شهدت القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية العديد من الطروحات الرامية لحلها، وقد اختلفت في جديتها، والجهات التي تقف خلفها، وانتماءاتها السياسية، بين اليمين واليسار والوسط الإسرائيلي.
أولاً: خطة ليبرمان للسلام
يطلق على هذه الخطة أيضاً "خطة تبادل الأراضي"، وطرحت للمرة الأولى في مايو عام 2004، على يد وزير النقل آنذاك، أفيغدور ليبرمان، باعتبارها أحد مكونات خطته الشاملة لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.
أهم بنود الخطة
البند الرئيسي للخطة هو ضم الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل، وفي المقابل نقل أراضٍ تحت السيطرة الإسرائيلية في المنطقة، التي تطلق عليها إسرائيل "المثلث"، ذات الغالبية السكانية العربية، إلى الدولة الفلسطينية التي ستقوم.
والمثلث هو المنطقة الجغرافية التي انتقلت إلى السيطرة الإسرائيلية، بموجب اتفاق الهدنة "اتفاق رودوس" بين الأردن وإسرائيل عام 1949. تقع حالياً شمالي إسرائيل، وهي عبارة عن تجمع لمدن وقُرى عربية، يحدها من الشّمال مرج بن عامر وجبل الكرمل، ومن الشرق الضفة الغربية، ومن الجنوب مدن اللد، الرملة ويافا، ومن الغرب مُدن ساحل البحر الأبيض المتوسط.
السكان
بحسب خطة ليبرمان، فإن السكان العرب الذين يقطنون في تلك المنطقة الجغرافية، يفقدون المواطنة الإسرائيلية، إلا إذا اختاروا الهجرة إلى إسرائيل حسب الحدود الجديدة، والقسم بالولاء لها.
ملاحظات
الملاحظ أن هذه الخطة غابت عنها مركبات أساسية ورئيسية في التوصل لأي تسوية سياسية دائمة. وعلى رأس هذه المكونات، قضية القدس وقضية الحدود الدائمة لإسرائيل، وشكل الدولة الفلسطينية.
وعام 2014، وقبيل الانتخابات التشريعية، أعاد نتنياهو طرح الخطة في إطار برنامج حزب "إسرائيل بيتنا" لحل القضية الفلسطينية، وتضمن الطرح الجديد تشجيع عملية التهجير العربي إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية بواسطة حوافز اقتصادية.
وذهب ليبرمان في خطته عام 2014 إلى أبعد مما ذهب إليه عام 2004. فاقترح منح تعويضات مادية للعرب المقيمين في يافا وعكا لتهجيرهم إلى داخل الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وقال نتنياهو إن هذه التسوية مع الدولة الفلسطينية ستسمح لعرب إسرائيل أن يكونوا جزءاً من الدولة الفلسطينية، وستحل أيضاً مشكلة العرب الموجودين في منطقة المثلث ووادي عاره القريبين من مناطق السلطة الفلسطينية، إذ سيصبحون جزءاً من الدولة الفلسطينية، من دون أن يضطروا إلى ترك منازلهم.
وحتى في الطرح الجديد، غابت عن الخطة أيضاً أي مواقف واضحة من قضايا القدس والحدود الدائمة لإسرائيل والبناء في الأراضي المحتلة، ومستقبل الاستيطان.
ثانياً: خطة نفتالي بينيت
تقوم هذه الخطة على 7 نقاط:
1- فرض السيادة الإسرائيلية على المنطقة "ج" بالضفة الغربية من جانب واحد، وبذلك تأخد إسرائيل زمام المبادرة لتأمين مصالحها الحيوية، مثل تحقيق الأمن لمنطقة جوش دان والقدس، والاحتفاظ بالسيادة الإسرائيلية على المناطق الأثرية والمستوطنات. كما أن المناطق التي سيتم ضمها، ستخلق حزام أمان لإسرائيل، وتشمل وادي الأردن، والبحر الميت، وكتلة مطار بن جوريون، والقدس. عملياً، قسّم اتفاق أوسلو أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: المنطقة أ، تبلغ مساحتها نحو 18% من أراضي الضفة الغربية، وهي خاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية أمنياً وإدارياً. والمنطقة ب، وهي مناطق تقع المسؤولية فيها عن النظام العام على عاتق السلطة الفلسطينية، بينما تظل لإسرائيل السلطة الكاملة على الأمور الأمنية، وتبلغ مساحتها نحو 18.3% من مساحة الضفة الغربية. والمنطقة ج وهي مناطق تقع تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي، وتبلغ مساحتها نحو 61% من مساحة الضفة الغربية.
