أربعة جيوش سوفيتية تتقدم بكامل عتادها مكونةً من 400 ألف جندي، وآلاف الدبابات والمدافع والطائرات المُقاتلة. هذا الجيش الجرار يبلغ 3 أضعاف عدد قوات الحلفاء الذي نزلوا على ساحل نورماندي الشهير. حط الجيش رحاله داخل الحدود الفنلديَّة ليبدأ حربًا عُرفت باسم حرب الشتاء، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1939.
بالتأكيد لم تكن تلك أول معركة تحدث في التاريخ في فصل الشتاء لكنَّ شتاء فنلندا كان قارسًا. فجمعت الحرب بين سخونة الدماء وبرودة الجو، لكن أحدهما لم يُوقف الآخر. حرب الشتاء الفنلنديَّة ستكون هى الحرب التي تُغير مسار أحداث الحرب العالمية الثانية كاملةً. لكن ذكراها في المستقبل سيُوضع ضمن قائمةٍ تضم المئات من الحروب المنسية. لا يتذكر تلك الحرب الآن إلا أبناء فنلندا في مراسم إعادة تمثيل وإحياء تلك المعركة كل عام.
معركة محسومة بين الجيش الأحمر الجرَّار وبين مقاتلين لا يمتلكون أي شيء. ربما إذا دققنا النظر أكثر فسوف نجد أن كل ما امتلكه مقاتلو فنلندا كان الغضب الممزوج بالرغبة في النصر. زاد من حدة الغضب في صدورهم الشعور بأن فنلندا بأكملها تحت القصف، لم يترك لهم الروس اختيارًا سوى الموت. لكن الشعب الفنلندي خلق من الموت اختيارين، إما الموت بالقصف في البيوت أو الموت بالرصاص في ساحة المعركة، واختاروا جميعًا الثانية.
الهدف من المعركة كان إعادة ترسيم الحدود بين لينينجراد عاصمة السوفيت وهلنسكي عاصمة فنلندا. المدينتان المتنافستان تقعان قبالة بعضهما على خليج فنلندا، وحين أصبحت سان بطرسبرغ عام 1917، ليننجراد لاحقًا عام 1924، مركزًا للثورة بات من الضروري ضم المناطق المجاورة أولًا قبل التوسع إلى باقي العالم.
خاصةً أن فنلندا كانت تبعد 40 كيلومترًا فقط عن لينينجراد، لكنها رغم ذلك خرجت عن طاعة الاتحاد السوفيتي. فقد أعلنت استقلالها رسميًّا وكوَّنت دولة ديموقراطية برلمانية على الطراز الأوروبي لا السوفيتي. وعندما تمرد شيوعيو فنلندا بدعم من السوفيت عام 1918 على هذا النظام قامت حرب أهلية طاحنة. لكنها انتهت بهزيمة الشيوعيين هزيمةً ساحقة على يد القوات الفنلندية المدعومة من ألمانيا، وبقيت ذكرى تلك الحرب كأحد أكثر الحروب الأهلية دمويةً في التاريخ.
ستالين يريد نصرًا سريعًا
الأوامر الروسية كانت صارمةً وواضحةً تمامًا في الغاية من هذا الغزو، فاشتمل بيان إعلان الحرب كلماتٍ مثل سحق، القضاء للأبد، تأمين الحدود الروسية منذ اللحظة وإلى الأبد. كلمات تحمل غرورًا واضحًا، لكن لم تكن الكلمات وحدها المصابة بالغرور والثقة المُفرطة.
الزعيم السوفيتي ستالين كان واثقًا أنه سيُحقق نصرًا سريعًا في تلك الحرب. ثقة ستالين امتدت إلى معظم قاداته، لذا كان مجرد صمود القوات الفنلندية صدمةً للجميع، حتى قبل أن تضرب السوفيت صاعقةُ الهزيمة على أيدي الفنلنديين لاحقًا. يحكي أحد المقاتلين السوفيت في مذكراته عن تلك الحرب أنَّهم دخلوا فنلندا وهم يقولون لأنفسهم كل ما علينا فعله هو أن نصرخ في مقاتلي فنلندا، وسوف يستسلمون فورًا. وإذا رفضوا، فسوف نطلق عدة طلقات في الهواء، عندها سوف يرفعون أيديهم استسلامًا وتنتهي المعركة.
