mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43826 معدل النشاط : 58576 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: قراءة في الوثائق البريطانية لحرب اكتوبر 1973 الأربعاء 8 فبراير 2017 - 18:20 | | | الافراج عن هذه الوثائق كان قديما : عام 2004 , لكني لم اجد اثرا لها في المنتدى , لذا اثرت عرضها هنا لغرض عرض وثائق هذه الحرب من وجهه النظر البريطانيه : * وثيقة رقم : 46 التاريخ : 7 اكتوبر 1973 الى : الخارجية سري وعاجل من : السفير البريطاني ، واشنطن الموضوع : برقيتي رقم 3121 : العرب وإسرائيل أخبرني كيسنجر هذا الظهر من أجل علم رئيس الوزراء فقط بالأسس التي قررت أميركا أن تدعو على أساسها مجلس الأمن للانعقاد غدا . في هذا الاجتماع ( بافتراض أنهم قد يحصلوا على اجتماع ) سيضعون مقترحات تتماشى والفقرة الرابعة من برقيتي رقم 3117 ، بما في ذلك الانسحابات الى الحدود السابقة لخطوط وقف إطلاق النار قبل 6 أكتوبر، بعدها ينوون متابعة إيقاعهم مع المسألة ، والأميركيون يقولون استباقا إن العرب وخلال أيام قليلة سيكونون في موقف المتراجع وسيتم طردهم الى ما وراء خطوط وقف إطلاق النار السابقة لـ 6 أكتوبر . وكيسنجر تحت انطباع (وقد تأكد ذلك) بأنه ، وفي هذه الظروف ، ربما لا تكون لدينا نحن مشكلة مع الاقتراح الأميركي ، وفي حال ما لا يعاني العرب من (... كلمة ساقطة من عمليات تصوير الوثائق ) ، فكيسنجر لا يستبعد إمكانية أن يستدير الأميركيون ليكونوا مع موقفنا.
كيسنجر أخذ في حديثه خطا لجهة أن مجلس الأمن لا يمكنه الجلوس هكذا متفرجا دون عمل شيء والحرب دائرة ، ويعتقد أنه سيكون من الخطأ بمكان انتظار نصر اسرائيلي قبل أن يفعل مجلس الأمن أي شيء . من جانبي لم أعترض على النقطة الأخيرة ، وأشرت الى أن العرب ، وإذا ما كان لي أن أشير الى القليل ، سيجدون من الصعب إيجاد تفسير لاقتراح أميركي يطالبهم بالانسحاب من أراض هي ملكهم .
كيسنجر قال إنه يأمل ، وتحت الظروف التي أشرت اليها ، أن لا نتخذ نحن موقفا شديد العلنية في مواجهة الاقتراح الأميركي . وهنا ، وبالإشارة الى مهاراتنا في الصياغة ، هل نستطيع ، ربما ، أن لا نساعد في إرباك المسودة الأميركية لمشروع القرار ، والذي لا يرغب كيسنجر ، في المرحلة الإبتدائية ، أن يكون قاطعا ، فهدفه أن يحصل على نقاش يدور .
في الإجابة على سؤال مني حول الموقف الروسي ، قال إن الروس أخبروا الأميركيين بأنهم سيركزون نقدهم على اسرائيل وليس على أميركا ، وقد حصل كيسنجر بالتأكيد على تعهدات واضحة من الروس ، ويبدو من المحتمل هنا أن الروس يبقون على خياراتهم مفتوحة .
بعلم كيسنجر ، أرسلت نسخة مكررة من هذه الرسالة الى السير دونالد ميتلاند .
توقيع كرومر السفير ـ واشنطن
------------------
* وثيقة رقم : 135 التاريخ : 8 اكتوبر 1973 من : وزير الخارجية دوغلاس هيوم الى : البعثة البريطانية بالأمم المتحدة. تلغراف رقم 698 بتاريخ 8 اكتوبر 1973 ، وللعلم العاجل للسفارات بواشنطن ، باريس ، تل أبيب ، القاهرة ، موسكو ، بيروت ، وعمان.
الموضوع : برقيتكم رقم 1087 (ليست معممة للجميع ) : العرب وإسرائيل أتفق مع الفقرة الخامسة ببرقيتك . لا يزال من الأهمية بمكان أن لا نبدو كمصدرين للأحكام حول من بدأ القتال ، وبنفس القدر من الأهمية يتوجب علينا أن نبذل كل ممكن للوصول الى وقف مبكر لإطلاق النار قبل أن يصبح الوضع أكثر تعقيدا.
من هنا ، ولذلك ، فهدفك يكون العمل لجهة قرار مبكر لوقف فوري للقتال من أجل خلق الظروف التي يمكن فيها ومعها الوصل الى تسوية سلمية وفقا للقرار 242 . وهذا بمقدار ما نستطيع أن نذهب للقاء الأميركيين في واشنطن ( برقيتك رقم 3122 .. ليست معــممة للجميع ).
توقيع دوغلاس هيوم وزير الخارجية
---------------
* وثيقة رقم :45 التاريخ : 7 أكتوبر 1973 الى : العيون البريطانية السرية «برافو» (هكذا وردت التسمية في مقدمة البرقية ..الإيضاح من «الشرق الأوسط»)، والى وزارة الدفاع والخارجية وللتوزيع العاجل الى دمشقـ عمان ـ بيروت ـ القاهرة ـ واشنطن ـ دلهي (الى السير بريميلو) والى جيسين.
قدمت اسرائيل عبر الكولونيل ريوتر هنا تنويرا الى سلك الملحقين الدبلوماسيين فيما عدا الأميركيين الذين نفترض أن يكونوا قد تلقوا معاملة منفصلة من قبل وزارة الخارجية من شرم الشيخ والى منطقة القنال :
(أ) بين الساعة 06-12 هاجم المصريون شرم الشيخ بالصواريخ والمراكب والذخيرة وضربوا موقعا عسكريا ولكنهم سببوا خسائر بسيطة .
(ب) حوالي الساعة 07 هاجمت وحداتنا من مراكب البحرية السريعة الزعفرانة على الضفة الغربية للقنال وأغرقت قارب حراسة ومركبين مطاطيين.
(ج) في رأس الصودا تعرضت قوات الدفاع الاسرائيلية الى قصف من البحر ولكن تمكنا من ابعاد فرقة البحرية المصرية التي قامت بالهجوم، وليست هناك خسائر على جانب قوات الدفاع الإسرائيلية.
(د) بين الساعة 0621 والساعة 0623 هاجمت قوة مصرية وأطلقت النار على مستودعات نفط في أبو رديس، تم إطفاء النيران الآن فيما غادرت القوات المصرية، ولكن من غير المعروف ما إذا كانو قد غادروا الى مصر أو الى داخل سيناء. وهي المروحيات من هذه القوة التي وردت عنها تقارير مؤخرا بأنها قد أسقطت من قبل سلاح الجو الإسرائيلي. وقال الكولونيل ريوتر إن هذا عمل سخيف من مصر لأنها تملك أيضا مستودعات نفط مشابهة بقابلية للهجوم.
منطقة القنال : يمكن تقسيم هذه الى ثلاث قطاعات:
(أ) الجزء الجنوبي جنوب البحيرات العظمى الى الخليج، وهنا تم تشييد جسر أو جسرين وقد تم تمرير وحدات عسكرية عبرهما.
(ب) شمال الاسماعيلية الى القنطرة، حيث تم تشييد ثلاثة أو أربعة جسور وقد عبر بها عدد غير معلوم من الدبابات.
(ج) المنطقة الممتدة من بور فؤاد حيث سارت قوات الدبابات عبر خط الساحل وعلى مقربة من الجانب الشرقي من القنال، وقد أوقفت كل هذه الحشود عبر تلك الخطوط الى الآن ولكن هناك عددا لا يستهان به من الدبابات المصرية في المنطقة.
(د) وصف ريوتر المناطق الثلاث من وجهة النظر المصرية بأنها حسنة في الشمال وسيئة في الجنوب.
(ه) أنهم اندهشوا تجاه انعدام نشاط للطيران الحربي في منطقة القنال هذا الصباح وانعدام المحاولات لضرب قوات الدفاع الإسرائيلية من الجو.
(و) تم إنزال عدد من القوات المحمولة جوا في سيناء، وقيد اعتبرنا أن حظوظ نجاحها قليلة فيما اتخذنا خطواتنا الى هذه اللحظة لتطويقها.
(ز) قام سلاح الجو الإسرائيلي، ومن أجل زعزعة الهجوم المصري هذا الصباح بالهجوم على ما بين 6 الى 8 مطارات حربية داخل مصر، محدثا عددا كبيرا من الخسائر وتدمير عدد من الرادارات.
(ح) الوصف اللائق الآن لمعركة قوات الدفاع الاسرائيلية بمنطقة القنال هو الاحتواء الى أن يصبح من الممكن نشر تشكيلات الاحتياطي مع اكتمال جاهزيتهم القتالية.
