أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: معركة شيكان 1883 الخميس 13 أبريل 2017 - 6:28
قررت الحكومة البريطانية تجميع فلول جيش عرابي للتحرك إلي السودان والقضاء علي الدولة المهدية وكان القيادة مشتركة مصرية بقيادة علاء الدين باشا وسليمان باشا وبريطانية بقيادة هكس باشا وفي يوم 27/9/1883م تحركت القوات المشتركة حتى وصلت الخرطوم ومنها إلي كردفان ( الأبيض ) . ومن جهة أخرى فقد اتخذ المهدي ترتيبات تشتمل علي وضع العراقل في الطريق وتكوين فرق لإزعاج القوات البريطانية مسلحين بالأسلحة النارية بقيادة محمد عثمان أبو قرجة وأمر أيضاً بترحيل القبائل التي تقع في طريق الحمرة وردم الآبار وشحت الموارد وانهارت المعنويات وساءت أحوال الجيش وكانت هذه مقدمة الهزيمة . استدرج الأنصار القوات البريطانية إلي غابة شيكان وعند وصول القوات البريطانية الي الغابة التي كان القوات المهدية يتمركزون فيها في خنادق فوق الأشجار ووسط الحشائش في شكل فخ وفي 5/11/1883م كانت المعركة واظهر الأنصار القدرة العسكرية والقيادية وتمكنوا من اغتنام الكثير من الأسلحة وتمكنوا بعد ذلك من فتح دارفور وبحر الغزال
موضوع: موقعة شيكان شيكان التاريخية بعيون مؤرخين غربيين معاصرين الخميس 13 أبريل 2017 - 6:32
موقعة شيكان شيكان التاريخية بعيون مؤرخين غربيين معاصرين
عندما اشتد ساعد الثورة المهدية وتوالت انتصاراتها في كردفان .. قرر الخديوي توفيق بمساعدة حكومة بريطانيا ارسل جيشاً جراراً لقمع الثورة المهدية في العام 1883 .. بقيادة الجنرال البريطاني الشهير وليام هكس والذي خدم جيش بلاده في عدد من بقاع الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس.. ونجح نجاحا ساحقا في قمع ثورات محلية في تلك الأماكن .. فمن هكس وكيف كان جيشه ؟ وما ذا قالت الوثائق وكتابات المؤرخينن المعاصرين عنه وعن قادته وعن عدوه قائد الثورة المهدية وعن وقادتها.
يتحدث البريطاني فيرغس نكول صاحب كتاب ( مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون) .. واصفا الجنرال هكس : ( كان ضابطا بريطانيا مميزا وكان في الثالثة والخمسين من العمر عند تكليفه بقيادة الحملة .. مديد القامة .. حسن المظهر والتقاطيع .. وعلي وجهه آثار صرامة واضحة وذقن بارز واشيب الشعيرات ..وقد تم اختياره لهذه المهمة بعناية فائقة و تفضيلا علي الجنرال فالنتاين بيكر عطفا علي انضباطه وسمعته الحسنة بالمقارنة مع الأخير " والمفارقة ان فالنتاين بيكر نفسه لقي حتفه علي يد عثمان دقنة في سنوات لاحقة بشرق السودان" .. كما وصفه اللورد دوفرين المقرب جداً من ملكة بريطانيا بالرجل الشجاع و و ذي العقلية العبقرية كخيار أكثر من ممتاز لقمع الثورة المهدية.. كتب هكس في بداية تكوين حملة جيشه من القاهرة الي زوجته صوفيا هكس ببريطانيا في العام 1883 قائلا ..لقد كان الخديو توفيق سخيا معي حينما أعطاني حافزا شخصيا بلغ عشرة الآلاف جنيها أسترلينيا وأعقب ذلك لقائي المغلق بالسير ايفلين وود واللورد دوفرين واللورد ادورد لتوفير الغطاء السياسي للحملة وخرجت من اجتماعي بهم بقناعة كبيرة ان بعض الرجال يولدون عظماء وبعضهم ينتزعها بأعماله في الحياة ولكني اعتقد أنني سابقي عظيما طوال حياتي .. مشيرا الي حتمية انتصاره علي الثورة السودانية الوليدة !
أما عن تكوين جيش حملة هكس فقد ورد المؤرخ الوطني الاستاذ عبد المحمود ابو شامة في سفره القيم ( من أبا الي تسلهاي ) .. معلومات مهمة ..الهرم القيادي للحملة تكون من الجنرال هكس باشا قائدا للحملة .. علاء الدين باشا حكمدار عام السودان نائبا للقائد .. الكولونيل فركهار ئيسا للأركان والضابط البريطاني هرلث رئيساً للاستخبارات والدكتور جورج حكيم قائدا للسلاح الطبي .. أما الجنود فكانوا خليطا من الأتراك والالبان والشركس والمصريين من بقايا جيش عرابي ومجموعات أوربية مقدرة وبلغ تعداد الجيش 15000 جنديا بالتمام والكمال .. وكما أشار فيرغس نكول الي تواجد الصحفيين فرانك باور مراسل جريدة ( لندن تايمز)..وفرانك فيزتلي مراسل جريدة( لندن نيوز)..كأذرع إعلامية للحملة لحشد تأييد الرأي العام البريطاني ..
