شرعت إسرائيل وألمانيا بالتفاوض من أجل بناء غواصة جديدة، هي السادسة من طراز «دولفين»، لتنضم إلى أسطول الغواصات الإسرائيلي. ويتوقع أن تصل الغواصة الجديدة إلى إسرائيل، إذا تم الاتفاق نهائياً على بنائها، في نهاية عام 2018. ورغم أن أسطول الغواصات الإسرائيلي كبير نسبياً، دور الغواصات في الردع والحرب الإلكترونية يدفعُ سلاح البحرية في الكيان الإسرائيلي إلى المطالبة بالمزيد.
ورافق سجالٌ كبير كل عملية شراء الغواصات التي تبنى في ألمانيا بسبب تكلفتها الباهظة، والتي تزيد عن نصف مليار يورو لكل واحدة. وقد رأى عسكريون أنه لا حاجة لإسرائيل إلى مثل هذه الغواصات، إلا أن آخرين آمنوا بأن دورها بالغ الأهمية، خصوصاً في ظلّ الحاجة إلى تطوير نظرية الحرب النووية الإسرائيلية.
فقد كانت النظرية ترى، ولا تزال، وجوب منع أي قوة عربية أو إقليمية من امتلاك سلاح نووي ولو باستخدام القوة. وهذا ما حدث مع المفاعل العراقي، ومع المشروع النووي السوري، وما هددت إسرائيل بفعله مع المشروع النووي الإيراني. ولكن تبلورت في إسرائيل في نهاية القرن الماضي نظرية ترى أنه إذا كان بوسع الجيش تدمير المشاريع النووية العربية حالياً، فليس هناك أبداً ما يضمن ذلك في المستقبل. ومن هنا، نشأت فكرة استباق الواقع بامتلاك القدرة على توجيه الضربة النووية الثانية، إذا ما أفلحت أي قوة في امتلاك سلاح نووي واستخدامه ضد إسرائيل. وكانت الغواصات وسيلة تحقيق ذلك، لقدرتها على البقاء طويلاً خارج الموانئ وفي مناطق نائية.
وفي كل حال، فإن السجالات في إسرائيل صارت في الآونة الأخيرة تدور لا حول امتلاك الغواصات، بل حول العدد المطلوب. وكان التبرير الأساس لامتلاك الغواصات من طراز «دولفين» هو مواجهة المشروع النووي الإيراني. ولكن بعد أن تبين أنه رغم كل ما تمتلك إسرائيل من قدرات بحرية وجوية وصاروخية فإن قدرتها على إلحاق الضرر بالمشروع النووي الإيراني محدودة، تصاعد الجدل في جدوى شراء الغواصة السادسة.
وما زاد من حدة الجدل في إسرائيل أنه خلافاً للغواصات الأولى، لا تزال الحكومة الألمانية ترفض تمويل بنائها. وقد شاركت الحكومة الألمانية بنسبة ما بين الثلث والنصف في تمويل شراء الغواصات الأولى. ولكن بسبب حدة الخلاف على المستوطنات والعملية السلمية، تظهر الحكومة الألمانية تمنّعاً عن الموافقة على المشاركة في تمويل الغواصة السادسة. ومع ذلك، ليس مستبعداً أن يتم التوصل إلى اتفاق قريب بهذا الشأن، خصوصاً أنّ لإسرائيل قدرةً على استغلال شعور ألمانيا بالذنب من المحرقة النازية. ويرى خبراء أنّ لألمانيا مصلحةً أيضاً في تمويل الغواصة السادسة بسبب المصاعب التي تعانيها صناعة الغواصات الألمانية، حيث يوجد خط إنتاج الغواصات الاستراتيجي في مدينة كيل، ولذلك فإن بيع الغواصة يساعد هذه الصناعة.
ونشرت مجلة «إسرائيل ديفنس» العسكرية أن ألمانيا وإسرائيل بدأتا اتصالات على مستوى سياسي وعسكري رفيع لشراء الغواصة السادسة. وقالت المجلة إن الغواصات من طراز «دولفين»، التي كتب الكثير عن قدرتها على إطلاق صواريخ «أريحا» معدلة قادرة على حمل رؤوس نووية، تشكل الذراع الطويلة لإسرائيل في حال الحرب مع إيران. وتعدّ الغواصة السادسة الأكثر تطوراً، خصوصاً أن الغواصات الثلاث الأولى التي بدأت الانضمام للأسطول الحربي الإسرائيلي في مطلع الألفية الجديدة كانت من طراز قديم نسبياً.
وبحسب ما نشر، فإن الغواصة السادسة ستصل إلى إسرائيل في عام 2018، حيث من المقرر أن تخرج إسرائيل من الخدمة واحدة من الغواصات الثلاث الأولى الأقدم. وكان معلوما أن قائد سلاح البحرية السابق الجنرال أليعزر ماروم ورئيس الأركان الأسبق الجنرال غابي أشكنازي قد عارضا بشدة شراء الغواصة السادسة، بسبب أن ثمنها سوف يدفع من ميزانية الدفاع التي ترفض وزارة المالية زيادتها. ولكن وزير الدفاع الأسبق، إيهود باراك، بالاتفاق مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قررا شراء هذه الغواصة.
في كل حال، فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أمرت بوقف السجال على شراء الغواصة السادسة، وأعلن عدد من قادتها أنه لا خلاف البتة على أن أسطول الغواصات سلاح استراتيجي هام بيد إسرائيل. وهناك قناعة متزايدة بأن وجود هذه الغواصات يوفر لإسرائيل ما تريد من قدرة على توجيه الضربة الثانية إذا تعرضت لهجوم نووي يؤدي إلى تدمير كل قواعدها البرية.
وإجمالاً، فإن الغواصة السادسة من طراز «دولفين» التي يجري التفاوض بشأنها تمتلك مزايا أفضل من سابقاتها. وهي كما نشر تزيد طولاً عشرة أمتار عن أسلافها، ما يعني أنها تمتلك قدرة أكبر على نشر منظومات تسليحية أفضل كما تتوفر لها القدرة للبقاء تحت سطح البحر زمناً أطول.
مصدر