(ط) وقعت مشاركة صغيرة من البحرية الليلة الماضية قرب بور فؤاد مع محاولة غير ناجحة لمركب صواريخ مصري قصف مواقع لقوات الدفاع الاسرائيلية على الساحل، وقد اشتبكت معهم قواتنا البحرية فيما تبادل الجانبان إطلاق الصواريخ من دون نتائج، تلا ذلك إغراق أحد تلك المراكب بقصف من طائرة لنا.
3 ـ مرتفعات الجولان :
الى منتصف ليل 6-7 أكتوبر، الموقف كان أن قوة من 800 دبابة سورية مدعومة بـ500 آلية قد هاجمت. وكل المواقع الاسرائيلية ظلت صامدة فيما عدا موقعا واحدا لقوات الدفاع الاسرائيلية شمال القنيطرة. ومن الفرق السورية الثلاث التي هاجمت أحاطت فرقتان بالقنيطرة وقد دخلتها الآن فيما واجهت الفرقة الثالثة مقاومتين، الأولى على الغرب من بوطمي والثانية جنوبا على طول الطريق الى راماتمغشمين.
عند الساعة 070530 قام سلاح الجو الاسرائيلي بجهد كبير ضد القوات السورية وقد أوقف الآن تقدمها، وهذه العملية الجوية مهمة لإعطائنا بعض الوقت في إطار الإيقاع المحدود والمتاح ليتمكن سلاح الجو الاسرائيلي من إعادة تشكيل ونشر قوات احتياطية، والتي بدأت الآن في الوصل الى المنطقة.
(ج) سلاح الجو السوري قام بعدد من الهجمات غير الفعالة.
قصفت المدفعية السورية بعض القرى والمستوطنات. من المشتبه فيه أن صواريخ أرض أرض قد سقطت قرب نازريس ومجدلاهاميك. من غير المعتقد فيه في هذه المرحلة أن السوريين قصدوا ضرب المراكز المدنية أو السكان، وإنما جراء عدم دقة توجيه الصواريخ إما من فقدان المواقع المناسبة للإطلاق أو من عدم الكفاءة.
4 ـ هناك تقدير بأن المشاركة البحرية بتقدير هذه اللحظات جارية في البحر على بعد 30 ميلا غرب الميناء، والقوارب السورية التي غرقت ثلاثة قوارب صواريخ وقارب مراقبة وكاسح ألغام، وقد أغرقت بالصواريخ والمدافع، وتعني هذه الأرقام أن ثلث قوة البحرية السورية قد تم تدميرها الى الآن.
5 ـ هناك مزاعم معتدلة لسلاح الجو الإسرائيلي تجاه تدمير الطائرات الحربية للعدو، وتبلغ هذه في الوقت الحاضر وفي مجملها من 15 الى 20 طائرة سورية ومصرية، ومن 14 الى15 مروحية مصرية.
6 ـ أطلق المصريون والسوريون على الجبهتين عددا كبيرا من صواريخ سام.
7ـ نعتبر في تقييم لفعالية عمليات العدو على الجبهتين أن السوريين كانو أكثر شجاعة من المصريين، وعلى أية حال، ومنذ ظهور ضوء النهار من هذا الصباح بدأ المصريون في فقدان أراضيهم وهم الآن يزيدون السرعة التي كانوا يعبرون بها على الجسور، فيما لم تدمر قوات الدفاع الاسرائيلية غير كوبري واحد.
مضى ريوتر الى القول الى أن هذا الاشتباك هو الأول منذ 1948 الذي لم يقدموا فيه على ضربة استباقية، ويرجع هذا الى قرار سياسي جاء بسبب الحدود التي يقفون عليها الآن باعتبارها تتيح لهم الوقت لمواجهة عمل عدائي من غير أن يكون في ذلك حسابات الموت والحياة.
وعلى كل حال، فالعقوبة التي نالوها، من خلال تقييم ريوتر هي أنهم وفي مكان أن يكونوا قادرين على فحص تصميمات عدوهم بسرعة ووضوح، يواجهون الآن عملية دموية وبطيئة.
8 ـ يبدو لي أنهم أكثر اهتماما بالوضع على مرتفعات الجولان وأنهم قرروا أن مسألتها لا بد وأن تحل قبل أن يديروا انتباههم الى القنال والمصريين. وتعني فترة الاشعار القصيرة نقصا في القوات البرية، وقد أصبحت الآن متوفرة لعملية الانتشار. ومن هنا فمعارك قوات الدفاع الاسرائيلية الى الآن دفاعية ووقفا على التفاعل مع التحركات السورية والمصرية.
أنا أتوقع أن هذا الوضع سيتغير خلال اليومين القادمين وسنشهدهم في صورتهم التقليدية الحربية، ومما لا شك فيه أن حالة الطقس ستساعد في تلك الصورة، وقد تغير الطقس اليوم من السماء الغائمة بالأمس الى السماء الصافية اليوم والتي ستتيح لقوة سلاح الجو الاسرائيلي الانتشار، وبرغم أن التنوير الذي قدموه لنا قد قيل عنه أنه حديث، يبقى من المحتمل وباستمرار، أن الأحداث والمواقع التي تم تقديمها متخلفة بمقدار نحو 12 ساعة. ومن هنا فسلاح الجو الاسرائيلي ربما يكون متقدما على طول الطريق للسيطرة على الوضع أكثر مما تم تصويره في هذا التقرير.
وعلى أية حال، ومن خلال الطريقة التي قدم بها رويتر تنويره، من الواضح أنهم لا يعتبرون أنفسهم، وبأي شكل من الأشكال، خارج الغابة، ومع أنهم وبالتأكيد ليسوا محبطين، الا أنهم، وبنفس القدر، مفرطو الثقة.
توقيع ( النص عبارة عن برقية لم تحمل توقيعا، وإنما حملت محطة الإرسال، وهي تل أبيب .. الإيضاح من «الشرق الأوسط»)
-----------------
* وثيقة رقم : 43 التاريخ :7 أكتوبر 1973 الى : الخارجية ـ عاجل ـ وسري للغاية من : السفارة بالقاهرة صورة : عاجلة وفورية الى عمان ـ بيروت ـ جدة ـ تل أبيب ـ طرابلس ـ باريس ـ موسكو وواشنطن والبعثة البريطانية بنيويورك 1ـ طلبني الرئيس السادات لمقابلته اليوم في الساعة 11 صباحا وقال إن التقارير التي تصله من لندن أننا نفكر في دعوة مجلس الأمن للانعقاد، وهو يريد أن يجعل الموقف المصري واضحا تمام الوضوح للعلم الشخصي لرئيس الوزراء البريطاني ولي.
2 ـ أعاد القول بأن اسرائيل، وبمساعدة من أميركا، قادت حملة عالمية منذ 1967 لتصوير المصريين بأنهم «خائفون» و«عاجزون أو مقعدون»، وأنهم بلا تكنولوجيا حديثة فيما توالت المطالبة لمصر بأن تقبل هذا التقييم لنا وأن تصنع تسوية مع اسرائيل في الوقت الذي لا تزال فيه الأراضي العربية محتلة، ومن هنا وحينما حدثت هجمات اسرائيلية على الأراضي المصرية يوم 6 أكتوبر (تشرين الاول)، قرر هو أن عملا عسكريا كرد لا بد وأن يبدأ لإظهار أن مصر ليست مرعوبة.
3ـ قال إن القتال في اليوم الأول سار على نحو حسن، وإنه توقع أن يمنى بخسائر خلال عبوره لقناة السويس، ولكن وفي حقيقة الأمر لم تكن هناك خسائر. وأن القوات المصرية قد أفقدت القوات الإسرائيلية توازنها في سيناء فيما استطاعت قواته أن ترد الهجمات المرتدة الإسرائيلية خلال ليل أمس واليوم. والى ذلك تمكنت قواته من هزيمة لواء مدرع اسرائيلي من حوالي 150 دبابة قرب القنطرة الشرقية.
4ـ الرئيس السادات قال لي إنه ظل مستعدا للسلام حتى من قبل 1967 وانه مستعد للسلام الآن، ولكن لا مجال للحديث عن التنازل عن السيادة من أرض مصرية. والى ذلك فمصر لن تطلب اجتماعا لمجلس الأمن وأنه لن يطلب كذلك وقفا لإطلاق النار ترعاه الأمم المتحدة ولن يتقبل مثل ذلك الوقف لإطلاق النار الى أن تتم استعادة الأراضي العربية. وإذا كانت اسرائيل مستعدة للمشاركة في مؤتمر دولي للسلام تحت إشراف الأمم المتحدة في ضوء الانسحاب الى حدود 1967، فهو سيكون مستعدا للمشاركة أيضا، ولكن المصريين لن يضعوا سلاحهم (قبل الانسحاب الكامل). وقد عبر السادات عن نفسه بثقة ومن موقعه على جبهة القتال وعلى صعيد وطنه وقال إن شعبه سيتقبل عشر سنوات من الحرب إذا كانت ضرورية.
5 ـ في رد له على سؤالي قال إن أهداف السوريين السياسية متطابقة مع أهدافه ولكن مشكلة أرضهم المحتلة أقل بكثير. وان آخر التقارير العسكرية أشارت الى أن قواتهم تتقدم ببطء ولكن بطريقة مقبولة.