للمرة الأولى في تاريخ سكان هلنسكي المسالمة يسمعون أصوات القنابل. في تمام التاسعة صباحًا في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1939 سقطت أولى القذائف السوفيتية. خرج سكان المدينة إلى الشوارع لا يعرفون كيف يتصرفون، لا شيء أمامهم سوى الرعب والقذائف، ولا مُتغيِّر إلا صوت صافرات الإنذار التي يرتفع عواؤها ولا ينخفض.
القوات السوفيتية لم تناور ولم تتريث، تقدمت بكامل طاقتها على كل الجبهات. الطائرات بكامل أعدادها تُلقي القذائف من الجو، والدبابات تزحف نحو العمق الفنلندي، و400 ألف جندي يصوبون أسلحتهم ضد أي شيء غير تابع لهم. هذا الهجوم الكاسح شتَّت انتباه الفنلنديين، وبصفة خاصة أنهم لم يتدربوا على مواجهة الدبابات سابقًا. وإذا وضعنا نسبةً تقريبيةَ بين عدد الخنادق التي حفرها الفنلنديون للقتال وبين الدبابات السوفيتية فسنجد أن كل خندق فنلندي كانت ترابط أمامه 50 إلى 60 دبابة.
المجتمع الدولي صامت
بدأ الفنلنديون بمواجهة الهجوم بصورة غير مباشرة، استدعوا معظم الرجال القادرين على حمل السلاح، ثم نقلوا السكان من المناطق الحدودية أو المناطق التي يُحتمل وقوعها في يد السوفيت ثم أخلوا منازلهم من المواشي والأطعمة أو أتلفوها كي لا يستخدمها السوفيت.
في نفس الوقت بدأ المجتمع الدولي في الإفاقة لما يحدث. الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت أدان الهجوم السوفيتي الشامل. وركز في تصريحاته على أن فنلندا دولة صغيرة جدًّا ولا يمكن أن تتسبب في أي لحظة بالضرر للاتحاد السوفيتي العظيم. استغلت فنلندا التعاطف الدولي وقدمت طلبًا لعصبة الأمم المتحدة بالضغط على السوفيت لوقف الحرب، وبالفعل استجابت العصبة بإبعاد الاتحاد السوفيتي من عضويتها.
توقع الفنلنديون أن تُقدم الأمم المتحدة شيئًا أكثير من الإدانة، لكن لم يحدث. استمر سقوط الضحايا والقذائف، ولم يتحرك أحد. لذا تولى كارل جوستاف مانرهايم الدفاع عن فنلندا مرةً أخرى، فقد كان هو القائد المنتصر في الحرب الأهلية ضد الشيوعيين. مانرهايم كان قد خدم في الجيش الإمبراطوري الروسي قبل انهياره، لذا فقد كان على علم بالعقلية القتالية الروسية.
مانرهايم الذي لم يكن يتحدث الفنلندية إلا قليلًا، فقد كان سويدي الأصل، منح فنلندا 4 أشهر للتجهيز قبل بدء الحرب. بإدراكه لكيف يفكر الروس فقد استشعر أن فنلندا في خطر؛ لذا بدأ في تدعيم دفاعات قواته عند أرخبيل كارليا الاستراتيجي في صيف عام 1939، أي قبل بدء الغزو بـ 4 أشهر.
سِيسو: سلاح فنلندا الوحيد
لكن جهود الدفاع لم تكن مدعومةً من ساسة فنلندا، فقد رفضوا طويلًا تخصيص أي ميزانية للاستعداد لحربٍ يرونها بعيدةً للغاية. لذا فقد دخل الفنلنديون الحرب بقرابة 50 دبابة فقط، وكانت أيضًا متهالكة. لا وجود للمدافع أو أجهزة الاتصال اللاسلكية أو مناظير للرؤية الليلية.
