استنفار عام في إسرائيل و العواصم الغربية بعد خطاب نصر الله
تنقل تهديدات نصر الله بحرب مفتوحة، مع إسرائيل، الصراع إلي مستويات جديدة
خطيرة، قد تضر حزب الله وحركة المقاومة، أكثر ما تضر إسرائيل.
والحرب المفتوحة قد تعني استخدام أسلحة محرمة دوليا، أو توسيع نطاق
المواجهة لتشمل المدنيين بين الطرفين، أو توسيعها خارج حدود كل طرف،
باستهداف عناصره، أينما وجدوا.
والحالة الأخيرة هي التي قصدها نصرالله ردا علي الحرب المفتوحة
التي بدأتها إسرائيل باغتيال القائد عماد مغنية في دمشق، بعيدا عن ميدان
المواجهة في ساحات القتال.
واذا تجاوز إنذار نصر الله أغراض الحرب النفسية لإطفاء فرحة إسرائيل
بالغنيمة التي نالتها، أو كسب الوقت لتغطية ثغرة أمنية انكشفت، أو الحفاظ
علي معنويات قواته بعد ضربة موجعة، فإن احتمالات خسارته، تصبح أكثر من
احتمالات كسبه.
فأكثر ما يضر حزب الله وحركة المقاومة كلها أن ينجر إلي حرب أهلية تستنزف قواه في الداخل، أو حرب مفتوحة تستنزف قواه في الخارج.
و من الصحيح ان حزب الله يمكن ان ينال من اسرائيل في عواصم العالم، أكثر
مما تنال منه ، باختصار لانه لا يوجد له سفارات ومكاتب وبعثات مكشوفة،
يمكن أن تكون هدفا للضربات، فخلايا حزب الله في هذه الحالة "شبح" بينما
لإسرائيل وجود مادي مكشوفا.
لكن حسابات الكسب والخسارة في مثل هذا النوع من الحروب تتجاوز عدد المختطفين، أو القتلي لاسباب عديدة:
> إن حربا مفتوحة من هذا النوع تجعل أراضي دولة أخري، ذات سيادة،
مسرحا لعمليات خطف وقتل، مما يكسب الحزب عداء هذه الدولة، وبالتدريج تعاطف
المجتمع الدولي.
صحيح أن حزب الله مدرج في تصنيف الإدارة الأمريكية ضمن قائمة المنظمات
الارهابية، لكن هذه الادارة ليست كل العالم، وقد اكتسب حزب الله احترام
الشعوب وقطاعات واسعة من الرأي العام في معركة تحرير الجنوب وحرب تموز،
كحركة مقاومة لا تشبه في شيء تنظيم القاعدة، وسجلت هذه القطاعات تضامنها
ومساندتها باعمال ملموسة.
> أن هذه الحرب يمكن أن تعرض اللبنانيين لضربات انتقامية، وهو أمر أبدي
الحزب حرصا علي تفاديه، في فترات سابقة، ونصر الله أكثر من يعلم، أنه حقق
كسبا كبيرا، عندما توصل، مع اسرائيل، اثناء معركة تحرير الجنوب إلي ما
سميت تفاهمات نيسان 96 بحصر المعركة، بين العسكريين، مع تجنيب المدنيين من
الطرفين، ويلات قذائف الطائرات والمدافع والصواريخ.. حتي انتصرت معركة
تحرير الجنوب عام 2000 في ميادين القتال، وعليه ان يرفض الان التعديل
الاسرائيلي لمسار وميدان المواجهة، حتي لا تفرض عليه إسرائيل إيقاعها.
* أن لحركات المقاومة تقاليد واخلاقيات وليس من الملائم أن يستعير نصر
الله من أعدائه اساليبهم، وأن يتعلم من اسرائيل اساليب انتهاك القانون
الدولي وحقوق سيادة الدول، فاسرائيل دولة فوق القانون، تلعب دور البلطجي،
وهو دور لا يليق بحزب الله.
وكان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باع طويل في الحرب المفتوحة، لكنت
أدركت متغيرات الزمن، فعندما اغتال الاجرام الاسرائيلي أمينها العام أبو
علي مصطفي بصاروخ في شرفة منزله، ردت باغتيال وزير اسرائيلي في جناحه
بفندق اسرائيلي، ولم تنجر الي حرب مفتوحة.
واحترقت فيتنام بقنابل النابلم، لكن الثورة الفيتنامية، وكانت تحظي بدعم
،غير مسبوق، من دول عظمي، لم تقتل امريكيين خارج أرض المعركة. وحققت
انتصارها بتعاطف دولي بلغ حد تمزيق بطاقات التجنيد في الولايات المتحدة
الامريكية نفسها.
* أن مباراة من هذا النوع سوف تدفع حزب الله الي تنظيم خلايا في الخارج،
وتفقده تركيزه علي ادارة المواجهة في جبهتها الحقيقية، عندما تكون
المواجهة ضرورية.
و الميزة الكبري لحزب الله، أنه أجاد المقاومة في ميادين القتال، ولم
ينجر إلي حرب خارج أرض المعركة، ولم يرسل مقاتليه إلي خارج لبنان لكي يدمر
سفارة أو معبدا يهوديا، أو يغتال ويختطف مبعوثين لإسرائيل في دولة أخري.
يكفي حزب الله أن الجيش الأمريكي أعد دراسة لتطوير قدراته علي ضوء النموذج
الذي قدمه مقاتلوه في حرب تموز، وأن الجنرال الأمريكي المتقاعد سيكليس وصف
أداءه بأنه ثورة في التكتيك العسكري.
و لا يجوز لحزب الله، الذي يملك الرد الميداني أن ينجر إلي الفخ
الاسرائيلي ويجعل أي دولة في العالم مسرحا محتملا لعمليات خطف وقتل، حتي
لا يضيع مجده، بالاستعارة من اسرائيل أحط أساليبها