تم في 18 ديسمبر 2004م إطلاق الصاروخ الأوروبي (آريان 5) إلى الفضاء في رحلته رقم (165) وهو يحمل قمراً اصطناعياً فرنسياً كبيراً، إضافة إلى ستة أقمار صغيرة. والقمر الجديد هو القمر الاصطناعي العسكري الفرنسي للاستطلاع Helios-2A، والذي تم تطويره من قِبَل المركز الوطني لأبحاث الفضاء الفرنسي CNES، وتم صنعه من قِبَل شركة EADS كمقاول رئيس بمساهمة شركة ألكاتيل الفرنسية، وعدد من الشركات الإيطالية والأسبانية كمقاولين من الباطن.
بعد ساعة و 45 ثانية انفصل بنجاح القمر الاصطناعي الفرنسي (هيليوز 2 أ) من قمة صاروخ آريان ليدخل مداراً قطبياً حول الأرض وعلى ارتفاع حوالي (700) كيلومتر. ويتيح هذا المدار التقاط صور دقيقة، بالإضافة إلى أنه مدار مستقر، نظراً لبعده عن الاحتكاك بجزئيات الغاز التي تؤدي إلى التأثير على مداره.
وبعد 7 دقائق من إطلاق القمر (هيليوز 2 أ) انفصلت من كبسولة صاروخ آريان أربعة أقمار اصطناعية فرنسية صغيرة من نوع ESSAM، وهي تمثل مشروعاً عسكرياً فرنسياً لاستشعار الإرسال الكهرومغناطيسي، كما انفصل كذلك القمر الاصطناعي الأسباني الصغير NANOSATY، وهو قمر أبحاث لاختبار أنظمة لاستشعار الأشعة الشمسية والمجال المغناطيسي.
وبعد دقيقة انفصل آخر الأقمار من كبسولة صاروخ آريان، وهو القمر الصغير Parasol، وهو قمر أبحاث علمية فرنسي لدراسة السحب والمواد الخفيفة الطيّارة في طبقات الجو العليا.
البدايات
ويعود برنامج هيليوز إلى بداية الثمانينيات، عندما أنشأت وزارة الدفاع الفرنسية مشروع سمي ب (سمارو)، ويدعو إلى إنشاء نظام فضائي للاستطلاع يغطي متطلبات الدفاع الفرنسية. وتلى ذلك مشروع (هيليوز 1) المكون من قمرين اصطناعيين، والذي شكّل تعاوناً بين إدارة الصواريخ والفضاء في وزارة الدفاع الفرنسية والجهات العسكرية الأخرى في الجيش الفرنسي، التي تساهم ب 79% من تكاليف المشروع، بينما ساهمت وزارة الدفاع الإيطالية بنسبة 14%، ووزارة الدفاع الأسبانية بالنسبة المتبقية، وهي 7%.
ويهدف المشروع إلى توفير مصدر مستقل لأوروبا لمعلومات الاستطلاع بدلاً من الاعتماد الكامل على المعلومات التي توفرها أقمار الاستطلاع الأمريكية عبر حلف شمال الأطلسي NATO.
ويمتاز مدار هذا القمر الاصطناعي بكونه متزامناً مع الشمس، أي أنه يمر فوق المنطقة المعنية في الظروف الضوئية نفسها، شأنه شأن أقمار الاستشعار عن بعد، لكنه يمسح شريطاً من الأرض أقل عرضاً من أقمار سبوت التي تمسح شريطين متوازيين بعرض (60) كيلومتراً.
ويتم الاستخدام والتحكُّم بالقمر الاصطناعي حسب مساهمة كل دولة، ويتم اختيار الأهداف للتصوير الدقيق من قِبَل لجنة من الدول الثلاث، ويقع مركز التحكم الأرضي لنظام هيليوزر في مركز تولوز الفضائي الفرنسي، بالإضافة إلى العديد من محطات استقبال المعلومات وتحليلها، ومنها ثلاث محطات موزعة على الدول الثلاث بواقع واحدة في كل دولة من الدول المساهمة.
ومن خلال التمييز العالي لهذا القمر الاصطناعي يمكن تمييز أجسام يقل طولها عن متر واحد من خلال صور هذا القمر الاصطناعي، وذلك عبر التصوير بالمدى المرئي، مقارنة بصور بتمييز 10 20 متراً اعتماداً على الحزم الطيفية بالنسبة لأقمار سبوت.
لكن هذا النظام لا يصل إلى مستوى أقمار الاستطلاع الأمريكية أو الروسية التي تمتاز بصور أكثر دقة، كما تستخدم عدداً من أقمار الاستطلاع الراداري التي يمكنها التقاط الصور في الليل أو عندما تحجب السماء بالغيوم، وأُطلق أول أقمار (هيليوز وهيليوز 1 أ) في 7 يوليو 1995م.
وتم تطوير الجيل الأول من أقمار هيليوز من قبل عدة شركات فرنسية، حيث تولّت شركة (EADS) العقد الرئيس لهذا القمر الاصطناعي، وقد استفادت من خبرتها في مجال تصنيعها الأقمار الاصطناعية الفرنسية للاستشعار عن بعد من نوع سبوت. وساهمت شركة (ألكاتيل) الفرنسية في التطوير لهذا النظام، من خلال تطويرها نظام إرسال المعلومات للقمر الاصطناعي والخلايا الشمسية من نوع (جي أس أر 3)، كما تولت تطوير الجهاز الرئيس في هذا القمر الاصطناعي وهو جهاز التصوير عالي الدقة وهو ب (4096) بكسل × (2048) خط بكسل.
أما القمر الثاني (هيليوز 1ب)، وهو الثاني الذي يتم إطلاقه ضمن برنامج (هيليوز 1) فقد أُطلق عام 1999م، وهو مشابه للقمر (هيليوز 1) عدا احتواء القمر الجديد على نظام تسجيل للمعلومات أكثر تقدماً، يعتمد بصورة كاملة على دوائر الذاكرة المصنوعة من أشباه الموصلات، بدلاً من جهاز التسجيل بالشريط المغناطيسي المستخدم في القمر السابق.
ويُذكر أن (هيليوز 1أ) قد التقط أكثر من (100) ألف صورة للعديد من المناطق المتوترة في العالم، وبخاصة خلال أزمة كوسوفو، وسمحت وزارة الدفاع الفرنسية بتبادل هذه الصور داخل المجموعة الأوروبية.