كذلك كانت القوات الجوية بعيدةً تمامًا عن الجاهزية للقتال. فطائرات الروس كانت تطير بسرعة 370 كيلومترًا في الساعة، أما طائرات الفنلنديين على قلتها فكانت تطير بسرعة 160 كيلومترًا فقط. هذا النقص في العدد والعتاد امتد ليشمل نقصًا خطيرًا في ذخيرة الأسلحة، فلم يكن الفنلنديون يملكون رصاصات كافية. لذلك لجأ الفنلنديون إلى سِيسو. سِيسو مصطلح يعرفه الفنلنديون منذ القدم ويعني الحفاظ على الحياة بالمهارات الشخصية والروح المعنوية.
الروح المعنوية لم تكن كافيةً، خاصة وألمانيا النازية وقعت اتفاقيةً مع روسيا الشيوعية في آب/ أغسطس عام 1939. بعد الاتفاقية هاجمت ألمانيا بولندا من الغرب، ثم هاجم السوفيت بولندا من الشرق، وتقابلا في المنتصف. وبعدها حصل السوفيت على الموافقة لإقامة قواعد عسكرية دائمة في أستونيا ولاتيفيا، ثم أتى دور فنلندا. رفضت فنلندا القبول بالقواعد العسكرية عبر المفاوضات، فلم يتبقَّ اختيار سوى إجبارها على الموافقة.
بالروح المعنوية قرر 300 ألف جندي فنلندي، ضباط فاعلون واحتياط، مواجهة جيش مُهاجم إجمالي عدد من فيه من مشاة وقوات مدفعية وطيران يبلغ مليونًا، وباحتياطي من القوات يتجاوز عدة ملايين. لم تصمد الروح المعنوية ولا السلاح الفنلندي في أيام الهجوم الأولى، تراجع تلاه تراجع. حتى توصل الفنلنديون إلى سلاحٍ سري سيقلب الأمور تمامًا.
الروس يُهزمون باختراعهم
وزير خارجية ستالين، مولوتوف، كان هو السلاح السري. جهزت الكتائب الفنلندية زجاجات حارقة مملوءة بالبنزين، يقترب الجندي من الدبابة ويُشعل الزجاجة ثم يلقيها على فتحة تهوية محرك الدبابة. يمتص المحرك البنزين المشتعل، ثم بعد عدة ثوانٍ ينفجر المحرك والدبابة.
السلاح السري الثاني كان أبسط من حيث التركيب لكنه يتطلب شجاعة أكبر، السلاح كان وضع جذع شجرة في جنزير الدبابة. الجذع يشل حركة الدبابة حتى يقترب منها الجنود الفنلنديون ليفعلوا بها ما شاءوا، إما إلقاء زجاجة مولوتوف عليها أو إطلاق الرصاص على من فيها.
المعركة التي أرادها ستالين أن تنتهي في بضع ساعات استمرت أسابيع إضافية. بحلول 17 ديسمبر/ كانون الأول كانت معظم محاولات السوفيت لاختراق دفاعات الفنلنديين تبوء بالفشل. خاصةً عند منطقة نهر تايبل. اعتماد السوفيت على فكرة الهجوم الجماعي بأعداد كبيرة أدى لموت عدد كبير من السوفيت بأسلحة بسيطة في أيدي الفنلنديين، كبضع مدافع رشاشة آلية موزعة على نقاط متفرقة من جبهات القتال.
غرور السوفيت لم يسمح لهم بالتراجع أو حتى بتغيير خطط الهجوم واعتماد خطط أذكى، ما جعل كل هجوم ينتهي بنفس النتيجة. بعد سقوط الجثث ببضع دقائق تتجمد من شدة البرودة، فيختبئ خلفها الجنود الأحياء لتتلقى الجثث المتجمدة الرصاص عنهم.
