أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
الـبلد : العمر : 26المهنة : طالب فى كلية الهندسهالمزاج : الحمد للهالتسجيل : 19/05/2015عدد المساهمات : 244معدل النشاط : 512التقييم : 40الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: حرب الفضاء».. الجيل القادم من الحروب الإثنين 20 يونيو 2016 - 15:13
«الأسطول الشبح» الرواية التي شقت طريقها إلى مكاتب الجنرالات الأمريكيين، وضباط البحرية، وتصدرت قائمة القراءات الموصى بها في الوحدات العسكرية الأمريكية. وخضعت للنقد والدراسة، لما يقارب العام، منذ صدورها الأول في الثلاثين من يونيه (حزيران) لعام 2015م.
الرواية صدرت لكاتبين، لم يُعرف عنهما كتابة الرواية، أو الاشتغال بنقدها، أحدهما «بيتر سينجر، محلل عسكري، والثاني «أغسطس كول» مراسل «وول ستريت جورنال» للشئون العسكرية، السابق. وجدير بالذكر، أن الرواية مكرّسة بنحو أربعمائة حاشية؛ توثق أحداثها، وتربطها بأبحاث علمية حقيقية، بعيدًا عن خيالات القارئ.
الصين؛ القوة العسكرية الصاعدة حديثًا، والناشزة مؤخرًا عن الحكم الشيوعي؛ ليديرها حفنة من العسكريين، ورجال الأعمال المؤمنين بمقولات العسكري المخضرم، والفيلسوف الصيني الراحل، «صن تزو».
اقتباس :
ليست غاية المهارة أن تحقق مائة نصر في مائة معركة. أن تخضع عدوك دون قتال، فتلك هي قمة المهارة *صن تزو
«الولايات المتحدة الأمريكية»؛ المنحدرة في ميزان القوة؛ إذا ما قورنت بالمعدلات التنموية الصينية والروسية في ذات المجال: العسكري، والمرتكزة في تعاملاتها على تصدير الطاقة، التي لديها، والتي لدى حلفائها في الخليج العربي.
هناك اتفاق هش بين الولايات المتحدة ـ إذن ـ وبين الجمهورية الصينية الشعبية، تستقبل بموجبه الأخيرة براميل الطاقة؛ في مقابل صناعاتها المتعددة. تذهب أحداث الرواية إلى اكتشاف الصينيين احتياطات هائلة من الطاقة في خندق «ماريانا» المواجه للفلبين، داخل مياه البحر الجنوبي للصين، فتعود حاجتها للولايات المتحدة في مجال الطاقة أقل، بل تكاد تكون منعدمة، لا يلزمها إذن، إلا أن تسيطر على بحر الصين الجنوبي، حيث الطاقة!
ومن هنا تبدأ الحرب
وتكون طلقاتها الأولى في الفضاء؛ إذ تقوم محطة الفضاء الصينية المجهزة سرًا بجهاز الليزر بضرب أقمار التواصل العسكرية الأمريكية، ومنظومة تحديد المواقع، وأقمار التجسس المنوطة برصد تحركات العدو، وجمع المعلومات عنه، وبهذا تفقد الولايات المتحدة الأمريكية كافة قدراتها القتالية، قبل أن تبدأ الحرب على الأرض!
الرواية، في حقيقة الأمر، لم تهتم بإمتاع القارئ، ومحاولة التلاعب بعواطفه، واستثارتها، بقدر ما تحاول الوصول بعقله لفكرة «استراتيجية» معنية بالسياسات العسكرية الأمريكية، والتي أولت اهتمامًا كبيرًا بمجالات التكنولوجيا مؤخرًا، واعتمدت عليها ـ بشكل رئيس ـ في تشبيك وحداتها العسكرية؛ إذ يتوقع الكاتبان أن تتحول نقطة القوة الأمريكية، المتمثلة في التفوق التكنولوجي المتزايد إلى نقطة ضعف؛ إذا ما تمكن العدو من شل حركة الأقمار الصناعية المتحكمة كليًا في التكنولوجيا العسكرية الأمريكية.
