ما لا تمتلكه المقاومة اليمنية.. الجبهة الأقوى والأخطر في وجه التحالف
المسار: محمد بن موسى - اليمن
* عايض: أكوام من التزييف والتضليل يتعرض لها المستمع اليمني يوميًّا عبر منظومة محترفة تسرب عبر “8” إذاعات “FM” تصل لكل منزل وكل هاتف وسيارة في اليمن
* الخياطي: انتصارات الجيش والمقاومة لا قيمة لها شعبيًّا لأنها لا تصل للجمهور المقطوع عن العالم بسبب عزل اليمنيين عن الإعلام المرئي وضعف الإدارة الإعلامية
* الأحمدي: تكلفة إنشاء إذاعة محلية لا تساوي قيمة دبابة حديثة.. لكن جبهة الإعلام ضعيفة
تركز الحكومة اليمنية وقيادة التحالف العربي على تحرير الجغرافيا اليمنية من مليشيا الحوثي المتمردة والرئيس المخلوع علي صالح، لكنها لم تدرك بعد مدى تأثير الأبواق الإعلامية لمليشيا الانقلاب، والتي حجبت عن المواطن اليمني كل مصادر للوصول إلى المعلومة ليبقى أسير المعلومة المشوهة التي تقدمها له وسائل إعلام الحوثي وصالح. ويشير ناشطون سياسيون في اليمن إلى أبرز وسيلة يقودونها لتوجيه جبهته الداخلية والعسكرية عبر التضليل الإعلامي بواسطة أدوات تحظى بمساحة من الحرية وبدون منافس، بعد أن أغلقت كل وسائل الإعلام المناوئة للانقلابيين.
وتنتشر المعلومات والأخبار المضللة بين البسطاء والعامة كالنار في الهشيم، بعد استقاء المعلومات من وسائل إعلام الانقلابيين لتنتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي تجسد بطولات اللجان التابعة لجماعة الحوثي وقوات الجيش الموالي للرئيس المخلوع علي صالح. ويحذر مراقبون من تصدع التأييد الشعبي الداخلي لعاصفة الحزم وقوات التحالف، في ظل نجاح الحوثيين في فرض سيطرتهم على البث الإذاعي للجمهورية اليمنية .
يقول أحد الإعلاميين: “كنت قبل 3 أشهر أجوب متخفيًا في عدة مناطق تقع تحت نفوذ الحوثيين, وقد لاحظت أن المجموع البشري في تلك المناطق قد تحولت أدمغتها إلى شبه شلل كلي، نتيجة لتعرضهم إلى ضخ إعلامي ممنهج يقلب الحقيقة, ويشوه كل ما يهدد مشاريعهم الظلامية”.
“8” إذاعات “FM” تمارس التعبئة الحربية
يقول عبدالكريم الخياطي – مراسل شكبة الجزيرة في اليمن – على الجميع الاعتراف بأن إعلام جماعة الحوثي المتمردة أقوى وأذكى في التواصل مع جمهوره وحتى في التعبئة الحربية، لديه ضوابط في النشر وأهداف مرسومة وإعلام يخاطب الخارج واعلام للتحشيد الداخلي، يجيد استغلال التناقضات المجتمعية والتناقضات في طرح إعلام المقاومة والشرعية.
ويضيف: “تخيل أن 8 إذاعات “إف إم” تصل لكل منزل ولكل هاتف ولكل جندي ولكل سيارة في اليمن، ناهيك عن استغلال الصورة أكثر حرفية للتخاطب الشعبي وللعوام. ويوضح الخياطي بجملة ساخرة المستوى الذي وصل إليه إعلام المتمردين في التضليل وترديد الأكاذيب، لافتًا إلى أن إعلام الانقلابيين يتمتع بنفس طويل، ويعمل على مستويات متقاربة ومتواصلة، لا تتعدد أو تختلف فيه الأرقام، ويقول: “أسقطنا 8 طائرات f999 ويردد الجميع في كل الوسائل حتى يصدق من اخترع الموضوع نفسه”، بعكس إعلام المقاومة، حيث يتحدث ناطق رسمي بشيء ويأتي ناشط إعلامي في نفس الجبهة لينقض كلامه.
