صفقة طائرات الميغ 29 تطغى على زيارة بوتفليقة لروسيا
تاريخ المقال 18/02/2008
عقيد متقاعد يقول أن "من مصلحة الجزائر الانضمام إلى أوبيب الغاز"
أوردت صحيفة "كومرسانت" الروسية الاثنين 18- 2-2008 أن الجزائر ستعيد لروسيا 15 مقاتلة حربية من نوع " ميغ 29" بعد الوقوف على "نوعيتها التي لم ترق إلى ما تم الاتفاق عليه" بموجب الاتفاق الموقع بين البلدين...
وحسب الصحيفة الروسية التي تسابقت وكالات الأنباء لنقل الخبر عنها تزامنا مع الزيارة التي يؤديها الرئيس بوتفليقة لموسكو، فإن مصادر من الشركة المصنعة كشفت عن اتفاق رسمي تم توقيعه الأسبوع الماضي بين وفد عن القوات الجوية الجزائرية وممثلين عن المكتب الاتحادي الروسي للتعاون العسكري، يقضي بإرجاع دفعة طائرات الميغ الـ15 فيما سيتم استبدالها بطائرات من نوع "ميغ 29 أم 2"، و "ميغ 25"، ولم تستبعد الصحيفة أن يتم الإبقاء على الطائرات الخمسة عشر في حال تم إصلاحها.
وبينما نفى مصدر مسؤول في الشركة المصنعة "ميغ" المعلومات المتداولة، اكتفى بيان للرئاسة الجزائرية الأحد بالإعلان عن الزيارة رسمية يقوم بها الرئيس بوتفليقة بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين تدوم يومين بداية من الاثنين، وسجل البيان أن العلاقات الجزائرية الروسية قد دخلت مرحلة "الشراكة الإستراتيجية" منذ 2001 بعد زيارة الدولة التي قام بها الرئيس بوتفليقة إلى موسكو. وذلك بهدف "بعث التبادلات الثنائية في مختلف الميادين". و تعد هذه الوثيقة هي الأولى من نوعها توقعها روسيا مع دولة عربية أو افريقية والثانية بعد تلك التي وقعتها مع الهند.
وكانت صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية قد أوردت في السادس من فيفري الجاري معلومات عن وجود انزعاج جزائري من الضعف التقني الذي تم تسجيله على دفعة طائرات من نوع "ميغ 29" التي تم استلامها، وتحدثت الوطن كذلك نقلا عن مصادر إعلامية روسية عن " وجود رغبة لدى الجزائر في جلب طائرات مقاتلة من صنع مشترك باكستاني- صيني ويتعلق الأمر بطائرة " أف سي واحد ".
وتأتي هذه المعطيات بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي تقود الرئيس بوتفليقة على موسكو اليوم، وسط اهتمام إعلامي محلي ودولي، خصوصا الشق المتعلق بملف الطاقة، الذي قالت بشأنه وسائل إعلام دولية بأنه "فرصة لكل من الجزائر وروسيا لمناقشة بشكل عميق فكرة إنشاء منظمة الدول المصدرة للغاز التي تعد كل من روسيا وإيران من أهم الدول المتحمسة لتجسيدها على أرض الواقع".
وكان وزير الطاقة شكيب خليل قد عبر عن رأيه "التقني" في فكرة إنشاء منظمة أوبيب للغاز بالقول أن "الجزائر وعدد من الدول المصدرة للغاز باعت حصص كبيرة من غازها وفق عقود طويلة الأمد تمتد إلى غاية 2017و 2020"، وهو ما يعني حسب الوزير خليل عدم جدوى انضمام الجزائر للمنظمة الجديدة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن انضمام الجزائر يعني صرف أموال الاشتراك في هذه المنظمة لأنها لن تكون ذات فعالية.
ومعروف مثلا أن الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد لدى زيارته الأخيرة إلى الجزائر قد اقترح الانتقال من نظام الفوترة بالدولار إلى الفوترة بالأورو في ظل تراجع قيمة الدولار الأمريكي منذ فترة ليست بالقصيرة.
وبرأي الأستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر أحمد عظيمي، وهو عقيد متقاعد، متحدثا لـ"الشروق أونلاين"، فإن " زيارة الرئيس بوتفليقة إلى روسيا تدخل في إطار بعث اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الذي عرف نوعا من الجمود في الفترة الأخيرة بسبب عدم تحمس الجزائر للانضمام إلى معسكر الداعين لإنشاء أوبيب للغاز"، وبحسب العقيد السابق في الجيش الجزائري، فإنه " من مصلحة الجزائر دعم المقترح الروسي لأن مصالح البلدين أكثر عمقا وتمتد إلى قطاعات استراتيجية منذ الاستقلال".
وبخصوص الأخبار المتداولة حول صفقة طائرات الميغ الروسية، قدّر عظيمي بأنه "في ظل صمت الطرف الجزائري لا يمكن الوثوق ولا تكذيب الأخبار المتداولة عبر الصحافة الغربية عموما، حتى وإن كانت الصحافة الروسية تقدم معلومات لا يمكن أن تضر بمصالح بلادها".