وتكمن أهمية الرواية، ليس في كونها عملًا أدبيًا فذًا، بل كونها تمثل خطابًا نقديًا، يسلطه خبراء ومحللون عسكريون أمريكييون في وجه السياسات الأمريكية العسكرية، التي ستدفع ثمن توغلها في تطوير التكنولوجيا الحربية لديها مع تقليل اعتمادها على العنصر البشري. وتُعد الجدية التي تناول بها المحللون العسكريون الرواية هي الأهم من بين كل ما سبق، ولا عجب أن نقول بأن ورش عمل ومحاضرات دراسية ولجان عسكرية سرية تكونت للنقاش؛ حول ما إذا كانت تفاصيل الرواية ممكنة للحدوث على أرض الواقع، أم أنه لا ينبغى تناولها بعيدًا عن خيال الكاتبين؟
عسكرة الفضاء
سباق التسليح بين قوى العالم، هو السمة الأبرز والعنوان لمرحلة ما بعد «الحرب العالمية الثانية»، حتى تجد أغلب دول العالم الثالث المعتمدة في تسليحها على غيرها من الدول الكبرى تنفق في التسليح ما لا تنفقه في التعليم والصحة والأمن الغذائي؛ إذ لا حربًا شاملة، ولا سلمًا تامًا، فكل الأطراف الفاعلة في هذا العالم بات لديها منظومات دفاعية قوية، ومقاتلات هجومية فتاكة، وتنوعت ساحات القتال بين دول العالم بعيدًا عن المواجهة العسكرية المباشرة، فتارةً تكون المواجهة اقتصادية، وتارةً تكون «تكنولوجية»، ناهيك عن الصراع على امتلاك مخازن الطاقة من المحروقات والمفاعلات النووية وغيرها.
فتجد على سبيل المثال، أبرز المناوشات مؤخرًا بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية متمثلةً في حرب العملات، ليست إذن ثمة مواجهة عسكرية شاملة، على غرار الحربين العالميتين: «الأولى والثانية»، فقط، ربما نعيش امتدادًا للحرب الباردة، حيث اللا سلم واللا حرب.
على إثر ذلك، انبرى الخبراء العسكريون في هذه الفترة، في الحديث عما يسمى بـ«حرب الفضاء»، أو «عسكرة الفضاء». ويقصدون بهذه المسميات رصد تحركات الدول العظمى، والتي هي على أعلى درجات من التفوق العسكري، كالولايات المتحدة وروسيا والصين، إلى تطويع الفضاء لدعم هذا التفوق، وبالرغم من أن السباق بين الولايات المتحدة وروسيا – على سبيل المثال- في استخدام الفضاء لأغراض عسكرية غير سلمية يعود إلى عصر الاتحاد السوفيتي، إلا أن الفترة الحالية تشهد تنافسًا فضائيًا من طرازٍ آخر.
دق ناقوس الخطر في الأوساط العسكرية الأمريكية، مع استبدال الروس لمنظومتهم الدفاعية القديمة «A-135» بأخرى أكثر حداثة هي «A-235»، والتي توفر حمايةً أكثر لسماء روسيا ضد الصواريخ «الباليستية». المميز لهذه المنظومة الجديدة، أن لها قدرة على اصطياد الصواريخ الباليستية في مرحلة تحليقها بالفضاء الخارجي! كما أن للنظام الجديد قدرات قتالية ما زالت مجهولة، لاسيما بعد انضمام منظومة الصواريخ S-500، واندماجها مع النظامين السابقين.
اختبارات منظومة الدفاع الصاروخي الروسي A-135
جدير بالذكر في هذا السياق، أن نقول أن مدار الكرة الأرضية مزدحم بحوالي 1300 قمر صناعي متعدد المهام، (نقصد بالطبع العسكرية منها)، نصيب الولايات المتحدة الأمريكية منها قرابة الـ 500. وتتعدد مهام هذه الأقمار بين الاستطلاع، وإطلاق إنذارات مبكرة في حال الهجوم، ورصد أية إشارات إلكترونية معادية، فضلًا عن التجسس، وتحديد الأهداف، وإصابتها بدقة متناهية.
الصين وسياسة الذئاب
قبل ما يزيد عن عشرة أعوام، تساءل «لاري وُورتزل»، زميل زائر في مؤسسة «التراث» الأمريكية «Heritage Foundation»، عن موقع الجمهورية الشعبية الصينية من سباق عسكرة الفضاء. وخلص الرجل إلى أن ثمة فجوة كبيرة بين ما يصرّح به المسؤولون الصينيون، وبين ما يتخذون من خطوات حقيقية على الأرض؛ ففي الوقت الذي تتزعم فيه الصين حركة دولية لحظر تسليح الفضاء، تشق طريقها لتطوير ما يمكن أن يعتبر أسلحة فضائية قادرة على تدمير الأقمار الأمريكية!
