كشفت معلومات سرّية موثقة عن البحرية السوفيتية خلال الحرب الباردة، رفعت وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) عنها السرية، عن أن البيانات التي تضمنتها أخذت من مصادر عامة وقليلة الأهمية.
وتمّ جمع هذه الوثائق والبيانات السرّية، إما من مجلات سوفيتية متخصصة أو من عملاء سريين غير شرعيين، في ملف كبير حمل عنوان " البحرية السوفيتية- الاستطلاع والتحليل إبّان الحرب الباردة"، تضمن 82 وثيقة مؤلفة من أكثر من 2000 صفحة، تغطي الفترة ما بين العامين 1960 و1980.
ومن بين البيانات المنشورة - تقارير الاستخبارات الوطنية، وكذلك مقالات من مجلة "الفكر العسكري" السوفيتية، وقد ترجمت نصوصها إلى اللغة الإنكليزية.
وتستند معظم الوثائق المقدمة إلى بيانات حصلت عليها وكالة المخابرات المركزية من ضباط استطاعت تجنيدهم لصالحها داخل الجيش السوفياتي، منهم: العقيد أوليغ بينكوفسكي والمقدم بيتر بوبوف، اللذين خدما في دائرة الاستطلاع الخارجي. كما أن جزءا من الوثائق وقع في يد المخابرات الأمريكية من "مصادر غير مشروعة" لم تذكر أسماءها.
وتصف التقارير السرّية بناء غواصة نووية في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، وجهود موسكو بشأن الأسلحة النووية، أيضا مقتطف من كتيب الأميرال سيرغي غورشكوف بعنوان " تطور فنون البحرية السوفياتية". والكتاب يتحدث عن زيادة حادة في دور السفن العسكرية كأداة لتحقيق أهداف دبلوماسية، وتطور برنامج بناء الغواصات.
وعلى وجه الخصوص، ازداد وجود السفن الحربية السوفيتية في المياه الدولية، من العام 1965 إلى العام 1970 خمس مرات. حيث بدأت موسكو باستخدام أسطولها لـ "ضمان الرد العسكري على الأزمات العفوية".
وجاء في تعليق الاستخبارات الأمريكية على هذا، أن " العديد من التغييرات الهامة كان واضحا حتى للمراقب العادي، ولكن هذا لم يتضح إلا بعد فترة زمنية معينة".
نتيجة لذلك، بداية من العام 1980، صارت القوات البحرية السوفيتية بمثابة "محيط حقا"، يمتد حضوره في العديد من الأماكن حول العالم.
وأخطر ما تضمنته هذه الوثائق، معلومات وردت من المنشقين عن الجيش السوفيتي جعلت محللي CIA يعتقدون أن القادة في الاتحاد السوفيتي واثقين من احتمال تطور النزاع مع الغرب إلى حرب نووية، على الأقل في البداية. ولكن تقارير استخباراتية كشفت أن المنظرين العسكريين السوفييت وضعوا فكرة قاعدية محورها أن الحرب يمكن أن تبقى غير نووية حتى نهايتها.
وتحدثت الوثائق بشكل منفصل عن أهمية تجنيد CIA للعقيد بينكوفسكي. وكان قد سلّم خلال العامين 1961و1962 للجانب الأمريكي خمسة آلاف صفحة من الوثائق السرية، بما في ذلك "معلومات لا تقدر بثمن حول رغبة خروشوف باستخدام الجيش والبحرية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية".
وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر هذه الوثائق أن انهيار الاتحاد السوفياتي "أنهى لعقدين من الزمن احتمال أن تشكل البحرية السوفيتية تهديدا خطيرا للولايات المتحدة". ومع ذلك، فإن عملية إحياء الأسطول الروسي الجارية اليوم، لم تصل به بعد إلى قدرة سلفه السوفياتي، حسبما يعتقد المحللون الأمريكيون.
وفي الختام، يؤكد المحللون في الاستخبارات على الدور الهام الذي تلعبه المعلومات السرية لفهم العقيدة العسكرية السوفيتية وقدرات القوات البحرية السوفياتية. وهذه البيانات المحصلة في خضم الحرب الباردة، كانت ترسل مباشرة إلى الرئيس الأمريكي وقيادة وزارة الخارجية والبنتاغون.
مصدر