السلام عليكم والمبالغ التي أُنفقت على تسليح الجيوش العربية خيالية بكل المقاييس، فقد ذكر موقع سويسرا الإخباري:
إن صفقات السلاح الضخمة تقوم دول الخليج كل فترة بإبرام تعاقدات خاصة بها، وآخرها صفقة سلاح أميركية سيبلغ حجمها حوالى 20 مليار دولار. ونفقات دفاع الدول العربية في الخليج تمثل 67% من إجمالي النفقات العسكرية بالمنطقة. ونفقات الدفاع السعودية وحدها تمثل حوالى 40% منها. فقد تم الإعلان مرة واحدة عن صفقات تسليحية، سيتم تقديمها لدولها الرئيسية، بقيمة تصل إلى 68 مليار دولار خلال السنوات القادمة.
وقد ذكر موقع تقرير واشنطن للكاتب محمد فايز فرحات أن مركز خدمة بحوث الكونغرس Service Congressional research أصدر مؤخراً تقريراً هاماً عن بيع الأسلحة التقليدية إلى الدول النامية خلال الفترة (1998 -2005م) وأظهر التقرير أن الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط هي أكبر مستورد للسلاح في العالم.
فقد استوعب إقليم الشرق الأوسط نحو 45.8% من إجمالي قيمة تعاقدات نقل الأسلحة إلى الدول النامية خلال الفترة (1998-2001م) مقابل نحو 39% لآسيا، 11% لأفريقيا، 4.4% لأميركا. ويعد إقليم الشرق الأوسط السوق الأول لكل من الولايات المتحدة، والسوق الثاني لروسيا، إذ استوعب نحو 73.8% من إجمالي قيمة التعاقدات الأميركية لنقل الأسلحة التقليدية مع العالم الخارجي خلال الفترة (1998- 2001م).
ومن بين الدول النامية العشر الأكبر من حيث قيمة التعاقدات الخارجية لشراء الأسلحة التقليدية خلال الفترة (1998- 2005م) احتلت الإمارات العربية المتحدة الترتيب الثاني (17.6 بليون دولار) بعد الهند (20.7 بليون دولار)، وجاءت المملكة العربية السعودية في الترتيب الرابع (14.6 بليون دولار)، وجاءت مصر في الترتيب الخامس (13.6 بليون دولار)، وجاءت (إسرائيل) في الترتيب السادس (9.5 بليون دولار).
ورغم كل هذه الصفقات فإن الدول في العالم الإسلامي تسارع للاستنجاد بالدول الكبرى طالبة منها العون. وهنا يأتي السؤال: لمن ولماذا تعد الجيوش الجرارة وتنشأ الكليات الحربية وتعقد الدورات العسكرية؟ إن مهمة الجيوش العربية أو غالبيتها العظمى على ما يبدو تنحصر في حماية الأنظمة الحاكمة والمشاركة في الاستعراضات العسكرية في الاحتفالات الوطنية.
وتعمد الشركات والدول الغربية إلى إثارة النـزاع والصراع الوهمي والضغط على الحكومات في العالم الإسلامي كالسعودية لاستيراد الأسلحة غالباً عبر الرشوات السياسية والعمولات الضخمة، وغالباً ما يرافق مثل هذه الصفقات أيضاً تسويات سياسية كما حدث مع صفقة الأسلحة الضخمة جداً التي تدعى "صفقة اليمامة" والتي زُودت السعودية بموجبها طائرات مقاتلة من طراز متطور "طائرات التورنادو" مع الصيانة والتشغيل (حيث لا أحد في السعودية يمكنه صيانتها أو حتى استخدامها) وبلغت قيمتها النهائية أكثر من عشرين مليار دولار.
وقد أنفقت الدول العربية عام 1997م 35.7 مليار دولار وكذلك منذ عام 2003م إلى يومنا هذا بلغت نفقات التسلح في دول الخليج ما يُقارب من 15 بليون دولار.
ومما يذكر -حول صفقات السلاح- أن (دول مجلس التعاون الخليجي الست) السعودية، الكويت، قطر، البحرين، سلطنة عمان، الإمارات العربية المتحدة، أنفقت منذ حرب الخليج 1991م وحتى عام 2001م أكثر من ستين مليار دولار للتسلح، وقد تم ربط جيوش هذه الدول في فبراير 2001م في هذه الصفقات للمرة الأولى بنظام الإنذار المبكر. [المصدر: مجلة النصر العسكرية المصرية/ العدد 724 إبريل 2001م]. كما نذكر صفقة طائرات الفانتوم التي وقعتها دول الإمارات العربية مع الولايات المتحدة الأميركية، وقد جاء التوقيع على هامش معرض "ترايدكس -2000" للأسلحة بقيمة قدرها (6.4) مليار دولار. كما ستحصل الإمارات أيضاً على ذخيرة وصواريخ لهذه الطائرات بقيمة إضافية قدرها (1.3) مليار دولار!! [المصدر: جريدة الشعب] كما وقعت الكويت (نهاية عام 2002م) صفقة أسلحة أميركية تصل قيمتها إلى ملياري دولار تشتري الكويت بمقتضاها 16 طائرة من طراز أباتشي بدأ تسليمها في عام 2005م وصواريخ جو أرض ومحركات من طرازات مختلفة [المصدر: رويترز + الجزيرة نت بتاريخ 30/08/2002م] وكذلك أعلنت واشنطن مؤخراً (عام 2002م) عن صفقة أسلحة أميركية جديدة لمصر تبلغ قيمتها 400 مليون دولار... [المصدر: الحادث الصاعقة.. 11 سبتمبر.. قبل وبعد"، محمد عبد المنعم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة ص: 158].