كان مشهد تساقط الروس واحدًا تلو الآخر مفزعًا حتى للفنلنديين أنفسهم. ففي إحدى لحظات الحرب كان الجندي المسئول عن المدفع الرشاش يترك السلاح وينسحب لهول منظر البشر المتساقطين. وأفادت التقارير التي تلت الحرب أن جنود المدافع الرشاشة أصيبوا جميعًا باضطرابات نفسية.
الفنلنديون يهاجمون أخيرًا
فكر الروس أخيرًا في تكثيف هجماتهم على منطقة سوما ومنطقة لادي ليضمنا منهما الدخول إلى ما بعد صفوف الدفاع الفنلندي. لكن كانت النتائج هى ذاتها، مئات الروس يتساقطون أمام المدافع الرشاشة الفنلندية. لم يمنح السوفيت بعض الانتصار إلا الدبابات القاذفة للنيران التي فتحت نيرانها على خنادق وجثث وجنود فنلندا.
لكن مبدأ الهجوم الجماعي أدى لسقوط ضحايا روس أكثر من الفنلنديين، فاضطرت الدبابات للانسحاب، ما أضعف الروح المعنوية لقوات المشاة فانسحبوا خلفها. بعد الانسحاب بثلاثة أيام أراد السوفيت الثأر لهزيمتهم فتقدموا بدبابات أكثر وقوات مشاة أكثر، لكن المفاجأة أنهم لاقوا نفس المصير.
ارتفعت الروح المعنوية للقوات الفنلندية إلى درجة أنهم قرورا أن يشنوا هجومًا مضادًّا، وقد فعلوا. قادة ستالين وعدوه بأن يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول سيكون هو يوم سقوط فنلندا، كهديةٍ منهم له في يوم عيد ميلاده الستين. لكن حصيلة الهجوم المضاد للقوات الفنلندية إضافةً للآلاف الذين سقطوا في الأسابيع الماضية لم تُمكنهم من تقديم الهدية التي يريدها ستالين، إلا إذا اعتبرنا أن مئات التوابيت والجثث من جنوده، وخسارة 7 كتائب كاملة و250 دبابة يُعتبران هدية.
الدماء تواصل الجريان على الأرض، ودرجات الحرارة تواصل الانخفاض. شتاءٌ من أقسى فصول الشتاء في التاريخ، درجة الحرارة 50 تحت الصفر وبشكلٍ متواصل. بالنسبة للفنلنديين كان الأمر طبيعيًّا، هذه بلادهم وهذا طقسها. أما السوفيت فكان الأمر كارثةً بالنسبة لهم. زاد من سوء الأمر أن الروس كانوا يعتمدون على الخبز والشاي كغذاء، لم يكن هناك وقت لتناول طعام ساخن يقيهم من البرد قليلًا، لذا فقد اجتمع على الروس البرد والجوع.
حرب السجق
عُرفت إحدى معارك الحرب بحرب السُّجق، إذ التفت كتيبة روسية على القوات الفنلندية أثناء انشغالهم بتناول السُّجق الساخن. كانت الفرصة سانحة للروس لتحقيق أكبر نصر لهم، لكن فجأة شمُّوا رائحة السجق. الجنود الذين يقاسون البرد والجوع منذ أسابيع فجأة وجدوا أنفسهم أمام قطع سُجق ساخنة تكفي لألفي جندي.
عصى الجنود أوامر ضباطهم وذهبوا إلى المطابخ للأكل. ومن خضع للأوامر كان يصوب بغير تركيز. ما سمح للفنلنديين بإعادة ترتيب صفوفهم والقيام بهجوم مضاد، وانقلب الأمر لصالح الفنلنديين مرةً أخرى.
الإمدادات الروسية لم تكن متتابعة في معظم الأحوال، وفي أحسن الأحوال يصل بعضها فحسب. السر أن طرق فنلندا عبارة عن طرق جليدية محاطة بالأشجار، إذا دخلت فيها القوات فلا يمكن الاستدارة أو تغيير مسارها. ما جعلهم هدفًا سهلًا للقوات الفنلندية، قنبلة في أول دبابة وأخرى في آخر دبابة، وبهذا تصبح كل القوات الروسية محاصرة لتُمطرها القوات الفنلندية بالقذائف والرصاص.
