شهدت القوات المسلحة المصرية طفرة نوعية وكمية هائلة فى مجال التسليح غير مسبوقة فى تاريخها الحديث، ولأول مرة منذ إعادة بناء القوات المسلحة بعد نكسة 5 يونيو 1967 وخلال العامين ونصف الأخيرين نجحت القيادة المصرية فى تحقيق قفزات واسعة الخطى فى أسلحة كافة الأفرع الرئيسية وضعتها فى مصاف الجيوش الرائدة، وقد تميزت الوثبة التى تحققت أخيراً بثراء فكرة تنويع مصادر السلاح التى تمت ترجمتها على أرض الواقع برؤية خلاقة جعلت القوات المسلحة تتقدم بخطوات حثيثة وثابتة نحو تعزيز وتطوير قدراتها بامتلاك أحدث نظم التسليح فى العالم، مما يمكنها من حماية ركائز الأمن القومى المصرى فى وقت يموج فيه الشرق الأوسط بالاضطراب وعدم الاستقرار.
أجيال الحرب الجديدة تحتم الحصول على مصادر قوة تواكب أحدث ما فى العصر من تطور لنوعيات التسليح لمواجهة التحديات
وفى الوقت الراهن تتزايد الأخطار حول مصر بدرجة غير مسبوقة وتتعدد فيه التهديدات المحيطة بها، فالأحداث تتدافع وتتفاعل فى الشرق الأوسط وتزداد وتيرتها فى كثير من الدول العربية لا سيما فى الطوق المحيط بمصر ثم الدول الأكثر قرباً لها خارج هذا الطوق، مما يرفع من حجم التهديدات التى يتعرض لها بلدنا ويزيد درجة المخاطر ما يترتب على هذا الوضع من تفاقم الأعباء الأمنية والسياسية والاقتصادية نتيجة حالة الاضطراب والسيولة التى تتعرض لها دول الجوار المباشر، وفى ظل انتشار الإرهاب فى المنطقة تتحول حدود الدولة المصرية إلى مكمن خطر دائم بعد أن أصيبت تيارات الإسلام السياسى بلوثة أفقدتها توازنها فى أعقاب إسقاط الشعب المصرى فى 30/6/2013 للفاشية الدينية المتمثلة فى جماعة الإخوان المسلمين، لهذا أصبحت مصر فى حاجة ضرورية لتعزيز قوتها العسكرية دفاعاً عن أمنها القومى، والسلاح عنصر أساسى فى بناء هذه القوة ولا تكتمل منظومة الأمن القومى إلا به.
قواعد بناء خطة التسليح
تلعب الخبرة العسكرية المدعمة علمياً فى مختلف جوانب التخصص للقوات دوراً رئيسياً فى اختيار الأسلحة التى تتناسب مع الاحتياجات الفعلية والضرورية بناء على مقومات تتمثل فى عدة مستويات:
المستوى الأول: يرتبط بجغرافية الدولة، فعلى سبيل المثال فإن الدول الحبيسة أى التى لا تطل على بحار مفتوحة وتحاط باليابسة من جميع الاتجاهات ليست فى حاجة على الإطلاق للقوات البحرية، بينما على العكس كلما كبرت أطوال سواحل الدولة زادت احتياجاتها من القطع البحرية لحماية ظهيرها المائى، وهنا تظهر أهمية اقتناء مصر لحاملتى الطائرات الهليكوبتر «ميسترال» وأربع فرقاطات وكلها فرنسية وأربع غواصات ألمانية.
حاملتا الطائرات الهليكوبتر «ميسترال» المسلحة «كا-52» تؤمنان خليج باب المندب لضمان تدفق الملاحة فى قناة السويس
المستوى الثانى: يتعلق بالتهديدات التى تتعرض لها الدولة التى تفرضها طبيعة الأخطار المحيطة والتوقعات المستقبلية بخصوصها، وعلى سبيل المثال كانت مصر تواجه تاريخياً منذ عام 1948 تهديداً مباشراً من إسرائيل خلال الصراع العربى الإسرائيلى إلى أن تم توقيع معاهدة السلام معها والآن تواجه مصر تهديدات تنظيمات الإسلام السياسى المسلح ووصول داعش إلى ليبيا فى العمق الاستراتيجى القريب لحدود مصر الغربية، لذلك تعمل مصر على تعزيز قواتها الجوية بطائرات حديثة مثل «رافال» من فرنسا و«ميج 29» من روسيا.