يرى وورتزل أن الصين، وإن كانت تتزعم حركات مناهضة لتسليح الفضاء، وتحشد الرأي العام العالمي في هذا الاتجاه، فإن ذلك لا ينفي بأية حال مضيّها قدمًا في طريق التسليح، وخوض غمار التفوق «التكتيكي» والعسكري. ويصف وورتزل المأرب الصيني من وراء هذا التحرك، أنها ـ فقط ـ تسعى لتعطيل، وإحباط، كافة
محاولات التطوير الأمريكية، وإرسال إشارات طمأنة كاذبة للولايات المتحدة.
هذه الرغبة الصينية في إحباط التفوق العسكري الأمريكي الساحق وفق ما يقوله الرجل، والتي تسربت إلى صانعي القرار في الجمهورية الصينية، بعدما رأوا أهمية تكنولوجيا الأقمار الصناعية في حروب، كحرب الخليج وأفغانستان والعراق – والتي كانت الولايات المتحدة أحد أطرافها – وكيف أنها سهلّت كثيرًا على الجيش الأمريكي، لاسيما بعد إدخال المنظومة الإلكترونية «C4ISR» في الخدمة، لتفيد في عمليات التجسس، ورصد العدو، وتحديد الأهداف، وكذلك في دق ناقوس الخطر متى وُجد.
الجيش الصيني
جدير بالتنويه ـ أيضًا ـ أن عسكرة الفضاء ليست سجالًا بين الولايات المتحدة والصين وروسيا وفقط، فهناك عدد لا بأس به من الدول المتقدمة في مجال التسليح تمتلك برامج فضائية متقدمة، مثل اليابان وإسرائيل، وبعض دول حلف شمال الأطلسي، وجميعها تعتمد على بعض من قدراتها الفضائية في إطار العسكرة والتسليح. وعليه؛ يرى عدد لا بأس به من الخبراء العسكريين الأمريكيين أن المعاهدة التي تحظر استخدام أسلحة الدمار الشامل خارج مدار الكرة الأرضية، لا تشكل رادعًا حقيقيًا يمنع إجراء تجارب عسكرية في الفضاء.
هل تفقد الولايات المتحده زعامتها
بدايات العام الماضي 2015م، أخبر الجنرال بالجيش الأمريكي، «جون رايموند»، والمسؤول عن العمليات العسكرية الأمريكية الفضائية التابعة لسلاح الجو، الكونجرس الأمريكي؛ أن الصينيين أجروا تجربتين على أسلحة مضادة للأقمار الصناعية في وقت سابق في العامين السابقين، كما أطلقت روسيا أقمارًا صناعية صغيرة، من المرجح أيضًا أنها كانت لأغراض عسكرية، لم يتم الإفصاح عنها.
فأعداء الولايات المتحدة بلا شك يدركون أهمية الدور الذي تقوم به الأقمار الصناعية في الأغراض العسكرية، وهنا يمكن أن نستعير عبارة لـ«جوستين جونسون»،الصحفي المتخصص في الشئون العسكرية لمؤسسة «هيرتيج» الأمريكية، يقول فيها إن هذا الدور يتراوح من مجرد إرسال رسائل نصية قصيرة إلى إطلاق رؤوس نووية على أهداف محددة سلفًا بالأقمار الاصطناعية، عن طريق نظام تحديد المواقع المعروف اصطلاحًا بـ GPS!
كما أوضح «ويليام شيلتون»، الجنرال الأمريكي، المسؤؤل عن الفضاء ضمن مهامه على رأس سلاح الجو الأمريكي سابقًا، أن الأقمار الصناعية الأمريكية، والتي تضمن بقاء الاتصالات الأمريكية بين وحدات الجيش، هي الأكثر عُرضة للاستهداف من قبل الصين أو روسيا. ويشير شيلتون أيضًا إلى أن تكلفة القمر الواحد من هذه الأقمار يصل إلى حوالي مليار دولار.
القلق الأمريكي في حقيقته كان مبنيًا على تجارب صينية من شأنها ـ بالفعل ـ تهديد الأنظمة الفضائية الأمريكية، وقد راقبت واشنطن ببالغ القلق إطلاق جمهورية الصين الشعبية لصاروخ يصل مداه لما يزيد عن 10.000 كيلو متر، ضمن تجارب أجرتها قبل ثلاثة أعوام. الصاروخ ذو المدى الهائل لم يكن محملًا بأية رؤوس مدمرة أو ذخائر، ما يوحي بأنه غير معد للاستخدام في الحروب المحلية، فقط يمكن تطويره لما هو أبعد من ذلك!