ويسرد الخياطي صورًا ومشاهد من أساليب استغلال المتمردين الحوثيين للإعلام وتوظيفهم للصورة، ومن تلك الأساليب: “أن يأتي صحفي من المسيرة هو عسكري أكثر مما هو صحفي، ويتجه إلى مفرق الجوف ويبدأ التصوير مع جنود الجيش الوطني على أنه قناة عالمية ليتحدثوا عن المكان والزمان والسيطرة، ثم يعود من الطريق الذي تسلل منه وتبث المسيرة مادة خبرية عن تواجد المسيرة مع الجيش واللجان الشعبية في مأرب.. ويصدقه الناس”. ويشير الخياطي إلى أن الناس يصدقون “شائعات” الـ”إف . أم” التابعة للمتمردين؛ كونها تصل إلى كل اليمن”.
ومن صور استغلال المتمردين الحوثيين لكل ما ينشر لصالحهم، كأن ينشر ناشطون في الفيس بوك كل ما يحلو لهم أو يخطر في بالهم، وبعضها أسرار عسكرية، فيتم استغلالها وتحليلها من قبل إعلام الحوثي، وبعضها يتم استغلاله بعد لحظات فقط “بحسب الخياطي”.
ويؤكد الخياطي أنه رغم الانتصارات التي تحققها الشرعية والمقاومة، إلا أنه لا قيمة لها شعبيًّا؛ لأنها لا تصل للجمهور المقطوع عن العالم؛ بسبب عزل اليمنيين عن الإعلام المرئي وضعف الإدارة الإعلامية. وطالب الخياطي حكومة هادي وبحاح وأركان الجيش بإنشاء إذاعة “إف إم” في مأرب وفي الجوف وإذاعة عسكرية في فرضة نهم شرقي صنعاء.
تحرير الذاكرة قبل الجغرافيا
ويشدد أحمد عايض – رئيس تحرير صحيفة مأرب برس الإلكترونية – على أن تبادر الحكومة اليمنية ودول التحالف وقبل البدء بتحرير الأرض والجغرافيا إلى المبادرة بتحرير العقل والذاكرة للأسرى ذهنيًّا, وإخراجهم من دائرة التمويه والتضليل المبرمج إلى واقع الحقيقة. ولفت إلى أن تدمير مؤسسات الكهرباء واستهداف المؤسسة الغازية بمأرب, كان هدفًا مخططًا من الانقلاب, خاصة بعد أن وجدوا أنفسهم أمام مواجهة خاسرة مع الإعلام الفضائي العربي، وتحديدًا القنوات الإخبارية التابعة للتحالف.
وأغلق الحوثيون كافة مكاتب القنوات الفضائية في اليمن سواء العربية أو المحلية, وذلك إثر هزيمتهم الإعلامية في مضمار المنافسة بعد أن اكتشفوا أن قناة المسيرة وصويحباتها من اليمن اليوم والساحات والقنوات الحكومية المستنسخة, لم تعد ذات جدوى أو متابعة من المشاهد اليمني, خاصة في ظل الضخ الفضائي للقنوات العربية؛ لهذا قرر الانقلاب إغلاق كافة القنوات الإعلامية للوصول إلى المواطن اليمني عبر الإعلام الإذاعي الذي يصل كل بيت وسيارة وأسرة بأبسط التكاليف. وبسبب عدم وجود التيار الكهربائي وفي ظل الحرب والحاجة للإعلام، لجأ المواطن اليمني إلى الراديو كوسيلة للمعلومة في ظل عدم وجود أي إذاعات منافسة للانقلاب.