المستوى الثالث: يتعلق بتأمين دوائر الأمن القومى خارج حدود الدولة، وعلى سبيل المثال فإن مصر تصبح معنية بالضرورة بتأمين خليج باب المندب لضمان تدفق الملاحة فى مرفق قناة السويس، أحد مصادر الدخل الرئيسية للدولة، وهنا تظهر حاملتا الطائرات الهليكوبتر «ميسترال» المسلحة بطائرات الهليكوبتر الأقوى عالمياً «كا-52».
المستوى الرابع: يهدف إلى ملاحقة التطور التكنولوجى فى أجيال السلاح الجديدة حتى تحافظ القوات المسلحة على مستوى من القوة يتفق مع ضرورات العصر وحتى لا تحدث هوة فى مستويات استيعاب كل جديد، فالتواصل مع المتغير التكنولوجى أولاً بأول يحافظ على لياقة القوات فى استخدام السلاح والنموذج الأمثل لتطبيق هذا هو دعم الدفاع الجوى المصرى بالمنظومة الصاروخية إس «300».
العقيدة العسكرية المصرية جوهرها أن قيمة السلاح فى الرجال الذين يحملونه.. والقاعدة: الرجال قبل السلاح
السلاح والرجال فى مصر
لا يمكن اعتبار توفر السلاح فى حد ذاته مصدر قوة، لأنه يرتبط فى النهاية بالإنسان الذى سيستخدم هذا السلاح، وتتدخل عوامل عديدة فى العلاقة بين الفرد والسلاح تحسم فى النهاية الاستفادة الصحيحة والكاملة منه وتوظيفه كما ينبغى فى العمليات، ويمكن توضيح ذلك للقارئ غير المتخصص فى المجال العسكرى المصرى فى الآتى:
1- أهمية توفر القدرة على استيعاب التطور التكنولوجى الذى أصبح أكثر تعقيداً من أى وقت مضى، ويستدعى هذا وجود الفرد المؤهل علمياً ليكون قادراً على التعامل الصحيح مع السلاح أو المعدة، ولتأكيد هذا المفهوم يجب تذكر واقعة مهمة حدثت فى أعقاب هزيمة 5 يونيو 1967 عندما خرج «موشى ديان» وزير الدفاع الإسرائيلى فى هذا الوقت ليعلن فى صلف وغرور أن المصريين أمامهم 200 سنة ليكونوا قادرين على محاربة إسرائيل، 100 سنة منها حتى ينتهوا من الأمية ثم 100 سنة أخرى حتى يستوعبوا علوم العصر ويصبحوا قادرين على استخدام الأسلحة الحديثة، وقد بنى حكمه على العساكر الأميين الذين تم أسرهم لكنه لم يلتفت إلى أن مجانية التعليم قبلها بسنوات قلائل خلقت قاعدة عريضة من الشباب المتعلم، ولهذا كان القرار بتجنيد حملة المؤهلات العليا حسب تخصصاتهم فى كافة أفرع وأسلحة القوات المسلحة والاعتماد عليهم فى المعركة المقبلة، وهنا حدثت نقلة غير مسبوقة فى كفاءة القوات بعد استحضار أحدث أجيال السلاح وأكثرها تعقيداً فى ذلك الوقت، وعلى سبيل المثال أذهل العالم وقتها استخدام المصريين لأول مرة فى تاريخ الحروب صواريخ الدفاع الجوى التى جعلت موشى ديان، الذى كان يتهكم علينا قبل ستة أعوام فقط، يشدد على طيرانه الحربى بالابتعاد تماماً لمسافة 15 كم من قناة السويس، لأن حائط الصواريخ المصرى يسقط أى طائرة تحاول الاقتراب، وبالمثل أيضاً كان الاستخدام المذهل للمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات التى تسببت بأداء المصريين فى تغيير مفاهيم الحرب البرية.
2- توافر الكوادر الفنية القادرة على إجراء مستويات الصيانة المتقدمة وعمليات الإصلاح الرئيسية، وبعض هذه العمليات بالغة الدقة فى بعض الأسلحة والمعدات الميكانيكية وبالطبع الإلكترونية، وفى الواقع تمتلك مصر كفاءات على أعلى مستوى فى هذه المجالات منذ إنشاء الكلية الفنية العسكرية فى ستينات القرن الماضى التى تخرج منها مهندسون فى كافة تخصصات ومجالات السلاح والمعدات فى القوات المسلحة، وهذه الكلية العسكرية هى الوحيدة على هذا المستوى بين كل دول الشرق الأوسط، ويحصل المتفوقون فيها على أعلى الدرجات العلمية من ماجستير ودكتوراه فى أهم جامعات العالم فى كل تخصص، وهنا يجب الأخذ فى الاعتبار أن هناك دولاً تضطر إلى إجراء عمرات لنسبة كبيرة من أسلحتها فى بلدان المنشأ لعدم توافر الكوادر العلمية لديها أو أنها تستعين بخبراء أجانب لإجراء ذلك فى حال امتلاكها للورش والمعامل.
