mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43802 معدل النشاط : 58545 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: ملف استشهاد اللواء حسن كامل محمد في حادث الزعفرانة عام 1969 الإثنين 12 ديسمبر 2016 - 21:36 | | | إن قصة اللواء حسن كامل محمد تستحق الوقوف أمامها كثيرا لما فيها من عبر ..رجل أدى دوره وكانت حياته كلها محطات نجاح ..لم يسلط عليه الضوء مطلقا إلا من بضع سطور فى كتاب المؤرخ الكبير أستاذنا الدكتور محمد الجوادى فى كتابه الضخم “قادة الشرطة”، وقد حاولت الكتابة عن هذا الرجل وقد عانيت فى هذا كثيرا وصادفتنى عقبات كثيراً وأنا أجمع المعلومات عنه، وساقتنى قدماي إلى ديوان عام محافظة البحر الأحمر، الذى استشهد على أرضها، فلم أجد له صورة فى لوحة الموجودة بمكتب المحافظ، وعندما هممت بالانصراف بعدما تحقق اليأس منى، استوقفنى موظف بسيط يعمل بمركز المعلومات، وأعطانى رقم هاتف ابنته شادية وكيل أول وزارة البترول السابقة، التى كانت لطيفة وكريمة معى إلى أقصى حد فبعثت لى صوراً نادرة عنه لم تنشر من قبل، وأمدتنى بمعلومات غزيرة عنه..
وقد ولد في إحدى قرى مركز ههيا بمديرية الشرقية سنة 1908م، وتعلم في مدارسها الابتدائية، وكان مغرماً بالقراءة في سير الأبطال عبر العصور، في مكتبة والده العامرة بصنوف الكتب فازدادت قريحته علماً، ووعى سلوك الأبطال من الشرق والغرب حيث كان النضال على أشده ضد الإنجليز بقيادة الزعيم مصطفى كامل، الذي كان قدوة المصريين جميعا في شتى مذاهبهم وألوانهم السياسية، فتمنى أن يكون مثلهم يوماً، يشارك مثلهم أدوارهم في النهوض ببلادهم، فأتيحت له الفرصة، فبعد أن أنهى المرحلة الثانوية التحق بمدرسة البوليس، وتخرج منها عام 1933م.
بعد التخرج من مدرسة البوليس خدم في أماكن كثيرة في ربوع مصر، يتنقل بين النقط والمراكز والمديريات، وكان له دورا بارزاً في حماية حي مصر الجديدة من حريق القاهرة في 26 يناير 1952م حيث كان يعمل مأمورا لقسم مصر الجديدة في هذه الفترة، وقد لعب البوليس المصري دورا نضاليا في هذه الفترة ضد الإنجليز، ظهر هذا جلياً في منطقة القنال وبالتحديد في الإسماعيلية، وظل جنود بلوك النظام يدافعون ببسالة وجلد عن مبنى المحافظة بطريقة أدهشت العالم أجمع يومها.
تدرج اللواء حسن كامل في وظائف البوليس حتى أصبح مديراً لأمن المنيا، فالمنوفية، فمديرا لمصلحة السجون، فمديرا لأمن القاهرة خلفا للواء يوسف حافظ (الذي اختير محافظا للمنوفية في يناير 1965م)، وفى أثناء توليه مدير أمن القاهرة توفى الملك فاروق عام 1965م وتم نقله إلى مصر في سرية تامة ودفنه في مسجد الرفاعى بالقلعة فى هدوء ودون أية مراسم كان خلالها اللواء حسن كامل يسهر الليل ويعمل بالنهار من أجل تأمين الموقف وقد رضت القيادة السياسة عنه في ذلك الوقت فتقرر مدّ خدمته على سن الستين، ثم اختير مديراً لإدارة الدفاع المدني ومُنح درجة وكيل وزارة الداخلية. وفى مايو 1968م كان اللواء حسن كامل محمد واحداً من الذين وقع عليهم الاختيار كمحافظين، وقد عين محافظا للبحر الأحمر في وقت حرج، كانت البلاد تعانى من احتلال صهيوني للأراضي العربية، فعمل ليل نهار لا يكل جهداً في ذرع المحافظة من شمالها لجنوبها ، يلتقي بأهلها ويعقد معهم اللقاءات، يتعرف إلى مشاكلهم، ولا يألوا جهداً في تذليل العقبات وكذلك يعاون القوات المسلحة والدفاع الشعبي في حماية محافظة البحر الأحمر من التعرض لأية هجمات ، وكان باستمرار يستطلع هذه القوات من الشمال وحتى الجنوب.”