التجسس على قطاع الزراعة المصري
تستمر جهود إسرائيل في التجسس على مصر لتطاول قطاع الزراعة المصري، وهو أحد القطاعات الاستراتيجية، خاصة إذا علمنا أن حجم الفجوة الغذائية في العالم العربي يبلغ 12 مليار دولار سنويا.
وحول أبعاد المخطط الإسرائيلي للتجسس على الزراعة المصرية يقول مصطفى أحمد الباحث في الشؤون الزراعية : إن هذا المخطط يتم تنفيذه عبر 3 محاور:
الأول من خلال عدد ضخم من الباحثين والفنيين يصل عددهم إلى نحو 45 باحثا يحملون جنسيات أمريكية وأوربية ويعملون تحت مظلة منظمات دولية يهتم بقطاع البحوث والإرشاد الزراعي، ومن أهم هذه المنظمات "المركز الدولي للتنمية الزراعية" التي تعرف اختصارا باسم "ايفاد"
ويضيف مصطفى أحمد قائلا: إن إسرائيل تستغل التطبيع الزراعي مع مصر في التجسس على قطاع الزراعة، وهنا يأتي المحور الثاني الذي يتم تنفيذه من خلال المشروعات التي تنفذها وزارة الزراعة المصرية بدورها من حصيلة بيع السلع الأمريكية المقدمة كمنح ومعونات لمصر.
ويركز الخبراء الإسرائيليون من خلال هذه المشروعات والبرامج ، وأهمها المشروع الضخم الذي تنفذه وزارة الزراعة المصرية حاليا والمعروف باسم "إصلاح السياسات الزراعية" على فرض أساليب وطرق زراعية أجمع الخبراء المصريون على أنها ضارة بالاقتصاد الزراعي باعتبار أن مصر تملك العديد من الخبرات والقدرات في هذا المجال ولا تحتاج إلى مساعدة من دول أخرى.
أما المحور الثالث فيأتي من خلال استغلال إسرائيل للمهندسين الزراعيين المصريين الموكلين بالتعامل مع الخبراء اليهود، حيث يتم تقديم إغراءات وتسهيلات لا حدود لها لهؤلاء المهندسين لافتتاح أفرع للشركات الإسرائيلية في مصر تغطي مجالات التنمية الزراعية وعلى الأخص فيما يتعلق بنظم الري الحديث وإنتاج التقاوي وإكثارها.
وقد بلغ عدد الشركات التي حصلت على توكيلات من شركات إسرائيلية في مصر أكثر من 6 شركات تحت بصر ورعاية وزارة الزراعة المصرية ومنها شركة "حزيرا" و"افريدوم".
ويضيف الباحث المصري أن نشاط هذه الشركات يبرز في مناطق الاستصلاح الجديدة في النوبارية والساحل الشمالي ومناطق أخرى، وهناك إقبال من جانب رجال الأعمال والمستثمرين المصريين على التعامل مع هذه الشركات والحصول على تقاوي وبذور إسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشركات لا تتعامل مع الفلاح المصري البسيط الذي يزرع مساحات محدودة من الأرض وبأقل قدر من الميكنة، ولكنها تتعاقد مع رجال الأعمال أصحاب المشروعات الضخمة، وفي غالب الأمر يكون هذا الإنتاج موجها للتصدير ولا يستفيد منه السوق المصري.
"أفق 5".. التجسس عبر الفضاء
لم يقتصر التجسس الإسرائيلي على مصر والدول العربية على تجنيد البشر المدربين باستخدام كافة الوسائل، وإنما امتد إلى إطلاق أقمار التجسس الصناعية لمراقبة كل كبيرة وصغيرة في الدول العربية.
وإذا كانت إسرائيل في الماضي قد اعتمدت على 16 قمرا أمريكيا للتجسس على العرب لحسابها، فإنها منذ يوم 28 مايو الماضي أطلقت قمر التجسس الخاص بها ويدعى "أفق 5".