3- القدرة على تطوير السلاح ليلبى مقتضيات الفكر العسكرى المصرى، وكى يصبح مناسباً للبيئة الجغرافية من أجواء حارة وكثرة الأتربة فى المناطق الصحراوية، وهنا يستحضرنى مقال نُشر فى الأهرام للأديب العظيم «يوسف إدريس» أبدى فيه انبهاره بمهندس يمتلك ورشة صغيرة أصلح له أحد الأجهزة الإلكترونية التى أفتى التوكيل بأن الجهاز لم يعد قابلاً للاستخدام وغير ممكن إصلاحه، وبعد أن أصلحه له هذا المهندس سأله إدريس كيف فعل ذلك فأخبره أنه اضطر إلى إجراء تعديل وإعادة تصنيع قطعة دقيقة، وهنا سأله يوسف إدريس كيف وصل إلى هذه المهارات الفائقة؟ فأخبره أنه تعلم ذلك أثناء خدمته كضابط احتياط فى إحدى ورش الدفاع الجوى، الذى تعتمد أسلحته على الإلكترونيات المعقدة، وأنه كان محظوظاً فى هذا، لأنه تعلم أن الحاجة أم الاختراع، وكان المهندسون العسكريون يقومون وقتها بابتكار حلول عبقرية حتى يتم التغلب على الأعطال وتعود الأسلحة إلى ميادين القتال تحت ضغط الوقت وقلة الإمكانيات، ونوه أدريس بأن هذا المهندس طلب منه مبلغاً بسيطاً لأنها كانت أخلاق فرسان ذلك الزمان.
4- عدم الرهبة من استخدام السلاح الجديد مهما بلغت درجة تعقيده، وعندما استعانت مصر بعد حرب يونيو 1967 بالخبراء السوفيت توفيراً للوقت فى التدريب على أحدث أجيال السلاح أثناء إعادة تسليح القوات المسلحة على أسس عصرية بعد أن فقد الجيش 85% من سلاحه فى حرب لم يكن للقوات المسلحة فيها ذنب، كان الخبراء السوفيت كثيراً ما يصابون بالدهشة لقدرة الجنود المصريين، بعد أن تم تعزيز الجيش بحملة المؤهلات، على سرعة استيعاب الأسلحة كافة ثم بعد فهم السلاح الجديد واستيعابه من الجنود كان الخبراء السوفيت يصابون بالانبهار عندما يتمكن الجنود من تحقيق معدلات أداء تخترق القياسات الزمنية لأقل وقت ممكن فى إعداد السلاح أو المعدة للعمل أو التوقيتات اللازمة لتنفيذ المهام.
حققت مصر قدرة على تنويع مصادر السلاح لم تشهدها طوال تاريخها المعاصر وهذا جانب مهم للغاية فى تأمين الحصول على أجيال السلاح الجديدة والوقاية من تقلبات السياسة
5- الروح المعنوية العالية والثقة فى النفس والسلاح والشجاعة هى القيمة الحقيقية للسلاح، فقيمة السلاح فى الرجال الذين يحملونه، فالرجال قبل السلاح وليس السلاح قبل الرجال، لهذا أذهلت الخبراء فى مجال العسكرية ومراكز الدراسات المتخصصة فى مجال الاستراتيجية العسكرية قدرة الجيش المصرى على تحقيق نصر لم يكن متوقعاً فى أكتوبر 1973 طبقاً لحساباتهم عند مقارنة التسليح بين مصر وإسرائيل، حيث كانت الكفة تميل بقوة لصالح إسرائيل التى كانت تمتلك عتاداً أكثر وأقوى وأحدث، ولما كانت هذه الاستنتاجات تقوم على حسابات وإحصائيات لا تأخذ فى اعتبارها الروح المعنوية للأفراد لذلك نجد أن مركزاً ذائع الصيت هو المركز الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن (I.I.S.S) اضطر نتيجة المفاجأة التى حققتها القوات المصرية للتوقف أمام هذا الحدث، وبدأ هذا المركز يعيد حساباته مرة أخرى فى المفاهيم التى يبنى عليها تقاريره التى يشار إليها بالبنان، وعكف خبراؤه وقتها على تأسيس منهج جديد يهتم بالجوانب النوعية، وكان من نتيجة هذه المراجعة المنهجية أن التقرير السنوى المسمى بـ«التوازن الاستراتيجى» الذى يصدر عن العام السابق بطبيعة الحال تأخر فى صدوره لأول مرة فى تاريخه حرصاً على الدقة والموضوعية أمام الظاهرة التى أحدثتها العسكرية المصرية فكراً ورجالاً قبل السلاح الذى لم يكن قليلاً أو عتيقاً رغم تفوق إسرائيل، وقد أسفر إنجاز القوات المسلحة المصرية عن مرحلة جديدة فى العقيدة القتالية المصرية وتغيراً عالمياً فى مفاهيم الحرب الحديثة، والعلاقة بين السلاح والسلاح المضاد والسلاح الهجومى والسلاح الدفاعى.