المقاومة والإعلام الممنهج
الكاتب يحيى الأحمدي – يؤكد أنه رغم أهمية الإعلام في معركة اليمنيين مع الانقلابيين، إلا أنه يبدي أسفه لعدم امتلاك المقاومة إعلامًا ممهنجًا ومرتبًا، مشيرًا إلى أن هناك إيمانًا بتوفير التخزينة أكثر من توفير المعلومة. لافتًا إلى أن ما يجري مجرد اجتهادات شخصية من بعض الشباب المتحمس، في ظل غياب كامل للإعلام الموجه الذي يخدم الجيش الوطني والتحالف والمقاومة”. وينتقد الأحمدي مديري القنوات التابعة للحكومة الشرعية الموجودين، بقوله: “ينتظرون نهاية الشهر لاستلام المبالغ المرصودة فقط، ولا توجد قناعة بأهمية الإعلام”. وينوه الأحمدي إلى أن تكلفة إنشاء إذاعة محلية لا تساوي قيمة دبابة حديثة.
حرب نفسية عبر موجات الـ«FM»
وقررت المليشيات إغلاق كافة الإذاعات المحلية الناشئة في اليمن, وتحويلها إلى إذاعات تابعة لها، حيث خاض الحوثيون معركتهم القذرة عبر موجات الـ FM للسيطرة على ذهنية المستمع, وسهلوا دخول كميات مخيفة من أجهزة المذياع ذات المنشأ الصيني رخيصة الثمن. بعدها توسع الحوثيون في بث محطاتهم الإذاعية وصبغوا أشكالها بين الطابع المجتمعي والسياسي وأخرى ذات صبغة غنائية، دأبوا على ممارسة قاعدة اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس, ليقودوا الناس عبر هذا التضليل إلى حرب أهلية موغلة في العنف والثارات . وظهر في المجتمع تنامي الحقد الداخلي, وتعميق جرح الطائفية والانقسام المجتمعي نتيجة لهذا الخطاب الظلامي.
وبحسب عايض فإن المستمع اليمني يستمع يوميًّا إلى أكوام من التزييف والتضليل عبر منظومة محترفة تسرب عبر إذاعات؛ “المسيرة و”سام إف أم” واليمن اليوم” و”صوت الشعب” وإذاعة “إيرام”، إضافة إلى إذاعة صنعاء ويمن ميوزك ويمن إف إم .. وإذاعة ضيف راديو ..
ويضيف: مقاتلو الحوثي يذهبون إلى معاركهم وهم يعتقدون أنهم في جهاد مقدس ضد الغزاة والمحتلين, هذه هي ذهنية كل من تحدث من الأسرى الحوثيين للجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
قناة الحدث، التابعة لقناة العربية، لها تجربة جيدة لكنها قاصرة, حيث قامت بتحويل نشرة أخبارها الفضائية إلى موجات FM, لكن خصصت بثها إلى محافظة صعدة فقط. يقول أحد الناشطين: “إعلامهم ناجح وهو كاذب، وإعلام الشرعيه فاشل وهو صادق”، ويضيف: “للأسف لا يوجد إعلام حربي يواكب الحرب في الإعلام الشرعي مع أن الحرب الإعلامية نصف المعركة”.
ويعلق أحد السياسين: “من المعيب أن يظل سيد الكهف في مران يتحكم في عقليات مئات الآلاف من اليمنيين عبر موجات إذاعية, في ظل غياب كلي للدولة اليمنية ممثلة برئيسها هادي أو بوزير إعلامها القادم الجديد إلى بلاطها”. وطالب عدد من النشطاء والإعلاميين اليمنيين دول التحالف بوضع معالجات عاجلة لهذه الجبهة الإعلامية التي تعد الجبهة الأكثر شراسة أمام المقاومة والجيش الوطني. وضرورة توسيع دور الإعلام الحربي للمقاومة ليبلغ المناطق التي تمثل مخزنًا بشريًّا للجماعة الحوثية، وتوضيح حقيقة المعركة التي يخوضها الحوثيون، والأهداف منها، والنتائج الوخيمة المحتملة.
http://www.almasaronline.com/%D9%85%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%85%D8%AA%D9%84%D9%83%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7/