توقيع آدمز
----------------
* التاريخ : 7 أكتوبر 1973 الى : الخارجية : سري للغاية الموضوع : البرقية رقم 648 : العرب وإسرائيل الدليل المتاح ، (أعيد تأكيده ببرقية عمان رقم 649 ) ، يبدو ، أي الدليل ، يشير الى هجمة منسقة بين سورية ومصر ، فيما يبدو السادات ، ومما قاله لي ، ولزميلي السفير الفرنسي ، لا يؤيد ذلك ، وبرغم أنه ، أي السادات ، كان شديد الحرص وهو يتحدث لي أن لا يسقط من حديثه مسألة أن إسرائيل هي التي بدأت الهجمات .
ولكن من الصعب جدا القطع والقول تحت أي نقطة أو موعد كان التخطيط لهذه العملية وصدور القرار حولها. ومع ذلك فمن الوارد أن القرار حولها من حيث المبدأ قد صدر قبل شهور ، وإذا كان هذا هو الحال ، فمجموعة صغيرة من القياديين المصريين قد أبقوا عليه في طي الكتمان فيما أعطوا الإنطباع بأن عقولهم مشغولة بأمور أخرى ، وفيما أبدوا مثل ذلك الانشغال بنجاح مدهش . في المقابل وكبديل لذلك السيناريو ، فربما لم يكن الأمر أكثر من مجرد تخطيط حربي الى أن قدمت الأحداث الأخيرة تهديدا اسرائيليا طازجا لسورية في 13 سبتمبر يبدو كما لو أنه نقطة تحول .
الى ذلك كان هناك افتراض لزمن طويل بأن السادات يفتقد الموارد التي تؤهله للقيام بعدوان ، ولكنه ، ومن المفترض ، يشعر الآن بأنه متأكد من من دعم سعودي و(ليبي ـ هكذا جات عبارة ليبي بين الأقواس في الوثيقة .. الإيضاح من الشرق الأوسط ) مالي كاف . وكذلك كان قد جعل هدفه واضحا ، وربما يكون ذلك الهدف مفرطا في الطموح (ونحن طالما عشنا على مثل ذلك الافتراض ) ، ولكن ، وعلى الأقل ، فذلك هدف حربي ذكي ، وقد وجدته اليوم في هدوء تام وممتلئا بالثقة ومعبأ بالنجاح .
ولكن سلوك الروس يبقى متلبسا بالغموض ، فمن المعروف الآن عامة بأن المئات من المدنيين الروس ، بما فيهم الأسر ، قد تم إخلاؤهم في الأيام القليلة الماضية ، وقد قيل إن من بينهم الخبراء بمصانع حلوان للصلب ، وهذا يوحي على الأقل بمعرفة سوفياتية مسبقة ، وقد التقى زميلي السفير الروسي السادات ثلاث مرات في الأيام العشرة الماضية ، وهناك إشاعة قوية وثابتة بأن السادات نفسه قد قام بزيارة قصيرة الى موسكو .
توقيع آدمز السفير - القاهرة
يتبع ......... م
|
|
mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43826 معدل النشاط : 58576 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قراءة في الوثائق البريطانية لحرب اكتوبر 1973 الأربعاء 8 فبراير 2017 - 18:25 | | | * وثيقة رقم: 86/ 74
* التاريخ: 7 يناير 1974
* إلى: وزير الخارجية، سري للغاية
* من: السفير، القاهرة
* الموضوع : الحرب العربية ـ الإسرائيلية الرابعة (عملية بدر).
* أولا: مقدمة: أهداف مصر 1 ـ قطع راديو وتلفزيون القاهرة عند الساعة 2.15 بالتوقيت المحلي من يوم السبت 6 أكتوبر 1973 إرسالهما ليعلنا أن اسرائيل قد شنت قبل ثلاثة أرباع الساعة هجوما جويا على سخنة وزعفرانة على سواحل البحر الأحمر المصرية، فيما أعلن بعد فترة وجيزة من ذلك أن القوات المسلحة المصرية قد عبرت قناة السويس وأن الطيران المصري قد هاجم القواعد الإسرائيلية في سيناء. وليس هناك أي بناء تراكمي لدى الرأي العام من أي نوع وبأية حال لهكذا إعلان، وقد استغرق الأمر لدى الرأي العام وقتا وجيزا ليستيقنوه. وفي الحقيقة، ومن جانبنا، فقد تيقنا أن الحرب العربية ـ الإسرائيلية قد بدأت، فقط حينما أذاع راديو إسرائيل أخبارا عن هجمات متزامنة من القوات السورية على الجولان، والمصرية على سيناء.
2 ـ هناك حشد من الدروس التي يمكن الاستفادة منها من هذه الحرب، ومن فشلنا في التنبؤ بها، وستأخذ وقتا حتى نتمكن من هضمها. وسأحاول في هذه الرسالة أن أسجل، بالدقة قدر الإمكان، على أساس من الأدلة المتاحة لنا حاليا، مجرى الأحداث التي قادت مصر الى بدء الحرب، ومن خلالها مسار القتال نفسه. وسأعلق على التعقيدات السياسية لهذه الأحداث في رسالة منفصلة. ولمزيد من الإقناع، أرفق فهرسة تفصيلية للأحداث من 6 أكتوبر الى 8 نوفمبر 1973 .
3 ـ برغم أن المصريين تظاهروا بأنهم قد بدأوا القتال دفاعا عن النفس، ومن المفترض أنهم سيواصلون قول ذلك من باب التسجيل الرسمي للمواقف، إلا أن تلك الحجة تآكلت بسرعة لحد لم يعد فيه الآن شك بأنهم قد خططوا وبدأوا الحرب. فما هو أملهم في ما سيحققوه بها؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال بوضوح وببساطة. ولكن وفي خطوط عريضة، فالهدف المصري هو ضمان انسحاب إسرائيلي من الأراضي المصرية المحتلة منذ حرب 1967 . وعلى كل، فهناك القليل من الشك بأن السادات قد هدف الى تحقيق هذا الهدف الكلي عبر ملاقحة بين الوسائل الدبلوماسية والعسكرية فيما لا يمكن معرفة الطبيعة المحددة للمشاركة المتوقعة من القوات المسلحة المصرية. ولكني سأخمن أن أهداف المعركة العسكرية التي أنيطت بالجنرال أحمد اسماعيل، الذي تقلد منصب قائد الجيش ووزير الدفاع في اكتوبر 1972، كانت في جوهرها كما يلي: (أ) الهدف الكلي للعملية هو تقديم (شرارة) لإشعال مشكلة الشرق الأوسط الراكدة، وإشراك وجذب الانتباه النشط للقوى العظمى.
(ب) من داخل العملية، نرغب في تحطيم أسطورة الآلة العسكرية الإسرائيلية المنيعة واعتماد إسرائيل على حدود «آمنة»، وإعادة الروح المعنوية المصرية و(العربية) بما يكفي للسماح للمصريين لمقابلة الإسرائيليين على طاولة المفاوضات.
(ج) مع الإبقاء على هذه النهاية قيد النظر، عليك أن تعبر قناة السويس بالقوة وأن تدمر التحصينات الإسرائيلية على الضفة الشرقية (المسماة بخط بارليف).
(د) عليك من ثم تأسيس رؤوس جسور على الضفة الشرقية تكون من القوة بمكان لمقاومة الهجمات الإسرائيلية المرتدة في انتظار بداية العملية التفاوضية.
ثانيا: التحضيرات : خلفية:
4 ـ يظهر إلقاء ومضة على الموروث العسكري لقائد الجيش حجم المهمة الملقاة على عاتقه. ولا شك أن الخطط لاستعادة سيناء قد بدأت تعشعش بعد زمن ليس بالبعيد عن هزيمة 1967، ولكن طرد الخبراء العسكريين السوفيات في يوليو 1972، والذي تبعه إعفاء الجنرال صادق وزير الدفاع السابق من منصبه في أكتوبر من ذلك العام، قد خلق وضعا جديدا كليا.
5 ـ من المنصف أن نقول، إنه لا أحد خارج مصر، مقابل قليلين جدا في داخلها، قد اعتقد في ذلك الوقت، بأن مصر تملك فرصة نحو حرب أخرى مع إسرائيل. وحتى أولئك المصريون الذين أبقوا على عواطفهم لجهة ضرورة أن تذهب مصر الى حرب، كانوا يشعرون بثقة ضعيفة تجاه ناتجها، فالقوات المسلحة، وعلى نحو لا يثير الدهشة، كانت منهارة المعنويات فيما لا يعتقد رجالها بأن في وسعهم القتال، وكانت للروس وبوضوح شكوكهم. والمثير للغضب أكثر،أن قائدهم السابق الجنرال صادق قام بمحاولة ضعيفة لإخفاء قناعته الشخصية بأن مصر لن تكون في وضع تتحدى فيه اسرائيل مرة ثانية لبضع سنين. فالجنرال صادق كان معارضا عنيدا للوجود العسكري السوفياتي في مصر مبررا قناعته بأن مصر غير مستعدة للقتال بالرجوع الى النوعية الفقيرة من العتاد العسكري السوفياتي.