وتجدر الإشارة، إلى أن الجزائر وروسيا وقعتا بمناسبة زيارة بوتين شهر مارس 2006 على صفقة لمسح الديون الروسية المستحقة على الجزائر بقيمة 4.7 مليار دولار، مقابل شراء أسلحة روسية شملت 300 دبابة من طراز "90 أم بي تي أس"، التي تتفوق على دبابة "ميركافا" الإسرائيلية، و84 طائرة مُطاردة من طرازي "سوخوي" و"ميغ".
بوتفليقة اليوم في موسكو: روسيا وإيران..محطتان نوويتان في أجندة الرئيس
</B>تاريخ المقال 17/02/2008
يطير الرئيس بوتفليقة،الإثنين،إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية تدوم يومين، وتأتي هذه الزيارة لبعث التبادلات الثنائية بين البلدين في مختلف الميادين، حسب ما تشير إليه أطراف رسمية.
وسيتناول الرئيسان في هذه الزيارة التعاون الاقتصادي والتبادلات التجارية والتعاون بين البلدين، حيث بلغت نسبة التبادل الاقتصادي بينهما141 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى لسنة 2007 بعدما بلغت 600 مليون دولار في سنة 2006، وهو ما يعني أن الجانب الاقتصادي لم يحظ باهتمام بالغ في هذه الفترة رغم تشديد الطرفين في لقاءاتهما واتفاقاتهما على أهميته، ويأتي هذا "الركود" في الجانب الاقتصادي في مقابل "الانتعاش" الذي حققته المبيعات العسكرية الروسية للجزائر.
ففي مارس 2006 أعطت روسيا موافقتها على إلغاء ديون الجزائر بعد مشاورات بين البلدين، وقد بلغت تلك الديون 4.7 مليار دولار، وفي مقابل إلغاء تلك الديون تقرّر شراء الجزائر معدات عسكرية بحجم الديون الملغاة، وقد تنوعت تلك المعدات بين طائرات من طراز "ميغ 29" المقاتلة الحديثة التكنولوجيا، وقطع عسكرية أخرى، وهو ما اعتبره كثيرون"إحدى صفقات العمر" لروسيا، وهو الأمر الذي يجعل المسؤولين الجزائريين يبحثون عن صيغة لإيجاد توازن بين الجانبين الاقتصادي والعسكري علاقات البلدين والاستفادة من خبرات روسيا في المجال الأوّل.
وتريد بعض الأطراف ربط زيارة بوتفليقة هذه بتلك الصفقة العسكرية مع روسيا، حيث تسرّب حديث بشأن ما سُمّي "غشّا" في تلك الصفقة، إذ تحدّثت ألسنة بأن روسيا باعت الجزائر طائرات ليست ذات فعالية جيدة قتاليا وتكنولوجيا، إلا أن شيئا من تلك الأحاديث لم يتأكّد، وهو ما دفع إلى تصنيفها في خانة "الإشاعات" التي يسوّق لها أعداء روسيا وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من أجل فضّ حلفاء روسيا من حولها- ومنهم الجزائر- والتشويش على صفقات روسيا العسكرية في وقت يعرف الاقتصاد الروسي مرحلة وهن، هو في أمس الحاجة فيه إلى مصادر تمويل لشدّ ركائزه والحلول دون انهياره.
وعلى صعيد آخر، فقد تدعمت العلاقات الجزائرية الروسية أكثر عندما بادل الرئيس بوتين بوتفليقة زيارته الأولى إلى روسيا في أفريل 2001، حيث حل بوتين في مارس 2006 بالجزائر، وانعقدت على أثر زيارته تلك اجتماعات ولقاءات عديدة للجنان المختلطة بين البلدين كما تم إنشاء مجلس للأعمال و تبادل العديد من الزيارات بين مسؤولي البلدين، ووقع الطرفان على حوالي عشر اتفاقات و بروتوكولات ومذكرات تفاهم في الميادين الديبلوماسية و الاقتصادية و الثقافية.
لكن "تقهقر" التبادلات الاقتصادية بين روسيا والجزائر في العام الماضي، جعل المسؤولين الجزائريين يتطلّعون إلى فعالية أكثر في هذا الميدان- ولربما تصب الزيارة الحالية للرئيس بوتفليقة في هذا الصدد لإعطاء جرعة دعم "حقيقية" لمستوى "الشراكة الاستراتيجية بين البلدين"- إذ لا تزال واردات الجزائر من روسيا مقتصرة على المواد الخام ومواد التجهيز والمواد الاستهلاكية غير الغذائية، هذا فيما تصدر الجزائر إلى روسيا الفوسفات ومواد التشحيم، ولمواجهة هذا الوضع "الراكد"، ينتظر أولئك المسؤولون فعالية أكبر من المؤسسات الروسية لتحديد مشاريع ملموسة تكون ذات وقع على الواقع الاقتصادي في الجزائر، مثل المشاريع السياحية التي تراهن الجزائر على مساهمة الطرف الروسي في تسخير قدراتها المالية لاستثمارها في المنشآت السياحية في الجزائر.
وبعيدا عن حيثيات الزيارة الرئاسية لبوتفليقة إلى روسيا، فإنه من المهم التذكير بأن بوتفليقة يقود زيارة إلى بلد نووي هو روسيا أياما قبل زيارته إلى البلد النووي الآخر إيران في مارس المقبل، وهو ما يعني أن أجندة الرئيس تضم محطتين نوويتين هامتين ستجلبان إليها أنظار القوى الكبرى مثلما جلبت الصفقة العسكرية السابقة مع روسيا أنظار الأطراف نفسها.