النجاة والانطلاق إلى عالم القوة
عندما رست موجة ما يسمى بالربيع العربى على شطآن بعض البلدان العربية، رغم نبل مسعى الجماهير فى النزول إلى الشارع، فإن المحصلة النهائية -لأسباب كثيرة لا يتسع مجال الموضوع لذكرها- أتت بنتائج كارثية فى هذه البلدان ولم يبق بعدها جيش على حاله، وتعرضت غالبية هذه البلدان لخراب وتشرذم، وكان جيش مصر هو الجيش الوحيد الذى نجا من هذا الطوفان المؤلم، ووقتها كان السلاح فى مستوياته الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بين أيدى الجنود المنتشر فى الشوارع والنواصى مصدر خطر داهم، لكن تجاوزاً واحداً لم يقع ولم يحدث هذا عرضاً أو بالصدفة بسبب سلامة وتماسك بنيان القوات المسلحة المصرية، وتكشف العلاقة المنضبطة بالسلاح عوامل موضوعية تمثلت فى الآتى:
1- عندما استعاد المصريون مكانة مفتقدة بالانخراط فى جيش بلادهم بعد أن اضطر محمد على إلى ذلك واضطروا هم أيضاً إلى ذلك بعد إقصائهم عن الدفاع عن وطنهم منذ نهاية الأسرة الثلاثين فى الدولة المصرية القديمة ونشأت علاقة وطنية وطيدة بين الجيش والشعب كانت أولى محطاتها فى العصر الحديث الثورة العرابية ثم جاءت ثورة 23 يوليو ووثقت هذه العلاقة وأعلت منها وعمقتها، وكانت القوات المسلحة المصرية تحافظ دائماً بأدائها على متانة هذه العلاقة ونقائها.
2- فى أوقات الأزمات الكبرى كانت القوات المسلحة درعاً واقياً لمصر وعامل أمان يقى الوطن من الأخطار الداخلية دون إضرار بالوطن أو استعلاء على المواطن ودون أى سلوك يشى بالتميز، وكانت كلما استدعت الضرورة تلعب دوراً أصيلاً فى خدمة المواطنين ومساعدتهم باحترام وتواضع.
3- حافظت القوات المسلحة بقوة على سلامة قوتها وتماسك بنيانها ونأت بنفسها عن العمل السياسى وتفرغت لمهمتها الأساسية فى حماية وتأمين التراب الوطنى من أى عدوان أو أخطار خارجية، وكانت استعادتها السريعة لبناء الجيش بعد يونيو 67 وتحقيق إنجاز العبور مدعاة لتجدد الثقة والفخار الوطنى واعتزاز الشعب، لأنها بالفعل على قلب رجل واحد مما يطمئن الشعب عليها ويطمئن لها.
4- فى الموقف الصعب والمعقد الذى وجدت القوات المسلحة نفسها فيه فى يوم 28 يناير كان القرار الوطنى الصائب هو الانحياز للشعب، وهو القرار الذى أنقذ مصر من الفوضى وأنقذ القوات المسلحة نفسها من احتمال الانقسام، وفى 30 يونيو أنقذت القوات المسلحة مصر من حرب أهلية لا يعلم أحد كارثية ما كان يمكن أن تؤدى إليه لو لم يتم إقصاء الإخوان استجابة لإرادة شعبية.