2- التوطين الكامل لنحو 50 ألف عربي يعيشون في المناطق التي سيتم ضمها. وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يعيش في المنطقة "ج " نحو 350 ألف يهودي، و55 ألف عربي. وسيصبح المواطنون العرب إسرائيليين بكل ما تحمله الكلمة من التزامات، وهذا ما سينفي عن إسرائيل أمام العالم أي تهمة بالتهجير، ولن يضطر عربي أو يهودي إلى ترك منزله.
3- خلق شبكة من الطرق تمكن الفلسطيني من الانتقال إلى أي مكان في الضفة الغربية دون الحاجة إلى المرور على الحواجز الأمنية. ويتم ذلك عبر إنفاق مئات ملايين الشواقل، مع التأكيد على أن الحديث لا يدور بصدد إنشاء شبكة طرق جديدة، بل إنشاء مناطق اتصال بين الطرق القديمة وتلك الجديدة في نقاط حيوية.
4- عدم السماح لأي لاجئ فلسطيني في الدول العربية بالعودة والإقامة في مناطق الضفة الغربية، لأن ذلك سيخلق واقعاً ديمغرافياً جديداً سيصعب على إسرائيل إعادة العجلة للوراء في أي وقت بعد ذلك.
5- إنشاء مظلة أمنية كاملة على مناطق الضفة الغربية.
6- الفصل الكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لأن بقاء غزة على اتصال بالقطاع سينقل مشاكله إلى الضفة.
7- ضخ مزيد من الاستثمارات الرامية إلى خلق نوع من ضمان التعايش بين العرب واليهود في المناطق التي سيتم ضمها.
ثالثاً: خطة بني أيالون
قدم هذه الخطة بني أيالون، حين كان وزيراً للسياحة عام 2002، وقامت هذه الخطة على 3 بنود أساسية:
أ- إعادة تأهيل اللاجئين وتفكيك المخيمات. فتقوم إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي بصياغة برنامج متعدد السنوات لإعادة التأهيل الكامل والسريع للاجئين الفلسطينيين، واستيعابهم وتجنيسهم في بلدان مختلفة. وخلال عملية إعادة التأهيل، سيتم حل وكالة غوث اللاجئين "الأونروا"، وستقدم لجميع المقيمين في مخيمات اللاجئين الإقامة الدائمة والمواطنة ومنحة تأهيل سخية، وبعد ذلك سيتم تفكيك كل مخيمات اللاجئين.
ب - التعاون الاستراتيجي مع المملكة الأردنية الهاشمية. إذ يجب على إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، أن تتعامل كلها مع المملكة الأردنية على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتمنح الأردن المواطنة لجميع سكان الضفة الغربية. كما أنه لن يتم الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كهيئة ممثلة للفلسطينيين في غزة والضفة. بالإضافة إلى جمع الأسلحة من المنظمات المسلحة. وتقوم إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بالاستثمار في التنمية الطويلة الأجل في الأردن، لإعادة تأهيل اقتصادها وتعزيزه، فيما تقوم إسرائيل والأردن، جنباً إلى جنب مع مصر وتركيا والولايات المتحدة، ببناء تحالف استراتيجي لمواجهة طهران، وتحقيق سلام شامل بين إسرائيل والدول العربية.
ج– تقوم إسرائيل بفرض سيادتها على مناطق الضفة الغربية بالتنسيق مع الجانب الأردني، ويحمل المواطنون العرب في تلك المناطق الهوية الأردنية. بينما سيحدد علاقتهم بالدولتين وطبيعة الحكم والإدارة في المناطق المأهولة بالسكان العرب، وفق اتفاق مفصل بين حكومتي إسرائيل والأردن.
رابعاً: خطة الأمنيين والأكاديميين
ظهرت هذه الخطة إلى النور عام 2011، وتبنتها مجموعة من رجال المؤسسات الأمنية والسلك الأكاديمي في إسرائيل، وعلى رأسهم، رؤساء جهاز الشاباك، يعقوب بيري وعامي أيلون، ورئيس الموساد الأسبق داني ياتوم، ورئيس الأركان الأسبق اللواء احتياط أمنون ليفكين شاحاك.