محيط” التقت ابنته شادية حسن كامل، وكيل وزارة البترول الأسبق، التي دوماً ما تذلل الصعاب على كل باحث من أجل إجلاء حقيقة ناصعة، وقد أخبرتني ببعض الحقائق التي تعرف للمرة الأولى، وبدأت معي حديثها عن ظروف استشهاده وكيف عرفوا وتحدثت معي عن جوانب من حياته الخاصة وعلاقته بهم فقالت:”كان اللواء حسن كامل محمد قد أزمع النية للذهاب إلى القاهرة يوم الثلاثاء 7سبتمبر 1969م، وذلك للاجتماع بوزير الإدارة المحلية السيد محمد حمدي عاشور لمناقشة مشاكل صيد الأسماك في المحافظة، وكذلك لينقل للمسئولين ظروف الإقليم وموقف الدفاعات به في هذه الفترة التي كانت حرب الاستنزاف على أشدها في جبهة قناة السويس، وقد تكبدت إسرائيل خسائر فادحة في هذه الحرب، وكان يرافقه في هذه الرحلة محمد سليمان عوض، مدير شركة المصايد المصرية في هذا الوقت، وعندما وصلا القاهرة. تأجل اللقاء يومين رجع على أثرها حسن كامل إلى الغردقة لمتابعة مهامه عن قرب دون أن يلتقي أسرته ولو ساعات”.*متى رأيت أبيك الشهيد حسن كامل آخر مرة؟- كانت أخر مرة التقيت والدي فيها قبل أسبوع، وشد على أزرى، وأحضر ورقة وكتب عليها (لا اله إلا الله .... محمد رسول الله) وشطرها نصفين وأعطاني النصف الأخر، ومازلت احتفظ به حتى الآن، وطوي النصف الآخر ليحتفظ هو به، وفعل ذلك مع كل بناته الأربع، ومكث حسن كامل بالغردقة يوم الأربعاء ، وأخبرنا أنه سوف يصل القاهرة غداً.*كيف علمتم بنبأ استشهاده؟- وفى فجر يوم الخميس 9سبتمبر 1969 تحرك ركب المحافظ حسن كامل من الغردقة إلى القاهرة، وكان معه السائق “دردير”، وبعد أربع ساعات وصل للزعفرانة فوجد عفار للمركبات والدبابات وكانت من طراز (تى 55) الروسية الصنع التي كانت تتسلح بها القوات المصرية، فظنها قوات مصرية تجرى التدريبات بهذه المنطقة حيث أنه قد أوصى من قبل في رسالة بعث بها للقيادة بأن المنطقة هشة الدفاعات، وتحتاج إلى دعم مستمر، وفتح نافذة السيارة ليحيى هذه القوات، وكانت علم الجمهورية العربية المتحدة على مقدمة سيارته، فحدث لم يتوقع ففتحت عليه دفعات متتالية من النيران ، فلقي مصرعه في الحال هو وسائقه، ولم تكن تلك القوات مصرية، وإنما هي قوات إسرائيلية تسللت خلسة إلى هذا المكان، مستخدمة دبابات مصرية كانت قد استولت في حرب 1967م يدعمها غطاءً جوياً، وقد اصطحبت معها مصورين من كل الوكالات الغربية التي كانت تتعاطف مع إسرائيل وتؤيدها على طول الخط، وفكت الرادار الموجود بكتيبة الرادار بالمنطقة، وصورته لتحرج مصر دولياً، وكانت تريد من وراء ذلك، عملية تليفزيونية بدليل أنها لم تستمر سوى ساعات..وتردف شادية كامل قائلة:(اتصل بنا والدنا من الغردقة يطمئن علينا، وأخبرنا أنه سيصل الخميس الساعة الثانية، وانتظرنا والفرحة تسيطر علينا جميعاً وأعدت الأم أطال الله عمرها، ما طاب ولذ من الطعام احتفاء بمقدمه، الذي تعودنا غيابه نظراً لطبيعة عمله، ولكن سرعان ما تبددت الفرحة عندما دقت الساعة الثانية ولم يحضر الوالد، فاعترانا القلق واتصلنا بالغردقة فأكدوا تحركه فجر هذا اليوم، وازداد هذا القلق عندما قارب اليوم على الانتهاء، ولم يصلنا عنه خبر، وبذل عمى اللواء أ.ح محمد وفقي خاطر الجهد، وسأل عنه في وزارة الحكم المحلى ولكن عبثاً لم يصل إلى نتيجة، وفى اليوم التالي استقليت سيارتي وقررت الذهاب إلى الغردقة للسؤال عنه، وقتها كنت أعمل بالمؤسسة العامة للبترول التي كان يرأس مجلس إدارتها المهندس على والى الذي أعطاني أجازة لظروفي.