ويؤكد الخبراء الاستراتيجيون العرب أن هذا القمر الذي تكلف 60 مليون دولار قادر على رصد تحركات الجيوش العربية، ويتيح لإسرائيل إمكانية الحصول على صور استخبارية للمواقع العسكرية العربية، كما سيتيح لها متابعة برامج تطوير الصواريخ الباليستية في دول إسلامية كبرى كإيران وباكستان.
ويتميز قمر التجسس "أفق 5" بقدرات فائقة على الرصد، حيث يستطيع بوضوح تام تصوير أي جسم يصل طوله إلى متر واحد فقط.
ويؤكد اللواء زكريا حسين الخبير الاستراتيجي أن هذا القمر ليس منفصلا عن شبكة الأقمار الأمريكية للتجسس الموجودة في منطقة الشرق الأوسط البالغ عددها 16 قمرا أمريكيا لأن هناك تعاونا مخابراتيا واسع المدى بين أمريكا وإسرائيل.
وهذا القمر - فضلا عن مراقبته لتحركات الجيوش العربية - فإنه يراقب أيضا احتمالات وجود برامج لإنتاج الأسلحة النووية في العراق وليبيا وإيران وباكستان، كما يخدم أيضا المصالح ويعمل بالتكامل مع أقمار التجسس الأمريكية على المنطقة.
ولا يعد "أفق 5" قمر التجسس الأول من نوعه الذي تطلقه إسرائيل، ففي إبريل من عام 1995 أطلقت تل أبيب قمرها الأول للتجسس "أفق 3" الذي وصل وزنه 225 كيلو جرام، وباشر مهامه في مراقبة العالم العربي فور استقراره في مساره على ارتفاع 600 كيلو متر، وحسب المعلومات المتوفرة حوله فإنه يركز عمله على مصر وسوريا والعراق وليبيا وإيران، وكان لديه قدرة على التقاط وبث أرقام السيارات الموجودة في عواصم هذه الدول إلا أنه احترق في عام 2000 في الجو بعد انتهاء عمره الافتراضي.
وقبل احتراقه بعامين كانت إسرائيل قد أطلقت قمر التجسس الثاني "أفق 4" لكن المحاولة فشلت إثر تحطمه بعد لحظات من إطلاقه وسقوطه في مياه البحر المتوسط قبالة سواحل الأراضي المحتلة، ولم يدرك اليأس المسؤولين عن برنامج المراقبة الإسرائيلي حتى تمكنوا الشهر الماضي من إطلاق القمر الثالث "أفق 5".
ويقول اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي المصري : إن إسرائيل تستهدف وضع عدة أقمار صناعية في الفضاء لمهمة متابعة الأوضاع العسكرية والاستراتيجية في منطقة دائرة المجال الحيوي الإسرائيلي، والتي تمتد من الساحل المغربي على المحيط الأطلنطي غربا إلى باكستان شرقاً، ومن جنوب الاتحاد السوفييتي شمالاً "جمهوريات آسيا الوسطى حاليا" إلى باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الحمر وجنوب إفريقيا جنوبا.
ويضيف سويلم أن إطلاق أقمار التجسس يمثل لإسرائيل أهمية خاصة لأنها تريد الاستقلال عن الولايات المتحدة في مجال المخابرات والاستطلاع خشية أن يأتي اليوم الذي تمنع فيه واشنطن عنها بعض المعلومات.
والفائدة الثانية أن إسرائيل تهدف من خلال أقمار التجسس إلى تعزيز استراتيجية الدفاع الصاروخي لديها في مواجهة قدرة الصواريخ العربية على الوصول إلى العمق الإسرائيلي كما حدث إبان حرب الخليج الثانية عندما أطلق العراق 11 صاروخا عليها.
وتوفر أقمار التجسس لإسرائيل كذلك إمكانية رصد أماكن وتحركات القوات العربية ومتابعة مناوراتها داخل مسرح العمليات، وكذا مراكز القيادة والسيطرة وأهداف البنية العسكري في آخر لحظة قبل توجيه ضرباتها التقليدية وغير التقليدية.