كتب اللواء الركن/دكتورعمـر النور أحمـد
كانت هذه العملية والتي استهدفت الهجوم على معسكر الخوارج بجبل ديتو ضمن سلسلة عمليات خطة الظافر التي وضعتها القيادة الجنوبية في أواخر عام 1966م في صورة برنامج زمني لضرب معسكرات الخوارج في أنحاء الجنوب بعد أن اشتد نشاط هذه المعسكرات خلال عام 1966م . وضعت هذه الخطة على مرحلتين تفاصيلهما كالآتي :
استهدفت هذه الخطة بجانب ضرب المعسكرات إصلاح الطرق وصيانة الكباري وتجنيد حرس السلاطين واستغلاله في العمليات وفتح نقاط الجيش والبوليس التي سبق سحبها ، وقد عززت القوات من الشمال لتنفيذ هذه الخطة .
سبقت عملية الريشة الخضراء في سلسلة عمليات خطة الظافر عملية مشتركة بين القوات السودانية والقوات الأوغندية أخذت الاسم الكودي جامبو Gampo . بدأت مرحلتها الأولى في 22/1/1967م وانتهت مرحلتها الثانية في 21/2/1967م واستهدفت معسكرات الخوارج على الحدود السودانية الأوغندية وأدت أهدافها .
عملية الريشة الخضراء
لو كانت لعملية الجامبو المشتركة الفضل في دك معاقل الانيانيا على الحدود الأوغندية السودانية وإجبارها على التشتت في الدول المجاورة الأخرى وبالتالي فقدان سيطرتها على مدخل دعمها الرئيسي أوغندا فان لعملية الريشة الخضراء الفضل في طعن الانيانيا في قلب محور ازدهارها داخل السودان متمثلاً في قلعتها المنيعة ( ديتو Deto ) حتى نقف على مناعة هذا الحصن نستعرض ما جمعته المخابرات عنه قبل نهايته .
يقع معسكر ديتو فوق قمة جبل ديتو إحداثي ( 23070416) بسلسلة جبال الديكتونا بشرق الاستوائية ، تمتد هذه السلسلة مسافة 13 ميلاً من الشرق للغرب ، المنطقة المحيطة بجبل ديتو صخرية وصعبة المسالك تتخللها خيران وتكسوها الأشجار الكثيفة .
يعتبر معسكر ديتو مقراً للرئاسة التكتيكية والإدارية لقوات الانيانيا وبه رئاسة جبهة أزانيا ( الجهاز السياسي ) بالداخل وقيادة الضفة الشرقية للاستوائية ، كمية الأسلحة بهذا المعسكر حسب رواية أسير قبض عليه قبل بداية العملية 24 بندقية اتوماتيكية صينية ج3, ثلاثة مدافع فيكرز ، 40 بندقية ارملايت ، 30 مدفع استيرلنغ واحد صندوق قنابل للبندقية ج4 سبعة بنادق أبو عشرة وجوال ذخيرة لها.
وحسب رواية الأسير إن القادة به هم جوزيف لاقو وموبتك . سبق لهذا المعسكر أن صد هجوماً بقوة كبيرة عليه وكبدها خسائر كبيرة بتاريخ 25/5/1966م وكانت هذه أول مرة تستطيع فيه الانيانيا صد هجوم مدبر لقوات الحكومة مما كان له الأثر الكبير على معنوياتها لإبراز أهمية العملية الدفاعية هذه للانيانيا نذكر إن قوات الحكومة التي اشتركت في الهجوم ثلاثة سرايا مشاة ، جماعة مهندسين ، فصيل سلاح خدمة ، جماعة طبي وعربة إشارة ، يوضح موقف هذه القوات ساعة الهجوم إشارة قائد العملية التي جاء فيها ( خسائر بالغة في الأرواح والجرحى ولا نستطيع حصرها ، القوة تحاول الانسحاب الآن ، نيران الخوارج كثيفة ، الموقف يستدعى سرعة التعزيز ) وقد بلغت خسائر القوات في هذه العملية ستة شهداء وأربعة وثلاثون جريحاً بينهم ضابط .
هذا هو معسكر ديتو الذي وجهت نحوه عملية الريشة الخضراء ، مناعة وحصانة للموقع ، صعوبة ووعورة للأرض حوله ، امتداد سلسلة جبال الديكتونا حيث جبل ديتو يمكن من تعديل وتغيير مواقع القوة به وسهولة الانسحاب المستتر إذا دعي الحال
قاد عملية الريشة الخضراء قائد حامية توريت العقيد الركن جعفر محمد نميري واشتركت فيها القوات الآتية :
خمس سرايا من الكتائب 1/2/3 قيادة شرقية .
سرية مظلات بقيادة الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم .
بطارية مدفعية ميدان ( 2 فصيلة مورتر 120 وجماعة 105 مم )
عنصر مدرعات ( 5 عربات صلاح الدين و2 كوماندو و2 فرد )
فصيل مهندسين ووحدة إسعاف وعربة إشارة .
بدأت العملية في 19/4/1967م سعت 1700 وانتهت يوم 24/4/1967م ، خطة الهجوم كانت الهجوم المباشر على المعسكر بعد قفل مسالك الانسحاب والتسرب منه والتمهيد النيراني للهجوم ، بدأت العملية بالتمهيد النيراني بواسطة المدفعية لتقدم القوات فجر 20/4/1967م بالهجوم على المعسكر .
تعرضت القوات لنيران شديدة ومؤثرة من المعسكر وأظهرت شجاعة فائقة وتحملاً وصبراً عظيمين لفترة يومين تواصل خلالهما القتال ليلاً ونهاراً إلى أن تمكنت فصيلتان من الوصول لقمة الجبل بعد عناد شديد من الجانب الأيمن ، حيث تمكنا من فك الحصار الناري المفروض على القوات من الشمال فتقدمت القوة وهرب المدافعون لتحتل القوة موقع المعسكر يوم 24/4/1967م وتنتهي أسطورة معسكر ديتو المنيع من الآثار الايجابية لهذه العملية أنها أكملت إعادة المبادأة للقوات ورفعت من معنوياتها وزعزعت الانيانيا وأطاحت بثقة الأهالي فيها بعد اندحارها من اقوى استولت القوات في هذه العملية 14 بندقية صينية بجانب بندقية أخرى احرقها الخوارج عند انسحابهم مع المستودعات الرئيسية لتعييناتهم ومزارع شاسعة للذرة ، كانت خسائر الخوارج عشرة قتلى واثنين جرحى وثلاثة أسرى غير ما تمكن من الانسحاب نم الجرحى ، واحتسبت قوات الريشة الخضراء واحد شهيد وستة جرحى اغلبهم من الانزلاقات أثناء تسلق الجبل .
تصور هذه العملية كفاءة القيادة والكفاءة القتالية لمنفذيها إذ أنهم اصطدموا بالصخر فألانوه وطوعوا المستحيل في نظر تكافؤ الفرص للجانبين .
المصدر