ناهيك عن التجارب الليزرية التي أطلقتها الصين في السنوات الأخيرة، والتي أثارت حفيظة الإدارة الأمريكية، على الرغم من محدودية فاعليتها، حتى ذلك الحين، نظرًا لسرعة وحجم وارتفاع الأقمار الاصطناعية. إلا أن الدوافع وراء تطوير هذه الأنظمة الدفاعية هو المثير الأكبر للقلق الأمريكي، وليس مدى فاعليتها، فمجرد السعي في هذا الاتجاه سيتطلب من الولايات المتحدة توفير مزيد من الحماية لموجوداتها الفضائية.
كوننا نتناول التجارب الصينية الحديثة ونظيراتها الروسية، فهذا لأنها تبدو قادرة على قلب موازين العالم ولو نظريًا، وتحييد واحدة من أهم مقومات التفوق العسكري الأمريكي، فالدول الأخرى لا تمتلك نفس نقاط الضعف التي تمتلكها الولايات المتحدة (نقصد بنقاط الضعف الأمريكية: الاعتماد الهائل على تكنولوجيا الفضاء، أمام تراجع العامل البشري)، وهو ما يجعل مضمار المنافسة غير متكافئ، لكن بالتأكيد لا يعني هذا أن الولايات المتحدة لا تزال تلتزم مقاعد المشاهدين إزاء التحركات الأخرى؛ فالتفوق الأمريكي في الشئون العسكرية، لم يستثن عسكرة الفضاء؛ إذ عكفت الولايات المتحدة، طوال العقدين الماضيين، على تطوير الأنظمة الدفاعية لديها؛ لتطور نظامًا مضادًا للأقمار الصناعية، معروفًا ـ على نطاق واسع ـ باسم «ASATs»، غير أن النظام الأرضي للدفاع الأمريكي «GMD» لديه القدرة على الوصول للفضاء، ومهاجمة الصواريخ «الباليستية» العابرة للقارات، في منتصف مسار الرحلة.
هل من سبيل لهذ الجنون
أحد أساطيل البحرية الامريكية
للحقيقة، يؤمن طيف كبير من المتابعيين للشئون العسكرية والسياسية، أن السبيل الوحيد، للحد من عسكرة الفضاء، هو الهروب منها إلى الأمام، بمزيد من المنافسة والعسكرة.
ففي الوقت الذي تتصاعد فيه الاضطرابات بين اثنين من أكبر الجيوش بالعالم، جيش التحرير الوطني الصيني والجيش الأمريكي، في واحدة من أخطر بؤر الصراع في العالم اليوم، وتحديدًا في شرقي آسيا، في بحر الصين الجنوبي، ستجد كلما طالعت صحف الصباح أن الجيش الأقوى في العالم، وهو «الجيش الأمريكي»، يبدو عاجزًا في مواجهة الصينيين، الذي يعتبرون الأمر كأنه شأن إقليمي، وحيوي بالنسبة لهم، ولا يمكنهم التراجع، ولو لخطوة في طريقهم، عن احتلال جزر البحر المتناثرة، والمتحكمة في قرابة ثلث حركة التجارة العالمية.
وتبدو الولايات المتحدة على درجة كبيرة من العجز أمام هذا الإصرار الصيني؛ فالولايات المتحدة لم تسمح لأحدٍ من قبل بمنازعتها على سيادة الملاحة البحرية العالمية، ويبدو تحركها إزاء الأمر على درجة كبيرة من القلق والتردد وبعض الرعونة. مضرب المثل هنا، إن الحل الوحيد للردع، وفرض مصالح طرف على باقي الأطراف، لم يكن إلا من خلال المضي قُدمًا في المنافسة، والوصول منها لأبعد نقطة ممكنة، يهابها الصديق قبل العدو، وتمكنك من فرض رؤاك وأطروحاتك ومصالحك ومصالح حلفائك كذلك، وهذا ما تدركه كل الأطراف الفاعلة شرقًا، في بكين، وموسكو، وغربًا، في واشنطن.
وتبدو السبل الدبلوماسية التي تدعو لسلوكها بعض الأطراف، كالصين، غير صادقة، وغير منطقية، وغير ذات جدوى، فهل لو أتيح للصين أو لروسيا أو لأي من دول العالم، وسيلة للقضاء على الهيمنة العسكرية الأمريكية، ستتردد في اقتنائها، والمضي قدمًا في تطويرها، وتحقيق أكبر استفادة منها؟ الإجابة متروكة بالطبع للقارئ الحصيف.