لقد صرفت آلاف الملايين من الدولارات في الخمسين سنة الماضية على استيراد الأسلحة، لقد تقادمت كل الأسلحة ودفنت تحت الرمال أو وضعت في المتاحف، ولم تستخدم لا في تحرير فلسطين ولا غيرها بل كانت تستخدم في قمع الناس وإذلالهم.
وبالرغم من كل ذلك فإن سياسة التسليح مازالت مستمرة دون أن تكون هناك سياسة تسليحية واضحة، ودون أن يكون هناك مشروع حقيقي لإنتاج السلاح في عالمنا الإسلامي، وخصوصاً بعد أن وضع الغرب الكافر حكاماً عملاء له وخطوطاً حمراء على صناعة الأسلحة. والمسموح هو الاستيراد فقط من المصانع العسكرية الأميركية والأوروبية والروسية، والسلاح المسموح باستيراده هو سلاح غير فعال تماماً.
إن صفقات التسلح التي تتم للدول العربية يشوبها الريبة والغموض عند الإعلان عنها ويتم ذلك تحت سرية شديدة، والمعلن عنه يكون من أجل توازن القوى في المنطقة.
إن قادة الجيوش تجدهم مرصعين بالنياشين فتحسبهم حين تراها عليهم أنهم على مرمى حجر من فتح القدس، ولكن تلك النياشين أخذوها لدعمهم للحكام الذين عينوهم في هذه المناصب.
ثم إن المؤسسة العسكرية تحولت إلى وكر للمقاولات، ولتهريب الأموال إلى الخارج، ولعقد الصفقات المشبوهة التي تتم من خلال تجار السلاح الذين يعقدون الصفقات المشبوهة والملتوية وبواسطة شركات وهمية وتحت معرفة وغطاء ومباركة الدول المنتجة للأسلحة.
ورغم كل صفقات السلاح الفاسد، إلا أن أمة الإسلام تستطيع تحرير كل أرض الإسلام لو كان هناك جدية للعمل وصدق النوايا لامتلاكها العقيدة الكفاحية وحب الاستشهاد وعدم التردد عند مقابلة الأعداء.
فأين شعوب هذه الأمة؟.. وأين عقول ساستها؟.. وأين علماؤها الذين لم ينطقوا ولو بكلمة واحدة تشير إلى تآمر الأنظمة الحاكمة مع الغرب في العمل الدؤوب على محو الإسلام من الوجود...
أما في الدولة الإسلامية، فإن الجهاد والقتال يحتاج إلى الجيش، والجيش حتى يستطيع أن يقاتل لابد له من سلاح. والسلاح حتى يتوفر للجيش توفراً تاماً على أعلى مستوى لابدّ له من صناعة داخل الدولة. وبخاصة الصناعة الحربية لعلاقتها القوية بالجهاد.
والدولة الإسلامية حتى تكون مالكة زمام أمرها، بعيدة عن تأثير غيرها فيها، لابد من أن تقوم هي بصناعة سلاحها، وتطويره بنفسها، حتى تكون باستمرار سيدة نفسها، ومالكة لأحدث الأسلحة وأقواها، مهما تقدمت الأسلحة وتطورت، وحتى يكون تحت تصرفها كل ما تحتاج إليه من سلاح، لإرهاب كل عدو ظاهر لها، وكل عدو محتمل. ولهذا يجب على الدولة الإسلامية أن تقوم بصناعة أسلحتها بنفسها، ولا يجوز أن تعتمد على شرائه من الدول الأخرى، لأن ذلك سيجعل الدول الأخرى متحكمة بها وبمشيئتها، وبسلاحها، وبحربها، وقتالها. وبذلك ترهن نفسها، ومشيئتها، وحربها، وكيانها، للدولة التي تصدر إليها السلاح وهذا حرام شرعاً. : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء 141].
لذلك كله يجب أن تقوم الدولة الإسلامية بنفسها بصنع سلاحها، وكل ما تحتاج إليه من آلة الحرب، ومن قطع الغيار. وهذا لا يتأتى لها إلا إذا تبنت الصناعة الثقيلة، وأخذت تنتج أولاً المصانع التي تنتج الصناعات الثقيلة، الحربية منها وغير الحربية. ويجب أن يكون لديها مصانع لإنتاج الآلات، والمحركات، والمواد، والصناعة الإلكترونية، كذلك المصانع التي لها علاقة بالملكية العامة، والمصانع الخفيفة التي لها علاقة بالصناعات الحربية. كل ذلك يقتضيه وجوب الإعداد المفروض على المسلمين بقوله: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال 60].
وبما أن الدولة الإسلامية دولة حاملة للدعوة الإسلامية، بطريقة الدعوة والجهاد، فإنها ستكون دولة دائمة الاستعداد للقيام بالجهاد، وهذا يقتضي أن تكون الصناعة فيها، ثقيلة أو خفيفة، مبنية على أساس السياسة الحربية، حتى إذا ما احتاجت إلى تحويلها إلى مصانع تنتج الصناعة الحربية بأنواعها سهل عليها ذلك في أي وقت تريد، ولذلك يجب أن تُبنى الصناعة كلها في دولة الخلافة على أساس السياسة الحربية، وأن تُبنى جميع المصانع، سواء التي تنتج الصناعات الثقيلة، أو التي تنتج الصناعات الخفيفة، على أساس هذه السياسة، ليسهل تحويل إنتاجها إلى الإنتاج الحربي في أي وقت تحتاج الدولة الإسلامية -دولة الخلافة- إلى ذلك.