ولأن القوات المسلحة المصرية تعرف ما تريد بدقة وتدرك واجباتها وتعى مهامها عادت الوحدات بعد اطمئنانها على استقرار البلاد إلى ثكناتها بعد أن وجدت طويلاً فى مدن مصر وقراها وميادينها وشوارعها، وهذه وضعية شديدة الخطورة لأى قوات تضطر لهذا الموقف، نظراً لتأثر الانضباط وسيولة الموقف العسكرى بعد تعطل برامج التدريب على السلاح والمشاريع التكتيكية والمناورات بالذخيرة الحية، ولولا التقاليد والقواعد الراسخة فى القوات المسلحة المصرية لنتجت عن هذا الوضع آثار جانبية شديدة الضرر، ودائماً ما يشير الخبراء إلى أن مثل هذه الأوضاع تحتاج بعد زوال سببها فى الوجود بعيداً عن الثكنات إلى وقت طويل حتى تستعيد القوات لياقتها وكفاءتها العسكرية الواجبة، التى تتناسب مع طبيعتها، لكن قواتنا المسلحة استطاعت فى فترة زمنية أقصر مما يمكن تخيله أن تعود فى زمن قياسى إلى طبيعتها الاحترافية الصحيحة دون أن تترك المرحلة السابقة أى آثار ضارة، بل إن القوات المسلحة استطاعت أن تضرب المثل على تميز الأداء الذى يصل إلى حد البطولة.
طفرة غير مسبوقة
المهم هنا أنه بعد الانتهاء من كابوس الإخوان المسلمين وفى ظل هذه الأعباء الملقاة على عاتق القوات المسلحة لم يغب عن فكر القيادة العامة الذى يتسم باليقظة أهمية مراجعة ملف التسليح حتى تكتمل المنظومة العسكرية على أكمل وجه وتغطى القوات أ
وجه القصور وتتجاوزها للوصول إلى قدرات تصبح معها قادرة على مواجهة أى تحديات مهما بلغت درجة قوتها أو خطورتها، ودون أى مبالغة يمكن القول إن مستويات التسليح الجديدة حققت طفرة هائلة لم تشهدها مصر منذ زمن طويل، وحققت قدرة على تنويع مصادر السلاح لم تشهدها طوال تاريخها المعاصر، وهذا جانب مهم للغاية فى تأمين الحصول على أجيال السلاح الجديدة أولاً بأول، لأن الاعتماد على مصدر واحد يمكن أن يؤدى مع التغيرات السياسية إلى أزمات تسليحية خطيرة، وهنا يجب التنويه إلى حرية القرار وتوافر الإرادة السياسية.
وإذا كانت مصر قد اضطرت بعد رفض الغرب تسليحها إلى عقد صفقة عام 1955 مع الاتحاد السوفيتى واستمر التعاون بينهما فى هذا المجال لمدة عشرين عاماً فإن السادات اتجه للتعاون اقتصادياً وعسكرياً مع الولايات المتحدة، وبدءاً من عام 1979 دعمت المعونة الأمريكية لمصر هذا التوجه، وفى عام 2006 عُقدت أول صفقة مع روسيا لشراء طائرات روسية مقاتلة من طراز ميج - 29 وذلك بقيمة 1.5 مليار دولار، غير أن الصفقة لم تتم بسبب الضغوط الأمريكية، وأخيراً نجحت مصر فى عقد صفقات مهمة وفاعلة مع عدة دول من الشرق والغرب، منها صفقة صواريخ الدفاع الجوى (S300) النسخة «أنتاى 2500» التى لم تقم موسكو بتصديرها إلا لعدد قليل من الدول، وهى أحدث منظومة يتم تصديرها خارج روسيا، التى من المعروف أنها أقوى دولة عالمياً فى مجال شبكات الدفاع الجوى، ومن روسيا أيضاً اشترت مصر منظومة «بريزدنت إس» لحماية الطائرات فى الجو، و46 طائرة «ميج -29» و50 طائرة هليكوبتر «كا-52» المنافس الوحيد للأباتشى الأمريكية، لتسلح بها حاملتى الطائرات ذات الصناعة الفرنسية «الميسترال» بالإضافة إلى 4 فرقاطات «جوميد» فرنسية الصنع أيضاً، ثلاث منها اتفق على تصنيعها فى الترسانة البحرية فى الإسكندرية لتدخل مصر عالم صناعة القطع البحرية الكبيرة، و24 طائرة «رافال» ومن ألمانيا اشترت مصر 4 غواصات من طراز 209 / 1400 وهناك تفاهمات مع الصين على أسلحة مختلفة، وهذه الصفقات تنقل مصر إلى مرتبة لا تتفوق عليها فى قائمتها إلا الدول العظمى، وبهذه الصفقات تصبح مصر القوة الضاربة بحرياً فى الشرق الأوسط، وتصبح سماؤها مؤمنة تماماً وتستعيد القوات المسلحة المصرية ريادة مستحقة بما تمتلكه من قيادات مؤهلة ومستويات متفوقة فى العلم العسكرى مع هذا المستوى المتنامى من التسليح الأحدث عالمياً.
http://www.elwatannews.com/news/details/1101569