وكان السفر إلى الغردقة في هذه الأيام يتم عن طريق السويس، ولما وصلتها منعتني السلطات من العبور إلى طريق الغردقة، وأبلغوننى أن الطريق يطهر من الألغام التي زرعتها القوات الإسرائيلية، والقوات المصرية تطهر الطريق الآن، والأمر سوف يستغرق أياماً، ورجعت القاهرة بعد أن استولى علىّ اليأس ومرت أيام الجمعة والسبت والأحد كأنها سنين، لا حديث للأسرة إلا عن الوالد، وفى يوم الاثنين13سبتمبر تم الإعلان عن وفاة الوالد رسمياً، وتم إحضار جثمانه وتجهيزه وتشييع الجنازة بالقاهرة يتقدمها: السيد شعراوي جمعة وزير الداخلية، وكان والدي قد عمل معه فترة وكيلاً لوزارة الداخلية، ومحمد حمدي عاشور وزير الإدارة المحلية وسعد زايد محافظ القاهرة، وجمع غفير من ضباط وأفراد الشرطة والجيش وآلاف من المواطنين عقب ذلك تم نقل الجثمان إلى مسقط رأسه (ههيا) ودفن هناك....*ماذا فعلت القيادة السياسية معكم بعد استشهاده؟- بعد ذلك بعث الرئيس جمال عبد الناصر برقية عزاء خاصة، والجدير بالذكر أن والدي قد نبه إلى ضعف الدفاعات في منطقة البحر الأحمر في رسالة بعث بها إليه الذي غضب في هذا اليوم، وعزل رئيس الأركان اللواء أحمد إسماعيل، وقائد القوات البحرية اللواء فؤاد ذكرى، وأصدر قراراً بترقية اللواء حسن كامل إلى رتبة الفريق، وإطلاق اسمه على مدرستين بالغردقة، وكذلك أصدر سعد زايد قراراً بتسمية ميدان “سفير” في مصر الجديدة باسمه لولا أن محافظ القاهرة الأسبق قد ألغى هذا القرار ....* كيف كانت المعاملة مع بناته؟- “كان والدي يسكن حي مصر الجديدة منذ تخرجه في البوليس، وكان بالحي العديد من العائلات الراقية، لم يندمج معهم في تقاليدهم التي كانت تحاكي الأجانب سهرات مختلطة طوال الليل وجلوس بالنوادي طوال اليوم، لم تغريه تلك التقاليد وإنما هي مغايرة لما نشأ عليه في الريف من عادات أصيلة وتقاليد موروثة منذ ألاف السنين، فأقترن بوالدتنا، وهى من مركز أبو كبير من كبار العائلات بها “”وأنشأنا والدنا على الطريق القويم، والتقاليد الأصيلة بالرغم من سكننا في حى مصر الجديدة الراقي، وعلى المحبة والتربية الحسنة، ولم ندخل مدارس أجنبية، ولكننا نحن بناته الأربع (شهيرة، وأنا، وشاهيناز، وشهوير) تلقينا تعليمنا جميعاً بالمدارس الأميرية، ودخلنا الجامعات جميعا، الأولى: تخرجت في كلية الآداب قسم الاجتماع، والثانية: أنا تخرجت في كلية التجارة، والثالثة: في التجارة، والرابعة: في التجارة.””وكان يتشدد في خروجنا يتابعنا طوال الوقت، وإذا كان يخدم خارج القاهرة كان يزورنا الخميس والجمعة يخرج معنا ونتنزه سوياً، وكان يخاف علينا جميعا، ولم يسمح لنا بحضور الحفلات وارتياد السهرات ويتشدد في ذلك كثيراً وكان يحضر لنا الكتب التي تهذب السلوك وتزيد الوعي وتثرى المعرفة والتحصيل العلمي، وكان يدعم ما بداخلنا من مواهب يحترم تلك الرغبات”.* وكيف كانت هواياته؟- وتستكمل شادية كامل حديث الذكريات: “أما هو فكان يعشق محمد وعبدالوهاب إذا صادف وأذيعت له أغنية في الراديو، يعلن في البيت حالة الطوارئ ويغلق على نفسه الأبواب حتى يستمتع بهذا الصوت العبقري، وكان يعشق أم كلثوم أيضاً ، وفنون الطرب القديم كالموشحات والأدوار ويستمتع بأفلام و مسرحيات فؤاد المهندس وخصوصا مسرحية “هي وهو” كان يضحك كثيراً عند مشاهدتها ... “ مصدر |
|