6 ـ ربما لم ينبع قرار الرئيس السادات بإقصاء الجنرال صادق فقط من رغبة لاختبار عملية انهيار المعنويات، والتي كانت وقتها قد بدأت في التأثير بقوة على المدنيين أيضا، ولكن أيضا، لتسريع عملية التخطيط للحرب. فأحل محله الجنرال أحمد إسماعيل، الأكبر سنا وعديم الخيال، ولكنه حازم وصعب المراس وأبوي، ويمكن للسادات أن يراهن على ولائه. فيما جاء تبرير التعيين بالنتائج، حيث تمكنا نحن من مراقبة إعادة نشر صواريخ أرض ـ جو وارتفاع في إيقاع جرعات التدريب، فيما عنت إزالة اليد الضاغطة للخبراء السوفيات أن المصريين قد أصبحوا الآن سادة على بيتهم، وبوسعهم وضع خططهم الخاصة بهم وفقا لأفكارهم. وكذلك أصبحوا ممتلكين لترسانة من الأسلحة الحديثة، التي أكدتها لنا وبصورة خاصة السفارة الروسية مبكرا في فبراير1972 ، وهي ترسانة كافية لتمكين مصر من محاربة اسرائيل مرة أخرى إذا رغبت في ذلك. ولم تكن الوسائل العسكرية الى حد كبير، بقدر ما هي الإرادة، التي كانت مفقودة فيما وراء الكواليس، وها هو ذلك الافتقاد يحصل على إمدادات.
* التقدير 7 ـ بعد أن بدأ الجنرال اسماعيل وفريق تخطيطه (برئاسة الجنرال الجمسي غير المعروف الى وقت قريب) في رسم ومراجعة خططهم، جاء تقييمهم لمراكز القوة والضعف لدى الجانبين على جبهة السويس، ولا بد لهكذا تقييم أن يكون قد رجح كفة المزايا لصالح اسرائيل بقوة، فالإسرائيليون سيكونون مدافعين عن حصن منيع (خط بارليف)، الذي بلغت كلفته 300 مليون دولار خلال السنوات الست الماضية، وفي مواجهته ممر مائي لا يقهر فيما يكون بوسعهم الرهان على دعم أميركي مستمر، ومن الأرجح أن يبرهن الطيران الإسرائيلي على تفوق في القتال على الطيران المصري، سواء على مستوى الرجال أو العتاد. وللإسرائيليين سمعة في المهارة والخيال في استخدام الأسلحة في الظروف الصحراوية. ونقاط القوة الإسرائيلية هذه مكونة، الى حد ما، من نقاط الضعف المصرية التقليدية : أي الغطاء الجوي الفقير (تجلى هذا العامل وحده في مسار حرب 1967)، في مقابل وعدم حيطة وراثي وسط كل الضباط والرجال، وقد أسفر عن افتقاد للمبادرة والمرونة في الميدان. والأمية بين الرتب الدنيا في تناقص ولكنها لا تزال منتشرة، وهناك أيضا تقليد بسيادة الفقر في مجال الاتصالات وعدم كفاية الدعم اللوجستي.
8- ولكن هناك أيضا عناصر أخرى على الصفحة الأخرى من دفتر الحسابات. فتعداد سكان اسرائيل الصغير يجعلها بقابلية وراثية للتأثر بتبعات قتال عنيف يستمر لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة، ومن هنا فهي في وضع يجعلها تستطيع تحمل الخسائر بصورة أقل من مصر، ولكن اقتصادها أيضا سيخاطر بنقلات تسببها التعبئة الطويلة بأعلى الوتائر.. ومن المحتمل أيضا أن يكون الجنود والضباط الإسرائيليون مفرطين في الثقة كنتيجة لسهولة النجاحات السابقة، ومفرطين في الاعتماد على قوة القتل لسلاحهم الجوي. وللمصريين من جانبهم ورقة أو ورقتان تحت أكمامهم، فبوسعهم أن يرسموا على تفوق عددي خاصة في مجال القوة المقاتلة، وكذلك على معظم أنواع العتاد، وهم يعتقدون بأن في وسعهم إحلال الخسائر بمرور بعض السنين إذا دعت الحاجة. 9- وإذا نجحوا في دفع السوريين، وربما الأردنيين، في الانضمام للحرب، فستجد اسرائيل نفسها متورطة في جبهتين أو ثلاث جبهات في تزامن واحد: وخطوط اتصال اسرائيل بسيناء تم تمديدها بصورة غير مريحة، وبوسع المصريين أن يتوقعوا أنهم يستطيعون المضي بحرب طويلة بصورة أسهل مما يتوافر لإسرائيل. والشجاعة والروح القتالية لدى الجندي المصري العام مشهود لها منذ زمن حتى من الإسرائيليين، وهناك أرضية للأمل في التغلب بصورة كبيرة على مشاكل العلاقات بين الضباط والجنود والتي ظهرت بصورة مؤلمة في 1967، وذلك في أعقاب إعادة تنظيم بما فيها تأسيس أكاديميات تدريب جديدة للضباط، ونظام للترقي أكثر مهنية (أي أقل سياسيا)، ولا جدال أن لسلك الضباط الجدد الآن حسا مؤسسيا أقوى.
* الخطة العسكرية.. وحلقات القتال الثلاث الخطة 9 ـ حملت الخطة المصرية التي وضعها الفريق الجنرال الجمسي، اسم « عملية بدر »، تذكيرا بالانتفاضة التي سبقت دخول النبي لمكة، (هكذا وردت في الوثيقة، ومن الواضح أن السفير يقصد المدينة، الإيضاح من «الشرق الأوسط»)، وقد نجحت بذكاء في الجمع بين العناصر الأساسية التالية: المفاجأة، الجبهة العريضة، وخطوط دفاع قوية، والتركيز على صواريخ أرض ـ جو (سام)، وصواريخ مضادة للدبابات مصحوبة بالمشاة أكثر من الأسلحة الهجومية التي تمثلها الآليات والقوة الجوية. والهدف واضح وهو إفقاد الإسرائيليين توازنهم من أجل تقليل الخسائر خلال عبور القناة والهجوم على خط بارليف والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الضفة الشرقية قبل أن يتمكن الإسرائيليون من الرد أو الانتقام. ويكون ما ورد أعلاه هو الحلقة الأولى.
الحلقة الثانية تكمن في تدعيم الموقف على الأرض التي كسبوها بنشر خط الدفاع ليس لمدى أكثر من 10 أميال شرق القناة. في المقابل، افترضت الخطة مع الحلقة الثالثة فيها، أن الإسرائيليين سيبدأون الهجوم المضاد ولكنهم في تلك المرحلة سيجدون أنفسهم ملزمين بالهجوم على مواقع محصنة بصواريخ سام، ومن هنا يكون المصريون مرة أخرى أمام دورهم الدفاعي المعد سلفا. لا يزال من غير الواضح، ومن الوارد أن لا تتم معرفة ذلك على وجه التأكيد، ما إذا كانت هناك مرحلة رابعة قيد التأمل. الرئيس السادات أخبرني يوم 7 أكتوبر بأنه أعد عدته للمضي بالقتال لمدة 10 سنوات. في غضون ذلك تم تحديد يوم للهجوم تخيروا له يوما بقمر ساطع مع تيارات مائية هادئة ومواتية في القناة في مقابل أقصى حالة من عدم الاستعداد لدى الإسرائيليين. وقع يوم 6 أكتوبر في رمضان، وبرغم أن المصريين كانوا غامضين في مدلول ذلك، لكن اليوم صادف أيضا العيد اليهودي (يوم كيبور)، وهو يوم (الكفارة)، أما السوريون الذين سيكون دورهم بالمشاركة في الحملة القادمة ذا أهمية محورية، فربما كانوا طرفا في التخطيط للحرب منذ بداية العام، ولكن من غير المحتمل أن تكون القرارات السياسية النهائية قد تم اتخاذها قبل اجتماعات المستويات العليا في سبتمبر، فيما من المحتمل أن تكون الاعتبارات المصرية هي التي سادت في اختيار ساعة الهجوم. وعلى كل حال، ووفقا للجنرال إسماعيل، كان اختيار الساعة الحقيقية للهجوم عرضة للنقاش وتم اتخاذه قبل أيام قليلة من بدء المعارك.