أساس الخطة
تقوم هذه الخطة على إعلان قيام دولة فلسطينية على معظم أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، تكون عاصمتها معظم القدس الشرقية. ويتم تنفيذها بالارتكاز على خطوط 1967.
طبيعة الدولة
يتم إعلان الدولة الفلسطينية كدولة قومية للفلسطينيين، بينما يتم الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية لليهود، تحصل الأقلية العربية فيها على حقوق المواطن اليهودي.
الحدود
يتم العودة إلى خطوط عام 1967 وتكون تلك الخطوط هي الأساس للحدود الفاصلة بين الدولتين، مع إجراء تغييرات محدودة وتبادل أراضٍ لا تتجاوز نسبته 7% من أراضي الضفة.
وبحسب هذه الخطة، تكون الأحياء اليهودية في القدس تحت السيادة الإسرائيلية، بينما يتم نقل السيادة على الأحياء العربية إلى الدولة الفلسطينية. وتصبح منطقة الحرم القدسي غير خاضعة لسيطرة أي من الدولتين، بينما تسيطر إسرائيل على حائط المبكى "حائط البراق"، والحي اليهودي في البلدة القديمة.
وفي مطلع العام الجاري، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل ورقة تفاهمات، قالت إنها وضعت بالاتفاق بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وزعيم المعسكر الصهيوني اسحاق هرتسوغ، احتوت على أفكار تشبه خطة الأمنيين إلى حد كبير.
اللاجئين
وبحسب الخطة يتم تخيير اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات بين التعويض المادي وبين العودة إلى الدولة الفلسطينية، مع وجود بعض الاستثناءات تتم بالاتفاق المتبادل، وبموجبها يمكن لبعض اللاجئين العودة إلى داخل إسرائيل.
خامساً: خطة الاتحاد الفيدرالي
هي خطة تتبناها حركة تطلق على نفسها اسم "دولتان ووطن واحد". من أشهر أعضائها المستوطن اليهودي إباز كوهين، وعضو منظمة التحرير الفلسطينية محمد البيروتي. تدعو الحركة إلى كونفدرالية على الطراز الأوروبي، تقوم بين إسرائيل ودولة فلسطين المستقبلية، وهذا ما سيسمح للمواطنين من جانبي الصراع العيش في أي من الدولتين، لكن مع الحفاظ على الجنسية الأصلية. وترفض الحركة فكرة الفصل بين الشعبين، إذ ترى أن الواقع أثبث أن الجهود الرامية إلى ذلك، والتي بدأت قبل 23 عاماً باتفاق أوسلو، باءت بالفشل، بحسب ما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل".
بحسب مبادرة “دولتان ووطن واحد”، يتم تحديد النسبة المئوية للمواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في فلسطين بالتناسب مع نسبة المواطنين الفلسطينيين الذين سيبقون في إسرائيل. ولم تتطرق المبادرة إلى قضايا رئيسية في الصراع مثل مصير القدس أو حق العوة للاجئين الفلسطينيين.
سادساً: خطة نتنياهو
ظهرت الملامح الأولى لخطة نتنياهو في خطابه الشهير المعروف باسم خطاب بار إيلان. فعلى خلفية الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة،
وكشف فيه ملامح التحول في السياسة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين، ألقى نتنياهو يوم 14 يونيو 2009، خطاباً في جامعة بار إيلان، أعلن فيه قبوله بقيام الدولة الفلسطية وحل الصراع الإسرائيلي على أساس الدولتين، لكنه قرن ذلك بعدة شروط على النحو التالي:
أن تكون الدولة الفلسطينية التي ستقوم دولة منزوعة السلاح، وأن يتم الاعتراف بإسرائيل كدولة لليهود، وأن تصير القدس كاملة عاصمة لإسرائيل، والتشديد على أن الدولة الفلسطينية لن يكون لها قوات مسلحة "جيش". واشترط أيضاً حق إسرائيل في النمو الطبيعي بالمستوطنات داخل الضفة الغربية، ويُحدد وضعها النهائي من خلال المفاوضات.
مصدر