أما عن المهدي نفسه كقائد لثورة السودانيين فقد كتب البروف والمؤرخ البريطاني فيرغس نيكول .. محمد احمد المهدي يتحدر من عبدالله ابن فحل صاحب حرفة صناعة المواكب بأحدي القري الصغيرة بشمال السودان.. تمكن من قيادة ثورة سودانية طردت المحتلين وهزت أركان الحكومات في لندن والاستانة وباريس .. لقد قدر لهذا الرجل ان يكون الرمز الوطني الأكثر تأثيراً في تاريخ السودان الحديث .. في شيكان 1883 كان محمد احمد ذو ال39 ربيعا فقط ..أباً لامة سودانية جديدة .. رأي فيه السودانيون قائدا متسامحا ورمزا روحيا لتحقيق العدالة الغائبة بينهم وشخصية ذات حضور كاريزمي هائل و رؤي اصلاحية مجتمعية.
بدأ جيش هكس تقدمه نحو المهدي في كردفان من شات بالنيل الأبيض في 27 سبتمبر 1883 ومنها ارسل هكس خطابا متوعدا لكل زعماء القبائل بالمنطقة يعبر عن صلف انجليزي بالغ مطالبا إياهم بالتسليم وعدم الانضمام للمهدي وإلا فأنهم سيدمرون معه ومع جيشه ! وشاعت الرواية الشعبية المتداولة آنذاك المروية عن هكس ومدي صلفه وغروره..والتي أوردها الاستاذ ابوشامة بان جيشه كان قادرا علي دك الأرض باحذيته ورفع السماء بسناكي البنادق ! .. في الجانب الآخر وتحديدا في معسكر الثورة المهدية ذكر فيرغس نكول ان المعلومات الاستخباراتية عن حملة كتشنر كانت كلها امام المهدي في الأبيض منذ يوليو 1883 بفضل جهاز الاستخبارات المهدوي بقيادة الأمير حمدان ابوعنجة والأمير ابوقرجة .. فاستدعي المهدي الخلفاء والأمراء لمجلس حرب تشاوري منذ سبتمبر 1883.. كانت خطته العسكرية تبدو بسيطة ولكنها محكمة.. اصدر المهدي أوامره باستدراج جيش كتشنر لفخ نصبه ببراعة في سهول كردفان الفسيحة علي ان يتم حرمان جيش الحملة من الإمداد تماماً .. كما وجه الأمراء ابوقرجة وعبدالحليم مساعد( جد الاستاذ محمد احمد المحجوب لامه) والأمير عمر إلياس باشا أم برير وحمدان ابوعنجة بمهام محددة .. كانت مهمة هؤلاء حسب توجيهات محمد احمد المهدي الصارمة.. إقلاق منام الحملة ليلا بالاشتباكات السريعة الخاطفة دون الدخول معها في مواجهات مباشرة .. ضرب كل الخارجين عن التشكيل الانجليزي للمربع العسكري..و دفن الآبار ..أكبر عدد من الآبار في طريق الحملة.. لانهاك الغزاة علي طول الطريق وتحطيم روحهم المعنوية ... في يوم 29 سبتمبر 1883 اصدر المهدي أوامره لجيش الأنصار بنقل معسكره خارج أسوار مدينة الأبيض وتم تكثيف أعمال التدريب العسكري اليومي استعداد لمواجهة حملة هكس .. وادت الدعاية الإعلامية الناجحة للثورة الوليدة لتوافد القبائل بالآلاف لمناصرة المهدي والذي حث علي تعضيد الإعداد الروحي للجيش من خلال الأذكار والصلوات ... كما كان لحادثة هروب الألماني جوستاف كلوتز من معسكر هكس لمعسكر الأنصار أثرا كبيرا في رفع معنويات جيش الثوار عندما نقل لهم معنويات الحملة المنهارة بسبب مناوشات ابوعنجة وأبو قرجة المزعجة وان حذر من قوة سلاح الغزاة الناري .. فرد عليه الامير احمد ود سليمان امير بيت المال من امام الجموع بصيحة شهيرة ..نحن لا نخشي الموت امام نيران العدو .. الموت غايتنا .. (Death will be our reward) .. كما أوردها فيرغس نيكول .. بينما أوكل المهدي للخليفة عبدالله مهمة تقدير السلاح الناري للعدو والاستفادة من إفادات كلوتز لتقدير القوة الحقيقية لحملة هكس !