10 - برغم أن التخطيط العسكري ربما يكون قد استمر لبضع سنوات، الا أن الجنرال اسماعيل زعم أنه هو الذي بدأ التخطيط لعبور شامل وتام للقناة بعد توليه منصبه في أكتوبر 1972. وقتها، يكون السادات قد توقع افتراضا أنه سيحارب، ولكنه لم يحدد يوما في ما لم يستبعد كليا احتمال أن يصنع بعض التقدم بوسائل سلمية. ولكنه أخبر في بدايات عام 1973 صحافيا لبنانيا بأنه فقد الأمل «في أن تضطلع أميركا بتوجه موضوعي»، فزيارة حافظ اسماعيل لأميركا في نهاية فبراير تبعتها مباشرة أخبار عن صفقة أميركية اسرائيلية لطائرات الفانتوم (لم يحطه الأميركيون بها)، وهناك عدم الانتباه الذي لاقته مشكلة الشرق الأوسط في قمة نيكسون برجينيف في يونيو، وهناك الفيتو الأميركي على قرار مجلس الأمن في 26 يوليو، وقد أكدت كل تلك الوقائع طريقة التفكير التي كان لها أن تسود. ولكن خطة الحرب اعتمدت على عون اقتصادي وغيره من الدول المنتجة للنفط ولا بد لمسألة كهذه أن تكون ضمن اهتمامات القادة المصريين خلال أشهر الصيف. بحلول يوم 13 سبتمبر وحين أسقط الإسرائيليون 13 طائرة سورية في معركة على الساحل السوري (هكذا وردت في الوثيقة والتقدير أن رقم 13 يبدو كما لو أنه قد انتقل طباعيا من بداية الفقرة، الإيضاح من «الشرق الأوسط»)، في تلك اللحظة يبدو أن كل شيء قد نضج. وبقدر ما تعلق الأمر بالمصريين، ربما يكون نضوج الأشياء قد حدث مع تشكيل حكومة جديدة في مارس، إذا لم يكن قبل ذلك. في المقابل، إذا كان السوريون لا يزالون في حاجة لدفعهم، فقد أدت ضربات 13 سبتمبر الإسرائيلية تلك المهمة.
* الخداع 11 - كان عنصر المباغتة في الإستراتيجية المصرية محوريا فيما اعتمد على إقناع العدو بأن مصر ليست في مزاج يسمح لها بالهجوم، ولا بد أن يعود الفضل في نجاح هذه المهمة الصعبة الى الرئيس نفسه، فالخطة وكما خرجت لم تحمل فقط بصمته التي لا تخطئها العين، ولكنها اعتمدت عليه شخصيا ليراها تمضي. وفي هذا السياق علينا أن نعطي تقديرا أكبر لتجربته الطويلة في التآمر والمؤامرة، ومن المؤكد أنه وظفها بطريقة جيدة، إذ كان عليه أولا أن يحصن موقعه، فهو ومع تعاطيه الحاد مع انتقادات الطلاب والصحافيين مطلع العام، قام بتشكيل مجلس وزراء جديد في 26 مارس بنكهة مدنية ظاهرة، وقد احتفظ فيه بالرئاسة لنفسه، ربما ليتجنب الاحتكاكات بين السياسات القديمة والجديدة التي يكون عليه ملاحقتها في الشهور القادمة، ومن ثم تقدم ليلعب اللعبة القديمة لصراخ وحش لم يبلغ فحولته، فيما تم عن عمد رفع السخونة العسكرية والسياسية خلال شهر مايو ـ كمقدمة أو استهلال ـ وبهكذا هدف أحيط الصحافيون ـ لقمة نيكسون برجينيف في 18 يونيو. وسمح للاشاعات بالانتشار بحرية في القاهرة لجهة حرب قادمة وتحركات واسعة للقوات المسلحة وممارسة التعبئة، بل ان إشارات بأن اكتمال القمر في منتصف يونيو قد يكون إشارة محتملة لهجوم مصري قد صدرت عن بعض المراقبين.
12 ـ في المقابل، وحين لم تتشكل صورة فعل مصري بعد انتهاء قمة نيكسون ـ برجينيف، استرخى الجميع فيما مضى السادات خلال شهري يوليو وأغسطس يغذي تلك الحالة باحاديث تآمرية عن السلام، مثلما دعا المؤتمر الوطني في الخريف لدراسة مشاكل مصر على المدى الطويل وتحدث عن التحرير الاقتصادي وكأن ذلك هو اهتمامه الأساسي (رغم أنه جعل مسألة تحرير سيناء هدفا أساسيا له)، بل انه خرج عن سياقه في الذكرى الثالثة لوفاة جمال عبد الناصر (28 سبتمبر)، الى القول إنه لم يشر الى الحرب كوسيلة لتحقيق غايات مصر. وقد تأكدت أنا الآن من السبب، بعدما كنت قد هنأته على ذلك الخطاب قبل فترة قليلة من اندلاع الحرب، فبدا لي مسرورا كتلميذ مدرسة. تم الإعلان عن أن وزير الدفاع الروماني سيزور مصر يوم 7 أكتوبر، وأوردت «الأهرام»، من الواضح بصورة موجهة، أن ضباط القوات المسلحة المصرية سيسمح لهم بأداء العمرة مع نهايات شهر رمضان (بدأ يوم 25 سبتمبر). كان من المعروف جيدا أن تدريبات عسكرية واسعة للجيش تأخذ مكانها على ضفة القناة، ونحن لاحظنا شحنات لآليات ثقيلة تتجه نحو القناة مع نهاية سبتمبر، كجزء من تلك التدريبات، ولكن أحداثا كهذه أصبحت معروفة، فيما انتشرت أخبار عبر قنوات كثيرة بأن هذه التدريبات ستنتهي يوم 7 أكتوبر. كما وصلتنا في نفس هذا الوقت تقارير عن وصول لصواريخ سام -6 وصواريخ ساغر المضادة للدبابات، ولكن تم التقليل من شأنها بصورة كبيرة أو أخذت كشيء يتعلق بمنظور في المدى البعيد.
* ثالثا: القتال المرحلة الأولى:
* أصبحت تدريبات القناة فجأة ومن غير إنذار (حتى بالنسبة للجنود المشاركين فيها) أمرا حقيقيا، والى ذلك مضت الحلقة الأولى من الخطة المصرية كما تعمل الساعة وأسفرت، وعلى غير المتوقع عن خسائر مصرية طفيفة، بدأ الهجوم أولا بقوارب مطاطية ومن بعد ذلك بحوالي 11 جسرا عائما بنيت بسرعة فائقة تحت وابل من القصف بالمدفعية وهو الآخر تحت وابل من الهتاف وفق ما ورد بـ«الله أكبر» (أي الله عظيم) رددتها مكبرات صوت على طول الجبهة، وقد أدت هكذا هتافات الى شحن الجنود بطاقات روحية الى الحد الذي زعم فيه كثيرون بأنهم رأوا كلمات (الله أكبر) مكتوبة في سماء سيناء، فيما ضرب أحدهم على وتر فكرة ذكية بتزويد القادة ممن يعبرون الى سيناء بأعلام مصرية لتثبيت أي منها على رأس كل نقطة عالية حال ما يتم الاستيلاء عليها. كانت الجسور مع حلول الظلام آمنة، وبحلول مساء 8 أكتوبر كانت كل الضفة الشرقية تحت القبضة المحكمة لليد المصرية ومعها انتهت الحلقة الأولى.
* الحلقة الثانية:
14 - في الفترة من 9 الى 15 أكتوبر، وبينما المعركة على مرتفعات الجولان على أشدها، أغرق المصريون بالرجال والمعدات الضفة الشرقية الى أن كان لهم 5 فرق من المشاة ربما بلغ عددهم 100.000 عنصر مدعومين بالسلاح متركزين في مواقع حيوية، فيما بقيت القوة الكبرى منهم كاحتياطي غرب الضفة. وزعم الجنرال اسماعيل خلال الأسبوع أنه دمر 150 دبابة اسرائيلية من دون أن يغامر بالتحرك من مواقعه الجديدة، التي كانت وقتها قد امتدت الى أكثر من 10 أميال خلف القناة، فيما ظل الإسرائيليون يتعاطون مع معارك سورية ثقيلة على عتبة بابهم حتمت عليهم أن يوجهوا جهدهم الأساسي لاحتوائها أولا ومن ثم طردها. وعلى جبهة سيناء أيضا واجهوا مصاعب غير متوقعة في الجو، إذ يبدو أن سلاح الجو الإسرائيلي قد حاول في وقت مبكر تدمير سلاح الجو المصري وهو على الأرض مثلما فعلوا بنجاح في 1967، ولكن المصريين قد استوعبوا درسهم، وسلاح جوهم الآن في مأمن تحت أغطية خرسانية، حينما لا يكون محلقا فيما وطدت قواتهم البرية مواقعها في حدود مدى حزام صواريخ سام بالضفة الغربية مستخدمين هذه الشاشة من الصواريخ كنوع من أنواع الدفاع الفعالة.
