليلى".. يا إلهي.. "ليلى".. كيف لم يفكر فيها.. في المصير المظلم الذي ينتظرها بأم مقتولة وأب محكوم عليه بالإعدام؟ الضوء.. ليدخل بعض الضوء في المكان ثم يفكر.. نعم، لابد من أن الشموع على المائدة.. أين الثقاب؟..ها هو.. وبذات اليد المرتجفة أشعل عود الثقاب.. تراقص لهب الشعلة للحظة إثر نسمة هواء باردة أثارت رجفة في جسده.. ثم مدّ يده, ليشعل فتيل الشمعة وليغزو الضوء المكان على استحياء.. وعلى الضوء المتقطع الشاحب.. ظهر وجهها..! ارتد بهلع ليصطدم بالمقعد، فسقط أرضا مطلقا صرخة فزع مدوية.. إ.. ن.. ه.. و.. ج..ه.. ه.. ا.. الوجه المحتقن والذي بدأت تغزوه الزرقة، والرغاوي تسيل من فمها والعينان الجاحظتان ترمقانه بكراهية.. أخذ جسد "شريف" يرتجف بشدة, والبرودة تغزو عظامه، وهو يحدق ذاهلاً مرعوبًا في زوجته التي استقرت أمامه على مقعد المائدة, ورأسها يميل إلى الخلف بزاوية غير طبيعية.. مستحيل.. مستحيل.. إنه يهذي.. بالتأكيد هو يهذي.. تغلب ذهوله على فزعه، فقفز واقفًا وانطلق عدوًا إلى الطابق العلوي, إلى حيث لم يجدها..! "إنها لم تمت.." هكذا هتف ثم انطلق يعدو مجددًا إلى الأسفل.. إلى المائدة حيث جلست هي.. وبخبرته الطبية لم يحتج لمجهود بالغ ليدرك أنها ميتة.. للأسف ميتة..! بهستيريا تامة أخذ الدكتور "شريف" يضحك, وقد ألقى البرق بوميض شاحب على وجهه, تلاه هزيم الرعد الذي امتزج بضحكاته.. ما زالت تطارده حتى وهي ميتة.. ياللحماس.. ياللقسوة..! ثم استحالت مشاعره كلها بغتة إلى جذوة مشتعلة من الغضب.. ليتخلص منها نهائيًا.. الجثة.. الحديقة.. الجاروف في المرآب.. الصورة مكتملة ولا تحتاج إلا إلى التنفيذ.. وتحت المطار.. تحت وميض البرق.. في قلب العاصفة، وقف الدكتور "شريف" في الحديقة يحفر.. ويحفر.. يحفر قبرها.. استمر الأمر لساعتين قبل أن يعود منهكًا خائر القوى إلى داخل المنزل والمياه والطين اللزج يغمرانه.. هذه المرة تخلص منها حقًا.. حتى لو كانت من هواة السير أثناء الموت..! الآن يغتسل.. ويخفي آثار ما حدث، وفي الغد يتخلص من الجثة نهائيًا.. لن يسمح لها أن تدمر مستقبله كما دمرّت حياته, وإن لم يكن من أجله, فليكن من أجلها.. من أجل "ليلى".. نعم.. لن يســ.. الطرقات الكئيبة على باب المنزل.. طرقات جمدت الدماء في عروقه, وانتصب لها شعره.. لا.. لا يمكن.. إنها العاصفة.. لا.. ليست العاصفة.. إنها هي!!
هي.. هي.. هي.. قادمة من أجله.. لتنتقم.. لتقتله.. "لااااااا..." صرخ بها وعيناه تلمعان بجنون مطبق.. لن يسمح لها هذه المرة.. اندفع عبر درجات السلم إلى الطابق العلوي.. غرفته.. المسدس في درج المكتب حيث اعتاد أن يضعه للطوارئ.. |
|
alaa_0xx
عريـــف
الـبلد : التسجيل : 24/02/2009 عدد المساهمات : 62 معدل النشاط : 47 التقييم : 2 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: فـــــــــزع د. تامر إبراهيم يدك الثلاثاء 8 سبتمبر 2009 - 16:01 | | | وبعديـــــــــــــــــــــــن
|
|