ويتفق كل من فيرغس نكول وابوشامة في سرد التفاصيل الاتية..خرج الامام المهدي علي قيادة الجيش من مدينة الأبيض. . في الأول من نوفمبر تاركا الامير عبدالله ود جبارة حاكما للمدينة خلفه قاصدا شيكان والتي تقرر أنها ستكون ارض المواجهة الحاسمة مع الغزاة ووصل منهل المصارين قبل جيش هكس وبعد عقد مجلس شوري أخير بحضور الخلفاء وكبار الأمراء في 4 نوفمبر.. تقرر أحكام الكمين لحملة هكس في ارض شيكان حيث سيختبئ رجال ابوعنجة تحت أشجار غابة شيكان .. بينما كانت مهمة الامير ابوقرجة مواصلة عمله في مطاردة جيش هكس من الخلف .. من خلال الاشتباكات الخاطفة .. لدفعه دفعا الي شيكان حيث الكمين القاتل ! وفي يوم 5 نوفمبر 1883 .. صلي المهدي بالجيش صلاة الصبح وخاطب الجموع قائلا .. من تأخر منكم ليصلح نعله لن يدرك الترك أحياء ... واوصاهم بترديد دعاء الحرب ثلاثا وانصرف الامراء براياتهم للارتكاز في مواقعهم المرسومة حسب الخطة .. وصلت الحملة الغازية الي قدرها المحتوم بشيكان في حوالي التاسعة صباحا .. فكانت كالفريسة في الفخ ! قوات الامير ابوقرجة تطاردها من الخلف فلم يتذوق جنود هكس بسبب ذلك طعما للنوم لأيام متتابعات .. بينما الراية الزرقاء بقيادة الخليفة عبدالله والأمير يعقوب كمنت في ميسرة الجيش في حالة ارتكاز واستعداد للهجوم وأحكمت الراية الخضراء بقيادة الامير موسي ود حلو حصار ميمنة حملة هكس .. الراية الحمراء بقيادة الامير عبدالرحمن النجومي كانت تسد منفذا ضيقا بجوار غابة شيكان وحينما وصل هكس بجنوده الي المصيدة .. ارسل طلائع الاستكشاف نحو غابة شيكان حيث كان يختبئ رجال حمدان ابوعنجة فأبيدت طليعة الاستكشاف بأكملها .. عند شجرة البروجي الشهيرة ..ليسقط جيش هكس بمربعاته الثلاثة بين كماشة هجوم رايات جيش المهدية الثلاثة .. أبيد الجيش عن آخره في معركة لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة .. وسقط هكس قتيلا ومعه أركان حربه وخيرة ضباطه .. وبقي عددا قليلا من جنوده ليحكي قصة إبادة جحافل الغزاة علي رمال كردفان الغرة واستشهد من جيش الثورة السودانية قرابة ال 200 شهيداً .. وبذلك تنتهي محاولة بريطانية مصرية أخري للقضاء علي الثورة المهدية بالفشل الذريع في تحقيق أهدافها !
وعن الصدي الدولي لانتصارات الثورة المهدية بعد شيكان .. يشير البروفيسور والمؤرخ الروسي سيرجي سمرنوف في مؤلفه القيم ( المهدية من وجهة نظر مؤرخ سوفيتي) .. يشير ..الي ان إرهاصات فشل حملة هكس قد أفزعت الحكومة البريطانية فكتب اللورد كرومر عند تعيينه قنصلا لبريطانيا في مصر تقريرا في نوفمبر 1883 .. جاء فيه .. ( أضحت الأوضاع بالسودان خطيرة تماماً .. فنحن لم نسمع شيئا عن حملة هكس منذ 27 سبتمبر).. وأشار في التقرير الي ان هزيمة هكس تعني ضياع السودان كله .. وتبعا لذلك تبني اللورد غرانفيل وزير الخارجية البريطاني آنذاك الدعوة للانسحاب وعدم التورط بالمزيد من القوات لمحاربة المهدية من خلال البرلمان البريطاني والذي شهد مداولات ساخنة بين النواب آنذاك في كيفية التعامل مع المهدية وخصوصا مع بروز فكرة إرسال غردون للسودان بعد هزيمة هكس .. ويعتقد سمرنوف ان بريطانيا كانت تحاول ان تجعل من هزائمها امام المهدية نصرا لها عن طريق المناورات الدبلوماسية .. ويخلص المؤرخ الروسي الشهير الي ان اهم النتائج المترتبة علي هزيمة حملة هكس ( استوعب الامبرياليون البريطانيون الدرس من هزيمة حملة هكس ..فلم يأبهوا بالتفكير في الدخول في معارك أخري مع قوات الثورة المهدية ) .. وأشار الي ان إيطاليا كان هي الدولة الوحيدة التي أبدت مشاعر ودية تجاه ما حدث لجنرالات بريطانيا من إهانة في السودان .. بينما كان التوتر علي أشده بين روسيا وفرنسا وألمانيا من ناحية ومن بريطانيا أخري . مما تقدم ذكره .. يتضحا جلياً ان شيكان كانت ملحمة تاريخية سودانية خالدة ومقبرة للغزاة الباغين .. بشهادة المؤرخين الغربيين المعاصرين ممن حركتهم غريزة البحث العلمي والتقصي المحايد .. فحق لنا نحن اهل السودان ان نحتفي بها وان نعمل علي استلهام معانيها من اجل سودان الحاضر .