* الحلقة الثالثة:
15 - افتتحت الحلقة الثالثة من القتال بتقدم مصري بحوالي 6 ـ 10 كيلومترات على طول الجبهة، ومن الواضح أن ذلك جاء تجاوبا مع طلب سوري لتخفيف الضغط على الجبهة الشمالية، وتبع ذلك وبسرعة الهجوم المرتد الإسرائيلي الذي طال انتظاره، وقد بدأ ذلك يوم 15 أكتوبر بتسرب قوة مهام خاصة صغيرة عبر النهاية الشمالية لبحيرة بيتر الكبرى، وفي اليوم التالي، وبعد معركة دبابات كبرى نجح الإسرائيليون في تنظيف ممر الى القناة تمكنت ثلاثة ألوية مسلحة من الانتقال الى الضفة الغربية، فيما تزامنت النقطة التي تم اختيارها للهجوم مع الخط أو «الفجوة» بين الجيشين المصريين الثاني والثالث. وبكل المقاييس، فقد كان المصريون بطيئين جدا في التحقق من مدلولات هذا الاختراق الإسرائيلي، واضاعوا وقتا ثمينا قبل أن يقدموا على الهجوم المضاد وفوق ذلك بقوة غير كافية، وقد كسب الانطباع أرضيته لدى اسرائيل، فيما أعلن المصريون أن العبور الإسرائيلي يتسع وأن القوات الإسرائيلية تضرب في كل الاتجاهات، فتاه سلاح الجو المصري بطلعات في السماء ولكن من دون أثر فعال.
16 ـ ظل الوضع على الأرض مرتبكا ومربكا بحلول وقت وقف إطلاق النار الذي تحددت له الساعة 7 بعد الظهر من يوم 22 اكتوبر، ولكن بدا أن الإسرائيليين قد أمنوا رقعة على الضفة الغربية لبحيرة بيتر باتساع يتراوح بين 10 الى 15 كيلومترا بامتداد من نقطة تبعد 10 كيلومترات جنوب الإسماعيلية الى نقطة ما شمال طريق السويس، ويبدو أنهم لم يقطعوا طريق السويس الى وقت ما قبل 23 أو 24 أكتوبر، ومن ثم حاصروا تلك العناصر من الجيش المصري الثالث في السويس وفي الضفة الشرقية. والى ذلك أصبح وقف إطلاق النار الثاني الذي حمله قرار الأمم المتحدة رقم 339 يوم 23 أكتوبر فعالا بوصول البعثة الأولى من قوات طوارئ الأمم المتحدة الى القاهرة ليل 25 أكتوبر، فيما كان الإسرائيليون وبحلول ذلك الوقت قد عزلوا حوالي 20 ألف جندي مصري من الجيش الثالث عن قاعدة إمدادهم. يتبع ........ م
|
|
mi-17
المدير وزيــر الدفــاع
الـبلد : المزاج : الحمد لله التسجيل : 23/02/2013 عدد المساهمات : 43826 معدل النشاط : 58576 التقييم : 2418 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: قراءة في الوثائق البريطانية لحرب اكتوبر 1973 الأربعاء 8 فبراير 2017 - 18:33 | | | * محضر اجتماع في تشيكرز (المقر الريفي لرئيس الوزراء البريطاني) في السابعة من مساء 13 اكتوبر (تشرين الاول) 1973 .
* الحضور:
ـ رئيس الوزراء ـ وزير الخارجية والكومونولث ـ اللورد بالنيل ـ السير دينيس غرينهيل ـ السير آ. دي. بارسونز ـ السير إم. دي. او. بي الكساندر ـ السير إم. فورستير ـ سعادة دي. آ. غور ـ بوث
* الشرق الاوسط
* وزير الخارجية: قال ان حقيقة ان الرئيس السادات مستعد لطلب استعمال حق النقض (الفيتو) الصيني، كان دليلا آخر واضحا انه لن يقبل اقتراحات كيسنجر لوقف لاطلاق النار في الوضع الراهن. وتساءل ما اذا كنا سنستدعي السفير السوفياتي للسؤال عما اذا كان الروس قد فكروا فعلا بان في وسعهم اقناع المصريين. وهو لا يعتقد اننا نستطيع التصرف وفقا لرغبة كيسنجر. والسبب للقيام بشيء في اليومين التاليين حول هذا الامر كان ان انفراج التوتر، الذي عولت عليه القوتين العظميين كثيرا، قد ينهار. اذا كان كلاهما قد خزّنا الاسلحة، فان حالة الانفراج في التوتر قد يوضع لها حد، ولا ترغب الولايات المتحدة ولا الاتحاد السوفياتي بذلك. بيد انه من الواضح جدا اننا لا نستطيع القيام بهذا وهو (الوزير) سيبلغ كيسنجر عن النقطة الصينية. ثمة امران مقلقان: احدهما هو ان اليوغوسلافيين قد يقدمون مشروع قرار، والآخر ان المصريين قد يعتقدون انهم يكسبون.
رئيس الوزراء: قال يبدو ان الاسرائيليين يخسرون طائرات بفعل صواريخ سام المصرية والسوريين قد بدأوا هجوما معاكسا.
بارسونز: قال ان الاسرائيليين سيحتاجون الى فترة هدوء بعد تثبيت الوضع على الجبهة السورية، قبل ان يهاجموا المصريين، المصريون لن يُهزموا بسرعة.
السير دينيس غرنيهيل: قال انه بين تلك اللحظة والوقت الراهن سيتلقى المصريون تعزيزات دراماتيكية.
اللورد بالنيل: سأل لماذا يجب ان نكون حصان رهان؟ اذا كان الاميركيون والروس يشعرون بالقلق، ألا يستطيعون بأنفسهم ان يقوموا باجراءاتهم؟ ووافق السير بارسونز.
رئيس الوزراء: قال اذا اخذت القوتان العظميان حالة الانفراج في التوتر على محمل الجد، فان الامر عائد لهما للمتابعة على اساس ذلك.
الكساندر: قال ان الضغوط الصهيونية قد بدأت في الولايات المتحدة.
بارسونز: قال ان كيسنجر قد ادلى ببيان صحافي في مؤتمر تلقى خلاله اسئلة، وكان بصورة ملحوظة خاليا من ملاحظات مؤيدة لاسرائيل او معادية للعرب. هذا لا يوحي بانه كان يخضع لضغوط صهيونية قوية ـ لا بل لقد وصفه (بارسونز) بالفعل بان اشد البيانات المؤيدة للعرب الذي يصدر عن الحكومة الاميركية حتى الآن.
رئيس الوزراء: قال، مع ذلك هناك العديد من السيناتورات الملتزمين (صهيونيا). السير دينيس غرينهيل: تساءل ما اذا كان قول الدكتور كيسنجر الى الجحيم لكل هذا وسعيه الى متابعة اقتراحاته عن طريق آخر، سيعني الكثير لنا. رئيس الوزراء: اجاب لا.
وزير الخارجية: اوضح ان الدكتور كيسنجر سيتخلى عن اقتراحه اذا ادرك ان الصينيين سيستعملون حق النقض.
بارسونز: ذكر ان كيسنجر قد يناقش بأنه كان على حق وان الروس سيقنعون المصريين. بيد ان علاقاتنا مع المصريين وثيقة بما فيه الكفاية كي نكون متأكدين من ان السادات سيعطينا اشارة ايجابية اذا ارادنا ان نمضي بمبادرتنا. لكن كل ما تلقيناه كان ضوءا احمر تماما.
وزير الخارجية: تساءل ماذا ستكون نتائج انهيار حالة الانفراج وما ينطوي عليه ذلك بالنسبة لوارداتنا من النفط اذا لم يحصل شيء. هل نستطيع التصرف بشكل مستقل؟ الا ان السادات قال ان مشروع قرارنا ليس جديدا. رئيس الوزراء: تساءل ما اذا كان ينبغي لنا ارسال سفيرنا في بكين للحصول على وجهة نظر الصين، وسفيرنا في موسكو للتعرف على رأي الروس. السير دينيس غرينهيل: قال من الافضل ان نعمل عبر السفير الروسي في لندن.
رئيس الوزراء: تساءل عما اذا كان يتوجب علينا القول للقوتين العظميين بأن تظلا على حدة. من المضحك بالنسبة لنا جميعا ان نتعرض لتهديد حرب عالمية ثالثة لأنهما غير قادرتين على ضبط النفس.
بارسونز: اضاف بان في وسعنا الاقتراح بان تستغل القوتين العظميين نفوذهما الهائل للتوصل الى نهاية سلمية.
رئيس الوزراء: قال ان هناك سيناريوهين محتملين. تمثل الاول في تحقيق العرب نجاحات معقولة. والوضع في سورية سيتم تثبيته كما ينبغي ان تكون قدرات الاسرائيليين البشرية ومن حيث العتاد، وقد تضاءلت الى حد لا بأس به. اذا كان المصريون يربحون، فإن هناك خطر حصول ضغوط صهيونية (ليس فقط من السير ويلسون) بهدف «انقاذ اسرائيل». اما السيناريو الثاني فهو ان الاسرائيليين قد يستعيدون زمام المبادرة. وسيصل الوضع في سورية الى طريق مسدود، و(تصل اسرائيل) الى نصف الطريق لدمشق، وسيجبر المصريون على التراجع. هذا سيدفع العرب الى استعمال سلاحهم النفطي لمنع اجبار المصريين على التراجع عبر القناة. وباستطاعتهم ان يستعملوا هذا السلاح ضد الاميركيين من دون الحاق الاذى بنا جميعا. السير دينيس غرينهيل: اعتقد ان هذه (التكهنات) مبالغ فيها. النفط الاميركي ونفطنا ليسا مختلطين الى هذه الدرجة. رئيس الوزراء: قال ان الضغوط النفطية قد تمارس على الغرب بهدف حمله على التدخل لدى الاميركيين.
