نشر معهد «ستراتفور» الأمريكى للدراسات الاستخباراتية والأمنية، المعروف بتبعيته للمخابرات المركزية الأمريكية حتى إن الصحافة الأمريكية تطلق عليه اسم «وكالة المخابرات فى الظل»، أو «الوجه المخصص للسى آى إيه»، تقريرًا حول الجيش المصرى، تحت عنوان: «التفكير التقليدى للعسكرية المصرية»، تناول فيه المنهج الذى تتبعه القوات المسلحة المصرية فى تطوير أدائها ورفع كفاءتها.
ويقول التقرير إنه منذ القضاء على الاستعمار، كان لدى مصر أكبر وأقوى جيش فى العالم العربى، حيث اعتمدت الدولة المصرية المستقلة طوال تاريخها على الجيش لحماية المصالح الإقليمية، فى صراعها الذى استمر عقودًا مع إسرائيل، ومرة أخرى فى نزاعات مع ليبيا والسودان على حدودها الغربية والجنوبية.
ويضيف التقرير: «بينما تضاءل التهديد الوجودى من الجيوش الأجنبية التقليدية فى السنوات الأخيرة، ظهرت أخطار غير تقليدية خاصة بالإرهاب مما دفع مصر للتركيز على تطوير جيشها للتصدى لتهديد الأخطار الداخلية والغزو الخارجى المفجع غير المرجح لكنه ممكن، مع استدعاء قوات الجيش المصرى للوقوف إلى جانب القوة العربية المشتركة».
ويوضح أنه: «منذ عقود مضت كان صراع مصر المطول مع إسرائيل يحتل مركز الأحداث باعتباره التهديد الأكثر إلحاحًا الذى يواجه الحكومة، لكن بمرور الزمن تضاءل تهديد غزو مصر بواسطة بلد آخر، ومن غير المرجح - إلى حد كبير - الآن أن تحاول إسرائيل، القوة التقليدية الحقيقية الواقعة على الحدود مباشرة، مهاجمة مصر»، مشيرًا إلى نجاح الجيش المصرى فى احتواء حركة «حماس» فى غزة وتقويضها.
ويعرج التقرير على الوضع الحالي فى البلاد، إذ يشير إلى تهديد وجود الدولة المصرية من خلال الجماعات المسلحة فى شبه جزيرة سيناء، لكنه يؤكد أيضًا نجاح القادة العسكريين فى الحفاظ على وجود أمنى راسخ فى البلاد، لافتًا إلى نجاح الجيش المصرى فى السيطرة بقوة على تماسك قواته والبلاد فى ظل المصاعب الاقتصادية والدواعى الأمنية المتنامية التى تواجه البلاد»، متوقعًا مواصلة مصر التركيز على تطوير واستدامة قواتها العسكرية التقليدية لحمايتها من التهديد المحتمل.
وحول البنية التقليدية للقوات المسلحة المصرية، يقول: «ربما يكون تقدير الجيش للتهديدات أكبر عامل يسهم فى تأكيده المستمر على القدرات التقليدية. ولا شك فى أن القادة المصص ريين يفهمون أن التمرد والإرهاب يمثلان التهديد الأكثر إلحاحا. ولا يعنى هذا أنهما كذلك الأكثر خطورة. فالمعارك المصرية فى القرن العشرين، ومنها حربا ١٩٦٧ و١٩٧٣ مع إسرائيل، مازال لها أثرها الكبير على حسابات الجيش، وبما أن الظروف الجيوبوليتيكية فى الشرق الأوسط متقلبة، فمن المرجح ألا يقلل قادة مصر من الهجوم العسكري التقليدى باعتباره تهديدا محتملا».
ويضيف: «بُنيت المؤسسات العسكرية المصرية على مر العقود وتحسينها من أجل الحرب التقليدية واسعة المجال. وتسرب هذا التركيز إلى داخل التعليم العسكرى والتدريب والأيديولوجيا والمبدأ، وتشكيل التصورات وكذلك بنية القوات، حيث إن القادة المدربين على الحفاظ على تفوق مصر وتعزيزه فى الحرب التقليدية لهم أدوار فى التخطيط العسكرى».
ويرجح التقرير أنه نظرا لتحمل القدرة على التباهى بأكبر الجيوش العربية، وأكثرها تقدما وذات مكانة كبيرة سوف تواصل الدولة المصرية والجيش المصرى السعى للحصول على القدرات التقليدية فى محاولة للاحتفاظ بتصور إيجابى وتعزيزه.
وفى هذه النقطة يشير التقرير الاستخباراتى، إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل طلبا من مصر ضرورة أن تعدل من وضعها الأمنى لتصبح أكثر براعة فى معالجة التمرد والإرهاب، إلا أنها رفضت ذلك، وواصلت جهودها فى نشر قوات الانتشار السريع المجهزة بأسلحة المشاة المتطورة والأجهزة البصرية وأجهزة الاتصال، المدعومة بالمعلومات الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع المحسنة، مع الاستثمار فى بطاريات الصواريخ أرض جو، والصواريخ المضادة للسفن، والدبابات والفرقاطات.
وفيما يتعلق بالتسليح، يشير التقرير إلى ابتعاد الجيش المصرى عن المصادر الأمريكية للمعدات العسكرية، ففى أعقاب الربيع العربى انتهت مصر إلى أن الولايات المتحدة شريك لا يُعتمد عليه، وبدأت شراء أسلحة من روسيا وفرنسا والصين، حيث إن هذه البلدان تبعد السياسة عن مبيعات السلاح، مع الانتقال إلى مصادر مختلفة للسلاح والتدريب العسكرى واللوجستيات. ومن منظور حجم القوة والقدرة.
ويؤكد التقرير استمرار مكانة الجيش المصرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتكون الأوسع دون تغيير إلى حد كبير، حيث تستثمر مصر مبالغ ضخمة فى الأسلحة التى غيرت قدرتها على استعراض القوة، وتطوير قوتها البحرية، مشيرا إلى قدرة على تنفيذ عمليات داخل حدودها وعبرها بشكل مباشر فى ليبيا والسودان، وكذلك ضد إسرائيل من الناحية النظرية. وفى ظل العلاقات المتنامية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجى، وكذلك تشجيع إنشاء قوة دفاع عربية مشتركة، ومع الدعم السياسى واللوجيستى الكافى، قد تقوم المقومات المصرية من الناحية النظرية بدور مهم فى الحملة العسكرية فى أنحاء المنطقة لتصبح الأكبر، مع التأكيد على أن أى تحركات للجيش المصرى فى الداخل أو الخارج لن تمثل أى خطر على استقرار الحكم فى مصر.
http://www.addiyar.com/article/1016317-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9--%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%88%D8%A3%D9%82%D9%88%D9%89-%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%89