لذا بدأ اليأس يدب في قلوب القادة قبل الجنود، فر بعض القادة من المعركة، واستسلم 1500 روسي في يوم واحد، وفر 5000 روسي خارج حدود فنلندا. وبدأ الفنلنديون يغنمون آليات السوفيت وبنادقهم، فزادتهم قوةً إلى قوتهم.
العالم يكتشف أن هناك حربًا
أخبار النصر بدأت تطير إلى دول العالم، فبدأت التبرعات تُجمع والمباركات الرسمية تتوالى. وأُرسلت الذخائر وسيارات الإسعاف إلى الغابات لنقل الجرحي. وفي يناير/ كانون الثاني 1940 تم وقف العمليات الهجومية الكبرى من قِبل الروس.
حاول قادة العمليات التخطيط للانسحاب لكن شرطة ستالين السرية قتلت القادة الذي أرادو الانسحاب، وتولت زمام الأمور دافعةً بالجنود للمواصلة. حركة ستالين الأخيرة كانت بتولية الجنرال تيموشينكو لزمام هذه الحرب التي طالت أكثر ما ينبغي.
الجنرال قرر تدعيم جنوده بـ45 كتيبة أخرى، و750 ألف جندي، و3000 مدفع، و2000 دبابة، وعشرات المئات من الطائرات. وبدأت تلك القوات دك القوات الفنلندية بلا هوادة لعشرة أيام متواصلة. حتى إنه في 11 فبراير/ شباط 1940 سقطت 250 ألف قذيفة على القوات الفنلندية.
التقدم كان لصالح الروس، ثم قرروا العبور على مياه أرخبيل كارليا المتجمد. لاحظ الفنلنديون آثار الدبابات على الجليد وعلموا أنها في وسط المياه، فقرروا إطلاق قذائفهم على الجليد. انكسر الجليد وغرقت سرايا سوفيتية بأكملها. هذه الانتصارات أخفت وراءها حقيقة أن الفنلنديين قد أُنهكوا، وذخيرتهم توشك على النفاد.
الهدنة والتنازل والجثث
لكن قبل أن تنكشف تلك الحقيقة للعلن، وفي 13 مارس/ آذار وقع الطرفان على هدنة أنهت تلك الحرب الدموية. لكن شروط الهدنة كانت مؤذية أكثر من الحرب بالنسبة لفنلندا، فـ 12% من أراضيها بات ملكًا للاتحاد السوفيتي. فتحول فرح الفنلنديين إلى حزن قاتم، وخسرت فنلندا أرخبيل كارليا كاملًا.
رفض قرابة نصف مليون فرد من سكان أرخبيل كارليا أن يصبحوا جزءًا من الاتحاد السوفيتي، لكن لم يكن بيدهم إلا ترك منازلهم ودخول الحدود الجديدة لفنلندا. انتهى الشتاء وحل الربيع، ليكشف الجليد المنصهر عن جثث الآلاف من السوفيت. فاضطر الفنلنديون إلى دفن الروس وخيولهم.
تركهم السوفيت خلفهم لأنهم أعلنوا أنهم لم يخسروا سوى 350 جنديًّا فقط، لذا أخذوا 350 جثة فقط. فدُفن الباقي في مقابر جماعية بدون اعتراف رسمي من روسيا. لكن لاحقًا اعترفت روسيا رسميًّا أنها فقد مليون جندي في حرب الشتاء على مدى 3 أشهر، لكن حتى ذلك الرقم بدا قليلًا بالنسبة للروس. أما كارليا فقد بقيت حتى اليوم ملكًا للروس.
خسر الروس تلك الحرب، أو بصورة أدق لم ينتصروا فيها بالطريقة التي تمنوها، لكن خسارتهم الأكبر كانت أن حرب الشتاء جرأت هتلر على معركة باربوسا الخاطفة، ليصبح الانطباع العام عن الاتحاد السوفيتي أنه عملاق، لكن بأقدام من طين.
مصدر