بارسونز: ذكر انه يشعر اننا حاليا في وضع جيد جدا. لقد تلقينا التهاني من الجميع على الملاحظات التي اوردها وزير الخارجية في بلاكبول.
وحظر الاسلحة قد استُقبل باستحسان ملحوظ. العرب مترددون جدا لاتخاذ اجراءات نفطية ضدنا نحن والفرنسيين ما لم يكونوا مضطرين لذلك في الحقيقة ـ اي ما لم نغير موقفنا. وهو (بارسونز) لا يعتقد انهم سيفرضون حظرا تاما اذا لم يعبر الاسرائيليون القناة. واذا فعلوا (الاسرائيليون) ذلك سيكون هناك قطع للنفط وضغوط على الغرب كي يفعل شيئا. وطالما انهم يحافظون على مواقعهم فانهم قد يحاولون تطبيق حظر فقط ضد الاميركيين، بيد انه لا يعتقد انهم سيقومون باجراءات ضدنا طالما حافظنا على موقفنا الحالي. انهم يرغبون بالحفاظ على افضل العلاقات معنا.
رئيس الوزراء: قال انه لا يعارض وجهة النظر هذه. لكن اذا فرضوا حظرا نفطيا ضد الولايات المتحدة، فاننا سنكون ملزمين بموجب بنود اتفاقية OECD بأن نشاركهم (الاميركيين) نفطنا. وكان قد تحدث خلال الايام القليلة الماضية لمسؤول في شركة تيكساكو ابلغه ان الاميركيين في وضع لا يحسدون عليه اذ ان ما لديهم من النفط الاحتياطي لا يكفيهم سوى ليومين. بارسونز: اوضح انه توقع حصول سيناريو على ثلاث مراحل. الاولى: فرض حظر على تصدير النفط الى الولايات المتحدة يتلوه حجز شركات النفط الاميركية في الشرق الاوسط، واخيرا حظر تام على الصادرات النفطية للغرب. في المرحلة الاولى سيكون هناك الكثير من تبديل المواقف كما حصل خلال حرب يونيو (حزيران). لكن المناخ في العالم العربي هذه المرة مختلف والرعاع يصرخون في كل مكان: العرب يتصرفون بحكمة.
وزير الخارجية: قال بخصوص السيناريوهين المحتملين اللذين ذكرهما آنفا رئيس الوزراء، انه يعتقد ان الاسرائيليين سيسحقون العرب.
رئيس الوزراء: اوضح انه بدأ يشك في ذلك. السير دينيس غرينهيل: اقترح ان علينا ان نجيب الاميركيين بالقول اننا لا نعتقد ان الوقت الحالي مناسب. سنواصل السير والمراقبة. واذا كانوا مأخوذين اكثر مما ينبغي بحالة الانفراج في التوتر فبوسعهم ان ينظموها. فهم على تواصل مع الروس وعليهم ان يحدثونهم. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لاقناع السادات بالموافقة على مبادرة ما. لورد بالنيل: قال ينبغي ان نقول للاميركيين انهم اذا كانوا فعلا قلقين فإن عليهم ان يضعوا حدا لجهود الاسرائيليين المتعلقة بسيناء.
رئيس الوزراء: سأل عن آخر المستجدات بشأن التقييم العسكري. هل يستطيع الاسرائيليون ان يقاتلوا على جبهتين ويربحوا؟ لا يعتقد بأن الاسرائيليين قد فكروا على الاطلاق بأنهم قادرون على القتال في حرب طويلة. بارسونز: قال ان كل التقارير اشارت الى انهم لا يستطيعون الفوز على كلا الجبهتين في وقت واحد. لكن اذا سحقوا السوريين وتلقوا تعزيزات من الاميركيين، فانه سيكون بوسعهم في الوقت المناسب ان يجبروا المصرين على التراجع. الامر برمته يتعلق بسورية. سيكون موقفا لا مسؤولا من جانب الاميركيين اذا زودوا الاسرائيليين بتعزيزات كثيرة تسمح لهم بدفع المصريين الى الوراء. ليس هناك دليل كبير على تعزيزات روسية لمصر حتى الآن. وبوسعه تخيل وضع يتم فيه تثبيت الحالة السورية وعدم وجود مصلحة لأي من الطرفين في تسليح زبونه بهدف شن معركة على الجبهة المصرية.
وزير الخارجية: قال اذا كانت هناك امكانية لتعرض الاسرائيليين للهزيمة فان الاميركيين سيتدخلون. بارسونز: اوضح انه لا يعتقد بان هذا سيحصل. رئيس الوزراء: اشار الى انه اذا وصل الوضع على الجبهة السورية الى طريق مسدود فلن يكون بامكان الاسرائيليين ان ينقلوا كل قواتهم الى سيناء. بارسونز: قال ان ما يريده الاسرائيليون هو تدمير القوات المسلحة السورية تدميراً كاملاً.
وزير الخارجية: قال انه فوجئ بنية الولايت المتحدة والاتحاد السوفياتي على الاكتفاء بالامتناع عن التصويت حول قرار للامم المتحدة، وهذا لم يكن بداية لعمل مجلس الامن تبعث على قدر كبير من الامل. بارسونز: اشار الى انه في حال طرح اي كان مشروع قرار على شاكلة مشروع كيسنجر فانه سيحظى بثلاثة اصوات على الاكثر ـ استراليا والنمسا ونحن. الفرنسيون لن يلمسوه. رئيس الوزراء: سأل عن مشروع القرار اليوغسلافي الممكن. بارسونز: هذا يمكن ان يمثل مشكلة. لكن علينا ان نبقى الى جانب الفرنسيين. انهم قد يصوتون لصالحه: وهذا سيضعنا في موقف صعب للغاية.
رئيس الوزراء: سأل عما اذا لم يكن بوسعنا ان نستعمل كل براعاتنا لوضع اي نوع آخر من الاقتراحات. ماذا عن بقاء العرب حيث هم وانسحاب الاسرائيليين مع وضع قوة دولية بينهما، بدلاً من وقف اطلاق النار وبقاء الطرفين حيث هما. غوريوث: قال ان الحديث للروس ينطوي على مجازفات. فربما كان لديهم الاسباب الموجودة لدى الاميركيين للتشبث بحالة انفراج التوتر، مما سيحملهم على القول لنا بان المصريين سيوافقون. بارسونز: اعرب عن موافقته. وقال اذا تحدثنا فعلا للروس علينا ان نبلغ السادات بكل شيء قلنا لهم. رئيس الوزراء، ذكر انه يعتقد ان المصريين ليسوا الان في حاجة ماسة للروس حاليا. بارسونز: وافق المصريون واثقون من انفسهم جداً.
وزير الخارجية: سأل ما اذا كان بوسعنا فرض حظر تام على تصدير الاسلحة. غوربوث: قال ان الحكومة العمالية قد جربت ذلك في 1967 وفشلت. لورد بالنيل: لا نستطيع ان نطلب من الروس الا يعيدوا تزويد العرب بالسلاح. بارسونز: رأى ان هناك مشكلة ثانية. اذا اخفق اقتراح بفرض حظر تام على السلاح، سنسأل لماذا حافظنا على الخطر الذي فرضناه على تصدير الاسلحة.
السير دينيس غرينهيل: سأل ما اذا كانت هناك اي طريقة يمكننا عبرها احراز تقدم على صعيد انسحاب اسرائيلي، مثلاً الانضمام الى الفرنسيين في قبول الـ«التعريف» قبل عبارة =«اراضي» الواردة في القرار 242.
لورد بالنيل: قال انه حتى الآن لم تكن الانتقادات من اللوبي اليهودي قوية جداً على رغم فرض حظر الاسلحة. واذا غيرنا موقفنا حيال مسألة «أراضي» كنتيجة لعدوان عربي، فاننا سنواجه قدراً كبيراً من ضغوط اللوبي اليهودي المحلي.
وزير الخارجية: شار الى الكلمة التي القاها في هاروغيت تركت هامشاً فقط لتعديل ضئيل للغاية، على اية حال. بارسونز: اوضح ان احدى العصوبات التي تنطوي عليها عملية وضع شروط معضلة هو انه سيكون علينا اشراك سورية. المصريون لم يقبلوا موقفنا بصورة تامة لانه لم يكن منطبقاً على سورية (التي لم تقبل القرار 242). اذا تم توجيه الدعوة اليوغسلافية للمطالبة بانسحاب كامل، فان ذلك سيتضمن مرتفعات الجولان.
رئيس الوزراء: سأل ما اذا كان السادات مستعداً للجلوس الى طاولة مستديرة لمناقشة تسوية تتعلق بقرار 242. بارسونز: قال ان السادات ابلغ سفيرنا بأنه لن يقبل عقد مؤتمر،مالم تسبقه موافقة اسرائيلية على الانسحاب ليس فقط من سيناء، بل ايضا من الضفة الغربية، القدس والجولان. اذا لم يكن السادات قابلاً للقرار الذي فكرنا به، فان من الصعب تخيل قدرتنا على ارضائه من دون تبني الموقف اليوغسلافي.
وزير الخراجية: وافق على انه سيبلغ الدكتور كيسنجر بان الاقتراحات الاميركية لن تكون مقبولة في مجلس الامن. السير دينيس غرينهيل: اقترح ان الوزير قد يضيف قائلا ان اللحظة لم تحن بعد، في رأينا. وبخصوص النتائج المتعلقة بحالة الانفراج في التوتر، علينا في الواقع ان نعول عليه وعلى اتفاقه مع الروس لمنع الامر من الخروج عن السيطرة. كل الجلبة النووية التي يصدرونها مصصمة للتعاطي مع هذا.
بارسونز: اقترح ان بوسع الوزير القول اننا لن نتصرف منفردين. علينا ان نتصرف بالاشتراك مع الفرنسيين، هذا اذا تصرفنا على الاطلاق. وقد رأى اقتراحات الدكتور كيسنجر جزئيا كمحاولة لفصلنا عن الفرنسيين. كان من المهم الا ندع ذلك يحصل، ليس فقط لاسباب اوروبية بل ايضا بسبب مصالحنا الشرق اوسطية ايضا. رئيس الوزراء: سأل عن وجهة النظر الفرنسية. بارسونز: قال ان الفرنسيين لن يشاركوا ما لم يوافق الفرنسيون (على الاقتراحات). وزير الخارجية: رأى ان الدكتور كيسنجر سيجيب بالقول ان رد السادات كان متوقعاً. رئيس الوزراء: قال ان علينا ان نستند الى تقييمنا نحن لما قاله لنا السادات. وتقيمنا يقود الى انه لم يعطنا اشارة.
وقد يقول وزير الخارجية للدكتور كيسنجر باننا سمعنا من المصريين انه اتصل بهم مباشرة. وزير الخارجية قال اذا رغب (كيسنجر) بطرح اقتراحاته على الاوستراليين يجب الا نحاول ثنية عن ذلك. السير دينيس غرينهيل: رأى ان علينا ان نساعد «بقدر ما يكون ذلك ممكناً»، حسبما قال جون فوسترد اليس. بارسونز: اعرب عن اعتقاده بانه اذا ذهب الدكتور كيسنجر الى الاستراليين فانهم سيسألوننا عما ينبغي القيام به. ورأى انه ينبغي بنا ان نقول للاوستراليين اذا طرح (كيسنجر) هذا (المشروع) على التصويت فان الفرنسيين لن يصوتوا لصالحه ولذلك علينا الا نصوت له بدورنا. رئيس الوزراء: وافق على ذلك.
رئيس الوزراء: تساءل ما اذا كان بوسعنا القيام باي شيء آخر. وزير الخارجية: قال إننا سنجهد ادمغتنا (بالتفكير في ذلك). رئيس الوزراء اشار الى ان علينا وضع اقتراح ما لابقاء اللوبي الصهيوني بعيدا.
وزير الخارجية: اوضح اننا اشرنا سلفاً الى امكانية عقد مؤتمر سلام. بوسعنا ان نقترح ذلك علنا، بيد انه لن يكون لذلك قيمة كبيرة فيما يتواصل القتال. بارسونز: قال الامر يقود الى اللحظة السيكولوجية. ومن الصعب تحديدها. لكن عندما يتم تثبيت الوضع على الجبهة السورية قد يكون هناك توقف قصير يرغب خلاله الطرفان بوقف إطلاق النار. هذه الفترة ستكون خاطفة. وقد يكون هناك هدوء مؤقت، يكون الاسرائيليون خلاله منهمكين في التساؤل عن كيفية زحزحة المصريين لكن اياً من الطرفين غير مهتم البتة (بوقف اطلاق النار) في الوقت الراهن. رئيس الوزراء، قال ان الامر يعتمد ايضاً على ما اذا كان المصريون يتقدمون فيما بقيت طائرات الميغ التي يملكونها في وضع احتياطي. بارسونز: اوضح انه قمتنع تماماص بان هدف المصريين كان لتقدم 15 ميلاً فقط. اذا نجحوا في ذلك فان هذا قد يؤدي الى تغيير في موقفهم. السير دينيس غرنيهيل: قال في الحقيقة وبوضوح ان تحقيق الاسرائيليين نصراً كبيراً سيكون بمثابة الكارثة. رئيس الوزراء: اعرب عن موافقته التامة على ذلك.
* تصدير السلاح للاردن 2 ـ غور ـ بوث: سأل ما اذا كان حظر الاسلحة يجب ان يشمل الاردنيين الآن باعتبارهم اعلنوا انهم سيرسلون لواء الى سورية. اللورد بالنيل: قال ينبغي ان نعامل الاردنيين بنفس الطريقة التي نعامل بها الباقين وان نوقف تصدير السلاح اليهم. رئيس الوزراء: وافق. وقال انه لا يرى مبرراً لقيامنا بوقف صادرات السلاح الى الامارات العربية المتحدة.
* قوة حفظ سلام دولية 3 ـ بارسونز: قال انه من المحتمل ان يطلب منا لتوفير قوات للمشاركة في قوة حفظ سلام دولية. وسنحتاج عندها الى وحدة عاملة قد تكون بقوة لواء وليس فقط بضعة مراقبين.
رئيس الوزراء: رأى ان بوسعنا سحب بعض قواتنا من قبرص: ومن الممكن استبدالهم بآخرين. وسنسحب ايضاً كتيبتين من ايرلندا في نوفمبر. بارسونز: قال اذا كانت هناك ضمانات دولية فان من الضروري وجود عنصر بريطاني. وقد اعلنا سلفاً اننا مستعدون للقيام بذلك. رئيس الوزراء: وافق على ذلك.
وفي اعقاب الاجتماع اجرى وزير الخارجية مكالمة هاتفية مع الدكتور كيسنجر فيما يلي نصها.
نص مكالمة بين وزير الخارجية والدكتور كيسنجر في ا لساعة الثامنة من مساء السبت 13 اكتوبر 1973 .
* وزير الخارجية:
* وزير الخارجية: لقد ناقشنا مراراً اقتراحاتك مع رئيس الوزراء ولا نعتقد ان الوقت مناسب لهذه المبادرة، ولا نظن ان بوسعنا اخذها الآن، مع اننا سنرى خلال الايام القليلة المقبلة اذا كان لدينا اي اقتراح آخر. وبشأن حديثنا مع السادات، فقد ذهبالى حد القول بانه يشعر بقوة انه سيطلب استعمال حق النقض الصيني اذا اقترح اي كان شيئاً من هذا القبيل، ولذلك فلن تسنح الفرصة ابداً للروس لاجباره على ذلك (قبول الاقتراحات).
اذا كنت تعتقد بان هذا سيكون له بعض الخط فيما لو امتنعتم عن التصويت انتم والاتحاد السوفياتي، فاننا سنبذل قصارى جهدنا بالطبع. واذا اردت ان يقوم الاوستراليون بالمهمة فاننا سنفعل ما بوسعنا.
كسنجر: امممممم دعني اجربك مرة اخرى اذا اردنا ان نحيي الفكرة ثانية في وقت لاحق. اذا كان لدينا اي افكار اخرى سنتصل بكم.
وزير الخارجية: سيكون من المستحيل بالنسبة لنا ان نؤيد وقفا واضحاً وبسيطاً لاطلاق النار. السادات سيرفضه بشدة. لقد ابلغ الروس بانه سيفعل. كسنجر: ام م م م وزير الخارجية: ما كنتاير في وضع جيد لتقييم الحالة اذا اردت ان يتابع الاستراليون المسألة. لكننا في الحقيقة لا نعتقد ان له حظاً بالحصول على تأييد في مجلس الامن، او تأييد كاف. هل تشعر بالقلق حيال التأثير العام لحالة الانفراج في التوتر على الروس؟
كيسنجر: هذا اعتبار ثانوي (الغاية منه عدم جعلنا) في حاجة الى مؤن جديدة هائلة قريباً فعندها سنبدد مخزوننا وسنعاني جميعاً.
وزير الخارجية: اهلا.هذا افضل. ثمة شيء او شيئين آخرين قبل ان تبدأ. الفرنسيون خرجوا بانطباعنا نفسه عن السادات، ونعتقد باعتبار ان علاقاتنا مع السادات ما هي عليه فانه كان سيعطينا اشارة لو ان هناك اي بارقة امل.
كيسنجر: حالة الانفراج في التوتر ليس نهاية بحد ذاتها واعتقد ان التطورات ستمضي الآن باتجاه الصراع.
وزير الخارجية: اليس بوسعك ان ترتب ذلك مع الروس؟
كيسنجر: سنرى. سنحاول ذلك.
وزير الخارجية: لا تردد في محاولة ذلك مع الاستراليين، اذا كنت تعتقد ان الامر يستحق الطرح.
كسنجر: لا أعتقد ان هذا يستحق الطرح.
وزير الخارجية: دعني ابقى على اتصال غداً. يتبع ....... م
|
|